«تفجير البحوث.. تفجير قسم الطالبية.. استهداف محور 26 يوليو.. مهاجمة كمين السواح.. استهداف كمين عبود.. تفجيران داخل معسكر لقوات الأمن المركزى على طريق الإسكندرية الصحراوى». هذه العمليات الإرهابية هى «سابقة أعمال» تبناها تنظيم جهادى جديد يسمى نفسه «أجناد مصر»، ليضيف اسمًا جديدًا إلى جماعات الإرهاب المسلح التى تهدد أمن الوطن، مثل تنظيم «أنصار بيت المقدس» و«كتائب الفرقان».. وغيرها. التنظيم الجديد لا يتخذ من سيناء مركزًا لعملياته مثل سابقيه فى الإرهاب، بل يركز نشاطه الدموى ضمن حملة أسموها «القصاص حياة» داخل حدود القاهرة الكبرى، وخاصة محافظة الجيزة وأحياء الهرم. ظهور اسم التنظيم على الساحة مؤخرًا جاء بعد أن اعتذر تنظيم «أنصار بيت المقدس» فى بيان له إلى «أجناد مصر» عن خطئه بأن نسب تفجير قسم الطالبية ومحطة البحوث لنفسه، فى حين أن «أجناد مصر» هى من استهدفت قسم شرطة الطالبية وجنود الأمن المركزى أمام محطة البحوث، وغيرها من العمليات التى استهدفت قوات الأمن. مصادر جهادية مطلعة أكدت أن إنشاء «أجناد مصر» يرجع تاريخه إلى يونيو 2012، عندما جمع لقاء بين القيادى بالجماعة الإسلامية طارق الزمر مع خيرت الشاطر وعاصم عبدالماجد للتفكير فى كيفية السيطرة على الجهاديين فى سيناء، وكيفية حشد العائدين من الجهاد من سوريا والعراق وأفغانستان و الميليشيات المسلحة القادمة من ليبيا فى خندقهم، فتم إرسال وفد إلى سيناء مكون من مجموعة من الجهاديين المعروفين على رأسه الشيخ مجدى سالم، القيادى الجهادى السابق ومؤسس طلائع الفتح، مع بعض جهاديى كرداسة وناهيا وبولاق الدكرور، والذين نقلوا رسالة من خيرت الشاطر نصها «أن الإخوان لا يختلفون مع الجماعات الجهادية فى شىء، وكلنا فى مركب واحد ونسعى لإقامة دولة إسلامية». لكن المجموعات الجهادية لم ترض بخطاب هذا الوفد، وأصروا على لقاء خيرت الشاطر بنفسه لضمان تنفيذ ما تعهد به، وبالفعل ذهب الشاطر لهم - وفقًا لما أكده المصدر- فى سيناء وكانت زيارته فى منتصف شهر نوفمبر 2012 ، والتى تزامنت مع وجود نائب وزير الدفاع الأمريكى الذى يتفقد وحدات القوات المتعددة الجنسيات فى سيناء. الشاطر التقى مع 14 شخصية جهادية من أنصار بيت المقدس والجهاد والقاعدة هناك، واتفقوا على أن يمول الإخوان تلك الجماعات حسب اعترافات محمد الظواهرى فى النيابة بعد القبض عليه، الاتفاق شمل أيضًا ترك الجماعات تنشر دعوتها كما تشاء فى مساجد مصر، وبالفعل قامت تلك الجماعات بعمل 4 مؤتمرات ضموا خلالها 17 مسجدًا، من ضمنها فى 6 أكتوبر والجيزة والبحيرة والإسكندرية، وتم عقد صفقة للإفراج عن أحمد سلامة مبروك، مؤسس تنظيم أنصار بيت المقدس، حيث كان معتقلًا، وتم الإفراج عنه بعفو رئاسى ليلة أحداث الاتحادية. وبعدما تم فض اعتصام الإخوان فى مسجد الفتح بشارع رمسيس فى القاهرة، ووفاة نجل الشيخ نبيل المغربى القيادى الجهادى، بدأ نشاط لفصيل جديد جمع بين الإخوان والجهاد والجماعة الاسلامية، للتصدى لما أسموه ب«الانقلابيين»، وتم تسميته ب«أجناد مصر» وبدأت عملياتهم ب «حادث أنشاص»، والذى تم خلاله فتح النيران على سيارة تابعة للجيش، واستشهد بسببه ضابط برتبة نقيب بالقوات المسلحة ومساعده، ولم يكتف التنظيم الوليد بذلك بل صور جثث الشهداء بشكل سيئ، وقالوا إن هذا مصير كل من يساند ما يسمونه «الانقلاب». وبحسب المعلومات التى حصلت عليها «الصباح» فإن تنظيم أنصار بيت المقدس كان غطاءً ل«أجناد مصر»، وهم الذين خططوا لسلسلة تفجيرات تتم خلال احتفالات نصر أكتوبر الماضى، ولكنهم فشلوا فى تنفيذ هذه الخطة بسبب التشديدات الأمنية من القوات المسلحة وقتها، فنفذوا تفجيراتهم فى ذكرى ثورة يناير. القيادى الجهادى السابق بالجهاد صبره القاسمى، أكد ل«الصباح» أن أجناد مصر هو عبارة عن مجموعة حلقات متصلة من الهاربين من الجماعات