صدرت دراسة جديدة للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، بعنوان (الإيسيسكو وصناعة مستقبل العالم الإسلامي) بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية في طبعة واحدة، ضمن منشورات الإيسيسكو. وتؤكد الدراسة أن تنمية دول العالم الإسلامي في الميادين التي تدخل ضمن اختصاصات الإيسيسكو، هي الأساس القوي في بناء المستقبل الذي تنتقل فيه المجموعة الإسلامية إلى المرحلة الأكثر نمواً، والأوفر ازدهاراً، والأوسع استقراراً وأمناً وسلاماً؛ موضحةً أن صناعة المستقبل تبدأ من بناء العقول التي تبدع وتبتكر، ومن بناء القدرات العالية التي توفر أمام المجتمعات الوسائل للعمل وللإنتاج وللحركة في الاتجاه الصحيح، من أجل التقدم إلى الأمام في المجالات كافة. وبذلك تكون الإيسيسكو قد أحدثت تطوراً في المفهوم العلمي للتنمية الشاملة المستدامة، وأبدعت منهجاً يعتمد في الواقع العملي معاً، من خلال العمل الدؤوب والمتواصل الذي تقوم به، في إطار رؤيتها المستقبلية، وطبقاً للتخطيط الاستراتيجي الذي تعتمده منهاجاً للعمل، ووَفقاً لخطط العمل الثلاثية المتعاقبة، التي تساهم من خلالها في صناعة مستقبل العالم الإسلامي. وأبرزت أن العمل لتحقيق التنمية التربوية والعلمية والثقافية والاتصالية في العالم الإسلامي من أجل إنجاز الأهداف التي يتضمنها ميثاق الإيسيسكو، يتطلب تضافر الجهود، وحشد الإمكانات، وتوفير الموارد، وأن الإيسيسكو تسير في هذا الاتجاه وأمامها هدفٌ استراتيجيٌّ شديدُ الأهمية، وهو صناعة مستقبل العالم الإسلامي الذي يواجه تحديات سياسية واقتصادية وتنموية وأمنية. وخلصت الدراسة إلى أن الإيسيسكو طرف فاعل في الجهود الدولية المبذولة على أكثر من صعيد، لإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية يندمج فيها العالم الإسلامي اندماجاً كلياً، بما يتوافر له من موارد متنوعة، وقدرات متعددة، وإمكانات كثيرة، وهي تشارك في تنفيذ (برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين) الذي اعتمده مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي المنعقد في مكةالمكرمة سنة 2005م، في حدود اختصاصاتها وحسب إمكاناتها. وبذلك تكون الإيسيسكو تساهم فعلاً، وعلى مستويات عدة، في صناعة مستقبل العالم الإسلامي. وأكدت الدراسة أن بناء مستقبل العالم الإسلامي تنطلق الطريق إليه من القضاء على الأمية بكل أشكالها، ومن تطوير التعليم وتجويده، ومن تحديث المناهج وتجديد المنظومة التعليمية، ومن إصلاح التعليم الجامعي وتحديثه، ومن محاربة الفساد بصورة عامة، ومن تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي، ومن نشر ثقافة العمل والإنتاج والتفكير العلمي النقدي، ومن التنافس في العطاء والإنتاج. وقد فصل الدكتور عبد العزيز التويجري القول في هذه القضايا، وقدم صورة عامة عن جهود الإيسيسكو في هذه الميادين. ولأن الأعباء أكبر من قدرات الإيسيسكو، فإن دورها الرئيس، كما قال، هو المشاركة بالتفكير العلمي، وبالمنهج العملي، وبالتنظير الواقعي، وبالتخطيط المستقبلي، وبالتوجيه العام من خلال تنفيذ خطط العمل المتتالية. وهو الأمر الذي جعل من الإيسيسكو بيتَ خبرةٍ عاليَ المستوى واسعَ الأفق. وأوضحت الدراسة أن الإيسيسكو تنظر إلى تنمية العالم الإسلامي لمواجهة تحدّيات الألفية، على أنها رسالة حضارية، ومهمة مشتركة، ومسؤولية جماعية، لا يمكن أن ينهض بها طرف دون الأطراف الأخرى المنخرطة في العمل الإسلامي المشترك، وأنّ التحدّيات الكبرى التي تواجه الأمة الإسلامية في حاضرها ومستقبلها، تستدعي تضافر الجهود على شتى المستويات، وتوظيف الطاقات والكفاءات في المجتمعات الإسلامية، لمواجهتها بالقدر اللازم من الحكمة والشجاعة والحزم والعزم والتضامن الإسلامي القويّ. وقال الدكتور التويجري في تقديمه للدراسة إن مستقبل العالم الإسلامي يُصنع في قاعات الجامعات ومراكز الدراسات والبحث والاستشراف، وتصوغه العقول المفكرة المبدعة، وتبنيه الإرادات الحية المسؤولة أمام الله سبحانه، ثم أمام ضمائرها وأمام مجتمعاتها، مضيفاً أن هذا هو المستقبل الذي تساهم الإيسيسكو في صناعته انطلاقاً من اختصاصاتها ومن المهام الحضارية الموكلة إليها وتنفيذاً للأهداف التي يتضمنها ميثاقها.