كشف مراقبون دوليون لشؤون قطر قلق الدوحة من التحولات التي بدأ يجريها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي قد تهدد الركائز التي اعتمدت عليها قطر في خيارات سياستها الخارجية في العالمين العربي والإسلامي خلال العقود الأخيرة. ويتحدث هؤلاء عن أن الرشاقة التي اتسمت بها قطر، بصفتها دولة صغيرة تتقاطع عندها مصالح دول إقليمية ودولية، تأسست على حالة السماح التي كانت تبيحها الإدارات الأميركية السابقة، وأن الأعراض الأولى التي توحي بها إدارة ترامب تفرج عن قطيعة مع نهج سابق، لا سيما لجهة القطع التام مع تيار الإسلام السياسي عامة وجماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة. وتكشف مصادر أميركية أن واشنطن كانت تغض الطرف عن دور قطري يتيح استفادة الولاياتالمتحدة والدول الغربية من علاقات الدوحة مع تيارات الإسلام السياسي السني وأجنحته المتطرفة، لتأمين قنوات تواصل كتلك التي جرت بين واشنطن وحركة طالبان الأفغانية في مراحل سابقة. ولا تخفي أوساط قريبة من كواليس القرار القطري أن الدوحة غير مرتاحة للإشارات التي تصدر عن محيط الرئيس الأميركي، والتي تتحدث عن عزم الإدارة الحالية بواشنطن على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، شأنها في ذلك شأن تنظيمي القاعدة وداعش والجماعات التابعة لهما. كان وليد فارس، مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط خلال حملته الانتخابية قد أعلن في خضم الحملة، عن عزم ترامب على الإقدام على إزالة الحدود التي كانت تفصل الجماعة عن الفصائل الإرهابية والتي كانت تعامل الإخوان المسلمين كتيار معتدل على ما درج مع الإدارات الأميركية السابقة. واستندت توقعات فارس آنذاك على تنامي تيار داخل الولاياتالمتحدة، يعتبر أن التيارات الإرهابية الإسلامية قد خرجت من عباءة الإخوان المسلمين وأن جل قيادات الجماعات المصنفة إرهابية قد مرت بتجارب داخل الجماعة التي أسسها حسن البنا أو تأثرت بتعاليمها. ويمثّل تنامي هذا التيار رد فعل أميركي على تسامح إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع جماعة الإخوان المسلمين والتواصل مع ممثليها في بلدان العالم العربي، لا سيما بعد انفجار ثورات ما يسمّى بالربيع العربي. وعلى الرغم من نفي إدارة أوباما أي دعم خاص تقدمه للتيارات الإسلامية وجماعة الإخوان، إلا أن أفكارا راجت داخل دوائر القرار الأميركي تدعو إلى تسهيل نقل السلطة في المنطقة لجماعات الإخوان من خلال تصنيفها كتيار إسلامي معتدل بإمكانه استيعاب التيارات المتطرفة. بيد أن استفادة الجماعة من "رعاية" أميركية غربية شرّعت أبواب التطرّف الذي ثبت أن له علاقات تنظيمية وعضوية بالجماعة وشخصياتها.