غضب عارم يشهده الشارع المصرى خلال الأيام الجارية بسبب المساع الحثيثة التى تجرى من " الرئيس الإخوانى" محمد مرسى لعودة العلاقات المصرية الإيرانية, وهو مااعتبره أصحاب التيارات الاسلامية الأخرى خطرا يهدد مصر " الدولة السنية" , بعد المحاولات المستمرة من قبل دولة الخومينى لنشر التشيع فى مصر, وطبقا للكاتب الإيراني "عباس خامه ياز" في كتابه "الإخوان المسلمين.. وايران"، فإن أهمية مصر لإيران وشيعتها، أنها البوابة التي تنفذ منها ايران للعالم السني وتستطيع من خلالها نشر مذهبها عن طريق علاقتها بالإخوان المسلمين، وقد أورد المؤلف أقوالاً كثيرة لقادة الإخوان، يقللون فيها من الخلافات بين السنة والشيعة، ويعتبرونها خلافات بين الفروع، منها قول الإمام حسن البنا: "أما الخلاف فهو في أمور من الممكن التقريب بينهما"!.. وتعتبر علاقة الإخوان المسلمين بالحركة الشيعية الإيرانية، حميمة خصوصا ل "نواب صفوي"؛ وهو أحد القيادات الشيعية الثورية، وكان يتعصب لآرائه لدرجة القتل، وكان زعيماً لمنظمة ثورية هي فدائيان إسلام (فدائيو الإسلام)، وقام هو وأتباعه بقتل عدد من كبار علماء السنة، منهم الشيخ أحمد كسروي, وقد كان الإخوان يعتبرون نواب صفوي واحداً منهم، ودعوه لزيارة مصر وسوريا في بداية عام 1954، والتقى قادة الجماعة وخطب في مهرجاناتها، وعندما اشتكى له زعيم الإخوان في سوريا الراحل الدكتور مصطفى السباعي من انضمام شباب الشيعة إلى الأحزاب العلمانية والقومية، دغدغ صفوي عواطف الإخوان، وقال أمام حشد من السنة والشيعة "من أراد أن يكون جعفريا حقيقياً فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين" !!وفى مقولة تاريخية للمرشد الأسبق لجماعة الإخوان عمر التلمساني قال فيها: "لا أعرف أحدًا من الإخوان المسلمين في العالم يهاجم إيران، ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة، كل هذا فعله الإخوان لا ليحملوا الشيعة على ترك مذهبهم، ولكنهم فعلوه لمحاولة التقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أقرب حدٍّ ممكن. من جانبه يقول الدكتور محمد حبيب القيادي السابق بالإخوان المسلمين: إذا كان هناك موقف بين الإخوان وايران او الشيعة فهو موقف سياسي، ليس للمذهبية او الطائفية فيه أي وجود، فعندما نقول ان ايران لها مشروعها الذي ربما يكون مقلقا على المستوى الإقليمي، لكن موقف الإدارة الأمريكية والصهاينة مفزع، وبالتالي حينما نقارن بينهما فلابد أن نختار ما هو مقلق، عموما لابد من وجود رؤية جديدة وسياسة تتفق والمتغيرات الإقليمية والدولية بحيث يكون هناك تنسيق وتعاون سياسي بين مصر وايران والسعودية وتركيا لحل المشاكل العالقة، وإلا فإننا نترك المنطقة ومشكلاتها للإدارة الأمريكية تلعب فيها كما يحلو لها. ويضيف "حبيب" قائلا: نعم كانت هناك محاولات للتقريب، ونحن نعلم ما يحدث هناك من اضطهاد للسنة، أما محاولاتهم لنشر مذهبهم الشيعي في مصر فأنا اؤكد أن مصر ليست البيئة المناسبة لنشر المذهب الشيعي فيها، فلا خوف من