بعد أقل من عامين من فضيحة وثائق بنما التي تسببت في إقالة عدد من المسئولين حول العالم، وكشفت ألاعيب عدد من كبرى الشركات ورجال الأعمال ، بسبب لجوئهم إلى ما يعرف بمناطق "الأوف شور" أو الملاذات الضريبية ، للتهرب من الضرائب، ظهرت وثائق جديدة مؤخرا تعرف ب "وثائق الجنة" كشفت تورط عدد كبير من السياسيين في قضية فساد تهرب ضريبي من خلال جزر الملاذات الضريبية، وشملت القائمة الجديدة الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا ومساعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من الشخصيات البارزة حول العالم. ووثائق الجنة تطلق على تسريبات ضخمة تضم حوالي 13.4 مليون وثيقة، معظمها تتعلق بمؤسسة قانونية وشركة خدمات تعملان معا في 10 ولايات قضائية تحت اسم "ابلبي"، بحسب ما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية. و تغطي الوثائق الفترة من عام 1950 وحتى 2016.،وما نشر منها يمثل جزءا بسيطا يسلط الضوء على الملفات المالية لمئات من الأشخاص والشركات التي تربط بعضها صلات قوية بالمملكة المتحدة. ويتعلق الأمر بأماكن تعرف بأنها ملاذات ضريبية للشخص العادي، أو المراكز المالية الخارجية الأكثر فخامة (أوفس) لهذه الصناعة, وهي عموما مستقرة وسرية وموثوق بها، وغالبا ما تكون في جزر صغيرة ولكن الأمر لا يقتصر على الجزر فقط. واللافت أن عدد كبير من هذه الجزر التي تدرج أسماءها في قوائم الملاذات الضريبية تتبع التاج البريطاني، كما أن العديد من المحامين والمحاسبين والمصرفيين العاملين في النشاطات المالية ما وراء البحار مقرهم في لندن. و"أبلبي" هي شركة خدمات قانونية، توجد في برمودا، وتساعد العملاء على إنشاء ولايات قضائية في الخارج بمعدلات ضريبية منخفضة أو منعدمة كما اشتركت حوالي 96 وسيلة إعلامية في الكشف عن هذه التسريبات،من خلال 381 صحفيا من 67 بلدا جمعوا تلك الوثائق. ووصلت التسريبات إلى صحيفة سوديوتش زيتونج الألمانية، وهي نفسها التي حصلت على وثائق بنما العام الماضي. ودعت الاتحاد الدولي لصحفيي التحقيق وهي منظمة مقرها الولاياتالمتحدة للإشراف على التحقّق منها ونشرها ،ولم تكشف الصحيفة عن المصدر الذي استقت منه الوثائق. واللافت أن "أوراق الجنة" تركّز على ، الشركات والشخصيات البارزة حول العالم ،والتي يربطها خيط واحد هو التهرب لضريبي ،حيث وردت في التسريبات معلومات عن كُبرى الشركات العالمية متعددة الجنسيات، بما في ذلك فيسبوك وآبل ونايك ، كما طالت أغنى الشخصيات في العالم من الملكة إليزابيث إلى المغني الآيرلندي بونو، ومن نجوم مسلسلات الست كوم البريطانية إلى نجوم هوليوود. وتوضح وثائق الجنة كيف استخدام الساسة والشركات متعددة الجنسيات والمشاهير الهياكل المعقدة للائتمان والمؤسسات المالية لحماية أموالهم من مسئولي الضرائب أو إخفاء معاملاتهم وراء حجاب من السرية. ومن جانبها أنكرت شركة أبلبي إجرائها أي مخالفات، سواء من جانبها أو من قبل أي من عملائها. لكنها أقرت بأنها ليست معصومة عن الخطأ وأنها حاولت أن تتعلم من أخطائها, ووافقت الشركة على الرد على أي استفسارات رسمية تتعلق بما تم الكشف عنه في الوثائق. ومن بين الشخصيات البارزة التي كشفت وثائق الجنة تهربهم الضريبي وزير التجارة الامريكي وليبور روس الذي أبقى على مساهماته في شركة للنقل البحري، كما كشفت أنه على علاقة وثيقة مع ثري روسي فرضت عليه عقوبات أمريكية ومع صهر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورجل المال المعروف ويلبور روس خفض مساهمته الشخصية في شركة نافيجيتور هولدينج، بعدما تسلم مهامه الوزارية