دراما وثائقية.. «أم الدنيا 2» مكتوب ب«القبطية» ويتصدر مشاهدات «WATCH IT»    مؤشر الدولار (DXY) يخترق قمة جديدة بحركة التداولات العالمية    ماكرون يعلن حل البرلمان الفرنسي ويدعو إلى انتخابات تشريعية في 30 يونيو    بعد تأجيرها لمدرس جيولوجيا، قرار من الرياضة ضد مسئولي صالة حسن مصطفى    "انتهاء الأزمة".. منتخب الكونغو يستعد للسفر إلى المغرب    إصابة شاب في حادث تصادم بالطريق الدائري بالإسماعيلية    البابا تواضرس الثاني يؤدي صلاة عشية بكنيسة أبو سيفين بدير العزب    أخفيت الخبر حتى عن ابني، لميس الحديدي تتحدث عن إصابتها بالسرطان قبل 10 سنوات    هل يجوز صيام 7 أيام فقط من ذي الحجة؟.. «الإفتاء» توضح    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم الثامن من ذي الحجة "يوم التروية"    احترس من الصيف، دراسات تكشف ارتفاع خطر الإصابة بالتجلطات مع ارتفاع درجات الحرارة    «مستقبل وطن»: يجب أن تعبر الحكومة الجديدة عن نبض الشارع    فحص 1068 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    الأونروا: وصلنا لطريق مسدود في غزة.. والوضع غير مسبوق    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    جانتس: نترك حكومة الطوارئ وننضم إلى المعركة لضمان أمن إسرائيل    أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    اتحاد المصريين بالسعودية: أغلبية المرحَّلين لعدم حملهم تصاريح الحج مصريون    مصطفى عسل يتوج بلقب بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش    تنبيه هام من «البترول» لسكان الوراق: «لا تنزعجوا من رائحة الغاز»    نقابة المهندسين بالإسكندرية تستعد لأكبر معرض للسلع المعمرة بمقر ناديها بالإسكندرية    يورو 2024| سلوفينيا تعود بعد غياب 24 عاما.. انفوجراف    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    تنسيق مدارس السويس.. 225 درجة للثانوية العامة و230 للبنات ب"المتقدمة الصناعية"    إدخال 171 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    إصابة كيليان مبابى قبل ودية منتخب فرنسا الأخيرة استعدادا ل يورو 2024    وزيرة البيئة: زيارة الأطفال والشباب للمحميات الطبيعية مهمة    قيادات "الاستعلامات" و"المتحدة" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" في المساء مع قصواء.. اليوم    هيثم رجائي: الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن سيكون بمشاركة عربية ودولية    علاء الزهيري رئيسا للجنة التدقيق الداخلي للاتحاد العام العربي للتأمين    مباشر مجموعة مصر - جيبوتي (1)-(1) إثيبويا.. بداية الشوط الثاني    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    «مكافحة المنشطات» تنفى الضغط على رمضان    سيدات مصر لسلاح الشيش يتوجن بذهبية ببطولة أفريقيا للفرق    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    حجازي: جار تأليف مناهج المرحلة الإعدادية الجديدة.. وتطوير الثانوية العامة    المنظمات الأهلية الفلسطينية تدعو لتشكيل محكمة خاصة بجرائم الاحتلال    محافظ الشرقية يهنئ لاعبي ولاعبات الهوكي لفوزهم بكأس مصر    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    انتقدت أسيرة إسرائيلية.. فصل مذيعة بالقناة 12 الإسرائيلية عن العمل    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جامعتي المنصورة والأنبار (صور )    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار سيد الجواسيس الصندوق الأسود.. عمر سليمان والإخوان « عمر سليمان » أجهض الحرب بين ليبيا والسودان
نشر في الصباح يوم 16 - 02 - 2014

تولى اللواء «عمر محمود حسين سليمان الفحام» رئاسة جهاز الاستخبارات العامة المصرية فجر 22 يناير 199، ولبث فى عرينه حتى كلف ظهر 29 يناير 2011 بمنصب نائب رئيس الجمهورية لمدة ثلاثة عشر يومًا هى الأخيرة فى مسيرته السياسية.
