العجمى، فى كتابه الجرىء «الفساد فى البنوك» إسقاط الأقنعة، وكشف الفساد فى البنك الأهلى المصرى، الذى أصبح حسب المؤلف «عزبة خاصة» لطارق عامر، نائب محافظ المصرف المركزى، رئيس الأهلى المصرى.. وأيضا الصديق المقرب من جمال مبارك. ويبدأ الفصل الثانى من الكتاب، الذى نشرت «الصباح» فصله الأول بعبارة صادمة حيث يقول المؤلف: «مولد وصاحبه غائب»، هذا ما يمكن أن تطلقه على البنك الأهلى المصرى، فلم يتبق بعد تضخم المخالفات إلا أن يعلن رئيس وزراء مصر تغيير اسم البنك إلى «طارق عامر وشركاه». واستطاع طارق عامر، منذ أن صدر قرار تعيينه من رئيس الوزراء « المحبوس» أحمد نظيف فى إبريل 2008، أن يخالف قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 وقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى المصرى، ولائحة العاملين بالبنك الأهلى وفتوى مجلس الدولة. وتشير المستندات إلى قيام رئيس مجلس الإدارة بتحديد مرتبات وبدلات وكافة ما يتقاضاه كل من رئيس مجلس الإدارة ونائبيه بقرار من سلطة غير متخصصة بالمخالفة للمادة 90 من القانون، بعد شهور من رفع مرتبه ومرتب هشام أحمد عكاشة نائبه، فى حين أن القانون ينص على أن رئيس الوزراء هو فقط من يحدد الراتب والمكافآت والبدلات. بدلات ضد القانون كما خالف طارق عامر نص المادة 90، أيضا فى قيامه بتعديل بدلات الحضور وبدلات الانتقال لأعضاء مجلس الإدارة، فرفع بدل الحضور من 400 جنيه إلى ألف جنيه، والانتقال من 750 جنيها إلى ألف جنيه، وقام البنك بصرف هذه البدلات عن جلسات 9 و23 نوفمبر و7 ديسمبر 2009، لأعضاء مجلس الإدارة وهم: طارق عامر وهشام عكاشة وشريف علوى ومحمود منتصر وزياد أحمد بهاء الدين ومحمد نجيب وعادل حسنى، وحسين محرم، هذا فى الوقت الذى نص فيه القانون على أن سلطة تقدير بدلات الحضور لمجلس الإدارة هى لرئيس مجلس الوزراء فقط دون تفويض، وهو ما يعنى بطلان قرار طارق عامر، ويجب رد جميع البدلات والانتقالات التى حصل عليها أعضاء مجلس الإدارة منذ صدور القرار. وعلى الرغم من تخصيص سيارة لكل من رئيس مجلس الإدارة ونائبيه وعضو مجلس الإدارة، إلا أن البنك قام بصرف مصاريف انتقال لهم، بالمخالفة لأحكام المادة 34 من لائحة البنك، وفتوى مجلس الدولة، وكان البنك قد خصص سيارة «بى إم دبليو 2008» لكل من طارق عامر وهشام عكاشة وسيارة «مرسيدس 2009» لكل من شريف علوى ومحمود منتصر. وصرف البنك بدل سفر لرئيس مجلس الإدارة «طارق عامر» عن مهام خارج مصر دون استصدار موافقة من السلطة المختصة بالمخالفة للمادة 90 من قانون البنوك، والمادة 22 من لائحة بدل السفر بالبنك الأهلى المصرى، فقد سافر طارق عامر إلى أمريكا فى مهمة رسمية لمدة سبعة أيام من 17 إلى 26 مايو 2009، وتم صرف 9 ليالٍ بواقع 400 دولار عن الليلة الواحدة، بإجمالى 3600 دولار، كما تمت الموافقة على سفره إلى تركيا خلال الفترة من 2 إلى 4 أكتوبر من نفس العام، وحصل على بدل سفر 800 دولار، وسافر إلى إثيوبيا من 18 إلى 21 أكتوبر من نفس العام وحصل على بدل 1200 دولار. وطالب الجهاز المركزى للمحاسبات البنك بالحصول على موافقات سفر رئيس مجلس الإدارة ولم يحصل عليها حتى يونيو 2010. ملك لعائلة «عامر» انتقل طارق عامر إلى عزبته «البنك الأهلى المصرى»، وهو يشعر بشىء من العظمة، فقد تربع على عرش أكبر بنك فى مصر، وهو يعلم أنه ليس الأكفأ، بدليل نتائج أعمال البنك، والتى ينخدع بها الناس عن طريق الإعلانات الممولة، وبعض الصحفيين الذين أغلقوا أعينهم بسبب كثرة أموال الإعلانات، فلم يعد يكتب عن طارق عامر إلا أنه «رجل الإنجازات»، الذى حقق مليارات الجنيهات من الأرباح، دون أن يسأل أحد من أين جاءت هذه الأرباح؟ ولا يسأل عن الشركات الوهمية التى أسسها؟، ونقل أصولا إليها بالقيمة الدفترية، وبعد عام يقيمها ليجنى أرباحا رأسمالية وهمية، ويسد فجوة المخصصات بطريقة وهمية، ويحقق أرباحا بطريقة وهمية، وكل مصرفى يعلم هذا الكلام جيدا. ولا يمكن أن تقاس الأمور التى كانت تحدث فى عهد نظام مبارك الفاسد، بمقياس الأيام التى نعيشها بعد الثورة، ولكن الحقيقة التى يمكن أن تخرج بها من هذه القصة، هى العلاقة القوية بين نظام مبارك، وقيادات البنوك، وخاصة طارق عامر والذى يحاول نفى هذه العلاقة فى كل وسيلة إعلامية يجدها أمامه، سواء كانت إعلاما مدفوعا أو غير مدفوع. المشهد الذى يقف فيه طارق عامر، مخاطبا أهل قريته أسطال بمدينة سمالوط مخالفا للقانون، وللأعراف المصرفية، فهو لم يفصل بين كونه يتربع على عرش أكبر البنوك المصرية، وبين كونه مواطنا مصريا ذهب لدعم ابن عمه فى انتخابات مجلس الشعب عن الحزب الوطنى الذى يتنصل منه بعد الثورة. وقد سخر طارق عامر كل إمكانيات البنك الأهلى المصرى ودور العبادة فى قرية أسطال بسمالوط بمحافظة المنيا، بالمخالفة للقانون واستغلال سلطاته ونفوذه، حيث وقف فى مسجد بقرية أسطال يخطب فى الناس. قال طارق: «حافظنا على كرامتنا وشرفنا، وكان من الممكن أن نتملق السلطة علشان نعيش، ولكن إحنا تمسكنا بالمبادئ وكان لينا تار، وانتم عارفينه وقعدنا كذا سنة نصلح فى الأوضاع». هتافات داخل المسجد: عامر عامر.. عامر! قال طارق :« انتو عارفين عبدالحكيم عامر كانت البلد كلها، تحت إيده وخرج لا يملك حتى شقة فى مصر، ولا جنيه فى البنك، هؤلاء هم الناس الشرفاء فى بلدنا وكملنا بنفس الطريقة وبنينا البنك الأهلى وجعلناه مفخرة فى الخارج». وتعلو الهتافات مرة ثانية. قال طارق: «إحنا هنا لأن أخويا «وحيد» وحيد عامر مرشح الحزب الوطنى - نازل الانتخابات- ولازم يبقى لنا وضع ولازم نكسب، إحنا مش نازلين الانتخابات علشان حد يغتنى، زى الناس ما بتعمل احنا نازلين الانتخابات علشان نخدم الناس، وإحنا خدمنا الناس من غير انتخابات، ولازم الكل يتحرك ويجيب أصوات ولما «وحيد» يتحرك لازم يمشى وراه 2000 واحد». قال عامر: «لم نعين أحدا من بلاد تانية، بيكلمونى كل نواب ووزراء ومحافظين مصر لتعيين أولادهم..وأنا لا أعين أحدا ومعاكم ناس من البنك الأهلى فى سمالوط والأولوية لأهل أسطال، والأولوية للمنيا، إحنا تبرعنا للمنيا بخمسة مليون جنيه ولسمالوط بمليون جنيه ولأسطال ب500 ألف جنيه، ميصحش إن عائلة عامر لا ينجح منها أحد ولازم «وحيد» ينجح». وهتف الناس داخل المسجد «عامر غيره يا بلاش، وحد غيره ما ينفعناش» قال طارق عامر:« البلدان التانية غيرانة، لأنه لا يتم تعيين أحد فيها ، ولا يستطيع نواب مجلس الشعب تعيين أحد، و«البنك الأهلى يدير 300 ألف مليون جنيه دى أموال الشعب المصرى، أنا حافظت عليها، كانت بتروح، علشان كده، خيرها هينزل البلد دى». ضرب الخصوم البنك الأهلى المصرى تكية طارق عامر، وأمواله تم تسليطها على العباد، ضد من ينتقد سياساته بالبنك الأهلى، فلديه إدارة قانونية، يقترب عدد المحامين بها إلى نحو 300 محام، ولكن الغريب والمفاجأة هى قيام طارق عامر بالاستعانة بمكتب محاماة من الخارج، وتجاهل الإدارة القانونية بالبنك، مما يعد إهدارا للمال العام، ففى القضية التى رفعها طارق