شهدت مكتبة الإسكندرية في الفترة من 16 إلى 18 مارس الجاري مؤتمر "دور الحركات العمالية في دعم الديمقراطية"، والذي نظمه مركز الدراسات التنموية بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المعهد السويديبالإسكندرية. شهد المؤتمر عدد من الجلسات التي ناقشت دور الحركات العمالية في دعم الديمقراطية، تحدث فيها مشاركين من عدد من الدول العربية كتونس ولبنان والمغرب والسودان ودول أجنبية مثل بولندا وإنجلترا والسويد. افتتح المؤتمر كل من الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والسفيرة برجيتا هولست؛ مدير المعهد السويديبالإسكندرية، والكاتبة الصحفية أمينة شفيق. وتحدثت السفيرة برجيتا هولست عن الدور الذي تلعبه الحركات العمالية في بناء الديموقراطية والتأثير فيها. وأشارت إلى أنه بعد قيام ثورة يناير 2011 بدأ المعهد السويديبالإسكندرية في وضع خطة عمل مختلفة للتعامل مع الواقع الجديد ودعم التحول نحو الديمقراطية في مصر، مشددة على أهمية تنشيط الحركة العمالية في مصر وارتباطها بترسيخ الديمقراطية. وأكدت أن الحكومات تقع عليها مسئولية دعم حقوق العمال، مبينة أهمية وجود ممثلين عن العمال في كل دولة للتفاوض مع الحكومة وأصحاب الأعمال على حقوق العمال، وأضافت أنه يجب وجود نية من الطرفين لتقبل آراء واقتراحات بعضهم البعض. وفي كلمته، قدم الدكتور إسماعيل سراج الدين نظرة على الحركات العمالية في العالم، مبينًا أن الحركات العمالية تمثل حركات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان. وقدم نبذة تاريخية عن الحركات العمالية في العالم ومدى تطورها منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن، حيث تحدث عن صراع العمال في القرنين الثامن والتاسع عشر للحصول على أدنى حقوقهم، ومدى صعوبة هذا الصراع خاصةً في ظل الرأسمالية والتي اعتبرت العمال كالعبيد. وأوضح كيف عانى المهتمين بحقوق المرأة وحقوق الإنسان بوجه عام لإنهاء العبودية، وكيف أثر ذلك على آداب وفنون هذا العصر، مشيرًا إلى رائعة تشارلز ديكينز "أوليفر تويست" التي وصفت العشوائيات والفقر واستغلال طبقات المجتمع الفقيرة بأدنى الأجور. وتناول الاحتجاجات العمالية الكبيرة فى أمريكا وإنجلترا وفرنسا، وأوروبا بشكلٍ عام، والتي قامت بسبب الظروف الصعبة للعمل، حيث كانو العمال يعملون 64 ساعة أسبوعياً في الصيف و 52 ساعة في الشتاء في أوضاع غير أدمية. وأوضح أن الحكومات اليوم أصبحت عاجزة عن تحقيق حقوق المواطن، كما أن الاتحادات العمالية تبحث دائماً عن حقوق العمال الذين توظفوا ولا تنظر للأعداد الهائلة من المواطنين الغير عاملين ولا تحاول إيجاد فرص عمل لهم. و أكد على أهمية تغيير نظرتنا وتعاملنا مع المشاكل العمالية بنفس الطريقة القديمة، و أنه يجب علينا خلق حلول جديدة بأنفسنا. وأكدت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق أن ثورة 25 يناير أحدثت خلخلة للنظام الذكوري المستبد، وأنه بهذه الثورة تدخل مصر إلى عصر بناء المؤسسات، وهي مرحلة تحول للنقابات العمالية أيضاً. وأضافت أن المؤسسات الشعبية يجب أن تتوحد وتصبح قوة واحدة لعبور العديد من الأزمات. وشددت على أن الحركات العمالية ليست ندًا للحكومة ولا لرأس المال ولكنها عنصر محرك للصناعات. وحذرت من تحول الحركات العمالية إلى هيكل خالي من مضمونه النضالي الأساسي من أجل تحسين ظروف وشروط عمل العمال. و