منذ سنوات ليست طويلة جدا نمت علاقة محرمة بين الإعلانات وبين وسائل الإعلام عامة والصحف خاصة.. فقدت بعض الصحف حريتها وتحولت لجارية تأكل بثدييها من أجل أن تعيش أو من أجل أن تنتفخ أرصدة ملاكها ورؤساء تحريرها من الحرام. كان الأساس أن تركب الإعلانات قطار الصحف الناجحة طمعا فى كسب ثقة جمهورها.. لكن الآية انقلبت وأصبحت الصحافة جارية فى بلاط الإعلانات.. تحول بعض الصحفيين لبهلوانات فى بلاط الإعلانات.. لا مانع لديهم فى تلبية أى طلب يطلبه المعلن ولو كان «عجين الفلاحة».
تطورت المسألة وأسس بعضهم صحفا لا هم لها سوى جلب الإعلانات.. وعلى جانب آخر أصبح لسوق الإعلانات زبائن معروفون، وأصبحت هناك مؤسسات اقتصادية تدفع الرشاوى للصحف فى شكل إعلانات وتمنح الإعلانات لكل صحيفة بحسب قدرتها على الابتزاز، وعلى رأس هذه المؤسسات كان البنك الأهلى أكبر مُعلن فى كل الصحف المصرية، القومية منها والخاصة.. ولا يعنى هذا أن كل الصحف التى تنشر إعلانات البنك مُدانة.. فأغلبيتها الكاسحة صحف محترمة تفصل ما بين الإعلام والإعلان.. ولكن بعض الصحف الخاصة كما نرى على استعداد لأن تخلع كل مواثيق الشرف الصحفى من أجل عقد إعلان سنوى.. أو شهرى أو حتى أسبوعى.. لهؤلاء ولهؤلاء فقط نهدى الصحفات القادمة ونتوعدهم أننا لن نتركهم. أفسد طارق عامر رئيس «البنك الاهلى» السابق جميع المقومات والإدارات فى البنك، فلم يترك شيئًا إلا وقام بإفساده، حتى امتدت يد الفساد إلى الإدارة القانونية فى البنك التى أسند مهمتها إلى محامٍ غير معروف يدعى عماد فصيح تخصص فى «البلطجة القانونية» على خلق الله حتى لو كانوا موظفين فى البنك لهم حقوق. والآن، أطلق «عامر» المستشار القانونى للبنك لمواجهة أى خصوم من رجال الأعمال أو من موظفين أو قيادات مصرفية داخل البنك، واستخدم فى تصفية حساباته هذا الفتى المدلل «فصيح»، كما يطلق عليه بعض المحامين والموظفين فى البنك باعتباره حصل على ملايين الجنيهات من البنك الأهلى وبنك مصر نظير دعاوى قضائية فشل فى العديد منها وانتهت بخسارة البنكين لها، ومن بينها قضية مديرة الإدارة القانونية بالبنك التى اضطر للتصالح معها لأنه يعلم جيدًا أنه دخل قضية خاسرة كمعظم قضاياه. ويصف الكثيرين فى البنك الأهلى عماد فصيح بأنه مهندس صفقات الفساد الذى إما يدخل طرفًا للتصالح فيها أو تهديد ومحاولة لى ذراع أصحاب الحقوق بإقامة دعاوى قضائية ضدهم. هذه هى طريقة الإدارة فى عهد طارق عامر الذى حول البنك الأهلى عزبة خاصة قام باستخدام الإمكانيات المتاحة فى تحقيق مصالح شخصية، وهذا أيضًا قمة الفساد وخيانة للأمانة يجب أن يحاسب عليها المسئولون عن إهدار المال العام. الغريب أن هذا الفساد كان منتشرًا فى عهد طارق عامر رئيس البنك الأهلى السابق، ولكنه أصبح حاليًا يشغل منصب العضو المنتدب للبنك الأهلى فرع لندن ليمارس مزيدًا من الفساد الذى تعود على إدارته بشكل جيد، وهى قضايا فساد عديدة رصدها بالمستندات الزميل محمد عادل فى كتابه الفساد فى البنوك لدرجة أن أموال البنك وأرباحه صارت تحت تصرف رئيس البنك السابق يوزعها على أصحاب الحظ ممن جلبهم للعمل معه حتى لو كان ذلك على حساب العاملين فى البنك. عماد الدين فصيح المستشار القانونى للبنك الأهلى، وصاحب مكتب محاماة «عماد الدين فصيح وشركاه » أحد أهم الأعمدة التى استخدمها طارق عامر فى تحقيق أهدافه الخاصة وتبديد أموال البنك على هذا المكتب المغمور الذى لم نسمع عنه من قبل فى أوساط المحاماة، ولكن يبدو أن رئيس البنك الاهلى السابق كان لايهمه سوى تشكيل شلة له داخل البنك حيث استخدم عامر مكتب المحاماة فى