ألقى الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، كلمة في مؤتمر القمة الإسلامية الأول لمنظمة التعاون الإسلامي حول العلوم والتكنولوجيا الذي انطلقت أعماله أمس في أستانة عاصمة جمهورية كازاخستان. وأكد المدير العام للإيسيسكو في كلمته على أن هذه القمة الأولى من نوعها حول العلوم والتكنولوجيا لابد أن تكون بداية لمرحلة من العمل الإسلامي المشترك القائم على قواعد راسخة من الدراسة والتخطيط في هذه الحقول الحيوية التي هي وثيقة الصلة بالتنمية الشاملة المستدامة. ووجه نداء إلى قادة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المشاركين في القمة، لتعزيز التعاون والتنسيق والتكامل بين دولهم، من أجل أن يكون تطوير العلوم والتكنولوجيا ركناً أصيلاً في السياسات الوطنية، ومجالاً حيوياً للعمل الإسلامي المشترك، والتزاماً من الحكومات بالعمل للنهوض بالعلوم والتكنولوجيا. وذكر أن هذه القمة الأولى حول هذا الموضوع البالغ الأهمية، تأتي بعد مرور عقدين من الزمن على اعتماد مؤتمر القمة الإسلامي الثامن المنعقد في طهران سنة 1997 [إستراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار]، التي وضعتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وبعد تسع سنوات من مصادقة المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد في باكو سنة 2008، على تجديد هذه الاستراتيجية. وأكد أن الاستراتيجية الأولى من نوعها التي وضعتها الإيسيسكو في إطار العمل الإسلامي المشترك، كانت ولا تزال، هي القاعدة الأساس لهذا المشروع الحضاري الكبير حول تطوير العلوم، وتوطين التكنولوجيا، والتشجيع على الابتكار، والنهوض بالبحث العلمي على جميع المستويات، تمهيداً للولوج إلى مجتمع المعرفة، من أجل خدمة الأهداف الإنمائية للدول الأعضاء، وللإسهام في صنع الحضارة الإنسانية الجديدة. وقال الدكتور عبد العزيز التويجري إن اختيار العلوم والتكنولوجيا موضوعاً فريداً لهذه القمة الأولى لمنظمة التعاون الإسلامي، يعبر في حقيقة الأمر، عن الوعي السياسي الرشيد والعميق بالضرورات الملحة بشدة، للخروج من المرحلة الحالية حيث لا يَتَجَاوَزُ معدل الإنفاق على البحث العلمي في غالبية الدول الأعضاء السبع والخمسين، واحداً في المائة، وحيث تَتَرَاجَعُ مؤشرات إسهام العالم الإسلامي في الجهود الدولية للإنماء العلمي، وللتطور التكنولوجي، وللازدهار المعرفي على وجه العموم. واستطرد قائلاً : « إذا كانت هذه القضايا الرئيسَة هي موضع الاعتبار والاهتمام والدراسة على صعيد العمل الإسلامي المشترك الذي يدخل ضمن اختصاصات الإيسيسكو، فإن من شأن عقد مؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلامي حول العلوم والتكنولوجيا، أن يعطي دفعةً قويةً للجهود المبذولة في هذه المجالات الحيوية، مما سيعزّز من فعالية العمل الذي تنهض به الإيسيسكو، وبالتالي سيساهم في تفعيل استراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار». وأوضح أن الاستثمار بشتى أنواعه في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار باعتبارها ركيزةً أساساً لاقتصاد قائم على المعرفة وبناء المجتمعات المتقدمة، سيؤهل الأطرَ المقتدرة التي تضمن مستقبلاً زاهراً وتنمية مستدامة للدول الأعضاء. ودعا المدير العام للإيسيسكو إلى مواجهة التحديات التي تتمثل تحديداً، في تكاثر أعداد الخريجين من الشباب غير المؤهلين علمياً وتقانياً وتأهيلهم وتدريبهم، وإدماج آليات تعليمية مساندة لتطوير العلوم والتكنولوجيا في المراحل الأولى من التعليم، وجعلها أداةً أساساً لاستثمار الموارد البشرية التي باتت تشكل العنصرَ الرئيسَ للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، ولمواكبة التطورات العالمية المعاصرة والمستقبلية. وأعلن أن هذه القمة جاءت في الوقت المناسب، وهي تنعقد في فترة تَصَاعَدَت فيها التحدّيات التي تواجه العالم الإسلامي، لا تنطلق من فراغ، فإن الإنجازات العلمية التي تحققت في إطار العمل الإسلامي المشترك على تعدد قنواته، تشكل أرضية صلبة لتنفيذ خطة العمل للعلوم والتكنولوجيا التي ستعتمدها القمة. وأشار إلى أن الإيسيسكو وضعت أربع استراتيجيات علمية قطاعية، تدخل في صلب اختصاصات [استراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار]، هي : استراتيجية تطوير التقانة الأحيائية في العالم الإسلامي، التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي العاشر المنعقد في بوتراجايا بماليزيا سنة 2003، واستراتيجية تدبير الموارد المائية في العالم الإسلامي، التي اعتمدها أيضاً، مؤتمر القمة الإسلامي العاشر، واستراتيجية تطوير الطاقات المتجددة في العالم الإسلامي، التي اعتمدها المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء البيئة المنعقد في الرباط سنة 2008، واستراتيجية تطوير تكنولوجيا النانو في العالم الإسلامي، التي اعتمدها المؤتمر الإسلامي الخامس لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد في كوالالمبور سنة 2010. وأوضح المدير العام للإيسيسكو في كلمته أنه استكمالاً لهذه الاستراتيجيات وبناء عليها وإغناء لمضامينها وتمهيداً لطرق التنفيذ أمامها، شاركت الإيسيسكو مع منظمة التعاون الإسلامي في وضع (أطلس العلوم والابتكار في العالم الإسلامي)، الذي اعتمده المؤتمر الإسلامي الخامس لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد في كوالالمبور سنة 2010، مشيراً إلى أن المنظمة أنشأت في هذا الإطار (مرصد العالم الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار)، و(الهيئة الإسلامية لأخلاقيات العلوم والتكنولوجيا)، و(مركز الإيسيسكو لتعزيز البحث العلمي)، و(الشبكة الإسلامية للبحث والتعليم)، ذاكراً أن هذه الوثائق التأسيسية المعتمدة هي قنوات مفتوحة لتطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار في العالم الإسلامي. ودعا المدير العام للإيسيسكو إلى مراجعة السياسات العلمية المعتمدة في الدول الأعضاء، وإيلاء أكبر قدر من الاهتمام للرفع من معدلات الإنفاق الحكومي على البحث العلمي، ولتشجيع القطاع الخاص على الإسهام في دعم جهود البحث العلمي، ولإعادة النظر في المناهج الدراسية حتى تتلاءم مع الانشغال بتطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار. وفي ختام كلمته، أعلن الدكتور عبد العزيز التويجري عن إنشاء كرسي الإيسيسكو للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في الأكاديمية الوطنية للعلوم في ألماتي بجمهورية كازخستان التي يرأسها البروفيسور البروفيسور غاليمكاير موتانوف، رئيس جامعة الفارابي الوطنية الكازاخية ، الحائز على جائزة الإيسيسكو للعلوم والتكنولوجيا لعام 2016.