عايش سليمان تفاهمات إقليمية ودولية التزم بها الرئيس الأسبق «محمد حسنى السيد مبارك» بينها خطة الحرب على التطرف الإسلامى التى وضعها مبارك مع «إسحاق رابين» رئيس وزراء إسرائيل الخامس، والذى تولى المنصب مرتين الأولى فى الفترة من 3 يونيو 1974 حتى 20 يونيو 1977، والثانية فى الفترة من 13 يوليو 1992 حتى اغتياله فى تل أبيب بتاريخ 4 نوفمبر 1995.
عارض سليمان خطة مبارك - رابين واعتبرها غير مهنية، فعدلها وواجه بها مخططات تغول الإسلام السياسى لدى جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الدينية المتشددة فى مصر.
حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على بقاء «سيد الجواسيس» بجانب مبارك كرجل دولة بديل حالة سقوط النظام، وثقت أجهزتها السرية به، وركنت إليه وأولته إداراتها المتعاقبة ثقتها، وأخذت برأيه أكثر مما فعلت مع مبارك نفسه.
أحب اللواء «عمر محمود حسين سليمان الفحام» من بين ألقابه المهنية المتعددة لقب «أقوى أشباح الشرق الأوسط» الذى أطلقته عليه مجلة «فورين بوليسى» الشهرية - تأسست عام 1970 - فى عددها الحائز على جائزة الصحافة القومية الأمريكية الصادر بتاريخ 20 يوليو 2009.
تصدر سليمان يومها قائمة تاريخ أقوى مديرى أجهزة الاستخبارات فى الشرق الأوسط، وجاء تصنيفه المهنى قبل «دافيد مانوس قمحى» الملقب باسم «الذئب الوحيد»، ونائب مؤسسة الاستخبارات والعمليات الخاصة الشهيرة باسم الموساد فى الفترة من 1968 حتى 1980 المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية فى الفترة من 1980 وحتى 1986.
وتقدم اللواء عمر سليمان فى التصنيف على «إيسار هالبرين هارائيل» مدير جهاز الموساد الأسطورى الذى شغل منصبه فى الفترة من 22 سبتمبر 1952 حتى 1 إبريل 1963.
كما تخطى التصنيف على «جيمس جيسوس أنجلتون» رئيس فرع التجسس المضاد بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA خلال الفترة من 1954 حتى 1974 الثابت شغله منصب نائب مدير الوكالة حتى ليلة 24 ديسمبر 1974.
وحصد درجات التصنيف المهنى أمام «جون إدجار هوفر» المدير الأشهر فى تاريخ جهاز المباحث الفيدرالية الأمريكية - تأسست فى 26 يوليو 1908 - الثابت شغله المنصب فى الفترة من 10 مايو 1924 حتى 2 مايو 1974.
لم يكن سليمان فى حاجة إلى تصنيف مجلة فورين بوليسى بعد أن قلدته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA ميدالية رجال الاستخبارات المتميزة كأول وآخر ضابط معلومات عربى ينل ذلك التكريم حتى كتابة تلك السطور.
تسلم سليمان قمم المناصب القيادية العليا فى جهاز الاستخبارات الحربية المصرية، والتى تعتبر مؤسسة المعلومات الكلاسيكية الأقوى على مستوى الشرق الأوسط، وترقى إلى رتبة اللواء بتاريخ الأول من يناير عام 1984.
فى التفاصيل الحصرية رقى العميد عمر سليمان إلى درجة مسئول فرع الملف الأمريكى فى جهاز الاستخبارات الحربية المصرية، عقب رصده بتاريخ 15 فبراير 1983 معلومات دقيقة أنبأت بعملية عسكرية ليبية هجومية وشيكة.