في فبراير الماضي، لكنه ما زال يمتلك 31 بالمئة من أسهمها بواسطة شركات اوفشور. وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية التي شاركت في التحقيق إن من أبرز زبائن نافيجيتور هولدينج شركة سيبور الروسية للغاز والمنتجات البتروكيميائية والتي بلغت قيمة تعاملاتها المالية مع شركة النقل البحري 23 مليون دولار في 2016. ومن بين مالكي "سيبور" كيريل شامالوف المتزوج من صغرى بنات الرئيس الروسي، وجينادي تيمتشينكو رجل الأعمال الثري المقرب من بوتين الذي يخضع لعقوبات أمريكية منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. وردا على هذه المعلومات، قالت وزارة التجارة الأمريكية في بيان سابق لها , إن الوزير روس لم يشارك في قرار نافيجيتور . وأضاف البيان أن روس لم يلتق أبدا المساهمين في سيبور ، مشددا على أن الوزير الأمريكي يحترم المعايير الأخلاقية الحكومية المتبعة في الولاياتالمتحدة. ومن بين الزبائن الآخرين لنافيجيتور هولدينج مجموعة النفط الفنزويلية العملاقة التي فرضت عليها واشنطن عقوبات صيف 2016. كما كشفت الوثائق عن امتلاك مسئولين مقربين من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، استثمارات فى فيسبوك وتويتر، من خلال جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. وجاء فى الوثائق أن اثنتين من مؤسسات الدولة الروسية، التى لها علاقات وثيقة مع بوتين، مولتا استثمارات كبيرة فى فيسبوك وتويتر، عن طريق شريك تجارى هو صهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر. وطالت الوثائق كذلك وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، الذى استثمر مبالغ ضخمة من المال فى الملاذات الضريبية، بالارتباط مع شركة أوبستريم سيرفيسز، التى أنشئت عام 1997 فى برمودا. كما طالت الفضائح جارى كوهن، كبير المستشارين الاقتصاديين لترامب، ووزير الخزانة الأمريكى ستيفن منوشين، وجون هنتسمان، السفير الأمريكى الجديد لدى روسيا، إلى جانب مجموعة من الشركات العملاقة مثل نايك وفيسبوك، وأوبر. كما ذكرت البي بي سي وصحيفة الجارديان البريطانية استنادا على نفس الوثائق، أن حوالى عشرة ملايين جنيه استرليني أي ما يعادل 11.3 مليون يورو من أموال الملكة البريطانية استُثمرت في جزر كايمان وبرمودا. واستثمرت أموال الملكة في هذه الملاذات الضريبية من قبل دوقية لانكاستر وهي الصندوق الاستثماري الخاص المسئول عن إدارة أموال الملكة وعائداتها. وقالت متحدثة باسم دوقية لانكاستر , إن كل استثماراتنا تخضع لتدقيق شامل وهي شرعية بالكامل. وأضافت , نقوم بعدد من الاستثمارات بما فيها استثمارات في صناديق في الخارج, وأن هذه الاستثمارات الأخيرة لا تشكل أكثر من 0,3 بالمئة من القيمة الاجمالية للدوقية. كما ذكرت صحيفة تورونتو ستار في كندا أن الملياردير ستيفن برونفمان الذي يرأس إحدى الشركات لإنتاج النبيذ والمشروبات الكحولية وظف مع راعيه ليو كولبر ستين 52 مليون دولار في شركة اوف شور في جززر كايمان. وبرونفمان، صديق جاستن ترودو الذي كان مسئولا عن جمع التبرعات خلال الحملة الانتخابية في 2015 لحساب الحزب الليبرالي الكندي،و يمكن أن يسبب هذا التسريب بشأنه ارباكا لرئيس الوزراء الذي انتخب بناء على وعود بتقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق العدالة الضريبية. والقنوات التي لجأ اليها هؤلاء الأثرياء والشركات متعددة الجنسيات لنقل اموالهم الى ملاذات ضريبية بحد ذاتها ليست غير قانونية, وهذه الطرق تستفيد من الثغرات التنظيمية ليتاح لهم دفع أقل قدر ممكن من الضرائب. ومن بين