فجرّت أزمة الأنبا مايكل أسقف فيرجينيا وتهديداته باللجوء إلى المحاكم الأمريكية اعتراضًا على قرار البابا تواضروس الثانى ، بسيامة الأنبا كاراس، أسقفًا لإيبارشية بنسلفانيا، حالة من الغضب والقلق داخل الكنيسة الأرثوذكسية باعتبارها أول موقف تصعيدي يتخذه أسقف متمرد ضد قرارات بطريرك الكنيسة. والغريب أن معظم هؤلاء الأساقفة يتولون ايبارشيات خارج مصر ويحاصرهم كثير من التجاوزات التي تسيء للكنيسة وتضرب بقرارات البابا تواضروس عرض الحائط. كان قرار البابا تواضروس الثاني بسيامة الأنبا كاراس الأسقف العام بنيو جيرسى أسقفا لإيبارشية بنسلفايا وديلاوير وميرلاند بالولاياتالمتحدةالأمريكية، قد حرك المياه الراكدة بشأن تولي الأنبا مايكل أسقفاً لمنطقة فيرجينيا والتي كانت محل جدلاً منذ عام 2013 وذلك عندما تقدم الأخير بطلب للاعتراف به وتجليسه علي كنائس فيرجينا مستشهداً بمقطع فيديو للبابا شنودة الراحل قال فيه "دعوناك يا مايكل أسقفاً على كنائس فيرجينيا". منذ تلك اللحظة بدأت معركة الأنبا مايكل لتحقيق حلمه والتي كانت تنتهي كل مرة بهزيمته ورفض المجمع المقدس لتجليسه وحتي بعد أن قام البابا تواضروس بتشكيل لجنة مجمعية تتكون من الأنبا موسى والأنبا رافائيل للنظر فى طلب الأنبا مايكل، قررت اللجنة رفض الأمر ،مستنده إلى استفتاء أجرته الكنيسة فى فيرجينيا، وغرب فيرجينيا، وديلاوير، وميريلاند، وجنوب وشمال كارولينا، وجاءت نتيجته رفض 85٪ لتجليس "مايكل" فى الولايات الست، بواقع 10 كهنة من إجمالي 16 كاهنًا، و17 كنيسة من إجمالي 21 كنيسة تجليسه، ووقتها انتقده البابا تواضروس قائلاً " الشعب لا يرغب فيك والكنيسة لم تتعود على إجبار شعبها". الأنبا مايكل رد على الاستفتاء وكلام البابا ببيان صدر فى فبراير من العام 2015 أكد فيه أن الكنيسة كانت تهدف لإجباره على تقديم الاعتذار إلى البابا على تقدمه بهذا الطلب، إضافة لتهديده بإصدار قرار بابوى بالعودة إلى الدير دون محاكمة قانونية من المجمع المقدس، وذلك عقب مقابلة جرت معه فى يناير من نفس العام. ولم تنته معركة الأنبا مايكل عند هذا الحد ففى عام 2016 عادت المشكلة للظهور مرة أخرى عقب الإعلان عن تأسيس إيبارشية جديدة بنورث وساوث كارولينا وكنتاكى، والتى تعتبر الإيبارشية الرابعة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وسيامة الراهب القمص موسى آفا موسى، من دير الأنبا موسى القوى فى تكساس أسقفًا لها وحمل اسم "الأنبا بيتر". وقتها قدم الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة اعتراضًا موجهاً إلى البابا تواضروس، مدعومًا بتوقيعات أعضاء رابطة خريجى الكلية الإكليركية يرفضون السيامة الجديدة للأنبا بيتر، معتبرين أن تلك المناطق تدخل ضمن نطاق إيبارشيته، حيث يشرف على شئون كنائس فيرجينيا والولايات القريبة منها، والتى كانت ولايتا كارولينا من بينها. ومع ذلك لم تلتفت الكنيسة إلي هذه الأمور ونفذّت قرارها، ولكن قرار سيامة الأنبا كاراس الأسقف العام نيوجيرسي أسقفاً لإيبارشية بنسلفانيا وديلاوير وميرلاند بأمريكا جاء بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وفجرت الأزمة من جديد في ظل تهديد الأنبا مايكل بالتصعيد ضد قرار البابا تواضروس باللجوء إلي المحاكم الأمريكية. وساند الأنبا اغاثون صديقه مايكل في بيان رسمي قائلًا: "أعلن موافقتى وتضامنى مع أخى نيافة الأنبا مايكل فيما يتخذه من إجراءات شرعية لحل مشكلته طالبين من الرب الإرشاد الإلهى لإنصاف المظلومين والحفاظ على سلامة ووحدة كنيستنا". من جانبه، عقد البابا تواضروس الثانى عدة جلسات مع أعضاء المجمع المقدس للتشاور حول الأمر، وانتهت إلى تأكيد