سلطت وسائل الإعلام الفرنسية والمصرية، الضوء على الزيارة المرتقبة في نهاية الشهر الجاري للرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون، إلى مصر ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسي. ووصل وفد فرنسي، إلى القاهرة للإعداد لزيارة ماكرون، الذي سيعقد قمة مع الرئيس السيسي، تستغرق 3 أيام من 27 إلى 29 يناير الجاري، وستكون ذات دلالات وأبعاد هامة، خاصة مع تغيرات تشهدها المنطقة العربية خلال الفترة الأخيرة. وبحث الوفد الفرنسي، الإعداد لزيارة ماكرون للقاهرة، وكذلك خط سيره وتحركاته واللقاءات التي سوف يجريها خلال زيارته، كما أشار السفير الفرنسى بالقاهرة، ستيفان روماتييه، إلى أنه هناك استعدادات مكثفة لدى جميع الجهات الفرنسية في مصر لزيارة الرئيس الفرنسى ، مضيفًا: "أن أهم الملفات التي ستشملها الزيارة، يأتي على رأسها الملف الاقتصادي ومناقشة ضخ استثمارات فرنسية جديدة في مصر، كما سيتم تناول الشأن الدولي والإقليمي". وقالت شبكة "فرانس 24"، إن التعاون الاقتصادى الفرنسى المصرى سوف يتلقى دفعة إضافية عندما يصل ماكرون إلى مصر يوم 27 يناير، حيث من المتوقع أن تشهد زيارة الرئيس الفرنسى توقيع اتفاقيات جديدة. ويجرى أيضًا وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، برونو لو مير، زيارة إلى مصر، للتحضير لزيارة ماكرون، وطلب عقد اجتماعات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وعدد من الوزارء المصريين. ومن المقرر أن يلتقى لو مير، مع مديرى الشركات الفرنسية العاملة في مصر، لمناقشة نقل خبراتها الاستثمارية للقيادة المصرية، بالإضافة إلى خططها التوسعية والتحديات التى تواجهها فى السوق المحلية. وقال المستشار بوزارة الدفاع الفرنسية، رولان جاكارد، إن مصر وفرنسا تجمعهما مصالح مشتركة ترتكز على مكافحة الإرهاب التي تمثل أولوية قصوى للرئيسين المصري والفرنسي، وأشار في إطار الترحيب الإعلامي بالزيارة، إلى أنه بخلاف مكافحة الإرهاب تتوافق رؤية كل من مصر وفرنسا في العديد من الملفات الدبلوماسية المتعلقة بأمن واستقرار الشرق الأوسط، مؤكدًا أنه في هذا الإطار من الطبيعي أن يكون هناك تقارب كبير بين البلدين. ونشرت مجلة "بيور بيبول" الفرنسية، تقريرًا يتحدث عن زيارة ماكرون للقاهرة، ويشير التقرير إلى أن بريجيت ماكرون، سترافق زوجها الرئيس الفرنسي لتباشر مهامها كسيدة فرنسا الأولى، وستعقد عدة لقاءات خلال تواجدها فى مصر وسيصطحبها ماكرون في باقي جولته بالمنطقة، والتي تمتد من يناير إلى فبراير حيث سيزور أيضًا لبنان والعراق. ويرافق الرئيس ماكرون، وفد كبير من رجال الأعمال الفرنسيين وكبرى الشركات الفرنسية فى مجالات الطاقة والكهرباء والبنية التحتية، لتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الجانب المصرى فى مختلف المجالات، حيث تنظم غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالقاهرة منتدى استثمارى مشترك، بحضور عدد من الوزراء ولفيف من رجال الأعمال من مصر وفرنسا. وقال رئيس جمعية "مصر فرنسا"، خالد شقير، إن الزيارة المرتقبة تحمل دلالات مهمة، حيث إنها تركز على الملف الليبي، في ظل رغبة باريس في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على خلاف الرغبة الإيطالية، مع مساعي الطرفين للحصول على دعم دول الجوار إلى رؤيتها لحل الأزمة. وأشار شقير، إلى أن الزيارة ستطرق أيضًا إلى الملف السوري، في ظل التطورات التي شهدتها عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، وسيتم مناقشة الدور المصري في هذا الملف، الذي يعد واضحًا من خلال زيارة مسئولين أمنيين سوريين إلى القاهرة، ومحاولات عربية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق. وبالنسبة للجانب الاقتصادي، قال شقير إن القمة ستطرق إلى تجربة الإصلاح الاقتصادي في مصر، والتي حققت نجاحات عديدة خلال السنوات القليلة الماضية، وأشادت بها المؤسسات الفرنسية، وهو ما تستغله مصر لجذب استثمارات فرنسية إلى السوق المحلية. وتأتي زيارة الرئيس ماكرون، في ظل أجواء ساخنة يشهدها الداخل الفرنسي، وخاصًة فيما يتعلق بالغضب تجاه ارتفاع الأسعار، بعدما بدأت الحكومة تنفيذ إصلاحات اقتصادية مشابهة لتلك التي أجرتها مصر، خاصة ما يتعلق برفع الدعم عن المحروقات. ودخلت العلاقات المصرية الفرنسية مرحلة جديدة في كافة المجالات منذ تولى الرئيس السيسي حكم البلاد، وهي دلالة أخرى على أهمية زيارة ماكرون، انتهت بإعلان العام 2019 "عام الثقافة المصرية الفرنسية المشتركة". كما شهدت العلاقات المصرية الفرنسية تطورات كثيرة انعكست بتوقيع عدد من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية، ودعم الأسطول العسكري المصري بأحدث القطع البحرية والجوية، ودفع حجم الاستثمارات بين البلدين، لذلك توقع الخبراء أن تجرى توقيع اتفاقيات عسكرية وأمنية بين البلدين خلال الزيارة. وأبرمت مصر وفرنسا عدة صفقات عسكرية من بينها صفقة لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال"، بالإضافة إلى 4 سفن حربية من طراز "جويند"، والتي تصنعها شركة "دي.