تحلّ في الثالث من شهر مايو الجاري الذكرى الثانية والثلاثون لتأسيس المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" (1982-2014) طبقًا لقرار من مجلس وزراء الخارجية في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي اعتمده مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد في مكةالمكرمة والطائف في يناير سنة 1981. ووجّه الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بهذه المناسبة، رسالة إلى العالم الإسلامي، دعا فيها الدول الأعضاء إلى تضافر الجهود لتطوير المنظومة التربوية من النواحي كافة، من أجل النهوض بالعملية التعليمية، وتحقيق الجودة من خلال الارتقاء بالمناهج الدراسية في جميع المراحل إلى المستوى الذي يستجيب لمتطلبات التجديد والتحديث والتطوير. وأكد المدير العام للإيسيسكو في رسالته إلى العالم الإسلامي، على ضرورة الاستثمار في التعليم لكسب رهان التنمية، وللولوج إلى مجتمع المعرفة، ولصناعة التقدم في شتى المجالات من منطلق التوسع في تطبيق مبدإ التعليم للجميع بتكافؤ الفرص أمام المواطنين كافة، في المدن والأرياف، لممارسة الحق في التعليم الجيّد الذي يوفر لهم الوسائل لاكتساب المعارف والمهارات ويفتح الآفاق الواسعة أمام الأجيال الجديدة للإسهام في خدمة مجتمعاتها والنهوض بها. وأبرز أن من التحديات التي تواجه دول العالم الإسلامي خلال هذه المرحلة، التعثر في الجهود التي تبذل لتطوير التربية والتعليم، والفشل في السياسات المعتمدة في هذا المجال الحيوي بالنسبة لعدد كبير من الدول، نتيجة ً لعوامل متراكمة منذ سنوات ذات تأثير سلبي في حركة التنمية الشاملة المستدامة. وشدد على ضرورة تعزيز التعاون والشراكة بين الدول الأعضاء في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال والنهوض بهذه المجالات وتطويرها في إطار المرجعية الحضارية للعالم الإسلامي وفي ضوء القيم والمثل الإنسانية الإسلامية، وذلك طبقًا للهدف الأول من الأهداف التي نص عليها ميثاق الإيسيسكو. كما دعا المدير العام للإيسيسكو الدول الأعضاء إلى المبادرة بتنفيذ الاستراتيجيات التأسيسية ذات الصلة بالتربية والعلوم والثقافة التي وضعتها المنظمة، والتي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي، وهي استراتيجية تطوير التربية في البلاد الإسلامية، واستراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار، واستراتيجية تطوير التعليم الجامعي في العالم الإسلامي، والاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي. كما دعا إلى تنفيذ الاستراتيجيات الأخرى التي وضعتها الإيسيسكو والتي تشكل في مجموعها، إطارًا متكاملا ً للتنمية في هذه المجالات الحيوية جميعًا. وناشد الدكتور عبد العزيز التويجري في رسالته دولَ العالم الإسلامي ان تتجاوزَ الخلافات المذهبية والنزعات الطائفية، والعملَ على تعزيز التضامن الإسلامي وتغليب المصالح العليا للأمة الإسلامية على غيرها من المصالح الضيقة، والسعيَ من أجل تقوية العمل الإسلامي المشترك على أساس ٍ متين ٍ من الأخوة الإسلامية الجامعة للمسلمين كافة، داعيًا إلى العمل بمقتضيات استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية التي وضعتها الإيسيسكو واعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في ماليزيا سنة 2003، ومحذرًا من تفاقم روح الطائفية التي تؤجج الصراعات والكراهية بين المسلمين ومن السياسات التوسعية المرتبطة بها. كما حذر من تنامي النزاعات والخلافات الحزبية والجهوية التي تهدد بعضًا من المجتمعات الإسلامية، والتي قال إنها تخدم الأهداف غير البريئة للقوى الدولية الطامعة في مقدرات العالم الإسلامي. وركزت رسالة المدير العام للإيسيسكو إلى العالم الإسلامي، على إبراز قيمة تماسك الصف الإسلامي لمواجهة التحديات التنموية ذات التشعبات الكثيرة، وتقوية لُحمة الأمة الإسلامية خلال هذه المرحلة التي وصفتها الرسالة بأنها جد حرجة، داعية ً إلى التغلب على العوامل المعوقة للتعاون والتكامل والشراكة بين دول منظمة التعاون الإسلامي. وأهاب التويجرى في الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيسها، بالدول الأعضاء لمواصلة تقديم الدعم لها، ولتكثيف التعاون معها في تنفيذ خطط العمل المتوالية وتطبيق القرارات الصادرة عن المؤتمرات الإسلامية القطاعية التي تعقدها الإيسيسكو بالتعاون مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدًا على مواصلة العمل وأداء الرسالة الحضارية التي تنهض بها الإيسيسكو في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وداعيًا إلى مؤازرة هذه الجهود لتحقيق الأهداف الإنمائية للعالم الإسلامي، وللاستمرار في تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات ونشر قيم ثقافة التسامح والتفاهم والسلام بين الأمم والشعوب، وتقديم رؤية الحضارة الإسلامية إلى هذه القضايا للعالم أجمع.