أضافت أنه يجب خلق مساحة من الديمقراطية تجعل الناس قادرة على التعبير عن آرائهم وعن الدفاع عن مصالحهم الإجتماعية. وأكدت على فكرة التعددية التي ستصل بنا إلى الوحدة ولكنها ليست هدفاً في حد ذاتها، وأن هذا سيخلق مجتمع منظم يسير في طريق الحداثة. وأعطت نبذة تاريخية بسيطة عن النقابات العمالية في مصر وكيف بدأت. وتناولت موضوع المرأة وأهمية الدور الذي تلعبه في تشكيل المجتمع كمرأة عاملة كونها رصيد للإنتاج المصري، مبينة أن المرأة العاملة تفيد نفسها وأسرتها بتلقيها أجر مقابل عملها وبالتالي سوف لا تشكل عبء على المجتمع، وبذلك تتحول شرائح مجتمعية من كونها مستهلكة إلى مشاركة في العملية الإنتاجية. وجاءت الجلسة الأولى لليوم الثاني من المؤتمر بعنوان "دور الحركات العمالية كجهات سياسية فاعلة في المجتمعات المعاصرة". وأدار الجلسة سيسيليا سترنمو؛ نائب مدير المعهد السويديبالإسكندرية. تحدث في الجلسة كل من الدكتور بارتوليمي نافوتوراسكي؛ أستاذ العلوم السياسية بجامعة وارسو وأحد مؤسسي معهد الدراسات الإسلامية. والكاتب الصحفي البولندي فويتشيك أورلنسكي، وآلان ماننج؛ والذي عمل باتحاد نقابات العمال في المملكة المتحدة منذ عام 1977 حتى 2013، والدكتور وليد عبد الناصر؛ سفير مصر السابق في اليابان، والسيدة كيث تابر من السويد، والدكتور فريدريك أوجلا متحدثًا عن تجربة أمريكا اللاتينية. وقال الدكتور بارتوليمي نافوتوراسكي إن السؤال المهم الذي يجب طرحه في هذا اللقاء هو ما إذا كانت الحركات والنقابات العمالية يجب أن تشارك في الحياة السياسية أم لا، وما هي حدود هذه المشاركة؟ وأكد أن دور الحركات العمالية والنقابات العمالية واضح في حالات الديمقراطية أو انعدامها، إلا أنه يصبح غامض في المراحل الانتقالية، كالتي تمر بها مصر الآن. وأضاف أن الحركات العمالية لا تنتمي للعمال فقط وإنما للمؤسسات المجتمعية أيضًا، وهي مؤسسات تعاني بدورها من الضعف الشديد في المراحل الانتقالية. وتحدث نافوتوراسكي عن تجربة حركة التضامن البولندية (نقابات العمال) والتي تحولت إلى حزب سياسي في الفترة الانتقالية في بولندا، وتمكن الحزب من تشكيل خمس حكومات متتالية. من جانبه، تناول فويتشيك أورلنسكي المفارقات المختلفة في المراحل الانتقالية، متخذًا الدستور البولندي كمثال على هذه المفارقات، ومبينًا أن الدستور الديمقراطي البولندي قد تم وضعه في سبع سنوات، وتطلب وضعه تقديم عدد كبير من التنازلات من جانب القوى السياسية البولندية المختلفة، وبذلك فإن كل الجهات البولندية لديها تحفظات على الدستور بنفس الدرجة. وقال إنه يرى أنه من الخطأ الشديد أن تتدخل الحركات العمالية بدرجة كبيرة في الحياة السياسية، مبينًا أن حركة التضامن البولندية أصبحت الآن من أقل الحركات فاعلية في الحياة السياسية البولندية. من جانبه، قدم آلان ماننج عرضًا تاريخيًا لدور الحركات العمالية في المملكة المتحدة، مبينًا أن العمال عانوا من التهميش والظلم في القوانين التي دفعتهم إلى أن يثوروا ضدها في القرن الثامن عشر، واستمر العمال في محاولات الحصول على حقوقهم وصولاً إلى تكوين حزب العمال البريطاني عام 1990. وقال إن اتحاد نقابات العمال يلعب دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية، حيث يستخدم عدد كبير من الأدوات لتحدي القرارات التي تتخذها الحكومة ضد العمال. وأضاف أنه في عام 2011 تم تنظيم