عامر ضد الكاتب الصحفى عادل حمودة حصل المكتب على 150 ألف جنيه، على الرغم من أنها انتهت بالتصالح، وفى القضايا التى رفعها البنك الأهلى ضد مدير الشئون القانونية بالبنك والتى لم تنته، طلب مكتب المحاماة 120 ألف جنيه، ونتيجة لتعدد القضايا، فضل مكتب المحاماة أن يكون هناك تعاون دائم من خلال حصول المكتب على 50 ألف جنيه شهريا. ووفقا للمستندات التى حصلت عليها، فهناك خطابان مؤرخان فى يوم 16 فبراير 2010، الأول نصه «السادة «البنك الأهلى المصرى»، السيد الأستاذ طارق عامر رئيس مجلس الإدارة تحية طيبة وبعد، حيث شرفنا بتكليف البنك لمكتبنا باتخاذ الإجراءات القانونية ضد عادل حمودة رئيس تحرير جريدة «الفجر»، وذلك لنشره أخبارا كاذبة يمكن أن تؤدى إلى حدوث إضرار بمصالح البنك والاقتصاد القومى، فإننا نود أن نحيط، سيادتكم، بأن أتعاب مكتبنا عن هذه الدعوى هى مبلغ 150 ألف جنيه، على أن يكون سداد نصف الأتعاب مقدما، والنصف الآخر حين صدور حكم نهائى فى الدعوى لصالح البنك.. وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام «مكتب فصيح للاستشارات والمحاماة عماد الدين فصيح ومعاونوه». والخطاب الثانى والخاص بالدعاوى المرفوعة من نادية إسماعيل، مدير الشئون القانونية بالبنك الأهلى، وتعرضت لظلم من البنك، وقامت برفع دعاوى على البنك للحصول على حقوقها ..طلب مكتب فصيح 30 ألف جنيه نظير مباشرة الجنحتين المقامتين من نادية إسماعيل ومبلغ 25 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 172 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب عزل مجلس الإدارة، ومبلغ 25 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 5 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب التعويض المقامة من نادية إسماعيل ضد البنك، كما طلب فصيح 20 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 173 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب بطلان هيكلة المجموعة القانونية، ومبلغ 20 ألف جنيه نظير مباشرة الدعوى رقم 6 لسنة 2010 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب عدم الاعتداد ببعض القرارات الخاصة بتنظيم العمل داخل البنك، وطلب المكتب تسديد نصف الأتعاب المقدرة، والباقى عند صدور حكم نهائى لصالح البنك أو المدعى عليهم. أى أن مكتب المحاماة سيحصل على 120 ألف جنيه من البنك الأهلى المصرى، فى الوقت الذى يوجد بالبنك 300 محام يتقاضون رواتبهم من البنك نظير كل الخدمات القانونية التى تقدم للبنك أو تمثيل البنك أمام المحاكم أو الدفاع عن البنك. والغريب هو الخطاب الثالث والذى يلغى تماما الإدارة القانونية بالبنك الأهلى المصرى، ويقضى على الخبرات التى تراكمت بالبنك على مدى السنوات الماضية، ويزيد من إهدار المال العام، فقد أرسل مكتب فصيح لرئيس مجلس إدارة البنك الأهلى خطابا ينص على «لقد شرفتمونى سيادتكم اعتبارا من 14 فبراير 2011 بتكليفى بدراسة العديد من الملفات القانونية الخاصة بالبنك وبتقديم المشورة القانونية فى موضوعات مختلفة، وكذا فى حضور العديد من الاجتماعات لتقديم الرأى القانونى فيها -كما قمت وما أزال- بتقديم الخدمات القانونية التى يكلفنى بها السادة أعضاء الإدارة العليا بالبنك. ولقد ترون سيادتكم أنه من المناسب وضع ما يود البنك تكليفى به من أعمال فى إطار من التعاقد ،الأمر الذى يشرفنى معه أن أتقدم بعرضى هذا، لاستمرار تقديم خدماتى للبنك ويشمل ذلك قيامى بأداء الأعمال