إقامة دعاوى قضائية وتصفية الحسابات مع خصومه من رجال الأعمال و الموظفين وغيرهم. الغريب أن فصيح لم يكن دوره القانونى فى البنك فصيحًا ولاحاجة بل خسر القضايا والدعاوى التى تولاها ضد خصوم طارق عامر، وكانت القضية الشخصية أيضا التى دخل فيها عامر فى خصومة مع مدير الإدارة القانونية فى البنك نادية إسماعيل بعد أن تعرضت لظلم واضح فى عهد عامر، كانت هذه القضية بمثابة واحدة من أبرز الأدلة على فشل مكتب المحاماة حيث اضطر فى النهاية فصيح للتصالح معها فى القضية، ورغم ذلك حصل مكتبه على 30 ألف جنيه أتعابا فى القضية. وقالت مصادر مصرفية أن فصيح تم توبيخه، ووصل الأمر إلى درجة الطرد من المكتب بعد أن طلب من مدير الإدارة القانونبة فى البنك الأهلى السابقة نادية إسماعيل عقب التصالح معها أن تقدم اعتذارًا لطارق عامر وهو مارفضته نادية ووبخت فصيح أمام الجميع. وأشارت المصادر فى تصريحات خاصة ل«لصباح» إلى أن طارق عامر استعان بمكتب فصيح للمحاماة من الخارج رغم وجود مايقرب من 300 محامٍ داخل البنك، ولكن تم تجاهلهم بما يعد إهدارا للمال العام حيث كان يحصل المكتب على مصاريف أتعاب فى القضايا بجانب المصاريف الإدارية السنوية. مكتب فصيح الذى أطلقه عامر ليكون أداة لضرب الخصوم حصل أيضا فى الدعوى القضائية ضد الكاتب الصحفى عادل حمودة الذى تناول على مدار حلقات وقائع الفساد فى البنك الأهلى حيث حصل مكتب المحاماة فى هذه القضية على حوالى 150 ألف جنيه فضلًا عن قضايا أخرى عديدة تقاضى فيها المكتب أتعابًا بالآلاف وماخفى كان أعظم . ووفقًا للمستندات التى كشفها كتاب «الفساد بالبنوك» فهناك خطابان مؤرخان فى يوم 16 فبراير 2010، الأول نصه «السادة «البنك الأهلى المصرى»، السيد الأستاذ طارق عامر رئيس مجلس الإدارة تحية طيبة وبعد، حيث شرفنا بتكليف البنك لمكتبنا باتخاذ الإجراءات القانونية ضد عادل حمودة رئيس تحرير جريدة «الفجر»، وذلك لنشره أخبارًا كاذبة يمكن أن تؤدى إلى حدوث إضرار بمصالح البنك والاقتصاد القومى، فإننا نود أن نحيط، سيادتكم، بأن أتعاب مكتبنا عن هذه الدعوى هى مبلغ 150 ألف جنيه، على أن يكون سداد نصف الأتعاب مقدمًا، والنصف الآخر حين صدور حكم نهائى فى الدعوى لصالح البنك.. وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام «مكتب فصيح للاستشارات والمحاماة عماد الدين فصيح ومعاونوه». والخطاب الثانى والخاص بالدعاوى المرفوعة من نادية إسماعيل، مدير الشئون القانونية بالبنك الأهلى، وتعرضت لظلم من البنك، وقامت برفع دعاوى على البنك للحصول على حقوقها حيث طلب مكتب فصيح 30 ألف جنيه نظير مباشرة الجنحتين المقامتين من نادية إسماعيل ومبلغ 25 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 172 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب عزل مجلس الإدارة، ومبلغ 25 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 5 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب التعويض المقامة من نادية إسماعيل ضد البنك. كما طلب فصيح 20 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 173 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب بطلان هيكلة المجموعة القانونية، ومبلغ 20 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 6 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب عدم الاعتداد ببعض القرارات الخاصة بتنظيم العمل داخل البنك، وطلب المكتب تسديد نصف الأتعاب المقدرة، والباقى عند صدور حكم نهائى لصالح البنك أو المدعى عليهم. أى أن مكتب المحاماة سيحصل على 120 ألف جنيه