أطلقت مبادرة "اقنعني شكراً" رابع حلقاتها من سلسلة المناظرات الاقتصادية باللغة العربية بعنوان: "الصكوك قاطرة التنمية المصرية.. ما بين مؤيد و معارض"، بالتعاون مع سلسلة ندوات كلية ادارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (AUC) "مصر ما بعد الثورة" وشركة برايس وترهاوس كوبرز (PwC) قام أشرف الخطيب، أحد مؤسسي المبادرة ومنسقها، بعرض تعريف للصكوك وذكر أن حجم الصكوك الجديدة المصدرة في العالم في عام 2012 بلغ 140 مليار دولار بمعدل نمو 65% في 2012 للعام الثاني على التوالي، مع التوقع باستمرارها فوق حاجز المليار دولار خلال العامين المقبلين. كما ذكر أن ماليزيا تستحوذ على ثلثي الإصدارات العالمية من الصكوك، وأن 80% من الصكوك تصدرها حكومات، و20% من الصكوك تصدرها شركات. أدار المناظرة أحمد عزت، أحد مؤسسي مبادرة اقنعني شكراً. وانقسم المتناظرون الي فريقين، الفريق المؤيد لدور الصكوك كقاطرة لتنمية مصر و ضم د. رضا المغاوري، رئيس مركز الاقتصاد الاسلامي وعضو هيئة الرقابة الشرعية بالمصرف المتحد ود. محمد هاشم، أستاذ مساعد بمعهد دراسات العالم الإسلامي بجامعة زايد بالإمارات. فيما مثل الفريق المعارض لدور الصكوك كقاطرة لتنمية مصر د. هاني سرى الدين، رئيس هيئة سوق المال الأسبق ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الدستور وأحمد أوزالب، شريك مؤسس بشركة أكنار بارتنرز. أجمع المتناظرون على أن الصكوك أداة تمويل تمثل إضافة لأدوات التمويل الأخرى، واختلفوا حول حجم تأثيرها كقاطرة لتنمية مصر و كذا على الطريقة التي تم بها إقرار القانون. قالت الدكتورة رضا المغاورى، مدير مركز الاقتصاد الإسلامي بالمصرف المتحد، أن العمل بالصكوك كأداة تمويلية جديدة في هذا التوقيت حتمي لمساعدة الدولة في الخروج من أزمتها الاقتصادية، والحد من القروض الخارجية التي تزيد أعباء الديون على الحكومة والأجيال القادمة مثل قرض صندوق النقد. وأضافت أن الدولة ستبدأ تنفيذ العديد من المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تدر عائداً على حملة الصك وتساعد في تطوير البنية التحتية للدولة ودفع عجلة التنمية دون تحميل ميزانية الدولة مزيد من الأعباء مثل قرض صندوق النقد الدولي. استطرد الدكتور محمد رشوان، أن مصر تأخرت كثيراً ففي تطبيق تجربة التمويل الإسلامي، داعياً إلى سرعة البدء في تلك التجربة من خلال إصدار قانون الصكوك خاصة مع التراجع المتواصل للتصنيف الائتماني لمصر. وأشار أن الصكوك ستجذب الاستثمارات الأجنبية وتساعد ففي جذب الأموال الموجودة خارج الجهاز المصرفي، والتي تظهر عند الاكتتابات الكبرى في الأسهم. ونفى رشوان ما يقال حول نجاح أطروحات الصكوك بنسبة 100% مؤكداً أنه لا يوجد استثمار بدون مخاطر. على الجانب المقابل قال الدكتور هاني سرى الدين، أنه لا يرفض الصكوك كأداة تمويل جديدة تعمل وسط الأدوات المتاحة، لكنه يعترض على الطريقة التي تم بها إصدار القانون دون عمل إجراء حوار مجتمعي حقيقي حوله، بالإضافة إلى وجود بعض المواد الخلافية التي تثير مخاوف حول تعريض أصول الدولة للخطر مؤكداً أن جلسات الاستماع التي عقدها مجلس الشورى لمناقشة القانون كانت مغلقة لأطراف بعينها ولم يتم دعوته إليها. أضاف سرى الدين أن الحكومة والبرلمان الحالي يقومون بإصدار العديد من القوانين الغير مدروسة التي تتسبب في نتائج عكسية على الاقتصاد، مطالباً بضرورة إشراك القوى السياسية وخبراء الاقتصاد في التشريعات التي تصدر في هذا التوقيت الحرج. كما تحدث حول نص القانون على أحقية الحكومة ففي إصدار صكوك مقابل مشروعات دون أخذ رأى البرلمان، وهو ما يحمل القانون شبهة عدم دستورية. وفي أثناء النقاش قام الدكتور عبد الخالق فاروق - رئيس مركز النيل للدراسات الاستراتيجية، والذي كان أحد متناظري مبادرة أقنعني شكرا في أولي حلقاتها العام الماضي – بمداخلة ذكر فيها أن أخطر ما في موضوع الصكوك هو أن هناك ادعاءات متعددة بمطابقة هذا النوع من الاستثمار للشريعة الإسلامية، والحقيقة أن التجربة التي بدأت منذ مطلع التسعينات حتى اليوم لم تؤكد هذه المزاعم، حيث يؤكد كثير من الباحثين «الشرعيين» البارزين، مثل الدكتور «عبد الباري مشعل»، الباحث الشرعي والخبير المصرفي ومدير عام الرقابة البريطانية للاستشارات الشرعية، أن تطبيقات الصكوك الإسلامية المعاصرة لا تحقق بدرجة ملائمة خصائص النظام المالي والمصرفي الإسلامي، ولا تعكس بدرجة كافية الفروق الجوهرية التى تميزها عن سندات الدين في النظام المالي والمصرفي التقليدي، مشيراً إلى أن الاهتمام بهيكلة الصكوك انحاز إلى شكلية العقود على حساب الاهتمام بمقاصد الشريعة. واتفق كثير من الفقهاء المعاصرين على عدم شرعية تطبيقات عدد من صكوك المضاربة والمشاركة، بل وبعض تطبيقات الإجارة. وفي مداخلة للدكتور محمد البلتاجي - رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي وأحد المشاركين في اعداد القانون - ذكر أن الصكوك ليست لتمويل عجز الموازنة وإنما لتمويل مشروعات في الموازنة وبالتالي لن تزيد من حجم الدين العام. و أضاف أن الشيخ نصر فريد واصل مفتي الديار الأسبق في مشاركته للقانون أكد أنه لا توجد مخالفة شرعية في قانون الصكوك وهذا ما أكده كثير من الفقهاء. وفي رد البلتاجي حول بيع أصول الدولة مثل قناة السويس، ذكر أن المواد 4، 18، 22 من قانون الصكوك نصت صراحة علي عدم اصدار أي صك علي أي أصل من أصول الدولة. قام الجمهور بالتصويت قبل المناظرة 41% مؤيداً لدور الصكوك في التنمية و 59% معارض، وكانت نتيجة التصويت بعد المناظرة 36% مؤيداً لدور الصكوك في التنمية و64% معارض و بذلك استطاع الفريق المعارض اقناع 5% من الحضور برأيه.