الآتية: مباشرة كافة الدعاوى والقضايا ذات الأهمية التى يرى البنك تكليفى بها، وتقديم الاستشارات القانونية فى الموضوعات، التى يلجأ البنك فيها لنا بطلب المشورة ، وفحص ودراسة كافة الملفات التى يحيلها إلينا البنك وتقديم الرأى القانونى وحضور الاجتماعات التى يرى البنك ضرورة تواجد الرأى القانونى خلالها دعما لمصالح البنك، وتمثيل البنك أمام جهات التحقيق من تقديم البلاغات وإعداد المذكرات والرد والحضور أمام الجهات المختصة فيما نكلف به من متابعات. وغير ذلك من الأعمال القانونية التى ترون سيادتكم إسنادها إلينا، ويشرفنى أن أتقدم بعرضى هذا لتقديم الخدمات المذكورة نظير أتعاب شهرية، قدرها 50 ألف جنيه ومؤرخ فى 19 مارس 2011». تجاهل الشئون القانونية العاملون بالبنك فسروا هذه الخطابات بأن السادة أعضاء مجلس إدارة البنك قاموا بمخالفة قانون سرية الحسابات من خلال التعاقد مع «السادة/ مكتب فصيح للاستشارات والمحاماة» «عماد الدين فصيح ومعاونوه»، وتكليفه بدراسة العديد من الملفات القانونية الخاصة بالبنك وتقديم المشورة القانونية فى موضوعات مختلفة؛ على الرغم من احتواء الهيكل التنظيمى للبنك على مجموعة شئون قانونية كبيرة ومتكاملة تتضمن العديد من القطاعات، الأمر الذى يُعد إفشاء لسرية حسابات العملاء والسماح بالاطلاع عليها من أشخاص غير ذى صفة ومن غير العاملين بالبنك ، هذا بالإضافة إلى أن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلستها المنعقدة بتاريخ 7/10/2009 ملف رقم 58/1/2000، قد قررت أصلا عدم جواز شغل وظائف الإدارات القانونية الخاضعة لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بعقود مؤقتة لما تتمتع به تلك الوظائف من ذاتية وخصوصية وحيدة واستقلالية وطرق محددة على سبيل الحصر لشغلها طبقا للقانون 47 لسنة 73 ، فى حين أن البنك قد تجاوز هذا الحد، حينما قام بالتعاقد مع مكتب محاماة خاص، ضاربا بكافة اللوائح والقوانين عرض الحائط ، وإصرارا من جانب قيادات البنك على المضى قدما فى طريق إهدار المال العام بشتى الطرق دون وازع من ضمير أو عمل أدنى حساب للجهات الرقابية وكأنهم فوق سلطان أى قانون. فيوجد مستند التعاقد مع مكتب فصيح نظير أتعاب شهرية قدرها خمسون ألف جنيه بتاريخ 19/3/2011، علما بأن تكليف المكتب المذكور، تم اعتبارا من 14/2/2011 «دون تعاقد» لدراسة العديد من الملفات القانونية الخاصة بالبنك وبنظام سداد أتعاب للمكتب نظير أداء كل مهمة على حدة «المستندات متوفرة طرف قطاع الرقابة والشئون المالية بالبنك». ومستند مؤرخ 16/2/2010 صادر من قطاع الدعم القانونى لأعمال البنك وموجه للسيد رئيس مجلس الإدارة، مشار فيه لموافقة السيد رئيس مجلس إدارة البنك على إسناد مهمة الدفاع عن البنك وبعض السادة العاملين به للأستاذ/ عماد الدين فصيح ومكتبه القانونى بشأن البلاغ المقدم ضد جريدة «الفجر الأسبوعية» ورئيسها السيد/ عادل حمودة وكذا بعض الدعاوى المدنية والجنائية المقامة من السيدة / نادية إسماعيل محمد أحد العاملين بالبنك ومرفق بهذا المستند عدد «2 مستند» مؤرخين أيضا فى 16/2/2010للموافقة على سداد الأتعاب للسادة/ مكتب/ عماد فصيح نظير قيامه بالمهمتين سالفتى الذكر، حيث تم دفع مبلغ 150000 جنيه «فقط مائة وخمسون ألف جنيه»، نظير المرافعة فى قضية جريدة «الفجر» ، وسداد مبلغ 120000 جنيه «فقط مائة وعشرون ألف جنيه» نظير المرافعة فى القضايا المرفوعة من السيدة / نادية إسماعيل «مرفق عدد 3 مستندات».