من البنك الأهلى المصرى، فى الوقت الذى يوجد بالبنك 300 محام يتقاضون رواتبهم من البنك نظير كل الخدمات القانونية التى تقدم للبنك أو تمثيل البنك أمام المحاكم أو الدفاع عن البنك. وهناك خطاب ثالث أيضا كان يلغى تمامًا دور الإدارة القانونية بالبنك الأهلى المصرى، ويقضى على الخبرات التى تراكمت بالبنك على مدى السنوات الماضية، ويزيد من إهدار المال العام، فقد أرسل مكتب فصيح لرئيس مجلس إدارة البنك الأهلى السابق خطابًا نصه الآتى: «لقد شرفتمونى سيادتكم اعتبارًا من 14 فبراير 2011 بتكليفى بدراسة العديد من الملفات القانونية الخاصة بالبنك وبتقديم المشورة القانونية فى موضوعات مختلفة، وكذا فى حضور العديد من الاجتماعات لتقديم الرأى القانونى فيها -كما قمت وما أزال- بتقديم الخدمات القانونية التى يكلفنى بها السادة أعضاء الإدارة العليا بالبنك. ولقد ترون سيادتكم أنه من المناسب وضع ما يود البنك تكليفى به من أعمال فى إطار من التعاقد، الأمر الذى يشرفنى معه أن أتقدم بعرضى هذا، لاستمرار تقديم خدماتى للبنك ويشمل ذلك قيامى بأداء الأعمال الآتية: مباشرة جميع الدعاوى والقضايا ذات الأهمية التى يرى البنك تكليفى بها، وتقديم الاستشارات القانونية فى الموضوعات، التى يلجأ البنك فيها لنا بطلب المشورة، وفحص ودراسة جميع الملفات التى يحيلها إلينا البنك وتقديم الرأى القانونى وحضور الاجتماعات التى يرى البنك ضرورة تواجد الرأى القانونى خلالها دعما لمصالح البنك، وتمثيل البنك أمام جهات التحقيق من تقديم البلاغات وإعداد المذكرات والرد والحضور أمام الجهات المختصة فيما نكلف به من متابعات. وغير ذلك من الأعمال القانونية التى ترون سيادتكم إسنادها إلينا، ويشرفنى أن أتقدم بعرضى هذا لتقديم الخدمات المذكورة نظير أتعاب شهرية، قدرها 50 ألف جنيه والخطاب كان بتاريخ 19 مارس 2011». ولأن رئيس البنك السابق تجاهل الشئون القانونية داخل البنك فقد فسر العاملون بالبنك هذه الخطابات بأن أعضاء مجلس إدارة البنك قاموا بمخالفة قانون سرية الحسابات من خلال التعاقد مع « مكتب فصيح للاستشارات والمحاماة» «عماد الدين فصيح ومعاونوه»، وتكليفه بدراسة العديد من الملفات القانونية الخاصة بالبنك وتقديم المشورة القانونية فى موضوعات مختلفة؛ على الرغم من احتواء الهيكل التنظيمى للبنك على مجموعة شئون قانونية كبيرة ومتكاملة تتضمن العديد من القطاعات، الأمر الذى يُعد إفشاء لسرية حسابات العملاء والسماح بالاطلاع عليها من أشخاص غير ذى صفة ومن غير العاملين بالبنك. بالإضافة إلى ذلك فإن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلستها المنعقدة بتاريخ 7/10/2009 قد قررت عدم جواز شغل وظائف الإدارات القانونية الخاضعة لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بعقود مؤقتة لما تتمتع به تلك الوظائف من ذاتية وخصوصية وحيدة واستقلالية وطرق محددة، فى حين أن البنك قد تجاوز هذا الحد، حينما قام بالتعاقد مع مكتب محاماة خاص، ضاربا بجميع اللوائح والقوانين عرض الحائط، وإصرارًا من جانب قيادات البنك على المضى قدمًا فى طريق إهدار المال العام بشتى الطرق دون وازع من ضمير أو عمل أدنى حساب للجهات الرقابية وكأنهم فوق سلطان أى قانون. وطالبت المصادر بضرورة قيام النائب العام فى هذه الوقائع ومخالفات القانون التى ارتكبها عماد فصيح وطارق عامر فى البنك خلال الفترة الماضية، كما طالبت المصادر بضرورة فسخ التعاقد مع مكتب المحاماة ورد الأموال التى حصل عليها بالمخالفة للقانون وجميع اللوائح على أن تتم الاستعانة بالخبرات القانونية الموجودة فى البنك حاليًا.