يبدو أن الجدل الذي شهدته الأيام الماضية حول وثيقة مركز المرأة الصادرة من الأممالمتحدة ستمتد تداعياته إلى الأيام القادمة التي ستشهد تصاعدا فى الأحداث كنتيجة منطقية لحرب التصريحات التى اندلعت بين الإسلاميين من جهة والسفيرة مرفت التلاوى رئيس المجلس القومي للمراة بعد تشكيك الإسلاميين فى دور المجلس وانه يقوم بأنشطة مشبوهة مطالبين بنقل تبعيته الى مجلس الشورى إضافة إلى اتهامهم ل "التلاوى" ب"الماسونية" والعداء للاسلام وهى اتهامات ردت عليها السفيرة فى مؤتمر صحفى مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه ما نسب إليها. لم يقتصر رد "التلاوى" على رد الاتهامات عن نفسها وعن "القومى للمرأة" حيث أرسلت خطاباً إلى الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية والدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى للرد حول ما تناقلته بعض من وسائل الإعلام من دعوة الجبهة السلفية بسرعة مناقشة قانون جديد لتشكيل المجلس القومى للمرأة، ونقل تبعيته إلى مجلس الشورى. هجوم إخوانى كانت جماعة الإخوان المسلمين قد شنت هجوما شرسا على وثيقة مركز المرأة للأمم المتحدة الخاصة أثناء مناقشتها وقبل عودة السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة من نيو يورك حيث أصدرت الجماعة بيانا أكدت فيه أن الوثيقة تسعى لهدم الأسرة المسلمة.. موضحة أن عنوان الوثيقة "إلغاء ومنع كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات"، ما هو إلا عنوان خادع يتضمن بنودًا تتصادم مع مبادئ الإسلام وثوابته المقررة بالقرآن والسنة والإجماع. وأوضحت الجماعة ضرورة إدانة ما تتضمنه الوثيقة من بنود تمنح الفتاة كل الحرية الجنسية، وحرية اختيار جنسها وكذلك حرية اختيار جنس الشريك، إضافة إلى رفع سن الزواج، وتوفير وسائل منع الحمل للمراهقات، ومساواة الزانية بالزوجة، ومساواة أبناء الزنا بالأبناء الشرعيين. وأضاف البيان.. من بين البنود التي تشكل تهديدا للأسرة فى الوثيقة بند إعطاء الزوجة كل الحق في أن تشتكي زوجها بتهمة الاغتصاب أو التحرش، وأيضا إعطاء الحق للجهات المختصة فى توقيع عقوبة على ذلك الزوج، وأكدت الجماعة أن الوثيقة تتضمن مطالبات بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وإستبدال الشراكة بالقوامة، وكذلك الاقتسام التام للأدوار داخل الأسرة بين الرجل والمرأة مثل الإنفاق ورعاية الأطفال والتساوي التام في تشريعات الزواج. وتابع البيان.. الوثيقة تتضمن إلغاء التعدد والسماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم، وسحب سلطة التطليق من الزوج ونقلها للقضاء، واقتسام كل الممتلكات بعد الطلاق، وإلغاء الاستئذان من الزوج في السفر أو العمل أو الخروج أو استخدام وسائل منع الحمل. تكذيب المجلس فى المقابل سارع المجلس القومى للمرأة بإصدار بيان يرد فيه على جماعة الإخوان قبل عودة السفيرة ميرفت التلاوى من الأممالمتحدة أوضح فيه أن الوثيقة لم تصدر بالشكل النهائي - فى ذلك الحين - حتى تتحدث الجماعة عن الأشياء التى تضمنتها الوثيقة.. وأكد أن بيان الإخوان المسلمين يتضمن عدة نقاط تظلم الدين والشريعة الإسلامية. وكذب المجلس ما ورد فى بيان الإخوان المسلمين بشأن تصادم مبادئ الإسلام مع بنود الوثيقة.. موضحا أن الوثائق التي أقرتها الأممالمتحدة تؤكد الاتفاق والتطابق بين مضمون وهدف هذه الوثائق وما جاء به الدين الإسلامي في تكريم المرأة.. وشدد علي أن وثيقة الدورة 57 للجنة المرأة بنيويورك تبحث منع العنف ضد المرأة من خلال تحسين التشريعات وتوفير الحماية وجمع الإحصاءات والبيانات، وهو ما يدعمه الدين الإسلامي الذى لا يحض على العنف ضد المرأة. موقف متشدد كان موقف حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية من الوثيقة أكثر تشددا من جماعة