السياسيين، الذين وردت أسماؤهم أيضا فى وثائق الجنة الشقيقان إيركم وبولينت ،نجلا رئيس الوزراء التركى الحالى بن على يلدريم، ومن جانبه رفض البرلمان التركي معتمدا على أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم، المقترح المتعلق بالتحري في مسألة التهرب الضريبي المتهم فيها نجلي رئيس الوزراء . وخلال جلسة الجمعية العمومية للبرلمان ، طرح حزب الشعب الديمقراطي المعارض مقترحا طالب فيه بالتحري عن علاقات المنفعة المالية التي أشارت إليها وثائق الجنة. بينما قال بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي إن ابنيه اللذين يعملان في مجال الملاحة لم يرتكبا أي مخالفة، مستكملا دفاعه عن فساد ابنيه بالقول من غير المقبول اتهام الأبرياء بارتكاب مخالفات. كذلك تم الكشف عن تورط الملكة نور الحسين زوجة ملك الأردن السابق الحسين بن طلال، إلى جانب شركات قطرية، وبنك قطر الإسلامى، وأفراد من العائلة المالكة فى الدوحة،حيث كشفت الوثائق عن أن أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، الذي حكم الدوحة في الفترة من 1995 إلى 2013، خلال مارس 2014، أي بعد أقل من عام، على تسليم حمد السلطة إلى ابنه تميم أمير قطر الحالي، اتصل بمحام من لوكسمبورج بشركة موساك فويسيكا، المتورطة في فضيحة أوراق الجنة للتهرب الضريبي، من أجل نقل رغبة آل ثاني في شراء شركة وهمية مسجلة في جزر العذراء البريطانية. وأيضا تم الكشف عن تورط رجل الأعمال رامى مخلوف، ابن خال الرئيس السورى بشار الأسد، ومضر غسان شوكت، رئيس جبهة الخلاص الوطنى فى العراق، وخوان سانتوس، رئيس كولومبيا الحالى. وطالت الوثائق كذلك نجل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس الليبى الراحل العقيد معمر القذافى، وبينت أن عبدالحكيم جمال عبدالناصر تقاسم أسهما فى شركة بدولة مالطا مع شركة ليبية محظورة من قبل الولاياتالمتحدة، ودول أوروبية، لارتباطها بأموال القذافى. وأشارت الوثائق إلى أن تلك الشركة التى تتبع القذافى استعانت بشبكة سرية معقدة لإخفاء أموالها، موضحة أن شركات الأوف شور والصناديق المالية وغيرهما لا تحتاج فى الغالب إلى الإفصاح عن هوية المالكين الحقيقيين، مما يجعل من الصعب للغاية تعقب أصحاب الأموال والشركات التى تتهرب ضريبيا، وتعمل على إخفاء أموالها، أو تمارس غسيلا للأموال. كما كشفت الوثائق كذلك تورط وزيرة المالية البرازيلية، ووزير خارجية أوغندا، فضلا عن تورط شركة أبل في اللجوء إلى ملاذ ضريبي سري يمكنها من مواصلة التهرب من دفع ضرائب تقدر بمليارات الدولارات. وأظهرت الوثائق كيف تمكنت أبل، أكثر الشركات ربحية في العالم، من مواجهة حملة عام 2013 تتعلق بممارساتها الضريبية مثيرة الجدل في أيرلندا من خلال إعدادها دراسة جيدة وفعالة للملاذ الضريبي, ونقلت الشركة بعدها معظم أموالها الخارجية غير الخاضعة للضرائب، والتي تقدر حاليا بنحو 252 مليار دولار، إلى جزيرة جيرسي في جزر القنال الإنجليزي. وقالت أبل إن الهيكل الجديد لم يسهم في خفض مدفوعاتها الضريبية, وأنها مازالت أكبر شركات العالم تسديدا للضرائب، حيث دفعت نحو 35 مليار دولار ضريبة شركات عن السنوات الثلاث الماضية، وأنها اتبعت القانون وأن ما فعلته من تغيير لم يسهم في خفض مدفوعاتها الضريبية في أي بلد. كما أكدت الشركة في بيان جديد على عدم نقل أي معاملات أو استثمارات من أيرلندا. واستفادت أبل حتى عام 2014 من ثغرة في قوانين الضرائب في الولاياتالمتحدة وفي جمهورية أيرلندا تعرف باسم الأيرلندي المزدوج, وسمحت هذه الثغرة لشركة أبل بنقل جميع مبيعاتها خارج