حملة عامة ناجحة للحفاظ على حقوق موظفي القطاع العام في الحصول على المعاشات. وأكد أنه يتم استخدام الطرق الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي والدعاية في الإعلام للفت نظر الجمهور العام للمشكلات التي تواجه العمال. وألقى ممدوح مبروك؛ الباحث بمركز الدراسات التنموية بمكتبة الإسكندرية، كلمة الدكتور وليد عبد الناصر والتي تحدث فيها عن الحركات العمالية وعلاقتها بالديمقراطية في اليابان. وقدم نبذة تاريخية عن النقابات العمالية في اليابان، مبينًا أن اليابان يوجد بها أربعة اتحادات عمالية بدأت عام 1980، مع وجود 74,500 إتحاد تجاري. وأشار إلى وجود ثلاثة أنواع من اتحاد النقابات التجارية في اليابان الآن؛ وهي: الاتحاد الاول مكون من نقابات عمال القطاعين العام والخاص، ومجلس إتحاد النقابات التجارية؛ وهو يمثل اتحاد النقابات الوطنية للقطاعين الخاص والعام، ومقره في العاصمة طوكيو، والاتحاد الثالث الذي نشأ عام 1989 وتعود جذوره إلى الاتحادات العمالية اليسارية قبل الحرب العالمية الثانية. وأشار إلى وجود بعض الأشكال الأخرى للإتحادات مثل: إتحاد المعلمين، والإتحاد العام الذي يخدم احتياجات العاملين الغير منظمين، والإتحاد الوطني العام للعمال الذي كان يجمع العمال من أصول وجنسيات مختلفة. وتناولت الكلمة السياق القانوني لإتحاد العمال في اليابان وتطوره، وكيف نص القانون على وجود حد أقصى لعدد ساعات العمل، والسماح للعمال بتكوين إتحادات خاصة بهم في العام 1948. وتناولت السيدة كيث تابر في كلمتها إعلان حقوق الإنسان للأمم المتحدة الذي ينص على حق الأشخاص في الحصول على عمل كضرورة لتحقيق تقدم البلاد، وحقهم في تكوين إتحادات تجمعهم وتدافع عن حقوقهم. وأكدت على أهمية وجود اتحادات ديمقراطية مستقلة، مبينة أن واحدة من العناصر الهامة في المجتمع هي وجود حركات اجتماعية تلعب دوراً في تحسين الأوضاع المعيشية للأشخاص وفي تحقيق العدالة والسلام وتجنب الصراع. وتحدث الدكتور فريدريك أوجلا عن الحركات العمالية في أمريكا اللاتينية من الثمانينات وحتى الآن، مقارنًا وضعها مع الحركات العمالية في دول الشرق الأوسط. تناول أوجلا تأثير التجمعات العمالية على الحركات السياسية والحياة السياسية بوجه عام، وكيف استفادت الأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية على المدى الطويل من الحركات العمالية. وأشار إلى أن هناك تشابه كبير بين أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذة الفترة، منها أن المجتمع غالبيته العظمى تتلقى دخل متوسط، كما أنهم عانوا من قمع من الديكتاتوريات العسكرية السابقة في بلادهم ، بالإضافة إلى انتقالهم إلى الديمقراطية وإنشائهم لإتحادات ونقابات. وأشار إلى مرور المنطقتين بأزمة اقتصادية في الثمانينيات ساعدت على تشكيل المجتمع بعد ذلك. وأكد على أن تجربة أمريكا اللاتينية لا تقدم حلول جذرية في إشكاليات الحركات العمالية، إلا أن تطورها جدير بالدراسة والبحث، مؤكدًا أن الاتحادات والنقابات سوف تواجه تحديات سياسية واقتصادية دائمًا. وجاءت الجلسة الأخيرة لليوم الثاني بعنوان "الحركات العمالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الربيع العربي". وأدار الجلسة الدكتور عمرو الشوبكي. تحدث في الجلسة رضا تليلي من تونس، وداليا موسى من مصر، والدكتور عبد اللطيف حسني من المغرب، وخالد التيجاني