الإخوان المسلمين حيث أصدر بيانا رفض فيه الوثيقة وأكد أن الوثيقة تتضمن بنوداً خطيرة من شأنها تفكيك بنيان الأسرة المصرية وتمزيق نسيجها حيث تدعو لمنح الفتاة الحرية الجنسية الكاملة وحرية اختيار جنسها وحرية اختيار جنس الشريك مع رفع سن الزواج وتوفير وسائل منع الحمل للمراهقات وتدريبهن على استخدامها مع إباحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه. واكد الحزب أن القيم والمفاهيم التى تضمنتها الوثيقة لا تتناسب مع تعاليم الدين الإسلامى والثوابت الأخلاقية للشعب المصرى, موضحا أن هذه الوثيقة تهدف فى الأساس لتحطيم كيان الأسرة المسلمة المتماسك ، وإحدى هجمات الغرب لتفكيك الأمة الإسلامية من خلال تفكيك الأسرة بعدما نجحوا فى تفكيك الأمة جغرافياً وطائفياً ومذهبياً وتقسيمها الى دويلات ومذاهب وفرق متناحرة متصارعة . واعترض علاء أبو النصر الأمين العام للحزب على الوثيقة قائلا أنه لا يقبل بتلك الوثيقة إلا من يقبل بانتشار الرذائل فى المجتمع.. ووصفها بالوثيقة السافرة. لم يتوقف الأمر عند بيان الحزب حول الوثيقة بل تطرق للهجوم الشخصى على السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة حيث وصفتها صفحة الحزب على موقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك" ب"الماسونية" وأنها عدوة الإسلام،وأنها تخطط لمنع خطب الجمعة من المساجد، وأنها القائد الفعلى لحملة التعدي على مشايخ المساجد.. كما أكد الحزب أن ابنة "التلاوى" تعمل بالأممالمتحدة ومتزوجة من يهودي إسرائيلي، وأنها المحرك والممول الرئيسي لوسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام والبرامج التليفزيونية لتنفيذ اتفاقيتى "السيداو" و"بكين". تبعية المجلس بدأ موقف حزب النور من وثيقة المرأة بإعلان يونس مخيون رئيس الحزب رفضه للوثيقة على صفحته بموقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك" حيث قال أن الشريعة الإسلامية أنصفت المرأة ، وبالتالى لسنا في حاجة إلى مواثيق بشرية يحاول الغرب من خلالها أن يجرنا إلى مشكلات وأزمات غير موجودة في مجتمعنا.. مضيف.. نرفض أن تمثل المرأة المصرية منظمات مشبوهة كانت تعمل تحت رعاية زوجة المخلوع وتستفيد من هذا التمثيل والتواصل الدولي ولا تمثل المرأة المصرية الأصيلة من قريب أو بعيد. وأتبع الحزب رفض رئيسه ببيان رسمي تطرق فيه إلى كافة الوثائق التي صدرت من الأممالمتحدة وتخص المرأة حيث ذكر إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" عام 1979موضحا أن مصر إنضمت لها بعد أن تحفظت على المادتين (2 و16) وأن مصرلا تلتزم بما جاء فيهما إلا بما يوافق أحكام الشريعة الإسلامية. ورأى الحزب أن وثيقة مركز المرأة بالأممالمتحدة الأخيرة التى جاءت بعنوان "إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات" ما هى إلا دعوة لسحب تحفظات بعض الدول على اتفاقيتى "سيداو" و"بكين".. مشيرا إلى إلى الطلب الذى تقدم به الوفد المصري للأمم المتحدة والذى تضمن ضرورة مراعاة عادات وتقاليد كل دولة عند التطبيق ولكنه وصفه فى الوقت ذاته بأنه تحفظ ضعيف شكلاً ومضمونًا مقارنة بالتحفظات السابقة للوفد المصرى على إتفاقية "السيداو "،ومؤتمر "بكين ". وطرح الحزب عدة تساؤلات تشكك فى المجلس القومى للمرأة حيث تساءل.. لماذا تم تمرير موقف المجلس القومى للمرأة الخاص بمطالباته بسحب التحفظات على وثيقة ال"سيداو" سابقا رغم أنه تابع لرئاسة الجمهورية؟!،وكيف عُهد لرئيسة المجلس بأن تكون الرئيسة الفعلية لوفد مصر واكتفاء رئيسة الوفد الدكتورة "باكينام الشرقاوي" بإلقاء الكلمة الافتتاحية؟!