رواية " رغم الفراق " للكاتبة نور عبد المجيد التي صدرت عن مكتبة الدار العربية للكتاب عام 2010 ونشر منها أربع طبعات، تم تحويلها إلى مسلسل تليفزيوني يخرجه المخرج السوري حاتم علي ويكتب له السيناريو والحوار الكاتب والسيناريست بشير الديك، وهو من بطولة زينة وباسم السمرة ومحمود عبد المغني، وسيتم تصوير معظم مشاهد المسلسل في إنجلترا، وهو من إنتاج عادل المغربي ومحمود بركة. والرواية تنتمى إلى الكتابة النسوية العربية ، ورغم تصنيفها ذلك فإنها تنجو من كل فخاخ الكتابة النسوية ، فلم تتكئ على تيمة الجسد ، ولم تتعامل مع المرأة باعتبارها كائنًا مهمشًا أو مهضوم الحق ، بل وضعت بطلاتها النساء في موقف الند مع الرجل ، كذلك لم تقع في فخ النواح والبكاء على البكارة الإنسانية التي دنسها الرجل ، بل إن الجميع في الرواية شخصيات حية ونابضة وفاعلة ومتفاعلة في ومع محيطها ، هي أخذت من الكتابة النسوية خصوصية القضايا التي عالجتها واللغة الحساسة الشفيفة التي تكنز الكثير من المعاني في أقل المفردات عددًا . ومنذ الإهداء تدخل الرواية إلى عالمها الواسع الخصيب ، ولعلها من المرات النادرة التي نرى فيها رواية تصدَّر بإهدائين يشكلان البوابة الأولى لفهم عالمها الإنساني ، حيث تقول في الأول : إلى أخي وصديقي الوحيد .. إلى قطعة من قلبي وروحي .. إلى من أشعر دومًا أنني أمه رغم أنني لم ألده ، وأنه أبي رغم صغر سنه .. إلى من أمسكت القلم كتبت وطبعت ونشرت لأنه وحده أراد لي تحقيق الحلم .. إلى من كان معي وأنا في الظلام ، ويوم أصبحت في دائرة الضوء ابتعد وتركني .. إلى من علمني فراقه أن الفراق ليس أبدًا نهاية الحب والصداقة .. من علمني أن الحب يصبح أكبر ، وأن اللقاء يستمر رغم الفراق .. إلى صديقي رفيق القلم والحلم .. إلى هاني عبد المجيد . ومن هذا العالم الواسع عالم الإخوة والصداقة ورفقة الحلم ، تدخل بنا الرواية إلى الإهداء الثاني ، في محاولة منها للسيطرة على عالمها ، بإهداء العمل إلى نور وكريم : نور ، الرجل الصغير الذي علمني أن أفتح عيني كل صباح وأنا أبتسم لأنني أعلم أن في أيامي رجلًا لن يخذلني أبدًا ، وكريم ، الرائع الذي كلما أقض الأرق مضجعي ألجأ إلى ذراعيه لأغفو وأنام في هدوء كالأطفال . وهكذا تحاول الرواية فهم عالمها والسيطرة عليه ، بالكتابة عنه ، لأنها تؤمن أن النفس الإنسانية دائمًا واحدة و عندما أحدثك عن نفسي ، فأنا أحدثك عن نفسك، ومن هنا تطرح الرواية كل الأسئلة البسيطة والبديهية التي نظن أننا عرفنا إجاباتها بخبراتنا وسعينا في الحياة ، رغم أننا لم نصل إلى أية إجابة ، وليس هناك إجابة نهائية وقاطعة أبدًا في مسيرة الحياة ، بل كلها محاولات وسعي للوصول إلى الراحة وإلى الحلم المستحيل : السعادة . وفي سبيلها قد نرتكب الأخطاء ، ونضل الطريق ، نظن أننا اقتربنا وإذا بنا أبعد ما نكون عما نحلم به ، وفي لمسة سريعة وضربة قوية موفقة تضعنا الرواية أمام مآزقها الكثيرة والمتعددة والمتراكمة ، أمام المشاعر الإنسانية المتناقضة وإن اقتربت ، والمتآلفة وإن ابتعدت ، فالروح لها قانونها الخاص الذي لا يمكن القياس عليه ، كل روح متفردة في عالمها ، لا يشبهها شيء ، ولا تشبه شيئًا ، لا يقاس عليها شيء وتقاس بنفسها ، ولا أحد منا يستطيع أن يعرف بالتحديد أين تكمن سعادته تقول الرواية : أومن أن هناك رجالًا ونساءً يقتسمون بيتًا واحدًا ووعاءً واحدًا وفراشًا واحدًَا لكنهم أبدًا لا يلتقون. وأومن أن هناك لقاءات وأحاديث نجوى وأسرارًا تبدأ ولا تنتهي بين رجال ونساء ، كل منهم في قارة بعيدة ، أومن أن هناك مشاعر تشتعل وتحيا وتثمر خيرًا وعطاءً بعد الفراق ، أومن أن قلوبنا رغم الفراق بالحب تحيا ، وأومن أنه بالعقل وحده يشقى الإنسان. تحفل الرواية بالعديد من الثنائيات التي تحكم حياتنا وكأنها قدرنا الذي لا فكاك منه ، فبجانب ثنائية العقل والمشاعر هناك ثنائية الحنان والقسوة ، البناء والهدم فالمشاعر الإيجابية بناء ، ونقيضها المشاعر السلبية هي التي تهدم ، وثنائية الحب والزواج ، الفشل والنجاح تغتني عوالم الرواية بصراع من نوع خاص يغلف كل أحداثها ، وهو ما فرض على السرد أن يختار العديد من التقنيات ، مثل السرد المستقيم ، والرسائل والاتصال الهاتفي ، الوصف والحوار ، اللغة الفصحى ، المخلوطة بالعامية ، في لحظات الثورة التي لا تحتمل تزويق اللغة أو اللجوء إلى البلاغة الطنانة ، تتتقشف اللغة في بعض المواقف لتصل إلى حدودها الدنيا ، الإخبار فقط ، حيث المشاعر الصادقة تضيق عن وصفها العبارات ، وتتجلى اللغة في أحيان أخرى لتصل إلى غاية الدقة في وصف المواقف والمشاعر الداخلية لأبطال العمل ، استفادت الروائية كثيرًا من كتابتها للشعر من ناحية ، ومن عملها الصحفي في أحيان أخرى ، وهي قبل ذلك وبعده دارسة لعلم النفس دراسة منهجية ، خبرت النفس الإنسانية في حالي الصحة والمرض ، عرفت أن الفرق بين العقل والجنون لحظة من المشاعر المتفجرة . يبقى أن نور عبد المجيد ، شاعرة وروائية سعودية، حاصلة على الجنسية المصرية وحاصلة على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية من جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية ودبلومًا في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس بالقاهرة ، وعملت في الصحافة حيث شغلت منصب مسئول تحرير مجلة «مدى» السعودية لمدة عامين ، ومنصب مساعد رئيس تحرير مجلة «روتانا» لمدة عام واحد ، ولها الآن عمود ثابت في مجلة كل الناس الأسبوعية ، وصدر لها من قبل ديوان شعري بعنوان: «وعادت سندريللا حافية القدمين» ، ورواية نساء ولكن» و رواية : «أريد رجلًا» . وقد أصدرت الدار المصرية اللبنانية لها ثلاث روايات أخرى هى " أحلام ممنوعة 2011 " ، " أنا شهيرة 2013 "، و " أنا الخائن 2013 ".