والقصة ترجع إلى أن العقيد «معمر القذافى» حاكم طرابلس فى الفترة من 1 سبتمبر 1969 حتى 23 أغسطس 2011 خطط للهجوم على إحدى دول الجوار الليبى - الإفريقى دون الإعلان عنها، فأعلنت مصر حالة الطوارئ القصوى.
وقتها طلب الرئيس الأسبق «محمد حسنى السيد مبارك» أن يوافيه سليمان إلى مكتبه صباح 16 فبراير 1983 بملف معلوماته لثقته فى مصادره، وقد تابعه مبارك عن كثب فى عمليات سابقة مع المشير «محمد عبد الحليم أبو غزالة».
أدرك مبارك خطورة الموقف وعقب اجتماعه مع سليمان واطلاعه على تفنيده الدقيق موثقًا بالصوت والصورة هاتف الرئيس الأمريكى «رونالد ريجان» الذى شغل منصبه فى الفترة من 20 يناير 1981 حتى 20 يناير 1989، بعدها تواترت الاتصالات الهاتفية الثنائية بين مبارك والرئيس الأمريكى للتباحث فى تفاصيل معلومات العميد عمر سليمان التى توثقت منها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA.
ودعاه رونالد ريجان إلى واشنطن لطرح أسانيده، فلم يتهيب سليمان الموقف وطرح معلوماته التى تبين دقتها، فأصدر الرئيس الأمريكى أوامره بضرورة توجيه طائرات الإنذار المبكر والاستطلاع الاستراتيجى من طراز AWACS إلى مصر فورًا.
كما أمر رونالد ريجان حاملة الطائرات الأمريكية USS NIMITZ CVN-68 - دخلت الخدمة بتاريخ 13 مايو 1972 - للإبحار إلى خليج سرت الليبى تحسبًا للمشاركة فى صد العملية الليبية الوشيكة.
على الجانب الآخر حرر مبارك ظهر الأربعاء الموافق 16 فبراير 1983 خطابًا رسميًا إلى مجلس الأمن لفت نظر المجتمع الدولى إلى تداعيات مهاجمة ليبيا مصر أو السودان مهددًا أن القاهرة والخرطوم ستردان بالحرب على طرابلس.
فى صباح اليوم التالى الخميس 17 فبراير 1983 تشكل سربًا ثلاثيًا مشتركًا من مقاتلات القوات الجوية المصرية والسودانية والأمريكية عمل على مدار الساعة فى رصد وتمشيط وحراسة حدود المجال الجوى المصرى والسودانى بطول حدودهما مع ليبيا.
ومنح مبارك قيادة القوات الأمريكية صلاحيات استخدام المجال الجوى والبحرى والبرى المصرى تحسبًا لتدخل عسكرى أمريكى محتمل حال نشوب الحرب بين مصر وليبيا تنفيذًا لبنود خاصة نصت عليها معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية الموقعة فى واشنطن بتاريخ 26 مارس 1979.
سطعت مصداقية معلومات العميد عمر سليمان عندما أغارت قاذفة ليبية روسية الصنع من طراز TU-22 فى 16 مارس 1984 انطلاقًا من قاعدة «الكفرة» القريبة من مدينة الجوف جنوب شرق ليبيا، على مدينة «أم درمان» ثانى أكبر مدينة فى ولاية الخرطوم فى عملية جوية مباغتة هدفت لقصف مبنى إذاعة المدينة، عقابًا للخرطوم على احتضانها المعارضة الليبية ومساندة النظام السودانى لدولة تشاد الإفريقية فى صراعها الممتد مع نظام القذافى فى الفترة من عام 1978 حتى عام 1987.
أخطأت القاذفة الليبية بسبب استعدادات الدفاعات الأرضية هدفها وأسقطت خمس قنابل على مبنى مدنى مجاور لمبنى إذاعة أم درمان راح ضحيتها خمسة مواطنين سودانيين، وعادت الطائرة سالمة إلى قاعدة «الكفرة» الليبية.
