تسبب الازدحام الشديد وقلة وجود الجراجات والساحات الرسمية التابعة للأحياء لركن السيارات بها إلى انتشار ظاهرة السياس الذين يقومون باستقطاع أجزاء من الشوارع وفرض رسوم على مالكى السيارات. ولا يكاد يخلو شارع من هذه الظاهرة حتى الشارع الواحد تجده مقسم إلى أكثر من منطقة نفوذ تخضع كل منها لسيطرة أحد الأشخاص ولا يستطيع المواطن أن يستخدم هذه الأماكن دون أذنه وإرضائه وإلا أصبحت سيارته خارج نطاق الحماية و معرضة لعمليات الانتقام فقد تكتشف كسر زجاج السيارة، أو ثقب الكاوتش، أو تجريح الصاج وفى الوقت الذى يصف فيه المواطن هذه العملية بالبلطجة ترى هذه الفئة من الناس أنها ضحية التهميش والبطالة وصعوبة الحصول على لقمة العيش وما بين هذا وذاك أقرت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب مؤخرا مشروع قانون يقنن أوضاع منادي وسايس السيارات. "الموجز" قامت بجولة استطلعت خلالها آراء السياس فى هذا القانون ومدى درايتهم به واستعدادهم للتعامل معه وقد رصدنا حالة الخوف والفزع التى تنتابهم بمجرد الإقتراب منهم ورفض معظمهم فى البداية للحديث أو التصوير باعتبار أغلبهم مخالفين للقانون. فى البداية التقينا حمادة رفعت أمام جراج العتبة الذى قال:" أنا أعرف كيف ينظر لنا الناس فهم يرونا بلطجية نستولى على الشارع الذى هو فى الأساس ملك لكل المواطنين ولكننا لسنا جميعا كذلك وبعضنا دفعته الظروف إلى الشارع بحثا عن لقمة العيش بعد أن عجز عن إيجاد فرصة عمل فأنا حاصل على دبلوم زراعة قسم استصلاح أراضى ولكن جلست سنوات دون عمل حتى رزقنى الله بهذا المكان وهو مساحة صغيرة بالكاد تكفى لركن 6 سيارات لا أكثر وهى المساحة المسموحة لى فى هذه المنطقة لأن هناك ثلاثة غيرى فى هذا الميدان ". وأضاف :" لولا هذا العمل لا أعرف كيف سأعيش فأنا متزوج وعندى ولد وزوجتى حامل والدولة رفعت يدها عن توظيف الشباب فمن سيصرف على بيتى إذا طردت من هذا المكان وقد سمعت أن هناك قانون أصدره مجلس النواب بخصوصنا ولا أعرف هل سيكون هذا القانون فى صالحنا أم ضدنا وهل انتهت كل مشاكل مصر حتى يتفرغ المجلس لنا وأين كان ونحن جالسون على المقاهى وفى الشوارع بلا عمل أم أنهم يستكثرون علينا لقمة العيش المغموسة بالإهانة فالناس تعاملنا بغاية السوء ويشتمونا مقابل ال 5 جنيهات التى يدفعوها لركن السيارة وأقول للحكومة وفرى لى فرصة عمل وأنا أترك الشارع فورا فلا أحد يرغب فى الذل والإهانة." وفى شارع على الكسار وقف محمود على يتابع حركة السيارت يترقب زبون يرغب فى ركنه لسيارته وقال:" أنا أعمل هنا مكان والدى الذى يأتى فى الفترة المسائية وأتولى أنا الفترة الصباحية وأنا أصلا براد لحام وحينما ضاق بى الحال عملت فى هذا العمل ووالدى ينفق على أسرتنا منه وهذه لقمة عيشنا ولا نستحى منها وهى مهمة جدا للمواطن وتتطلب الأمانة لأن مالك السيارة يأتمنه على مفتاح سيارته بمحتوياتها , ولذلك أصبح في كل شارع سايس متعارف عليه وسط أهله". وأضاف: " القسم فى المنطقة هو المسئول عنا ونحن نلتزم بتعليماتهم تجنبا للمشاكل فأى أمين شرطة بيتحكم فينا ويعملولنا قضايا سايس بدون ترخيص ب500 جنيه ووقفة الشارع مش سهلة ولها متاعب كتير ونفسنا نرتاح منها". وأضاف محمود: " سمعت والدى يتحدث عن القانون الجديد الذى أصدرته الدولة للسياس ونحن لا نرفضه إذا كان سيوفر لنا لقمة العيش ويحمينا من التعرض للمضايقات من أصحاب النفوذ والمفروض أن تقدر مصاريف الرخصة حسب المكان والمساحة وعدد السيارات حتى تتحقق العدالة". وقال أحمد مدكور مدير أحد الجراجات ببولاق: "المهنة مهمشة وليست معترف بها وأنا أعمل بها منذ 13 سنة ورغم أنى أعمل بجراج إلا أنى أشعر أن الناس تنظر للمهنة باستحقار مع أن مهنتنا تتطلب الأمانة الشديدة ونحن كالمرشد السياحى نتعامل مع كل فئات المجتمع وكل المستويات ونعمل من 6 صباحا حتى 12 مساء وهناك جراجات ثانية تعمل 24 ساعة . ومرتب العامل بالجراج 1000 جنيه ويمكن له تحصيل 500 جنيه