الإسلامية والإخوان فى الخارج والداخل، ويعتمدون فى عملياتهم على استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لرصد أسماء وتحركات ضباط الجيش والشرطة، وعن اسم التنظيم أكد القاسمى أنهم اختاروا الاسم تيمنًا بالحديث الشريف «اتخذوا من مصر جندًا كثيفًا فإنهم خير أجناد الأرض»، كما أنهم يستخدمون قنابل بدائية ومحلية الصنع لانحصارهم فى مناطق وأحياء فقيرة لايمكن نقل الأسلحة والمتفجرات إليها بسهولة، كما أن هذا يوفر لهم وسائل نقل خفيفة للهروب، موضحًا بأن هذا التنظيم يختلف عن باقى الجماعات لأنه يحصل على تعليماته من قيادات الإخوان المسلمين مباشرة، على خلاف الجماعات الآخر التى تنفذ عملياتها منفردة. تمركز «أجناد الأرض» بمناطق بولاق وكرداسة وناهيا وأرض اللواء سببه الأساسى أن تلك المناطق كانت منبع كل التنظيمات الجهادية الماضية، وكان يسكن بها عدد كبير من الجهاديين المتورطين فى مقتل الرئيس السادات، وناهيا وبولاق كانتا القوة المركزية للتنظيمات الجهادية، والمتبقين من فلول الإخوان. الأغرب من ذلك هو رصد جريدة «التلجراف» البريطانية لتحركات وعمليات «أجناد مصر»، معتبرة أن رغم قلة المعلومات عن التنظيم الجديد، سواء من حيث حجمها أو كفاءتها، إلا أنها تعد واحدة من الجماعات المؤثرة بسبب هجماتها التى تنفذها ضد قوات الأمن منذ عزل محمد مرسى فى يوليو الماضى، وأوضحت الصحيفة البريطانية إنه على الرغم من عدم وجود دليل دامغ على صلة بين الإخوان المسلمين وهؤلاء المسلحين، إلا أن الإرهابيين استخدموا الحملة على الإسلاميين كأداة لتبرير عملياتهم. «أجناد مصر» قاموا بتصرف جديد على الجماعات الإرهابية، فقد استغلوا حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى - والتى تروج لها بياناتهم - فى طلب أن يتم إرسال أسماء وعناوين ضباط الشرطة والجيش لهم لرصدهم وتصفيتهم، وهى الطريقة والتكتيك الجديد الذين يعملون به لجمع معلومات عن قوات الأمن المصرية من مواقع التواصل الاجتماعى، وينسقون ذلك مع لجان الإخوان الإلكترونية. فى السياق ذاته قال الشيخ محمد أبوسمرة، القيادى الجهادى، إن السيطرة على الشباب الجهادى الآن صعبة جدًا، لأن الفكرة المتوطدة بعقولهم هى «الموت فى سبيل الله»، والسبب فى ذلك أنهم فقدوا الأمل وتأكدوا أن مصائرهم هى السجون أو الموت، لهذ انتظموا فى خلايا سرية وحملوا السلاح، موضحًا بأن تنظيم بيت المقدس هو وهم وغير حقيقى ومجرد اسم لعشرات التنظيمات الصغيرة، لذلك فإن ما فعلوه باعتذارهم ل«أجناد مصر» غير مقنع، فهم غيروا الأسماء فقط، مؤكدًا بأن أجناد مصر يتكون من خلايا شبابية صغيره غير معروفة من طلاب الجامعات تعلموا كيفية تصنيع القنابل والمولوتوف من مواقع الإنترنت وليست لديهم ملفات أمنية مسبقة، وموجهون ضد الشرطة فقط لأنها الملتزمة بقتالهم، وليس لهم قائد واضح، مؤكدًا أن كشفهم سيكون قريبًا جدًا لأن «تحالف دعم الشرعية» فشل فى الترويج لقضيتهم الخاسرة سياسيًا. وفى سياق متصل اعتبر سامح عيد، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن جماعة «أجناد مصر» وأنصار بيت المقدس وغيرها، جميعها جماعات خرجت من تنظيم القاعدة ولكنها منفصلة عنه حركيًا، حتى إذا وقعت أحدهم لا يؤثر ذلك على الآخرين، موضحًا أن الهدف الوحيد لهذه الجماعات هو زعزعة استقرار وأمن مصر. من جانبه توقع العقيد خالد عكاشة الخبير الأمنى فى تصريحات ل«الصباح» أن كتائب «أجناد مصر» الجديد بالنسبة له سيظل تنظيمًا وهميًا لا وجود له حتى يثبت أنه حقيقى على أرض الواقع، وأنه يعتبر التنظيم مجرد خدعة إعلامية من الجهاديين، وأنه على الأغلب سيكون تابعًا لأنصار بيت المقدس لأنها تحاول أن يكون هناك أى تنظيم آخر فى الصورة كى يسحب عنه بعض التركيز الأمنى والإعلامى، موضحًا أن الفكرة من وجوده هى تضليل أجهزة الأمن حتى يصعب كشفهم.