هددت واشنطن العقيد القذافى بالتدخل العسكرى فلم تنشب الحرب يومها بين مصر وليبيا، لكن الواقعة رفعت اسم عمر سليمان على الجميع، وحقق سليمان نجاحًا آخر عندما فاوض واشنطن حتى سلمت القاهرة محطات رادار أمريكية متطورة نشرتها مصر على حدودها الغربية مع ليبيا.
مر عام 1983 وبدأ العميد عمر سليمان بالسداد عمله وترقى فى الأول من يناير 1984 إلى رتبة اللواء وفى الأجندة أسرار وتفاصيل عملية حصرية أكشفها لأول مرة.
العقيد معمر القذافى لم يتوقف عند هذا الحد، بل أمر جهاز الاستخبارات الليبية - تأسس عام 1970 بمساعدة مصرية - فى بداية مايو 1984 بتنفيذ عمليات إرهابية نوعية ضد المصالح المصرية والأمريكية حول العالم مصوبا عينيه إلى الحدود البحرية الدولية.
تعاطت أجهزة المعلومات المصرية بشكل جدى مع تهديدات القذافى حتى توصل اللواء عمر سليمان إلى مصادر أكدت نية الجهاز الليبى تنفيذ عمليات غير تقليدية داخل البحر الأحمر لاستهداف حركة الملاحة الدولية - خاصة الأمريكية - فى مسارها إلى قناة السويس.
وطبقًا لاتفاقية تبادل المعلومات التى وقعتها جمهورية مصر العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية فى القاهرة بتاريخ 10 فبراير 1982، تشاركت القيادة المصرية مع واشنطن فى ملف معلومات سليمان الذى أكد نية القوات المسلحة الليبية التعاون مع جهاز استخبارات العقيد القذافى لتنفيذ عمليات إرهابية نوعية ذات طابع عسكرى ضد أهداف مصرية وغربية.
وعقب تدارس معلومات سليمان فى واشنطن استبعدت أفرع تقديرات بحوث الاستخبارات الأمريكية إمكانية اشتراك القوات المسلحة الليبية فى تنفيذ عمليات إرهابية خارجية نوعية ذات طابع عسكرى ضد مصر ومصالح الدول الغربية وعليه لم تأخذ بتقرير سليمان.
المثير أن ما حدث بعدها بأيام قليلة خارج المياه الإقليمية المصرية فى البحر الأحمر روع التقديرات الاستراتيجية الأمريكية، بعدما أعطب لغم هجومى بحرى روسى الصنع سفينة تجارية رفعت العلم السوفيتى أثناء إبحارها من ميناء الحديدة غرب اليمن إلى ميناء سفاجا.
وأثبتت التحقيقات الأمريكية المتخصصة أن الاستخبارات الليبية نجحت فى الوصول إلى حدود المياه الإقليمية المصرية من ناحية دولة السودان فى البحر الأحمر، وزرعت عدة ألغام متطورة روسية الصنع تسلمها الجيش الليبى من الاتحاد السوفيتى قبلها بشهر واحد.
وأن العملية الليبية هدفت فى الأصل إلى تفجير قافلة ناقلات بترول أمريكية الجنسية تقرر مرورها من نفس المسار فى اتجاه قناة السويس المصرية غير أن عطبا أصاب محركات الناقلة القائد عطل إبحار القافلة الهدف مما أدى بالصدفة إلى إعطاب السفينة الروسية بعدما اصطدمت باللغم البحرى عن طريق الخطأ.
فى الواقع أخجلت معلومات اللواء عمر سليمان وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، وتسببت فى فضيحة مهنية لمديرها «ويليام جوزيف كايسى» الذى شغل منصبه فى الفترة من 28 يناير 1981 حتى 29 يناير 1987.
دافعت الوكالة الأقوى معلوماتيًا على مستوى العالم عن سقطتها المهنية، وأرجعت الأمر إلى خطأ تقنى فى التقدير الاستخباراتى الاستراتيجى أدى لتجاهل معلومات اللواء عمر سليمان وشافهت CIA يومها القاهرة معتذرة فى واقعة مهنية نادرة.
