من يد الفلول إلى الإخوان، ليس الكلام عن مصر بل إحدى نقاباتها، وأكبرها على الإطلاق، نقابة المهندسين..فبعد توقف الانتخابات بها طوال 20 عامًا، وفرض الحراسة القضائية عليها لمدة 16 سنة، والتى كانت لمواجهة مخالفات مجلس النقابة، حيث تم فرض الحراسة على النقابة من خلال دعوى قضائية رفعها أحد أعضاء الجمعية العمومية للنقابة، فتم استغلال سلاح التشريع ممثلًا فى إصدار القانون 100 بسنة 1993 ثم تعديله بالقانون رقم 5 لسنة 1995 وعليه تم فرض الحراسة على نقابة المهندسين بحكم قضائى تم تنفيذه فى 2 مايو 1995. وظلت النقابة الكبيرة والثرية تحت الحراسة، لكن قامت ثورة يناير ليرى المهندسون أملًا جديدًا لعودة نقابتهم مرة أخرى لقيد الحياة، فصدر حكم تاريخى فى أغسطس 2011 من محكمة استئناف شمال القاهرة بإنهاء الحراسة، ورغم استشكال الحارس القضائى على الحكم إلا أنه تقرر رفع الحراسة عن نقابة المهندسين اعتبارا من أول أكتوبر 2011، وبذلك أصبح وزير الرى وقتها هشام قنديل هو المسئول عن النقابة، الذى قام بدوره وشكل لجنة مكونة من إسماعيل عثمان ومحمد على بشر ليكونا مسؤلين عن النقابة، لتبدأ نقابة المهندسين رحلة عناء جديدة، فبمجرد أن تنفست الصعداء من سنوات النهب والسرقة والاستغلال وقعت فى يد جماعة استغلت كل ما لمسته أيديهم. الصباح كشفت بالمستندات رحلة عبث الإخوان بالنقابة، حتى حولتها لمقر إرشاد جديد. انتخابات مزورة أول القصيدة كفر، جملة قد تصف ما حدث بانتخابات نقابة المهندسين، فى أول انتخابات لها بعد 20 عامًا. فالنقابة التى تضم 6 ملايين عضو، توقف فيها التسجيل الإلكترونى، أثناء الانتخابات على مستوى فروع النقابة كلها، وهذا التسجيل هو ما يوضح اسم المنتخب، وإن كان قد اقترع فى لجنة أخرى من عدمه، ونظرًا للحرص على الدقة فإن التسجيل الإليكترونى لم يعمل سوى لمدة 10 دقائق فقط، وبهذا أصبحت الانتخابات على مستوى كل فروع النقابة تتم بطريقة عشوائية أى من حق أى مهندس يدخل أى لجنة انتخابات بالبطاقة الشخصية، ويطاقة النقابة، وينتخب دون وجود آلية للتحقق من كونه انتخب من قبل، أو أن هذه هى أول مرة ينتخب بها، وهذا ما جعل الانتخابات فى مجملها متهمة بالتزوير. المهندس طارق النبراوى، زعيم تيار الاستقلال بنقابة المهندسين، قدم طعون ضد هذه الانتخابات للجنة المسئولة عن النقابة وقتها والتى يرأسها المهندس هشام قنديل، ولكن هذه اللجنة ألقت هذه الطعون بالقمامة ولم تلتفت إليها، وخرج بشر مؤكدًا نزاهة الانتخابات وعدم دقة الطعون، ومعلنًا فوز المرشح الإخوانى ماجد خلوصى. لم يقتصر التزوير على ذلك، بل ورغبة منهم فى الهيمنة بالكامل على مقدرات النقابة، ولإدراكهم لأهمية منصب الأمين العام، الذى يوضع بين يديه كل مختصات النقابة، فقد أتوا بالمهندس على عبد الرحيم عضو مكتب الإرشاد ونقيب مهندسى أسيوط أمينًا عامًا للنقابة، على الرغم من أن ذلك مخالف للمادة 41 من قانون النقابات التى تنص على أن النقيب الفرعى لابد أن يكون له محل إقامة دائم بالمحافظة التى فاز بها، وأن يحضر اجتماعات النقابة بشكل دائم، لذا وجود على عبد الرحيم فى القاهرة بمنصب الأمين العام قد خالف منصبه كنقيب فرعى. «المهندسين» وحماس فى فبراير 2012 قامت نقابة