كشف تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، والذى تنفرد «الصباح» بنشره، عن وقائع فساد ضربت جهاز الدولة منذ سنوات، متهماً كلا من وزير الزراعة أيمن فريد أبوحديد، ووزير الرى محمد عبد المطلب، ومحافظ القاهرة جلال السعيد، ومحافظ الجيزة على عبد الرحمن، فى قضية إهدار 8 مليارات جنيه، من أموال أراضى طرح النهر، والذى لم تهتم أى من الأجهزة المختصة بملاحقة تلك الأموال ومحاولة استرجاعها. «الصباح» حصلت على تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى يتهم الوزيرين والمحافظين بإهدار مبالغ تقدر بقيمة حوالى 8 مليارات جنيه، فى بيع ملايين الأمتار فى مناطق طرح النهر بأسعار تقدر بجنيه للمتر، بالإضافة إلى إهدار آلاف الأفدنة الزراعية على حافة نهر النيل على الدولة بأسعار بخسة لا تتناسب وقيمتها الحقيقية، بالإضافة إلى تقاعس تلك الأجهزة عن تحصيل تلك المبالغ أيضاً. وأكد تقرير أن عملية إهدار تلك المليارات كانت فى 2010 و2011، وأن جميع الوزراء والمحافظين الذين تعاقبوا على مناصبهم لم يطالبوا بتعويض هذه الأموال أو ملاحقة تلك الأموال واستردادها، وهو ما أمكن حصره من واقع سجلات وملفات الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ومحافظة القاهرة والتقارير المرسلة من إدارات الأملاك التابعة للجهتين السابقتين، نتيجة التقصير فى تقدير مبالغ حق الانتفاع على مساحات أراضى طرح النهر، حيث بلغ ما أمكن حصره حوالى 7,5 مليون متر مربع مساحات غير زراعية وما يقرب من 34,5 ألف فدان مساحات زراعية، تم بيعها. ووفقا للتقرير، مثلت نسبة مساحة الأراضى التى تم تقدير قيمتها مقابل حق الانتفاع حوالى 1.3% فقط، من إجمالى المساحات غير الزراعية، وحوالى 0,1% فقط من إجمالى المساحات الزراعية التى أمكن حصرها، كما أن الانخفاض الكبير فى المساحات التى تم تقدير مقابل حق الانتفاع لها قد صاحبه ضآلة فى المبالغ المحصلة التى تبلغ 32,5 مليون جنيه، خلال عام 2011، وحوالى 20,8 مليون جنيه خلال عام 2010، وذلك على الرغم من أن ما أمكن حصره عن مقابل حق الانتفاع لعدد 30 منتفعا عن مساحة 55 ألف متر مربع فقط، بلغ حوالى 40.2 مليون جنيه، مما يوضح بأن هناك حوالى 10 ملايين ضائعة. واتهم الجهاز المركزى للمحاسبات الجهات المختصة بالتقاعس عن تحديد حق الانتفاع لمعظم مساحات أراضى طرح النهر، وتحصيل مقابل حق الانتفاع بأسعار متدنية جداً، تبدأ بأقل من مليم للمتر المربع، بالإضافة إلى تدخل وزارة الزراعة الواضح بتوجيه اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة لتخفيض القيمة الإيجارية لبعض المنتفعين بمساحات غير زراعية بالمخالفة للقانون، الأمر الذى يشير إلى ضخامة المبالغ التى كان من الممكن تحصيلها سنويا منذ صدور القانون رقم 7 لعام 1991 منذ 20 عاماً. كما اتهم المركزى محافظتى القاهرةوالجيزة بعدم إحكام الرقابة على الإيرادات التى يتم تحصيلها من منتفعى أراضى طرح النهر، حيث تبين عدم تحصيل مقابل حق انتفاع عن مساحة 2.3 مليون متر مربع مساحات غير زراعية، وحوالى 2782 فداناً مساحات زراعية، وذلك لمدة تتجاوز 4 سنوات، بالإضافة إلى تراكم المديونيات على أغلب المنتفعين وقد بلغ ما أمكن حصره من قبل «المركزى للمحاسبات» على عدد 28 منتفعاً بإجمالى مساحات 47 ألف متر مربع فقط، بالمحافظتين حوالى 123 مليون جنيه حتى شهر يونيو 2011. وشملت المخالفات أيضا محاسبة كل من نادى المحامين بمساحات 1880 مترا مربعا ونادى مجلس الوزراء بمساحة 3500 متر مربع، والاتحاد المصرى للسباحة بمساحة 1750 مترا مربعا، على أساس جنيه واحد للمتر سنويا لإجمالى مساحة كل منهما، بالإضافة إلى نادى هيئة قضايا الدولة بمساحة 4680 مترا مربعا على أساس 100 جنيه فقط سنوياً. وقيام محافظ القاهرة بتخصيص مساحة 10 آلاف متر مربع لنادى المعادى واليخت بتاريخ 12 فبراير 2000، بإيجار قدره جنيه واحد سنوياً على أن تنتقل للمحافظة نسبة 15% من إجمالى الاستغلال السنوى المحدد بالعقد المبرم بين النادى والغير، إلا أن المفاجأة التى كشفها التقرير أن النادى أبرم عقوداً مع شركة «أمريكانا» تضمنت قيام الشركة باستغلال وإدارة الكافيهات والمنشآت الفندقية القائمة على أراضى النادى لمدة 5 سنوات، مقابل 31 مليون جنيه سنويا تزيد 5% سنويا أيضا. بالإضافة إلى عدم الاستفادة من مساحة 4574 مترا مربعا بشارع الجبلاية بالزمالك مقام عليها كازينو كليوباترا السياحى لمدة تجاوزت 22 شهراً، وذلك منذ انتهاء عقد إيجاره بتاريخ أغسطس 2010 حتى 30 يونيو 2012، مما ترتب عليه إهدار حوالى 3 ملايين جنيه تمثل القيمة الإيجارية التى كان يمكن تحصيلها. على صعيد متصل أكد الجهاز المركزى للمحاسبات بأن إهدار المال العام فيما سبق يأتى لعدم وجود ضوابط واضحة للرقابة، وعدم تحديد للمسئولية عن المخالفات السابق ذكرها نتيجة لتوزيع مسئولية إدارة واستغلال الأصول الاستثمارية للدولة المتمثلة فى أراضى طرح النهر بين عدة جهات، وأوصى المركزى للمحاسبات بتحديد المسئولية عن المخالفات السابق ذكرها مع إحكام الرقابة من خلال المتابعة الجادة ومعاينة أراضى طرح النهر على مستوى الجمهورية لتحديد مقابل حق الانتفاع طبقاً لنوع الإشغال عليها وتاريخ إعادة التقدير. وشدد التقرير على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو التسويات الخاصة بالفترات السابقة سواء بالنسبة للمساحات التى تم حصرها ولم يتم تقديرها، وكذا المساحات التى لم يتم حصرها مع الأخذ فى الاعتبار أوجه استخدام تلك المساحات. كما شملت التوصيات حصر جميع أنواع التعديات على جميع أراضى طرح النهر وسرعة اتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها مع وضع ضوابط تتيح الرقابة الفعالة على أعمال التحصيل، بالإضافة إلى تنمية الجانب الاستثمارى السياحى والزراعى بما يتيح الاستفادة من القيمة الاستثمارية الكبيرة لأراضى طرح النهر وموقعها المتميز لما لها من عوائد ومورد اقتصادى كبير.