،ولماذا لم تكمل الدكتورة "باكينام" المهمة؟! وإذا كانت مشغولة؛ فلماذا لم يتم إختيار غيرها؟! وهل انقطعت الصلة بينها وبين الوفد بعد رجوعها مصر؟". وشكك فى دستورية التوقيع على الوثيقة وتساءل عن الشخصية التى وقعت نيابة عن رئيس الجمهورية مؤكدا الحزب أن الموافقة على الإتفاقيات حق أصيل لرئيس الجمهورية بنص المادة (145) من الدستور.. وطالب الحزب بإجراء تحقيق عاجل في التساؤلات التى طرحها حول توقيع الإتفاقية والتشكيك فى المجلس القومى للمرأة وضرورة التصويت على هذه الإتفاقية بالرفض عند عرضها على الجمعية العامة للأمم المتحدة،والتقدم بطلب إعادة مناقشة الإتفاقية الأصلية وما لحق بها من وثائق للمناقشة في الأممالمتحدة إستناد إلى المادة (26) من اتفاقية "السيداو".. وطالب الحزب مجلس الشورى بسرعة مناقشة قانون جديد لتشكيل المجلس القومي للمرأة ونقل تبعيته لمجلس الشورى. افتراء وكذب وأمام هذا الهجوم على الوثيقة وعلى شخصها عقدت ميرفت التلاوى مؤتمرا صحفيا لم يستغرق أكثر من 25دقيقة أكدت فيه أن لجنة وضع المرأة بالأممالمتحدة في جلستها السابعة والخمسين دارت حول "العنف ضد المرأة"، لم تتطرق إلى أي قضايا الأحوال الشخصية من زواج ، وطلاق، وميراث وإنما ركزت على قضايا العنف المستعصية كالاغتصاب، وهتك العرض، والقتل ،وجرائم الشرف ،والختان والتحرش بأنواعه والعنف المنزلي كزنا المحارم، وزواج الأطفال. وأكدت أن الوفد المصرى اعترض على بعض بنود الوثيقة التى تتعارض مع قيم المصريين وعاداتهم مثل موضوع الإجهاض ،واختيار نوع الجنس ونشر استخدام وسائل منع الحمل بين الفتيات والعنف الممارس من الصديق الحميم في العلاقة غير الزوجية وأن الوفد نجح بالفعل في تحقيق توافق بين آراء المجتمع الدولي حيث تنازلت الدول المتقدمة عن كثير من النقاط الأساسية محل الخلاف، لتخرج الوثيقة النهائية بإجماع الآراء واعتبرت التلاوى هذا النجاح نوع من المكسب لمصر. وردت التلاوى على بيان جماعة الإخوان المسلمين حيث وصفت ما ورد فيه ب"الافتراء" وأكدت أن المعلومات التى وردت فيه ليس لها أساس من الصحة وأن البيان صدر أثناء المناقشات وقبل إصدار الوثيقة النهائية.. موضحة أن التزام مصر بالوثائق الدولية هو التزام أدبى وليس إجبارى وغير مصحوب بعقوبة قانونية، وأن مضمون الوثيقة يخضع لسيادة الدولة وقوانينها وتشريعاتها. وأكدت أنه لا يوجد نص واحد فى الوثيقة يتعارض مع الدين أوأخلاق وثقافة الشعب المصرى ، مضيفة "لا نفهم سبب إعتراض جماعة الإخوان المسلمين على وثيقة تدعو إلى نبذ العنف ضد المرأة». وأوضحت التلاوى أنها واجهت حملة شرسة مدبرة ضد الوثيقة من قبل جماعة الإخوان المسلمين وعدد من التيارات الدينية، مشيرة إلى أن بيان الجماعة المنتقد للوثيقة صدر يوم 13 مارس الجارى قبل صدور الوثيقة نفسها والتى صدرت بشكل رسمى يوم 19 مارس ولم يصدر منها سوى النسخة الإنجليزية فقط. وأضافت التلاوى أن الهجوم الشرس من الإخوان على وثيقة تدعو إلى رفض العنف ضد النساء يروج لصورة سيئة عن الدين الإسلامى، وتظهره كأنه يؤيد استمرار العنف ضد المرأة ووأدها، وتساءلت.. منذ متى تضرب المرأة ب"القلم" على وجهها مثلما رأينا أمام مكتب الإرشاد فى المقطم؟.. مشيرة إلى أن الرجل المصري كان يحترم المرأة ويعتبرها خطا أحمر فماذا جرى لأخلاقنا؟ وإذا كانت الوثيقة لا تروق للإخوان فماذا سيفعلون لوقف العنف الواقع ضد المرأة والرجل؟. وردت التلاوى على اتهام حزب البناء والتنمية لها بأنها "ماسونية وعدوة للإسلام" قائلة "كلام رخيص، وهارفع عليهم قضية وهاقفلهم الحزب، والعيب على من أعطاهم ترخيصا ليصبحوا حزبا". لم تتوقف السفيرة ميرفت التلاوى عند هذا الحد وإنما أرسلت خطاباً إلى الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية والدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى للرد حول ما تناقلته بعض من وسائل الإعلام من دعوة الجبهة السلفية بسرعة مناقشة قانون جديد لتشكيل المجلس القومى للمرأة، ونقل تبعيته إلى مجلس الشورى.