بعد الإعلان عن تعيين محمد عبد الرحمن آل ثان وزيرا للخارجية العام الماضي ،اعتقد الجميع أن هذا القرار جاء نتيجة لرغبة الدوحة تعديل مسارها ، وتحسين علاقاتها مع الدول العربية، لاسيما وأن المسئول القطري كان يظهر بعض المرونة في عدد من القضايا ذات الخلاف، كما كان يبدو عليه الرغبة الحقيقية في التصالح لاسيما مع مصر لكن بمرور الوقت تحول عبد الرحمن آل ثان إلى خادم مطيع ينفذ أوامرالشيخ تميم، الذي أصر على استعداء الدول الغربية، فضلا عن التقرب إلى إيرانوتركيا ولعل إدارته للأزمة الأخيرة أكبر دليل على ذلك. فقد شدد وزير الخارجية على أن قطر لن تمتثل لأي مطلب ينتهك القانون الدولي، من وجهة نظرها، ولن تمتثل أيضا لأي إجراء يقتصر عليها وحدها، داعيا إلى حل يشمل الجميع, كما رفض كافة اتهامات الدول الغربية بدعم الإرهاب والمنظمات الجهادية في سوريا وليبيا، على الرغم من أن الواقع يثبت العكس. وحاول طمس الحقيقة مدعيا أن قطر تعمل كل ما فى وسعها لمحاربة الإرهاب بمختلف أشكاله، كما تطاول على الدول العربية قائلا: إن على السعودية والإمارات ألا تعطينا دروسا،لأن لديهم مواطنين متهمين بأنهم متورطون في الإرهاب وتمويله. وحول توقعه وصول الأزمة إلى التصعيد العسكري؟ قال الوزير القطري، إنه لا يمكن حل أي أزمة من خلال المواجهة، بل عبر الجلوس إلى طاولة النقاش، كما يجب أن يكون الحوار بناء على أسس واضحة، ولكن لو تكلمتم عن فرضية النزاع المسلح، فيجب على السعوديين أن يعلموا أن أي تصعيد عسكري جديد سيكلف المنطقة عواقب باهظة للغاية. علما بأن قطر تحولت إلى ثكنة عسكرية تركية عقب الأزمة، كما زعمت بعض التقارير وجود عناصر الحرس الثوري الإيرانى في شوارع الدوحة. وحاول عبد الرحمن الاستقواء بوزير الخارجية الأمريكي ريكي تيلرسون ، الذي اتخذ موقفا مغايرا عن رئيسه دونالد ترامب فى الأزمة "القطرية - الخليجية"، حيث رفض اتهام الدوحة بدعم الإرهاب، وحاول التوسط لتسوية الأزمة، وفي لقاء مشترك بينهما أكد المسئول القطري، أنه لا يتم الآن الحديث عن مطالب، على خلفية الأزمة القائمة بين قطر من جهة والسعودية وحلفائها من جهة أخرى ، مضيفا ،أن هناك ما اعتبرها ادعاءات من هذه الدول التي اعلنت مقاطعة بلاده ،وأنه يجب أن تكون هذه الادعاءات مسندة بأدلة، مشيرا إلى أن المطالب تأتي بعد الادعاءات وإثباتها لمعالجة ما إذا كانت هناك أخطاء. وقال الوزير القطري إن الدوحة ستنخرط في حوار بناء إذا أرادت الأطراف الأخرى تجاوز هذه الأزمة، وأنها مستعدة للحوار إذا كانت هناك ادعاءات. وفي رد غير مباشر على تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي شدد على أن لائحة المطالب الخليجية من قطر غير قابلة للتفاوض، قال وزير الخارجية القطري هذه ليست أسس العلاقات الدولية بأن تقدم قوائم ولا تُفاوض عليها. ومثلت هذه التصريحات الجرئية تحولا في الأسلوب واللهجة التي اتبعها الوزير منذ بداية الأزمة، الأمر الذي يؤكد استقوائه بتيلرسون، حيث كان قد أكد في تصريح سابق أن الدوحة مستعدة للتفاوض بشأن قضايا مشروعة تهم جيرانها بالخليج، لكنه أضاف أن بعض المطالب تنافي المنطق وأضاف بأنه "لا يمكننا قطع العلاقات مع ما يسمى "الدولة الإسلامية" و"القاعدة" وجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية لعدم وجود مثل تلك العلاقات، ولا نستطيع طرد أي عضو في الحرس الثوري الإيراني لأنه لا وجود لهم داخل قطر" وزعم إنه نظرا لأن قطر لن يمكنها الكف عن أمور لم تفعلها قط "كان علينا أن نستنتج أن الغرض من المهلة ليس معالجة القضايا المدرجة، وإنما الضغط على قطر للتنازل عن سيادتها. وهذا ما لن نفعله" وهاجم عبد الرحمن الدول العربية ، زاعما أنها بنت مواقفها على "فبركات" إعلامية ،مشيرا إلى أنه مرت فترة ولم تقدم هذه الدول أي دليل على دعم قطر للإرهاب. وكان