المهندسين وبشكل وفد برئاسة المهندس عمر عبدالله، عضو المجلس الأعلى للنقابة، لزيارة وتقديم دعم مادى وعينى لحركة حماس وممثلها إسماعيل هنية، وقد تمثل الدعم العينى فى أطنان من المواد البناء، وجاء كل ذلك على نفقة النقابة الخاصة ودون الرجوع إلى باقى المهندسين. ومنذ أن أعلنت جماعة الإخوان المسلمين خوضها الانتخابات الرئاسية، دخلت وراءها نقابة المهندسين هذه الانتخابات مساندة، حيث استغلت جميع مقرات النقابة للترتيبات وللدعاية الانتخابية داخل نوادى ومقرات النقابات الفرعية بالمحافظات لدعم محمد مرسى رئيسًا للجمهورية، متمثلة فى بنارات ولوحات وهتافات باسم محمد مرسى، وندوات خصصت له داخل النقابة، كما تم رفع صور له على مبانى النقابات الفرعية ومنها نقابة الشرقية، والمنوفية والفيوم، والدقهلية ونادى المهندسين بالإسكندرية، ولأنهم اعتبروها أموالهم الخاصة بعثوا ببرقيات تهنئة لمحمد مرسى بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، فى يوليو 2012 من أموال النقابة، وذلك فى جرائد الدولة الرسمية الثلاث، تكلفة الإعلان الواحد 10 آلاف جنيه. كما خاضت النقابة كل معارك الإخوان منذ أن دخلت الرئاسة بداية من قرار الدستور، حيث عقدت مجلس النقابة على رأسها على عبد الرحيم ومحمد على بشر وجميع ممثلى النقابات الإخوان اجتماعات سرية وعلنية بقاعة عثمان بنقابة المهندسين، وقاموا بإصدار بيانات رسمية بأسماء جميع مهندسى مصر، للموافقة ولدعم دستور 2012. ومنذ أن ظهرت حركة تمرد على السطح حتى دخل أيضًا مجلس النقابة معها فى حرب، حيث أعلن المجلس فى اجتماعات رسمية، هجومه على حملة تمرد، ووصفها بالخيانة والعمالة، ونشرت هذه البيانات على موقع النقابة الرسمى. المخالفات المالية على عكس ما كانوا يتهمون به مجالس النقابة السابقة، مخالفات الإخوان المالية فى نقابة المهندسين بالجملة، فقد قاموا ومن اللحظة الأولى بمخالفة كل القوانين، ففى مارس 2012 موعد انعقاد أول جمعية عمومية بعد انتخابات النقابة، ولكن خالف الإخوان المادة 15 من قانون النقابة بعدم انعقاد الجمعية العمومية فى موعدها فى مارس، وترتب عليه مخالفة المادة 14 من القانون بعدم انتخاب مراقب للحسابات وظلت النقابة بلا مراقب مالى منتخب من قبل جموع المهندسين، بل أتى الإخوان بمراقب مالى هم من اختاروه كى يدارى على تلاعبهم بالقوانين. ثم قام مجلس النقابة الإخوانى بحل لجنة تقصى الحقائق فى إبريل 2012 وبذلك لم يفتح أى ملف من ملفات الحراسة المالية والتستر على الفساد الحادث وقتها، والتى كان كل أعضاء المجلس بأنفسهم يؤكدون بصفة مستمرة أثناء عرض برنامجهم الانتخابى أنهم يمتلكون مستندات إدانة كثيرة تصل إلى ملايين. كما دعت النقابة، شركة إليكترونية إخوانية، لميكنة موقع النقابة رغم وجود لجنة النقابة الإليكترونية المختصة بمثل هذه المشروعات، لكنها هى وباقى لجان العمل الخمسة والأربعين والذين ينتمى كل أعضائهم لجماعة الإخوان، وهو ما يكلف النقابة أكثر من مائة ألف جنيه شهريًا على هيئة بدلات -انتقالات- وجبات وغيرها، وتم التعاقد مع شركة للأمن بمبلغ يتعدى الأربعين ألف جنيه شهريًا رغم وجود موظفى الأمن الأصليين بالنقابة، كما أنه تم تعيين كثير من الموظفين المنتمين