من السودان، وفرح قبيسي من لبنان. وتحدث الأستاذ رضا تليلي عن تجربة بلده تونس والحركة النقابية فيها. وأكد أن تاريخ النقابات التونسية مجهول حيث أن زعمائه مجهولين وغير موجودين في الذاكرة الرسمية، كما تناول علاقة النقابات العمالية وخاصةً الإتحاد العام التونسي للشغل مع المؤسسات والإتحادات الدولية. وتحدث عن الدستور التونسي الحالي وخلوه من نصوص الحقوق النقابية مثل: حق الإضراب، وأنه بذلك أصبح دستور يخدم الأحزاب ويغفل النقابات والمجتمع المدني واحتياجتهم. وأكد على أهمية وجود تصور اجتماعي للدستور لبناء جمهورية ديموقراطية اجتماعية، وأن بدون هذا ستندثر كل النقابات وتبقى فقط الرأسماليات، وأنه يجب على الدستور أن يكون منتج اجتماعي يشارك أفراد المجتمع في صنعه وألا يكون منتج سياسي بحت. وعكست داليا موسى وضع النقابات المستقلة والإتحادات العمالية الموجودة في مصر، مبينة أن الدافع الذي جعل النقابات العمالية تظهر في مصر هو وجود تعسف ضد العمال والاعتداء عليهم في بعض الأحيان؛ وأن الإتحاد العام للنقابات المستقلة المسئول عن حماية العمال وحقوقهم كان تحت سيطرة الدولة ويحمي رجال الأعمال. وأوضحت أن ظهور أول نقابة مستقلة في مصر كان قبل سنتين من الثورة وهي نقابة الضرائب العقارية، مبينة أن الامر كان ملهماً وعكس نضال حقيقي على الأرض ومناطحة بشكل مباشر لأنظمة الدولة الفاسدة وقتها. وأضافت أنه تبع ذلك إنشاء عدد من النقابات الأخرى مثل: نقابة المعلمين والمعاشات. وتناولت كلمتها دور العمال كقوة محركة خلال وبعد الثورة رغم عدم تمثيلهم لأنفسهم ككتل عمالية واضحة وبارزة. وأكدت على حقهم في إنشاء نقابات مستقلة، وأن الإضرابات في حالة صعود وهبوط وأنه لا يوجد أي إستقرار في خطوات العمال يمكنهم من خلق قوة حقيقية صامدة على الأرض. وشددت على أهمية وجود الشفافية داخل النقابات خاصةً بين القيادات والأعضاء، ووجود ردود أفعال قوية وسليمة من النقابات. وأهمية مساندة القوى السياسية للعمال وليس العكس. وعكس الدكتور عبد اللطيف حسني المشهد النقابي المغربي والمواقف النقابية العمالية هناك، وتحدث بشكلٍ خاص عن حركة 20 فبراير في المغرب التي تأسست عام 2011 للمطالبة بإصلاحات في المغرب، مبينًا أنها حركة أنبثقت من الشارع، وهي تدافع عن حقوق العمال. وأضاف أن الحركة تمكنت من فتح مقرات للشباب المنتمي لها وتوفير فرص عمل لهم. وعرف حسني النقابات على أنها تنظيمات جماعية يقوم العمال في مهنة أو مجال عمل معين بتشكيلها، بهدف الدفاع عن حقوقهم وتمثيل مهنتهم، والنهوض بأحوالهم وحماية مصالحهم. وقال إن النقابات يجب أن تأخذ شكلها القانوني والدستوري لكي تكون فاعلة بشكلٍ قوي في الواقع. وقال الصحفي السوداني خالد تيجان إن السودان تعيش فى وضع قاتم وصعب جداً يجعله يواجه خطر النفكك وذلك بسبب تراكم التجارب الفاشلة في السعي نحو الديمقراطية. وأوضح أن الحركة العمالية في السودان كانت مبكرة حيث بدأت في منتصف الثلاثينيات وكان هناك وعى للعمال بحقوقهم. وفي عام 1947، حدث أول تنظيم لإضراب عمال السكة الحديدية، وبعد ذلك نجح السودانيين في إنشاء نقابة عمالية حقيقة نتيجة لتعامل ديموقراطي حقيقي. وأوضح أن أول إنقلاب في السودان كان في عام 1958 ضد المعونة الأمريكية وكان إنقلاب عمالي. وأكد على أهمية إستقلالية النقابات وتوحد أعضائها حيث إن أي وحدة في السودان تتفكك تبعاً للفروق الإجتماعية