عندما تقهر المستحيل فحتما انت تتحدث عن ياسين ..مُستقلًا دارجته دخل الشاب ياسين الزغبى قاعة انعقاد المؤتمر الوطنى الرابع للشباب بالإسكندرية، ليجذب إليه أنظار المشاركين، ويسلم حقيبة بها أوراق إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى. ياسين، طالب بالمرحلة الثانوية، يهوى ركوب الدراجات، فقد ساقه فى حادث بالعين السخنة منذ سنوات، وقرر التحدى ليتحول إلى قصة "نجاح" واستكمل مسيرته وممارسته لهوايته المفضلة، وأطلق العام الماضى حملة ل "التفاؤل". يسافر الشاب المُكافح بين المحافظات فى أسوان والأقصر وحتى الغردقة والدلتا، يجمع خلال رحلاته رسائل وطلبات وشكاوى الشباب غير المشاركين فى مؤتمر الشباب، حتى وصل به الحال للوقوف أمام الرئيس وتسليمها يدًا بيد. داخل قاعة انعقاد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، استقبله الرئيس السيسى، حيث قام بمصافحته واحتضانه وتقبيله من رأسه، وقال له: "سعيد بتواجدك معنا اليوم.. اسمح لى أن أرحب بك وأسجل تقديرى واحترامى ومحبتى لك، وهو شعور كثيرين ممّن شاهدوك اليوم". ووعد السيسى، بالرد على جميع الرسائل التى قام الشاب بتجميعها من سكان محافظات الدلتا، مضيفًا: "إحنا مسئولين عن تلبية طلب كل من توقع توصيل صوته لنا فى المؤتمر، وسيتم الإجابة عن كل مطلب وشكوى لأنه دورنا حتى يعلم الجميع أننا نحتاج أن نسمع بعضنا البعض حتى نستطيع حل جميع المشكلات حتى ولو كانت صعبة". ياسين، شاب مصرى طموح، يُقاتل من أجل تحقيق أحلامه، لم تدفعه تجربة فقدان ساقه فى حادث منذ سنوات للتوقف عن الحياة بقوة، أو سرد قصته المفعمة بالتفاؤل، بما لا يدع فى قلب من يسمعها مكانًا لليأس، اجتهد الشاب الصغير من أجل ضبط ساقيه "السليمة والصناعية" على بدالات الدراجة، لينطلق بسرعة متزنة تسمح للهواء بالاصطدام بوجهه دون المساس بابتسامته التى لم يتمكن منها الحزن يومًا. صاحب ال16 عامًا، فاق هذه السنوات دهرًا كاملًا من الحكمة والصبر، ابتسامته التى تفترش وجهه دائمًا لا تعطى الفرصة لمن ينظر إليه بملاحظة ساقه الصناعية التى لا يسعى لإخفائها، فهى بالنسبة إليه مجرد وسيلة لمواصلة الحياة، وليست عائقًا عن الخروج فى جولات أسبوعية لركوب الدراجات بصحبة فريق "GBI" الذى يدين له بالكثير من الفضل. يعود بذاكرته للحادث الذى فقد على أثره ساقه فى عامه ال12، قائلاً: "تعرضت لحادث فى العين السخنة، بعد أن صدمنى قارب أثناء السباحة، وبعد إفاقتى بأسبوع اكتشفت إننى فقدت ساقى اليسرى، وبعد عدة أشهر قمت بتركيب الساق الصناعية بعد رحلة علاج بالخارج، وتمكنت من التدريب على موازنة الخطوات، حتى دخلت فى تحدى ركوب الدراجات الأول". رحلة مدرسية لركوب الدراجات حتى "العين السخنة"، كانت الحافز لياسين لمواصلة الحياة أفضل، ويقول: "أعلنت مدرستى الجزويت التى أدين لها بالفضل فى التحسن المستمر، عن رحلة لركوب الدراجات حتى العين السخنة، ومنذ هذا التاريخ، اعتبر ركوب الدراجات رياضة لن أتخلى عنها". إلى جانب القصة التى عاشها، يحمل "ياسين" الكثير من التفاؤل وحب الحياة الذى لا يحمله غيره ممن يمتلكون كل شىء، وهو ما يظهر واضحًا فى نبرة صوته الثابتة، وشعوره الدائم بالرضا بما لديه فى الحياة، لم يشعر يومًا أنه يستحق لقب "معاق" الذى يستفزه كثيرًا، ولا يضايقه سوى نظرات الآخرين أحيانًا بفضول يشعره بالضيق، ويقول: "مش بتضايق غير من النظرات اللى بتقولى أنت معاق، وأنا مش معاق، أنا إنسان كامل ومش متضايق وعايش حياتى". أما عن أحلامه للمستقبل، فيتمنى أن يلتحق بكلية الحقوق ليخوض معركة "المعاقين فى مصر" كما يسميها قائلاً: "أحلم بأن ألتحق بكلية الحقوق، للدفاع عن شريحة كبيرة فى المجتمع، هى شريحة المعاقين، وحقوقهم الضائعة، بداية من نظرات الناس وتعامل المجتمع، حتى القوانين التى لم تعطهم حتى اليوم أبسط الحقوق، سواء حقهم فى العمل بموجب قانون ال5%، أو حقهم فى مواصلات وشوارع تسمح لهم بحرية الحركة، وحتى شعورهم بالثقة فى أنفسهم، وما أصابهم ليس سوى حالة يمكنهم التعامل معها ومواصلة الحياة". يُذكر، أن المؤتمر الوطنى للشباب عقد للمرة الأولى بمدينة شرم الشيخ، وكان من ضمن توصياته أن يعقد بشكلٍ دورى على مدار العام في مختلف المحافظات، وانعقد المؤتمر الدوري الثاني يناير الماضي بمحافظة أسوان لمناقشة أبرز قضايا الصعيد، فيما استضافت محافظة الإسماعيلية المؤتمر الدوري الثالث في إطار احتفالات مصر بعيد تحرير سيناء. ويُعد المؤتمر الوطني للشباب، ملتقى للحوار المباشر بين الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة والشباب، لعرض أبرز القضايا ومناقشتها من خلال رؤية وطنية وتخطيط علمى وحوار بناء. ويشارك في المؤتمر عددٌ كبيرٌ من الشباب يمثلون كافة شرائح وقطاعات الشباب المصرى من شباب الجامعات والرياضيين والمثقفين والإعلاميين وشباب الأحزاب.