ذلك؛ وبالنسبة لتعاون الإخوان وايران في المرحلة المقبلة فطالما هناك رئيس للدولة ومؤسسات ومجالس تعاونه وإدارة جديدة لمصر، فهذا ما سيحدد ما ينبغي ان تكون عليه السياسة والعلاقات مع ايران وغيرها. وأضاف الدكتور علي بكر الباحث في الشئون الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات: من المعروف ان الإخوان لهم علاقات قوية ومشتركة مع النظام الايراني، وهذا من الناحية السياسية والاقتصادية، ولكنه لن يكون على حساب الجانب العقائدي، خصوصا أن وصول الإخوان والرئيس مرسي للسلطة اعتبره البعض بداية لتحالف قوي لأهل السنة والجماعة ضد المد الشيعي الايراني. وبالنسبة لمسألة القرب والايمان المشترك بالمباديء فكلا الجانبين يفهم معنى المصالح السياسية، والتيارات الاسلامية كلها تؤمن بقضية فلسطين، وحقوق الأقليات المسلمة في العالم فهذه كلها أمور عامة يتفق فيها أهل السنة والجماعة مع الشيعة، ولكن المحك الحقيقي هو مسألة نشر المذهب الشيعي في مصر وهل يمكن ان تسمح الجماعة لإيران بهذا، أو أن تسمح ايران للجماعة بنشر المذهب السني في ايران؟، ولكن التقارب الحالي هو للمصالح السياسية والاقتصادية فقط، لكن ليس هناك تقارب عقائدي، ولذلك فالإخوان يتحدثون مع ايران في المساحة المتفق عليها بين السنة والشيعة، لكن اذا وصلت الأمور للمحك الحقيقي وهو العقيدة فسوف تختلف اختلافا كبيرا، وسوف يحدث انفصال بين الجانبين. ويواصل حديثه: أما بالنسبة لمسألة الخلافات بين ايران ودول الخليج سواء السياسية او الحدودية وإحتمالات تزايد هذه الخلافات والتهديد بنشوب حرب في المنطقة، فأعتقد أنه اذا قامت مثل هذه الخلافات فسوف تنحاز الجماعة لدول الخليج، وساعتها سينصرون الجانب السني على الجانب الشيعي، ودخول العقيدة في هذه الأمور سوف يكون على درجة عالية من الخطورة، ومصلحة مصر الاقتصادية والسياسية مع مجلس التعاون الخليجي، لكنها في نفس الوقت لا تغلق الباب امام ايران كما كان يفعل النظام السابق، لكن عند وجود صدام سني شيعي ستنحاز الجماعة الى الدول السنية. وأكد الدكتور سعد الزنط مدير مركز الدراسات السياسية , اذا كان بعض قادة الأخوان يتحدثون عن النموذج الأيراني كمثال يحتذى به، فهو من منطلق ان الشيعة في العالم يقودهم واحد فقط هو "خامنئي"، والولاء دائما ليس للأوطان ولكن للمرشد، وهذا هو ما يتحدث عنه الإخوان كنموذج لأنهم أعلنوا في اكثر من مرة أنهم يأملوا في تحقيق حلم الخلافة الأسلامية وتكلم عنها أكثر من مرشد للإخوان قبل ذلك بمعنى أن الأخوان يأملوا في وجود خلافة اسلامية، والأخوان المسلمين حركة عالمية لا ينتمي اعضائها بالولاء للأوطان ولكن للأسلام باعتباره دين عالمي، ولذلك هم يتمنون ذلك وهو مثل النظام الأيراني على الأقل من ناحية الشكل, أما التقارب مع ايران فهو مرتبط بالمصالح، وإلا لماذا بقيت ايران خلال العقد الماضي تدعم السنة في حماس، فهي تعتبر حماس مثل حزب الله قواعد لها في الشرق الأوسط يمكن من خلالها الضغط على اسرائيل وأمريكا. لافتا