أخرى من خلال غسيل السيارات وهذا المبلغ لم يعد يكف لحياة إنسان الآن فى ظل ظروف غلاء المعيشة الذى يعانى منه الجميع منذ سنوات ومعظم هذه العمالة غير مرخصة و إذا طبق هذا القانون فسنضطر للإستغناء عن نسبة كبيرة منها توفيرا للنفقات فمن سيعوض هؤلاء عن لقمة عيشهم". وأضاف مدكور:" أرى أن هذا القانون الغرض منه تحصيل الرسوم فقط أما إذا كان بغرض تحقيق الأمان فمهنتنا لا تقبل بالشخص الغريب ولازم العامل يكون من طرف شخص نعرفه للبعد عن المخاطرة ونطلب صورة البطاقة ونسلمها للمباحث للإبلاغ والتحرى عنه ونكتب عليه وصل أمانة ولهذا لا ينبغى أن يطبق هذا القانون على عمال الجراجات حتى لا تقطع أرزاق الناس وحتى السياس فى الشارع ينبغى أن يكون القانون لتقنين أوضاعهم وليس لقطع عيشهم فهم بشر وليسوا مجرمين وما دفعهم لهذا العمل سوى ضيق الحال وحتى إذا كان منهم بعض البلطجية فحالهم كحال أى مهنة بها الصالح والطالح ". وجدناه يتنقل بين السيارات أمام المدارس بشارع يوسف الجندى ينتظر من يغادر منها ومن يأخذ مكانها إنه طارق محمد الذى رفض الحديث فى البداية ثم قا بعد ذلك:ل " طول عمرنا منسيين فى البلد دى ودلوقتى افتكرتونا إحنا بني آدمين وعايزين ناكل عيش فنحن نهاجم من الحكومة ويأخذوننا عاطل على باطل بسبب أن هناك بلطجية يمتهنون المهنة غيرنا واحنا أرزقية غلابة رزقنا يوم بيوم ولا نشترط على سائقي السيارات الوهبة الخاصة بنا ونحن نصون العربات لأصحابها ونحرسها ونأخذ أجر مقابل ذلك". وأضاف : "نحن نعيش على كف الرحمن فلا يتوفر لنا معاشات ولا تأمينات وإذا توقفنا عن العمل لن نجد قوت يومنا وإذا أرادت الحكومة أن تضع لنا قانونا فيجب أن يوفر لنا المعاش والتأمين والوقوف بكرامة فى الشارع دون مضايقات وابتزاز من كل من هب ودب وألا يكون القانون فقط لتحصيل أموالا للدولة ". وتابع:" يجب أن تكون المبالغ المدفوعة وفقا للمكان وأن يحافظ القانون علينا فى أماكن تواجدنا ولا يقوم بتوزيعنا فى أماكن بلا عمل وأن يكون الترخيص بشفافية وبعيدا عن الوسطة والمجاملات". وكان أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب أن مشروع قانون "السايس ومنادى السيارات" الهدف منه التصدي للبلطجة المنتشرة فى الشوارع المصرية ونهب أموال المصريين مقابل ركن السيارات. وأشار إلى أن أهم مواد القانون هى إنشاء لجنة عليا بكل محافظة لإدارة وتنظيم مهنة منظم السيارات على أن يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ أو رئيس الجهاز المختص بالمجتمعات العمرانية الجديدة وذلك على النحو الذى تبينه اللائحة التنفيذية و تتضمن لوائح تنظيمية لتحديد الأماكن والأوقات التى تصلح لانتظار المركبات وبما لا يعيق الحركة المرورية وتحديد الشروط التى يجب توافرها فى المكلفين من الشركات للعمل فى هذه الأماكن, على أن تراعي اللجنة العليا التوازن بين أعداد التراخيص التى تصدرها لطالبى الترخيص وأماكن الانتظار المتاحة بالمحافظة كما تحدد رسوم التراخيص لكل منظم بما لا يجاوز ألف جنيه.وتابع حديثه: يشترط فيمن يصدر له الترخيص بمزاولة مهنة منادى السيارات ألا يقل عمره عن 21 سنة حال التقدم بطلب الترخيص و إجادته للقراءة والكتابة وأن يكون حاصل على رخصة قيادة سارية حال التقدم بطلب الترخيص و ألا يكون قد سبق الحكم عليه بحكم بات فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة وأن يكون حسن السير والسلوك , وحاصلا على شهادة صحية صادرة من الطب الشرعى أو المعامل المركزية بوزارة الصحة تفيد بخلوه من تعاطى المواد المخدرة وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها. كما شملت مواد القانون أن يتولى المرخص له تحصيل مقابل انتظار السيارات المحدد بمعرفة اللجنة المختصة طبقا للقواعد المبينة باللائحة التنفيذية وأن لا يجوز للمرخص له تحصيل مبالغ مالية من قائدى السيارات تجاوز المقابل المحدد بمعرفة اللجنة المختصة بتنظيم باحات وأماكن انتظار السيارات بالمحافظة.