أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الإثنين أن النخبة السياسية ووسائل الإعلام بأمريكا لم تتعلم الدرس من الغزو الأمريكي على العراق عام 2003. ولفتت الصحيفة الأمريكية - في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني- إلى أن هذا الغزو ،تم من دون أي سبب مقنع ومن تضليل من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وكلف أمريكا الألاف من الأرواح الأمريكية وعشرات الألاف من أرواح العراقيين، فضلا عن التكلفة المالية الضخمة، التي كان لها أثر على تردى الأوضاع في أمريكا، وانتهى الأمر في نهاية المطاف بإنشاء نظام عراقي أقرب إلى إيران من واشنطن. ورأت الصحيفة أن ما يثير الدهشة خلال الفترة التي سبقت الغزو هو الوهم السائد بوجود إجماع من قبل النخبة السياسية ووسائل الإعلام على وجود أسباب قوية للغزو، مشيرة إلى أن المشكلة في هذه الحجة تمثلت في أن الوقوف مع الحرب أصبح يعني التمسك بالرأي السائد، وأن أي رأي معارض، مهما كانت قوة حججه وأدلته، أصبح لا يستحق الأخذ في الاعتبار. وتابعت الصحيفة قائلة "وهذا ما حدث في الدوائر السياسية وأغلب وسائل الإعلام التي تخلت عن حيادها ووقفت في صف الحرب آنذاك"، مستشهدة بشرح الكاتب هاوارد كيرتز من شبكة "سي.أن.أن" حاليا، والذي كان يعمل بصحيفة "واشنطن بوست" فترة الغزو، بالكيفية التي تمت بها عملية خلق هذا الوهم من رفض وإضعاف وتقليل من شأن التقارير الإخبارية المشككة في امتلاك العراق أسلحة دمار شامل والنافية لوجود علاقة له ب"الإرهاب". علاوة على ذلك، كان هناك عامل آخر ترافق مع ذلك التحيز الإعلامي وهو التقديس المبالغ فيه للسلطة، فرجال السلطة فقط هم من كانوا يحظون بالاحترام والاهتمام/ على حد قول كيرتز.ونوهت الصحيفة إلى أن الدرس من هذا الغزو كان يجب أن يكون تذكير لوسائل الإعلام مرة أخرى بمخاطر عدم الاستماع للأصوات المتشككة وعدم الفصل بين الأخبار والموقف السياسي، إلا أن هذا الدرس لم يستفاد منه أحد، مدللة على ذلك بما أسمته "الهوس بالعجز المالي" الذي هيمن على المشهد السياسي الأمريكي على مدى السنوات الثلاث الماضية. وأكدت على أن الخط الفاصل بين الأخبار والرأي في الإعلام الأمريكي أصبح غير واضح فيما يتصل بالعجز المالي أكثر منه في غزو العراق، حيث يبدو أن "قواعد الحياد الإخباري باتت لا تتطبق عندما يتعلق الأمر بالعجز المالي"، والذي قد يشكك في وجوده الكثير. وخلصت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية -ختاما- قائلة " إن الدرس المستفاد من غزو العراق يجب أن يعلمنا ألا نعتمد على السلطة في تقييم الأمور" ،متسائلة هل سيأتي الوقت الذي تتعلم فيه النخبة السياسية ووسائل الإعلام الدرس.