الأمريكتين، والتي تقدر حاليا بنحو 55 في المئة من إيراداتها، عن طريق شركتين تابعتين لها في أيرلندا غير خاضعتين لجنسية تفاديا للتحصيل الضريبي وبدلا من دفع ضريبة شركات أيرلندية بنسبة 12.5 في المئة، أو معدل أمريكي محدد بنسبة 35 في المئة، ساعد هيكل التحايل الضريبي الذي لجأت إليه شركة أبل في خفض معدلها الضريبي على الأرباح المحققة خارج الولاياتالمتحدة، بحيث نادرا ما تتجاوز مدفوعاتها الضريبة الخارجية نسبة 5 في المئة من أرباحها الخارجية، في حين تراجعت في بعض السنوات إلى أقل من نسبة 2 في المئة. وحسبت المفوضية الأوروبية فإن معدل الضريبة لإحدى الشركتين التابعتين لأبل في أيرلندا عن فترة عام واحد بلغت 0.005 في المئة فقط, وتعرضت أبل لضغوط عام 2013 في مجلس الشيوخ الأمريكي عندما اضطر مديرها التنفيذي تيم كوك إلى الدفاع عن نظامها الضريبي. وقال له في ذلك الوقت السيناتور كارل ليفين، بدافع الغضب من ضياع مبالغ طائلة من الضرائب من يد الولاياتالمتحدة: "لقد نقلت مصدرا ذهبيا لتحقيق الثروة إلى أيرلندا, لقد نقلت إليها ثلاث شركات لا تدفع ضرائب في أيرلندا, إنها مجوهرات ترصع تاج شركة أبل، هذا ليس جيدا" ورد وقتها كوك متحديا :"نحن نسدد جميع الضرائب المستحقة علينا، لا نستبعد منها دولارا واحدا.. نحن لا نعتمد على حيل التهرب الضريبي، ولا نخفي أموالا في بعض جزر الكاريبي". وعندما أعلن الاتحاد الأوروبي عام 2013 أنه يحقق في التنظيمات الأيرلندية لأبل، قررت الحكومة الأيرلندية أن الشركات المدرجة هناك لم تعد على الأرجح شركات عديمة الجنسية فيما يتعلق بالتحصيل الضريبي, ورغبة منها في الحفاظ على معدل الضرائب المستحقة عليها منخفضا، اضطرت أبل للبحث عن مركز مالي خارجي يخدمها في أن يصبح مقرا ضريبيا لشركتيها التابعتين لها في أيرلندا. وفي مارس عام 2014، أرسل مستشارون قانونيون في شركة أبل استبيانا إلى شركة "أبلبي", وسألت أبل عن المزايا القانونية المختلفة التي يمكن أن تستفيد منها في الخارج، وإن كانت جزر فرجين البريطانية وبرمودا وجزر كايمان وموريشيوس وجزيرة مان وجزيرتي جيرسي وجيرنسي يمكنها أن تقدم مزايا تستفيد منها أبل. كما وجهت وثيقة الشركة أسئلة رئيسية من بينها هل من الممكن الحصول على ضمان رسمي للإعفاء الضريبي؟ وهل من الممكن التأكيد على إمكانية ضلوع شركة أيرلندية في أنشطة إدارية دون الخضوع لضرائب تُستحق عليها في نطاق الاختصاص القضائي كما استعلمت الشركة عما إذا كان من المحتمل تغيير الحكومة، وما هو قدر المعلومات الذي يتاح ومدى سهولة الخروج من نطاق الاختصاص القضائي. وكشفت رسائل بريد إلكتروني مسربة رغبة أبل في الحفاظ على سرية خطواتها وتقول رسالة بريد إلكتروني بين شركاء بارزين في شركة أبلبي للمحاماة :"بالنسبة لمن لا يدرك منكم، فإن مسئولي أبل لديهم حساسية شديدة فيما يتعلق بالدعاية, وهم يتوقعون أيضا أن ما يجرى من أعمال لا يناقشها إلا الأشخاص المعنيين بالأمر". واختارت أبل جزيرة جيرسي، التابعة للتاج البريطاني وتتمتع باستقلال من حيث تحديد القوانين الضريبية الخاصة بها، ولا تفرض على الشركات الأجنبية ضريبة شركات. وأظهرت "وثائق الجنة" امتلاك أبل شركتين أيرلنديتين تابعتين لها، وهما شركة أبل اوبريشنز انترناشيونال التي يعتقد أنها وعاء لمعظم ثروة أبل النقدية الهائلة في الخارج وتقدر بنحو 252 مليار دولار، وكذا شركة أبل سيلز انترناشيونال التي خضعت لإدارة مكتب تابع لشركة أبلبي"للمحاماة في جزيرة جيرسي خلال الفترة من 2015 وحتى أوائل 2016, وساعد ذلك أبل على مواصلة التهرب من دفع ضرائب بمليارات الدولارات