القرارات السابقة، بشأن سيامة الأساقفة الجدد، ونقل عدد من أساقفة العموم إلى إيبارشياتهم الجديدة من بينهم الأنبا كاراس، مع تكليف سكرتارية المجمع بإبلاغ الجميع بالسيامات الجديدة. ونشرت الكنيسة عبر صفحتها الرسمية أسماء الأساقفة الجدد، وهم: القمص بيجول المحرقى، أسقفًا ورئيسًا لدير السيدة العذراء "المحرق"، والقمص أنطونيو آفا شينوتى، أسقفًا لإيبارشية ميلانو بإيطاليا، والقمص سيرافيم السريانى، أسقفًا لإيبارشية أوهايو وميتشيجان وإنديانا بأمريكا، والقمص جيوفانى آفا شينوتى، أسقفًا لإيبارشية المجر ويتبعها رومانيا والتشيك وسلوفانيا وبولندا ووسط أوروبا محاولات سابقة ولا تعد أزمة الأنبا مايكل هي الواقعة الوحيدة التي تمرد فيها الأساقفة علي قرارات البابا وخالفوها فقد سبق ذلك العديد من الوقائع كان أبرزها على هامش التطبيع مع إسرائيل وتنظيم رحلات حج إلي القدس بالمخالفة لقرار البابا تواضروس الثاني ومن قبله البابا شنودة الذي قال جملته الشهيرة في هذا الشأن "لن ندخل القدس إلا مع أخوتنا المسلمين" ويأتى على رأس هؤلاء الأساقفة الأنبا يوسف أسقف جنوبأمريكا الذى حاول في 2015 الانفصال بكنائس جنوبأمريكا عن الكنيسة القبطية الأم وتأسيس ما سمى ب"الكنيسة الأمريكية الأرثوذكسية"، وأصدر وثيقة تحدد معالم الكنيسة الجديدة وأنها كنيسة شقيقة للكنيسة القبطية وليست تابعة لها، ما أثار ضده كل آباء المجمع المقدس، وتم استدعاؤه إلى القاهرة فتراجع عن الانفصال وادعى أن تلك خدمة جديدة يقدمها ضمن خدمات الكنيسة القبطية الأم تختص بالمصريين الناطقين باللغة الإنجليزية، وسحب وثيقة الانفصال وادعى أن الوثيقة كتبت بصيغة خاطئة أدت إلى فهمها من قبل البعض باعتبارها وثيقة انفصال. ولم تنته مخالفات الأنبا يوسف عند محاولة الانفصال فقط بل تفاقمت الأزمة في العام الماضي عندما أعلن عن زيارة إلى القدس تحت رعايته ولكي يتلافى الصدام مع قرار البابا بمنع زيارة القدس اشترط على من يريد الاشتراك فى الرحلة أن يكون حاملاً لجنسية غير مصرية وألا يكون السفر بواسطة جواز سفر مصرى حسب الجنسية الأخرى التى يحملها المصرى المشارك فى رحلة القدس، وبذلك الأمر يكون الأنبا يوسف منح للمصريين الذين يحملون جنسية أخرى تصريحاً بالسفر إلى القدس، ولم يخالف قرار البابا باعتبارهم رعايا للدول إلى يحملون جنسيتها الثانية. وسبق لإيبارشية جنوبالولاياتالمتحدة التابعة للكنيسة المصرية، أن نظمت رحلات مماثلة من قبل إلى القدس شارك فيها الأنبا يوسف شخصياً. ولا يعد "يوسف" هو الأسقف الوحيد الذي سمح بزيارة القدس فهناك الأنبا أرساني أسقف هولندا الذي زار إسرائيل مرتين، فى ظروف صحية قاسية استدعت أن يتجول فى زيارته علي كرسي متحرك، وكان تبريره بأنه فعل ذلك بناء على رغبة شعبه من أبناء هولندا. وعلي المستوي الداخلي سار علي نفس المنوال المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومقره داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وذلك بعد إعلانه نهاية شهر أكتوبر الماضي عن تنظيم رحلات الأقباط للقدس فى عيد القيامة 2018، عبر شركة "كريسمار ترافل" التابعة للمركز الذى يشرف عليه الأنبا أرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى. وعمد المركز للترويج لبرامج تلك الرحلات بشكل علنى عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى، وهى المرة الأولى للمركز والكاتدرائية أن تعلن عن تنظيم تلك الرحلات، برغم قرار المجمع المقدس للكنيسة، ، بمنع زيارة الأقباط إلى القدس، وهو القرار الذى استمر العمل به حتى رحيل البابا شنودة، وأعلن البابا تواضروس استمرار سريان القرار وعدم إلغائه.