تزخر ملفات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عن عمليات الشرق الأوسط تحت التصنيف «سرى للغاية»، و«منتهى السرية» بعشرات الأسرار التى لم تنشر من قبل عن اللواء عمر سليمان.
بينها تقرير هيئة بحوث الاستخبارات الأمريكية المفرج عن 34 صفحة منه بتاريخ 26 مارس 2009 بتوقيع «جيرمى إم شارب» ضابط بحوث الاستخبارات الاستراتيجية لدى فرع مصر فى CIA.
وثق محرره تسلم اللواء عمر سليمان منصبه مديرًا لجهاز الاستخبارات العامة المصرية فى تمام الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق بعد منتصف ليل الجمعة الموافق 22 يناير 1993، عندما خلف سليمان - مواليد قرية العويضات مركز قفط محافظة المنيا - اللواء «نور الدين عفيفى» فى رئاسة أقوى جهاز معلومات على مستوى الشرق الأوسط ليواجه فى تطبيق مهمته شروطًا أمريكية خاصة وافق عليها مبارك ومن قبله الرئيس «محمد أنور السادات».
حدد التقرير خمس قواعد رئيسية منها تلخصت فى حماية المصالح الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط مقابل استمرار التعاون والمساعدات الأمريكية السنوية إلى مصر، الحفاظ على مكتسبات معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية الموقعة فى واشنطن بتاريخ 26 مارس 1979، استغلال النفوذ السياسى وقوة المؤسسة العسكرية المصرية لقيادة تكتل الدول العربية فى منطقة الشرق الأوسط ضد التهديدات الإقليمية التى تواجه الولايات المتحدة الأمريكية، حفظ الاستقرار على الحدود المصرية - الإسرائيلية تنفيذًا لبنود ملاحق معاهدة السلام الأمنية مع محاربة التنظيمات الإرهابية فى شبه جزيرة سيناء وتدمير الأنفاق ومكافحة تهريب السلاح إلى قطاع غزة، حماية الأمن وحفظ الاستقرار الإقليمى فى شبه جزيرة سيناء يعنى استمرار المعونات الأمريكية، وتراجع كل ما سبق يعنى بالضرورة تعطيل تدفق المساعدات بشكل مباشر.
وحصريا كشف تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA الصادر بتاريخ 6 سبتمبر 1990 بعنوان «رؤية الإرهاب الإسلامى فى مصر» أن مبارك فضل شخصية سليمان على آخرين كونه خبيرًا عالميًا فى ملف الجماعات الإسلامية الدينية المتطرفة.
وأن سليمان أنجز ملفًا دوليًا وثق فيه تأسيس تنظيم جماعة الإخوان المسلمين فى الفترة من 1980 حتى 1985 عدد من المؤسسات البنكية والتجارية والصناعية فى دولتى بوليفيا والفلبين لتمويل خطة أطلقوا عليها «النفس الطويل» هدفت لإسقاط نظام الحكم فى مصر وعدد من الدول الخليجية.
وأن نجاحات سليمان فى مجال مكافحة الإرهاب الدولى فرضته على أجهزة استخبارات العالم وقتما فشلت أجهزة عملاقة فيما حققه بمجهوده المهنى الشخصى حتى دون تمويل.
وأشار التقرير نفسه أن عقوبة الإعدام لارتكاب جرائم تمويل الإرهاب طبقت فيدراليًا فى الولايات المتحدة الأمريكية من يناير 1996 بعدما أجازت الإدارة الأمريكية والكونجرس بحثا وضعه عمر سليمان فى مجال الإرهاب الدولى والتطرف الدينى الإسلامى.
كما يعد بحث سليمان ذاته طبقًا لتقرير «ستيفن إيمرسون» الصادر عن هيئة بحوث وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA بتاريخ 23 مايو 2000 الأساس التشريعى لقانون الاطلاع على البيانات السرية للمقيمين على الأراضى الأمريكية لاستخدامها فى أغراض مكافحة الإرهاب.
