عقب وصول دونالد ترامب للحكم في أمريكا أصبح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد المعروف بولائه للولايات المتحدة فى وضع حرج للغاية ،لسببين الأول أنه كان يدعم هيلاري كلينتون خلال الانتخابات ووفقا للتسريبات تبرع لحملتها ولمؤسستها الخيرية ،والسبب الثاني هو أن بلاده تعد من أكثر الدول الراعية للإرهاب فهى فتحت أبوابها لعدد من قيادات الإخوان الهاربين وكذلك تحتضن حاليا المكتب السياسي لحركة حماس وهي الحركة التي تدرجها واشنطن في قائمة الإرهاب ،إضافة إلى حركة طالبان ،لذلك فكر تميم سريعا في محاولة شراء ود ترامب بالمال ،حيث أعلن عن تقديم هدية لواشنطن تقدر بحوالي 10 مليارات دولار. كان تميم بن حمد بن خليفة آل ثان بصفته رئيس صندوق الثروة السيادية القطري قال مسئولين أمريكيين إن الصندوق سيستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات للبنية التحتية داخل الولاياتالمتحدة في دعم واضح للخطط الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووفقا للمتابعين تأتي هذه المنحة أو الهدية القطرية بعد تعهد الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار الشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني بأن صندوق الثروة السيادية للبلاد سيستثمر 35 مليار دولار في مشروعات غير محددة في الولاياتالمتحدة بين اعوام 2016-2021 وما زال من غير الواضح فيما إذا كان مبلغ ال 10 مليارات دولار للبنية التحتية هو جزء من هدية ال 35 مليارا ، أو انه مبلغ اخر منفصل. ويبدو أن الأمر لم يقتصر فقط على دعم قطر المادي لإدارة ترامب بل تعدى الأمر لدعم القرارات المتعلقة بالمنطقة، فعلى الرغم من أن الدوحة تدعم المعارضة السورية التي يتعهد الرئيس الأمريكي الجديد بالقضاء عليها ،أعلنت وزارة الخارجية القطرية أنها ترحب بمبادرة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بشأن إقامة مناطق آمنة في سوريا، وهو أمر من شأنه أن يحد من انتشار المعارضة المسلحة ويسهل تحديد أماكن تواجدها مما يمكن قوات التحالف الدولي من قصفها دون التعرض للمدنيين. وقال السفير أحمد بن سعيد الرميحي مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية القطرية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" ، إن وزارة الخارجية ترحب باعتزام الولاياتالمتحدة توقيع قرار تنفيذي لوضع خطة لإنشاء مناطق آمنة في سوريا. وأكد الدبلوماسي القطري على ضرورة توفير ملاذات آمنة في سوريا وفرض مناطق حظر جوي، يضمن سلامة المدنيين وفق القرارات الدولية، ويحمي الشعب السوري من آلة الدمار والتشريد. الغريب في الأمر هو تحول موقف الأمير الشاب الذي بحكم قطر ،والذي كان يدعم هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأمريكية ضد ترامب ،ووفقا للمتابعين سادت صدمة كبرى فى دولة قطر بعدما حقق المرشح الجمهورى فوزا ساحقا وصعد لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، على حساب المرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلارى كلينتون، التى دعمتها العائلة الحاكمة القطرية بملايين الدولارات فى صورة رشاوى سرية، وتم فضح هذا الأمر مؤخرا ضمن ما يعرف بقضية تسريب الرسائل الالكترونية لمدير حملة هيلارى كلينتون الانتخابية "جون بوديستا" وعمت حالة سخط شديدة فى الإعلام القطرى عقب فوز ترامب، حيث كتبت صحيفة العرب القطرية، أن "فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية يحدث زلزالا سياسيا غير مسبوق"، ووصفت الصحيفة القطرية ترامب ب "الملياردير الأمريكى الشعبوى الذى لا يملك أى خبرة سياسية" معتبرة أن ذلك "زلزال سياسى غير مسبوق يغرق الولاياتالمتحدة والعالم فى مرحلة غموض قصوى" على حد تعبيرها. وأضافت الصحيفة القطرية أن المرشح الجمهورى الشعبوى الذي يبلغ من العمر70 عاما طالته فضائح جنسية ويعبر عن مواقف معادية للأجانب، وفاز على منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون التى كانت تأمل فى أن تصبح أول امرأة تتولى الرئاسة فى الولاياتالمتحدة. وكان صندوق هيلارى كلينتون قد اعترف أنه استلم هدية من قطر قيمتها مليون دولار عام 2011، حين كانت المرشحة الحالية للرئاسة الأمريكية هيلارى كلينتون وزيرة للخارجية. وأكد بريان كوكسترا، المتحدث باسم صندوق كلينتون الخيرى، أن الصندوق قبل الهدية التى بلغت قيمتها آنذاك مليون دولار من قطر, وامتنع كوكسترا وقتها عن توضيح ما إذا كان المسئولون القطريون حققوا طلبهم بلقاء بيل كلينتون, وتم قبول هذه الهدية دون أن تبلغ هيلارى كلينتون الخارجية الأمريكية رسميا، وفقا لما يقتضيه القانون الأمريكى، ورغم تعهدها أثناء تسلمها منصبها الوزارى آنذاك بفحص وتدقيق التبرعات التى يتلقاها الصندوق من حكومات أجنبية. واللافت أن هذا المبلغ- الهدية قدم عام 2011 بمناسبة عيد ميلاد الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون ال 65. ووفقا لموقع صندوق "كلينتون الخيرى" على الإنترنت الذى يدرج أسماء المتبرعين فى تصنيفات واسعة وفقا لحجم التبرع، فقد قدمت الحكومة القطرية للصندوق ما بين مليون وخمسة ملايين دولار على مدى عدة سنوات, وكان صندوق كلينتون قد أعلن أنه لن يقبل أموالا من حكومات أجنبية إذا انتخبت هيلارى كلينتون رئيسة للولايات المتحدة. والمتابعون حاليا يترقبون كيف سيكون رد فعل ترامب أمام هذا السخاء القطري وهل سيتحول موقفه من الدولة الخليجية الصغيرة كما تحول موقف تميم حياله ،حيث من المعروف أن الرئيس الأمريكي الجديد يتخذ موقفا عدائيا من الدوحة وإعلامها، ففى شهر يناير من العام الماضى، روت الأمريكية "أشلى كيلوج" الصحفية بشبكة cnn الإخبارية، واقعة ذات دلالة مهمة، تعبر عن نظرة ثاقبة للرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، تجاه قناة الجزيرة القطرية، التى تبث السموم وتعمل على زعزعة استقرار الدول ودعمها للجماعات الإرهابية والمتطرفة. وكتبت الصحفية الأمريكية عبر حسابها الرسمى على تويتر ، أن مراسل قناة الجزيرة الأمريكية حاول محاورة المرشح آنذاك ترامب، لكن رد ترامب بجفاء وقام بالتشويح بيده لطاقم القناة رافضا الحديث، ومعلقا "أنتم خارج نطاق الخدمة". هذا الموقف الذى روته الصحفية الأمريكية، يوضح أن سياسة ترامب فى التعامل مع القناةالقطرية الداعمة للجماعات الإرهابية والمسلحة التى تهدد العالم بات مسدودا، خاصة أنها دعمت هيلارى كلينتون بكل ما أوتى لها من قوة،وبالتأكيد موقفه من العائلة الحاكمة في قطر لن يكون أفضل حالا،لاسيما وأنه قد أشار خلال حملته الانتخابية إلى الدعم الذي تلقته منافسته من الدوحة ،حيث أكد أن مؤسسة كلينتون الخيرية، تقوم بسرقة الأموال، كما تقوم بأعمال إجرامية، مشيرا الى ان قطر تدعم المؤسسة المذكورة. وأضاف ترامب خلال المناظرة الأخيرة مع كلينتون أن قطر تقدم تبرعات كثيرة لمؤسسة كلينتون الإجرامية، لافتا إلى أن سكان هاييتي باتوا يكرهون كلينتون لأن ما حدث بسبب هذه المؤسسة أمر كارثي وفي ردها على اتهامات ترامب قالت كلينتون "هناك الكثير من الأدلة على الهدف النبيل لمؤسسة كلينتون، لقد جمعنا 30 مليون دولار لمساعدة هاييتي بعد الهزة الأرضية الأخيرة التي تعرضت لها وسنستمر في مساعدتها". واتهمت ترامب خلال المناظرة الثالثة والأخيرة التي سبقت الانتخابات الأمريكية، بأنه "لم يفصح أبدا عن أعماله الخيرية أو ضرائبه، حتى المهاجرين غير الشرعيين الذين يرفضهم يدفعون الضرائب الفيدرالية المفروضة عليهم، أما هو فلا يفعل". وبالتأكيد يعلم تميم خطورة موقفه الحالي أمام الرئيس الجديد ،وكل ما يفعله حاليا محاولات لتحسين صورته والتكفير عن ذنب دعم كلينتون ،ولذلك لم يتمسك الأمير القطري بموقفه كثيرا وسارع لتهنئة ترامب عقب الإعلان عن فوزه ،معربا عن تمنياته للرئيس الأمريكي المنتخب بالتوفيق ولعلاقات الصداقة والتعاون بين البلدين بالمزيد من التطور والنماء" ووفقا لوسائل الإعلام كان أمير قطر ثالث زعيم خليجي يهاتف ترامب بعد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. جدير بالذكر أن الدوحة لديها عدد كبير من المشروعات بالولاياتالمتحدة تقوم بها من خلال التعاون بين مجلس الأعمال القطري وعدد من الغرف التجارية في الولاياتالمتحدة، في مقدمتها غرفة التجارة الأمريكية، وغرفة التجارة العربية الأمريكية، ومجلس الأعمال للتفاهم الدولي. وترى الأسرة الحاكمة أن هذه المشروعات تأتي تماشيا مع الرؤية الوطنية 2030 وما تهدف إليه من تنويع الاقتصاد القطري، لتقليل اعتماده على قطاع الصناعات الهيدروكربونية، لتمثل أقل من نصف إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2015. ودائما ما يؤكد المسئولون القطريين على أهمية التعاون بين قطروالولاياتالمتحدة في مجال النفط والغاز حيث إنه في أقل من 15 عاما أصبحت قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم وأنه من خلال الخبرة الفنية الطويلة للمؤسسات الأمريكية الشريكة مثل إكسون موبيل، وكونوكو فيليبس، وشيفرون، تمكنت قطر من تحقيق هذا الهدف الذي يعد من قصص النجاح المستمرة, كما أن مجالات الشراكة الاقتصادية بين قطروالولاياتالمتحدة لا تقتصر على مجال الطاقة، بل تمتد إلى مجالات الصحة والتعليم وغيرها، حيث تسعى قطر إلى الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة الأمريكية بالأخص في المجالات التكنولوجية والتكنولوجيا الحيوية والأجهزة الطبية وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات. ويؤكد المسئولون الأمريكيون أن دور مجتمع الأعمال الأمريكي لا يقتصر على تقديم الخبرة الفنية، بل يمتد إلى علاقات استثمارية طويلة المدى بين البلدين. كما أنه من مظاهر الشراكة القطريةالأمريكية، ارتفاع الصادرات الأمريكية إلى قطر في 2013 لتصل إلى 5 مليارات دولار بزيادة بنسبة 38.6% عن عام 2012.