إلى أنه على المدى البعيد لا يمكن ان يحدث نوع من التقارب الذي يصل الى حد الأندماج بين الأخوان المسلمين وبين ايران، لسبب بسيط، أن هناك ترتيب عالمي تقوده اوروبا وأمريكا لمحاولة صناعة محور اسلامي سني في منطقة شمال افريقيا لمقابلة الهلال الشيعي الممتد من ايران وحتى جنوب الجزيرة العربية، وأمريكا تحاول ان تستثمر هذا المحور السني لإحداث حرب تقع خلال سنوات قليلة بين المعسكرين الشيعي والسني، ويتم من خلاله تصفية او اضعاف القوى الأسلامية بشطريها السني والشيعي لصالح اسرائيل، ولا يجب ان ننسى ان الأولويات الأستراتيجية الأمريكية في المنطقة هي اولا أمن اسرائيل بمعنى تقويتها عسكريا واقتصاديا مقابل إضعاف كل الجيران المسلمين والعرب المعارضين لها، ولهذا فيجب تناول العلاقة الإيرانية الأخوانية من منظور أوسع، وأعتقد أن الأخوان المسلمين أكثر ذكاءا في التعامل مع شيعة ايران خاصة أن هناك خلافا جذريا في التوجه العقائدي وجزء من الأساسيات التي تقوم عليها المذاهب الشيعية، واذا كان هناك تقارب حالي فهو تقارب تكتيكي لمحاولة البحث عن تغيير لحدود الأمن القومي المصري، بالتوسع أو اعادة العلاقات مع بعض الدول التي كانت على خلاف مع "مصر مبارك" واذا كان هذا في مصلحة الدولة المصرية فنحن نرحب به. وبالنسبة لموقف الأخوان في حالة نشوب خلاف او حرب بين دول الخليج وايران قال: يجب الا ننظر للأمر بمعزل عن مصر الدولة، فالأخوان وإن كانوا يقودون العمل السياسي حاليا فهم اولا واخيرا ضمن اطار دستوري وقانوني يسمى مصر، فلا يمكن للأخوان ان يتصرفوا بمعزل عن الدولة المصرية، وعموما أؤكد انه لن تقوم حرب بين ايران وايا من الدول التي لها خلافات حدودية او عقائدية معها في الخليج مثل الأمارات او البحرين، حتى لو كانت المؤشرات تشير الى ذلك، لأن دول الخليج لديها تمثيل دبلوماسي وتنسيق سياسي مع ايران رغم هذه الخلافات، ودائما ما يتم تناول هذه الموضوعات ارتباطا بالملف النووي الإيراني، بمعنى ان الملف الأيراني الأمريكي الأسرائيلي حينما يحتدم تبدأ الخلافات مع دول الخليج في الظهور، وأمريكا تجعل من ايران فزاعة لدول الخليج لضمان عدم عودة العلاقات الخليجية الأيرانية الى سابق عهدها، ومن يظن أن هناك خلافا اسرائيليا ايرانيا او امريكيا ايرانيا فهو واهم، فالمصلحة السياسية والأقتصادية للدول الثلاث تصب في مصلحتهم جميعا، وجميعها تكون على حساب العرب، لكن سيبقى العرب على "غبائهم"، ولدى الشيعة الأثنى عشرية الصفوية بالتحديد هناك مبدأ هام وهو التقية السياسية، وهو أن تظهر غير ما تبطن ولك الحق في ان تكذب ما شئت لتحقيق مصلحتك ومصلحة شعبك.واختتم حديثه: في النهاية ليس لنا إلا أن نحذر الجميع بما فيهم الجماعة نفسها من هذه العلاقات مع من يحمل في قلبة أشد العداوة والكراهية للمسلمين، ويضع القضاء على أهل السنة والجماعة هدفا أساسيا وساميا من أهدافهم ومبدأ لا يتزحزحون عنه وإن أبدوا غير ذلك عملا بمبدأ التقية، وإن مضى عليهم سنوات طويلة من حسن المعاملة الظاهرية.