واجه سليمان الإرهاب الدولى وأكشف حصريا خطة «الحرب على التطرف الإسلامى - الإرهاب الإسلامى والغرب السؤال والأولويات» التى وضعها مبارك بالتعاون مع إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلى.
للتوثيق سجلت تفاصيل الخطة فى تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA الصادر بتاريخ 1 يونيو 1993 برقم AD-A266-791 كود CAN-93027 ملف SBD-SSI .
حرره الدكتور «ستيفن سى بيليلتير» من معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لكلية الحرب الأمريكية الملحقة بقاعدة «كارليسل» فى 28 صفحة وقع عليها شخصيًا العقيد «جون دبليو ماونت كاسل» مدير المعهد نفسه.
رصد التقرير دعوة مبارك رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين للانضمام لخطة أطلق عليها «الحرب على الإرهاب الإسلامى» رفضها اللواء عمر سليمان وقام بتعديلها بعد ذلك.
اعتمدت معلومات خطة مبارك على تورط إيران فى تمويل عمليات إرهابية نوعية ضد المصالح الغربية، ودعت الخطة إلى تعاون الرئيس الأمريكى الثانى والأربعين الديمقراطى «بيل جيفرسون بلايث كلينتون» الذى تولى مهامه خلال الفترة من 20 يناير 1993 حتى 20 يناير 2001.
المثير أن ستيفن بيليلتير سجل فى تقريره أن الرئيس بيل كلينتون وثق فى رأى سليمان المعارض وكلف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA التحقق من معلومات خطة مبارك - رابين.
فتبين عدم دقة معلومات الخطة فى مواضع شتى الأمر الذى وطد دعائم اعتراض سليمان عليها وإثباته لحقائق تسرطن خلايا الإرهاب الإسلامى فى الشرق الأوسط بنسب فاقت ما قدره مبارك ورابين فى خطتهما المقدمة إلى واشنطن.
بعدها زار إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلى العاصمة واشنطن فى مارس 1993 وعرض على بيل كلينتون الرئيس الأمريكى الجديد يومها معلومات مؤسسة الاستخبارات والعمليات الخاصة الإسرائيلية الموساد عن الإرهاب الإسلامى فى الشرق الأوسط.
الغريب أن CIA اكتشفت المزيد من المغالطات والأخطاء الفنية الاستخباراتية فى ملف جهاز الموساد الإسرائيلى الذى قدمه رابين فجنبته واعتمدت أول ملف حرره اللواء عمر سليمان عن مخاطر الإرهاب فى إفريقيا والشرق الأوسط.
فى التفاصيل الحصرية رصد تقرير عمر سليمان الأول افتتاح جماعة الإخوان المسلمين المصرية فرعًا سريًا لها داخل الخط الأخضر فى قلب إسرائيل عمل تحت غطاء جمعية سنية نشطت فى القرى والمدن العربية تحت سمع وبصر أجهزة المعلومات الإسرائيلية دون أن تكتشف مجتمعة تغلغل الإخوان فى قلب الدولة العبرية.
بعدها قام مبارك بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ونزل ضيفًا على البيت الأبيض وأثناء مراسم استقباله الرئاسية فوجئ بالرئيس بيل كلينتون يقدم له شهادة تقدير صدرت من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA.
اعتقد مبارك للوهلة الأولى أن الشهادة شرفية صدرت باسمه غير أن كلينتون لفت انتباهه أنها باسم مدير جهاز الاستخبارات العامة الجديد اللواء عمر سليمان وأنها تقديرًا واعترافًا من الجهاز الأمريكى بكفاءته ودقة معلوماته.
وسجل بروتوكول زيارة مبارك الأولى إلى واشنطن عقب تولى بيل كلينتون مهام منصبه واقعة مثيرة أكشفها حصريًا حيث عرض مبارك على الرئيس الأمريكى الجديد تقرير خطة حربه على الإرهاب والتطرف الدينى الإسلامى.
