أكد الدكتور يحيى الرخاوي طبيب بدرجة أديب، وعالم نفس بدرجة شاعر أن قوّة اللغة العربية، وإيقاعها الأعمق،علاقة ضمائرها بتحديد العلاقة بالموضوع تحديدا متميزا كان دائما محركا ومنظّما لتكوين فكري وقال الرخاوى :" بالطبع لا.. لا يوجد شخص يعرف نفسه، لا أنا ولا أنت ولا أي شخص آخر نحن نعرف ما يظهر لنا فقط، وأحياناً ما يظهر للناس ونحن في سعي مستمر لمعرفة أنفسنا ، أحسب أن علاقتى بالإسلام ليست علاقة تقليدية بمعنى أنه معتقد فكري أو ممارسة عبادات، وأظن أن تأثري بالإسلام، فيما يتعلق بمسار حياتي العلمية والمهنية يدور حول ثلاثة محاور: التوحيد، والفطرة – التي هي أبدا ليست مرادفة للبدائية - والغيب. وأعتقد أن التوحيد مرتبط بشكل ما بمنشأ الفكرة المحورية الضامة للأفكار الدائرة في محيطها. تركز ذلك في دراستي للسيكوباثولوجى، عن الفصام خاصة وفي النظرية التطورية الإيقاعية، وكذا بالاقتراب من الظواهر؛ كل ما يتعلّق بالمراجعات المنهجية، وما يتعلق بذلك من ارتباط بالمنهج الفينومينولوجي؛ وربما من الفطرة زاد ارتباطي بالإيقاع الحيوي ونبض التكوين البشري مع نبض الطبيعة، ومن ثمّ استحالة التكامل البشري، في أعلى مراتب الصحّة النفسية منفصلا عن التكامل الجدلي مع الطبيعة. فإذا أضفنا إلى ذلك تأكيد الإسلام على ضرورة اليقين بال "ما بعد" (الغيب) فإننى أحسب أن رفضي لليقين الحسّي كمفسّر مطلق للسلوك البشري كان متصلا بهذا البعد أيضا بشكل أو بآخر. ثم إن انتمائي للإسلام بمعنى الممارسة الشعبية، والجو الأسري قد أتاح لى فرصة خاصّة في طفولتي للاحتكاك بخبرات التصوف شعبية وعائلية، جماعيّة وفردية، سطحية وغائرة. ويبدو أن التصوف كسبيل إلى المعرفة قد أثّر أيضا في موقفي من المنهج. ". وفيما يتعلق بتأثير البيئة الإيقاعية بالنسبة لشخص الكاتب والطبيب النفسي ذكر قائلا :" قد يكون هذا التأثير غير واضح من حيث المبدأ، إلا أننى رجّحت أن طفولتي التي ارتبطت بتوقيت طلوع الشمس وغروبها، كما ارتبطت عباداتي برؤية مباشرة بحركة الشمس، طول النهار إلى الليل حتى الفجر، بما واكب ذلك من توقيت بمواعيد الزراعات، وأحسب أن كل ذلك لم يدعني أستسلم لتشكيل الوقت من خارج علاقتى بالطبيعة، وبالتالى بتشكيل مفروض على الفطرةكما هو الحال في البلاد المظلمة والغائمة والباردة التى استوردنا منها طبّنا النفسي الحديث. والفرض الأرجح هنا يقول: إن كل ذلك قد يكون الأرضية التي انبعث منها انتباهي إلى دوريّة المرض النفسي، حتى اعتبرت إلغاء أو تجاوز هذه الدورة في الصحة والمرض من باب التشويه اللاحق للإنسان، وقد صاغت هذه الدورية (والنوابية) والإيقاع كل فكري بعد ذلك في الطب النفسي حتى أصبح الإيقاع الحيوي وعلاقته بدورات الطبيعة، ودورات المرض، ودورات النمو هو الفكر المحوري لمساري العلمي والإبداعي عامّة. (وكالة الصحافة العربية)". علما بأن الدكتور يحيى الرخاوي ينتمي إلى سلالة من الشخصيات الفذة التي تجمع بين العلم والأدب، تلمح في كتاباته فهماً عميقاً للنفس الإنسانية وتعاطفاً بالغاً مع النقص البشرى، كتب القصة القصيرة والرواية والقصيدة وأدب الرحلات مستعيناً بأدوات علم النفس، ويتعامل مع مرضاه في العيادات النفسية بأدوات المبدع الذي يبحث عن أسرار الذات أول.