لجماعة الإخوان بالنقابة العامة وبالنقابات الفرعية. أيضا فى شهر مايو السابق أقامت النقابة معرضًا للسلع المعمرة باسم النقابة بأرض المعارض بمدينة نصر، وذلك بالتعاون مع بنك البركة الإسلامى، وتم التعاقد مع شركات إخوان لعرض سلع لهم بالمعرض. ثم تم مخالفة توصية الجهاز المركزى للمحاسبات بعدم اعتماد الميزانية الخاصة بالنقابة حتى تتم مراجعتها، ولكن وكما ذكر المهندس طارق النبراوى زعيم تيار الاستقلال بالنقابة، فى بلاغه المقدم ضد المستشار هشام جنينة، ويذكر فيه أنه عقدت الجمعية العمومية واعتمدت الميزانية دون الرجوع للجهاز، ووقتها طلبت ممثلة الجهاز المركزى عدم اعتماد الميزانية، لكن مجلس الإخوان أصر على اعتمادها، وبارك المستشار هشام جنينة، هذه المخالفة فى كونه لم يلغ هذه الجمعية العمومية، ولم يبطل كل قراراتها بل ترك الأمر يمر. مقر جديد للإرشاد منذ 30 يونيو وحتى الآن، قامت الدنيا ولم تقعد بمجلس النقابة، وكأن المهندسين أصبحت فرعًا آخر لحزب الحرية والعدالة أو ذراعًا آخر للجماعة فى أحد مفاصل الدولة، لتخرج للعالم مدعية أن إحدى نقابات مصر لا تدعم ثورة يونيو، عقد مجلس النقابة اجتماعًا طارئًا فى يوليو الماضى بجلسة رسمية للنقابة، وصف المجلس محضرًا رسميًا يحمل رقم 52، ما حدث فى مصر بالانقلاب العسكرى، وهو توصيف متوقع بناء على ما تقدم من سيطرة الإخوان الكاملة على النقابة. كما استضافت لجنة الحريات بنقابة المهندسين فى 22 من يوليو أسرة محمد مرسى، وعقدت لها مؤتمرًا صحفيًا بالنقابة، دعوا فيه جميع القنوات الغربية وعلى رأسها قناه الجزيرة، والذى قال فيه أسامة محمد مرسى أن والده يتعرض للاختفاء القصرى. هذا ونظم مجلس النقابة بالتعاون مع المهندسين الإخوان وقفات احتجاجية، باسم نقابة المهندسين، وقاموا بتدشين جبهة تسمى «مهندسون ضد الانقلاب» والتى أكد متحدثها الرسمى المهندس أحمد سمير أنهم سيقطعون المياه والكهرباء والطاقة عن الدولة، وهذا ليس إلا تهديدًا واضحًا للأمن القومى. وفى يوليو الماضى عقد المهندس محمد على بشر عدة اجتماعات سياسية، مع قيادات إخوان أبرزهم العريان والكتاتنى، كما التقى أعضاء من حزب النور وغد الثورة. أيضا اجتمع المجلس الأعلى لنقابة المهندسبن، فى الرابع من شهر سبتمبر الماضى، رسميًا من أجل مساعدة أسر المهندسين الإخوان المعتقلين والمصابين، على حد وصفهم، ممن تم القبض عليهم أو إصابتهم فى الأحداث الأخيرة، وأصدروا قرارًا بصرف 1500 جنيه لأسرة المهندس المعتقل المتزوج، 750 جنيهًا لأسرة المعتقل الأعزب، و30 ألف جنيه لأسرة الشهيد، و25 ألف جنيه لأسرة طالب الهندسة الشهيد، وتم نشر هذا القرار على موقع النقابة الرسمى، على الرغم من أن هؤلاء ما أسموهم معتقلين هم مقبوض عليهم فى قضايا تتعلق بالإرهاب والتخريب، وجميع المصابين والشهداء من الإخوان الذين خرجوا فى تظاهرات ضد ثورة يونيو، وكما وصف لنا المهندس أحمد السيد أحد أعضاء تيار الاستقلال بالنقابة، أن هذه المساعدات كان لابد أن يقرها النائب العام، ويتأكد من كونهم غير مقبوض عليهم فى جرائم تتعلق بالشرف، كما أن قانون النقابة نص على صرف بدل لأسرة الشهيد المتزوج فقط 500 جنيه، والأعزب 150 جنيهًا، و300 جنيه لأسرة المعتقل المتزوج.