من الواصح أيضا لجوء قطر إلى تركيا، لتكون بجانبها في هذه الأزمة، وهي الفرصة التي استغلتها أنقرة على أحسن ما يكون ، حيث قدمت الدعم العسكري والتجاري وكذلك السياسي ، حيث التقى عبد الرحمن مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو ، وأكد خلال اللقاء أن دول ما أسماه الحصار تعطل من خلال الإجراءات التي اتخذتها، دور قطر في محاربة الإرهاب. وثمن عبد الرحمن آل ثاني، وقوف تركيا إلى جانب بلاده ودعمها خلال هذه الأزمة. ومن جانبه قال جاويش أوغلو، إن "علاقاتنا مع قطر تعتبر هامة بالنسبة لنا، كما أننا نعمل سويا لتطويرها أكثر فأكثر"، مشيرا إلى أن تركيا تبذل جهودا من أجل حل هذه الأزمة، وأن الرئيس رجب طيب أردوغان أجرى عديد الاتصالات بقادة الدول الخليجية في هذا الإطار. وأوضح أن تركيا لا يمكن أن تؤيد العقوبات التي من شأنها أن تلحق ضررا بشعب قطر أو بشعوب المنطقة. وكان واضحا خلال الأزمة تقارب قكر وإيران أكثر وأكثر، حيث أعلنا التعاون في مجال الطاقة والنفط والغاز الطبيعي، كما كانت إيران سباقة بتمويل قطر بما تحتاجه من مواد غذائية حتى لا تشعر بالأزمة، ورغم أنه لم يحدث لقاء خلال الأزمة بين عبد الرحمن وأي مسئول إيراني ،بشكل علني على الأقل ، إلا أن العام الماضي شهد ضجة كبيرة أثيرت حول احتمالية أن يكون الوزير القطري قد التقى قائد فيلق القدسالإيراني قاسم سليماني خلال زيارة للعراق بحث خلالها مصير القطريين المختطفين. إلا أنه نفى الأمر وقتها قائلا : "زيارتي للعراق أتت بعد حل مشكلة المختطفين القطريين في العراق والجهود التي بذلتها حكومة بغداد وأجهزتها الأمنية في سبيل إطلاق سراح مواطنينا". وأضاف الوزير القطري، "الهدف من الزيارة هو فتح صفحة جديدة في العلاقات مع العراق والسعي من أجل عودته إلى الحضن العربي، وكذلك فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين". وفيما يتعلق بلقائه قائد فيلق القدسالإيراني قاسم سليماني أثناء زيارته العراق، قال آل ثاني:"هذه قصة من نسج الخيال"، مشددا على أنه "لو أردنا لقاءه لكان الأجدر أن يكون هذا في الدوحة أو طهران". وأكد وزير خارجية قطر أن بلاده "دائما تأخذ خطوات علنية ولا تخفي شيئا". وأعتبر أن المسألة لا تعدوا كونها جزءا من حملة "الفبركات والأخبار الإعلامية الكاذبة"، والتي نشرت عقب اختراق المواقع الإعلامية القطرية، على حد تعبيره. وقال إن الطرف الآخر لم يعطنا الوقت ولا الفرصة للدفاع عن أنفسنا، وأن الجهات الأمريكية دائما ما تثني على جهود قطر في مكافحة الإرهاب وأن قطر لن تقبل الوصاية من أحد. واعترف برغبة بلاده في تطور العلاقات مع إيران قائلا: " نريد علاقة إيجابية مع إيران لأنها دولة جارة.. لكن لم ألتق بقاسم سليماني في العراق". وأشار آل ثاني إلى أن دول مجلس التعاون كانت مركز الاستقرار في المنطقة، والإجراءات التي اتخذت ضد قطر من شأنها أن تحدث خلخلة لهذا المركز.في إشارة إلى العقوبات السابقة عام 2014 يذكر أن وزير الخارجية القطري ولد في الأول من نوفمبر 1980، الأمر الذي يجعل منه أصغر وزير خارجية في العالم،وكان قد حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال من جامعة قطر في عام 2003 وبحسب السيرة الذاتية المنشورة على موقع وزارة الخارجية القطرية، فإن عبد الرحمن آل ثاني، التحق بمجلس شئون العائلة في عام 2003 كباحث اقتصادي، وتدرج في المناصب إلى أن تولى مهام مدير الشئون الاقتصادية في عام 2005 حتى عام 2009. وفي عام2010 عين بمنصب سكرتير الممثل الشخصي للأمير لشئون المتابعة بالديوان الأميري, ثم حصل على درجة وكيل وزارة مساعد في يناير2011. وحصل على درجة وكيل وزارة في نوفمبر 2012، ثم رُقيّ إلى منصب مساعد الوزير لشئون التعاون الدولي بوزارة الخارجية في يناير 2014، إلى أن تم اختياره وزيرا للخارجية.