وطلب مبارك فى نهاية اللقاء مساندة الإدارة الأمريكية وربما نصائحها، فأقنعه بيل كلينتون أنه سيسجل له الحل، ثم حرر على ورقة ملحوظات صغيرة أمامه جملة قصيرة سلمها إلى مبارك، الذى ابتسم ظنا منه أن الرئيس الأمريكى حرر له الحل الأمثل لمعالجة التطرف الدينى والإرهاب الإسلامى فى مصر والشرق الأوسط، وعندما سأل عن المحتوى طلب منه كلينتون أن يفتح الورقة التى وجد بها اسم «عمر سليمان».
رفع مبارك رأسه متسائلا فعاجله الرئيس الأمريكى بيل كلينتون بالحديث بثقة قائلًا:
«صدقنى فى بعض الأحيان يتصور بعض الملوك والرؤساء العرب أن واشنطن تمتلك مفاتيح سحرية لمشاكل العالم مع أن الإجابات الناجعة والأهم متوافرة لديهم.. والحقيقة الحل بين يديك الآن سيدى الرئيس.. واعتقد أن اختيارك الجنرال عمر سليمان أفضل ضباط أجهزة استخبارات الشرق الأوسط مديرًا لجهازك المصرى يعتبر جزءًا من الحل المثالى الذى ترنو إليه».
أومأ مبارك رأسه بحركة الفهم ثم شكر مضيفه بجملة واحدة كانت الأخيرة التى أنهى بها حوار أول زيارة له إلى واشنطن فى الفترة الرئاسية الأمريكية الأولى للرئيس بيل كلينتون.
وفى طريق مغادرته البيت الأبيض نادى مبارك على اللواء عمر سليمان الذى رافقه فى تلك الزيارة من بدايتها، وعندما وافاه امتد الحديث الجاد بينهما لساعات حتى أعلنت الطائرة الرئاسية عن دخولها الأجواء المصرية.
لم يكن اللواء عمر سليمان موافقًا على كل سياسات مبارك بل عارضها أحيانًا كثيرة وقتما تجمدت الشجاعة فى عروق الرجال حول الرئيس، لكنه انتهج أسلوبًا مهذبًا لعرض رؤيته الخاصة نم عن منبته ومغرسه الكريم غلب به غرور مبارك واقنعه بتبنى القرار الأصلح.
أما أبرز ما عارضه سليمان فى سياسات مبارك فكرة الإبقاء على تنظيم جماعة الإخوان المسلمين المصرية وذراعها العسكرية المتمثلة فى منظمة حماس متماسكا لكن غير قوى لاستغلاله فى معادلة المشهد السياسى الداخلى أمام الانتقادات الدولية الخارجية.
احتل اللواء عمر سليمان قمة هرم التصنيف المهنى فى عالم الاستخبارات متقدما على «مائير هوبرمان داجان» المدير الأسطورى لمؤسسة الاستخبارات والعمليات الخاصة الموساد الذى شغل منصبه فى الفترة من 10 سبتمبر 2002 حتى 6 يناير 2011.
وبناء على التقديرات الرفيعة التى حصل عليها سليمان من أجهزة CIA الولايات المتحدة الأمريكية - SVR روسيا الاتحادية - MIVD هولندا - VSSE بلجيكا - BND ألمانيا - DGSE فرنسا وMI6 المملكة المتحدة.
استحق «سيد الجواسيس» عن جدارة لقب «أقوى أشباح الشرق الأوسط» الذى أطلقته عليه مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية فى عددها الشهرى الصادر بتاريخ 20 يوليو 2009
الحلقة القادمة:
• حصريا نص شهادة ضابط منشق عن الموساد تكشف تمويل جماعة الإخوان المسلمين المصرية من الاستخبارات الإسرائيلية
• بالتوثيق تفاصيل تهريب سلاح الموساد إلى الجماعات الدينية فى مصر
• تقرير «منتهى السرية» عن الجماعات الجهادية والإخوان المسلمين فى مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.