والدينية والطائفية. وأفاد أيضا أن وضع الحركة العمالية في السودان متردي نتيجة لإنخراطها فى العمل السياسى، مبينًا أنها تفككت والآن يكاد لا يكون وجود لها حيث سأم الجميع من المحاولات الفاشلة. وشدد أن النظرة المستقبلية والأمل كله في الشباب لكنه للأسف لا يجد أي مساندة. وتحدثت الصحفية فرح قبيسي والتي تعمل بالمرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفيين عن الحركة النقابية في لبنان بشكلها الراهن، حيث أكدت أن لبنان تشهد الأن ربيع نقابى جديد. وأشارت إلى أن الحركة النقابية في بلدها قديمة وخاضت صراعات جدية مكنتها من الحصول على مكتسبات مثل: قانون العمل 1946 ومؤسسة الضمان الإجتماعي. وأكدت أنه تم كتم صوت الحركة العمالية وكان هناك تدخل مباشر من السلطة لتفكيك هذة النقابات وكذلك وجود العديد من الموانع التي وضعتها الحكومة لكي تشل حركة النقابات العمالية مثل خلق حركات عمالية وهمية، والترخيص لبعض النقابات ومنع بعض النقابات الأخرى من الحصول على ترخيص، ومنع موظفي قطاع الدولة من إنشاء أي تنظيم. وأكدت أن هذا أدى إلى تصحر نقابي لتراجع عدد المنتسبين. وأوضحت أن تصحيح الأجور متوقف من 17 سنة رغم وجود تضخم تجاوز نسبته 110 %، وأن الأرباح يستفيد منها أصحاب الأعمال فقط. وقالت إن لبنان تشهد الآن أكبر إضراب عمالي الذي تجاوز ال27 يوم الآن، مبينة أن الإضراب يفتح الباب أمام حراك اجتماعي جديد ويؤكد على أهمية الديموقراطية. وشهد اليوم الثالث من المؤتمر جلسة بعنوان "المجتمع المدني، حقوق الإنسان، المساواة بين الجنسين، ومشاركة الشباب". تحدث في الجلسة الدكتور ناجي ألبير؛ مستشار اللجنة الوطنية للمسئولية الإجتماعية، والصحفي التونسي ناجي خشناوي، والصحفية اللبنانية كارول كرباج. وأدار الجلسة الدكتور نادر نور الدين. تحدث الدكتور ناجي ألبير في كلمته عن المسئولية الإجتماعية، مبينًا أنه تم إدراك أهمية المسئولية الإجتماعية بعد ثورات الربيع العربي. ولفت إلى أن عدد كبير من الدول قد حققت تقدم كبير في مجال المسئولية الإجتماعية، إلا أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لازالت تواجه عدد كبير من التحديات في هذا الإطار. وأشار إلى تقرير صادر عن البنك الدولي والذي يوضح أنه يجب توفير 40 مليون فرصة عمل خلال العقد القادم، مبينًا أن الحكومات لن تتمكن من تحقيق ذلك وأن الأمل الوحيد يقع على القطاع الخاص. ولفت إلى أنه في مصر تم تشكيل اللجنة الوطنية للمسئولية الإجتماعية التي تعمل على تقديم رؤيتها لضوابط المسئولية الإجتماعية من خلال عدد من الخبراء، ووضع معايير مصرية للمسئولية الإجتماعية، مشيرًا إلى أن وزارة الصناعة أيضًا تساهم بشكل كبير في زيادة الوعي بفكرة المسئولية الإجتماعية من خلال دعم الأبحاث وتقديم التدريب اللازم. من جانبه، تحدث الصحفي التونسي ناجي خشناوي عن الإتحاد العام التونسي للشغل، مبينًا أنه يعد رمزًا للنضال الاجتماعي والفكري، ونضال الطبقة العاملة بهدف بناء مستقبل تونس بسواعد العمال. وأكد أن الإتحاد العام التونسي للشغل هو أول من قدم مشروع اقتصادي اجتماعي في الستينيات. وقال إن الإتحاد العام التونسي للشغل له دور أساسي وفعال في الحياة السياسية قبل وبعد الثورة التونسية، فهو أول من طالب بإنشاء لجنة تقصي حقائق لأحداث الثورة، واقترح منذ البداية تشكيل حكومة إنقاذ، وهو صاحب مبادرة الحوار الوطني