في شتى أرجاء العالم. وأظهرت حسابات أبل عام 2017 أنها حققت أرباحا بقيمة 44.7 مليار دولار خارج الولاياتالمتحدة ودفعت ضرائب قيمتها 1.65 مليار دولار فقط لحكومات أجنبية، بمعدل نحو 3.7 في المائة. وتوصلت المفوضية الأوروبية في أغسطس الماضى، بعد تحقيقات استمرت ثلاث سنوات، إلى أن أيرلندا تقدم لأبل مزايا ضريبية غير قانونية. وقالت المفوضية الأوروبية إن أبل يتعين عليها أن تسدد من جديد ضرائب لأيرلندا عن الفترة التي اختصتها التحقيقات، 2003-2013، بإجمالي 13 مليار يورو علاوة على فوائد قيمتها مليار يورو. ووصف تيم كوك، المدير التنفيذي لأبل، قرار المفوضية الأوروبية بأنه "حماقة سياسية "، وأنه لا يوجد مبرر واقعي أو قانوني لإصداره، في حين قالت أيرلندا إن الاتحاد الأوروبي يتعدى على الضرائب السيادية, وأنها تخشى من عزوف الشركات متعددة الجنسيات عنها والاستثمار في أماكن أخرى. ووافقت أيرلندا على جمع ضرائب بقيمة 13 مليار يورو، توضع في حساب ضمان يخضع للإدارة لحين البت في حكم الاستئناف. وقالت المفوضية الأوروبية في أكتوبر 2017 إنها ستحيل أيرلندا إلى المحكمة نظرا لأنها لم تجمع الأموال بعد, وقالت أيرلندا إن الوضع معقد ويستغرق وقتا. وعندما أُغلقت ثغرة الأيرلندي المزدوج الضريبية، وضعت أيرلندا تنظيما ضريبيا جديدا تستفيد منه شركات مثل أبل, وكان من بين الشركات التي نقلتها أبل إلى جزيرة جيرسي، شركة إيه إس آي التي تملك حقوقا للملكية الفكرية ذات القيمة الكبيرة لشركة أبل. وإذا باعت شركة "إيه إس آي" حقوق الملكية مرة أخرى إلى شركة أيرلندية، فإن الشركة الإيرلندية ستكون قادرة على تعويض التكلفة الهائلة مقابل أي أرباح تحققها في المستقبل, وبمجرد تسجيل الشركة حاملة حقوق الملكية، وهي شركة إيه إس آي، في جزيرة جيرسي، فلن تخضع أرباح المبيعات للضرائب. ويبدو أن شركة أبل فعلت ذلك, وسجل إجمالي الناتج المحلي الأيرلندي في عام 2015 زيادة استثنائية بنسبة 25 في المائة، وأرجعت تقارير إعلامية ذلك إلى تحرك أصول الملكية الفكرية إلى أيرلندا حيث سجلت الأصول غير الملموسة زيادة بلغت 250 مليار يورو في أيرلندا في هذا العام. ونفت وزارة المالية الأيرلندية أن تكون القواعد الجديدة قد وضعت من أجل تحقيق مزايا للشركات متعددة الجنسيات.ورفضت أبل الإجابة عن أسئلة تتعلق بنقل شركتيها التابعتين للوعاء الضريبي إلى جزيرة جيرسي, كما رفضت التعقيب على سؤال يتعلق بما إذا كانت إحدى الشركتين ساعدت في تحقيق إعفاء ضريبي هائل عن طريق بيع ملكية فكرية. وقالت أبل إنه عندما غيرت أيرلندا قوانينها الضريبية في عام 2015، التزمت بتغيير الاختصاص الضريبي للشركتين الأيرلنديتين التابعتين وأخبرنا أيرلندا والمفوضية الأوروبية والولاياتالمتحدة. وأضافت أبل أن ما فعلته من تغيير لم يسهم في خفض مدفوعاتها الضريبية في أي بلد, بل في الواقع زادت مدفوعاتها في أيرلندا على نحو كبير، ودفعت ضرائب خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت 1.5 مليار دولار هناك. ونتيجة لهذه التسريبات قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على الحكومات اتخاذ خطوات عاجلة لتنظيم حملة جادة ضد التهرب الضريبي وتجنب دفع المستحقات الضريبية دون رادع من قبل الأثرياء، من أفراد وشركات، وذلك عقب تسريبات وثائق الجنة، التي سلطت الضوء من جديد على التعاملات الضبابية التي تنتهجها الشركات الخارجية. كما وصف الاتحاد الأوروبي التسريبات التي تناولت الوسائل التي تتهرب عبرها شركات عملاقة وشخصيات مرموقة، من دفع الضرائب باستخدام ملاذات ضريبية، بأنها تثير الصدمة.