سي.إن.إس" التي تصنع "ميسترال"، حيث تسعى مصر إلى تعزيز قوتها العسكرية حتى تتصدى للإرهابيين في شبه جزيرة سيناء. ويأتي اللقاء المرتقب بين ماكرون والسيسي في توقيت مهم، في ضوء متغيرات عدة يشهدها الاتحاد الأوروبي، من بينها دعوات التفكك، وتوتر الوضع الداخلي في فرنسا بعد احتجاجات حركة "السترات الصفراء" المناهضة لماكرون. وتعتبر أبرز الملفات التي تحظي باهتمام الطرفين في تلك الفترة، هي مكافحة الإرهاب إقليميًا ودوليًا، ودعم التعاون الاستخباراتي بين البلدين، وبحث وضع المطلوبين أمنيًا سواء من فرنسا أو مصر، كما أن التعاون العسكري بين البلدين يحظى بأولوية كبيرة في ظل سعي مصر تكثيف تسلحها مؤخرًا، بما يمثل ضمان استقرار المنطقة ضد أي تدخلات عدائية. ويعد هذا اللقاء أيضًا للاحتفال بمرور أكثر من 200 عام على العلاقات المصرية الفرنسية، وهى علاقات راسخة، كما يبلغ حجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر 4.5 مليار يورو من خلال 162 شركة يعمل بها 33 ألف عامل، كما يبلغ حجم التبادل التجارى 2.7 مليار يورو. من جانبه أشار المهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، إلى أن حجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر بلغت 4.5 مليار يورو حتى عام 2017، وذلك فى عدد من القطاعات الصناعية، التى تضمنت الصناعات الغذائية والكيماويات ومواد البناء، وصناعات السيارات، والأدوية. وقال ، إن الحكومة حريصة على جذب المزيد من الاستثمارات الفرنسية إلى السوق المصري للاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة وموقع مصر المتميز كمحور استراتيجى لانطلاق منتجات الشركات الفرنسية إلى أسواق الدول العربية والإفريقية، مشيرًا إلى أهمية تعظيم الاستفادة من العلاقات الوطيدة بين القطاع الخاص فى البلدين لإقامة شراكات تسهم فى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي المشترك بين الجانبين ليس فى السوق المصرى فقط وإنما في الأسواق الافريقية أيضًا. وأكد أن الصادرات المصرية لفرنسا بلغت 557 مليون يورو مقابل 471 مليون يورو خلال عام 2016، وذلك بنسبة زيادة بلغت 15.4%، كما سجلت الواردات المصرية للسوق الفرنسى انخفاضاً، حيث بلغت 1.5 مليون يورو مقابل 1.8 يورو خلال عام 2016 بنسبة انخفاض 15%. ووفقًا لبيانات السفارة الفرنسية بالقاهرة، فإن هناك ما يزيد على 160 شركة فرنسية متواجدة فى السوق المصري، بزيادة حوالي 12% على العام الماضي، وتوفر حوالي 40 ألف فرصة عمل للمصريين. وفي عام 2012، وصل عدد الشركات الفرنسية بمصر إلى 120 شركة، باستثمارات 2.4 مليار دولار تعمل في قطاعات مختلفة، وعلى رأسها البنوك والزراعة. وتزايدت الاستثمارات الفرنسية في مصر عام 2013، لتحقق نحو 3 مليارات يورو، لتحتل مصر ثالث وجهة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاستثمارات الفرنسية المباشرة بعد المغرب وتركيا، وارتفع عدد الشركات الفرنسية في السوق المصري لنحو 140 شركة، وتوظف حوالي 33 ألف شخص فى الوقت الراهن. وتتوزع الاستثمارات الفرنسية في مصر على عدة قطاعات أهمها قطاع الصناعة، الذي يستحوذ على نسبة 66% من الاستثمارات الفرنسية في مصر، يليه قطاع البنوك بنسبة 17% وقطاع الخدمات بنسبة 9% وقطاع السياحة بنسبة 2%.. وفي عام 2015، شهد الاستثمار الفرنسي في مصر تدفقًا بمقدار 250 مليون يورو، ليبلغ حجم الاستثمارات نحو 3.5 مليار يورو، ووصل الحضور الاقتصادي الفرنسي في مصر المتمثل في 160 فرعًا لمنشآت فرنسية توظف أكثر من30 ألف شخص، في الصناعة الزراعية، والمعدات الكهربائية والأدوية والتوزيع واستغلال النفط والغاز والسياحة والبنية التحتية. وارتفعت الاستثمارات الفرنسية في مصر، في عام 2016، بقيمة 100 مليون يورو ، ليبلغ حجم استثماراتها بمقدر 3.6 مليار دولار، ليصل عدد المستثمرين الفرنسيين في مصر 160 مستثمرًا بمختلف القطاعات الاقتصادية، حتى وصلت العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى القوة التي هي عليها الآن. وتعد العلاقات بين مصر وفرنسا تاريخية، وتشهد تطورات إيجابية على المستويين البرلماني والسياسي، ويدل على ذلك زيارات الوفود البرلمانية والسياسية بين البلدين، والتنسيق تجاه كافة القضايا محل الاهتمام المشترك في المحافل الإقليمية والدولية التي تجمع بينهما.