بين القوى السياسية المختلفة، كما أنه قدم مشروع دستور يترجم الخيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من وجهة نظر نقابية. وأشار إلى أنه بالرغم من الدور الفعال للإتحاد العام التونسي، إلا أنه لايزال هناك عدد من السلبيات في عمل الاتحاد، ومنها غياب المرأة؛ حيث لا يوجد إمرأة واحدة في المكتبة التنفيذي للاتحاد، وعدم وجود سياسة إعلامية واضحة للاتحاد، كما أن حضور الشباب في الاتحاد هو حضور شكلي. وفي كلمتها، تحدثت الصحفية اللبنانية كارول كرباج عن المجتمع المدني ودوره في الحركات النقابية، مبينة أن المجتمع المدني اللبناني يعاني من عدد كبير من المشكلات؛ منها تجزئة المطالب، وعدم وجود تواصل بين الجمعيات، وغياب الربط بين الجمعيات والتنسيق بين المطالب، وعدم ربط الحقوق المدنية بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية. وأوضحت أن جمعيات المجتمع المدني كانت طائفية وتحولت في التسعينيات إلى منظمات خدماتية غير حكومية لكنها تعمل من خلال النظام مع النواب والوزراء، مبينة أنها تعمل كجماعات ضغط ولا يمكن اعتبار عملها نضال حقيقي. وجاءت الجلسة الأخيرة للمؤتمر بعنوان "الحركات العمالية: تحديات داخلية وخارجية"، تحدث فيها الصحفي البولندي فويتشيك أورلنسكي، والنقابي الفلسطيني محمود الشرقاوي، والنقابي التونسي محمد الأمين شعباني. وأدار الجلسة الدكتور حيدر إبراهيم. وقال الدكتور حيدر إبراهيم إن التحدي الأول الذي يواجه الحركات العمالية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو تحويل العمل النقابي إلى ثقافة بروح ومضامين أكثر من اعتباره آليات وأدوات. من جانبه، قال الصحفي البولندي فويتشيك أورلنسكي إن الحركات العمالية في بولندا يجب أن تتعامل مع التحديات التي تواجهها من خلال محاولة القضاء على الانقسام بين الحركات المختلفة، وإعادة رسم دورها السياسي حتى تجبر السياسيين على الاستماع إليها مرة أخرى، واعتماد وسائل جديدة لنشر أفكارها والوصول للرأي العام من خلال الإعلام. وتناول النقابي الفلسطيني محمود الشرقاوي في كلمته المعاناة التي تقع على العامل الفلسطيني نتيجة سياسات القهر والتهميش التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على العمالة الفلسطينية، مبينًا أن الاحتلال يضع العراقيل أمام عجلة الاقتصاد الفلسطيني، ويعطل عمل المؤسسات الاقتصادية، ويعرض العمال للإرهاب والقهر؛ حيث استشهد أكثر من 150 عامل في الفترة الأخيرة أثناء ذهابهم للعمل. وأشار إلى أن البطالة تبقى واحدة من أهم الإشكاليات في فلسطين، حيث إن نسبة البطالة في الشباب من 20 إلى 24 عام بلغت 38%، بينما بلغت 47% بين الشباب من 20 إلى 29 عام. وأضاف أن نسبة البطالة في غزة وصلت إلى 30%، و16% في الضفة الغربية. وشدد على أهمية تغيير السياسات الحالية من أجل ضمان تأسيس مجتمع يحقق نمو اقتصادي واستدامة حقيقية، ووضع حد أدنى للأجور، ووضع قواعد للسلامة المهنية، وضمان حقوق تنظيم النقابات وترسيخ مفاهيم الاستقلال والديمقراطية، ووضع لوائح لتنظيم العلاقة بين العامل وأصحاب العمل. وفي الختام، أكد النقابي التونسي محمد الأمين شعباني في كلمته على أن التحدي الداخلي الأساسي للحركات العمالية في تونس هو المساهمة العامة في استقرار الأوضاع في البلاد لإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي وتحقيق تنمية اقتصادية عادلة.