يبدو أن حروب "الردح السياسي" قد اشتعلت بين أكبر قوتين فى العالم.. هذا ما تؤكده التصريحات المتبادلة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذلك على خلفية اتهامات وُجهت إلى الثاني بالتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة لصالح المرشح الديمقراطي دونالد ترامب بشكل أدى لنجاحه وفوزه بمقعد الرئاسة. كانت وكالة الاستخبارات الأمريكية، قد أشارت إلى تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية لدعم دونالد ترامب، باختراقها لرسائل البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، ومدير حملة مرشحته هيلاري كلينتون في الانتخابات، وهو اتهام أزعج الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي هدد بدوره روسيا باتخاذ إجراءات ضدها، واعتبر ترامب تلك الاتهامات سخيفة، ووصفتها "موسكو" بأنها تفوق الوقاحة، لكن نفت "ويكيليكس" التورط الروسي بها. وأوضحت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية " سي آي إيه"، أنَّ لديها أدلة كثيرة على وقوف قراصنة روس مرتبطين بالكرملين وراء الهجمات الإلكترونية، والقرصنة المعلوماتية التي طالت حسابات البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون ومدير حملتها جون بوديستا، وقادة الحزب الديمقراطي ونشرت على موقع ويكليكس، ولم تفصح "سي آي إيه" عن تلك الأدلة، وقالت إن هدف روسيا من ذلك، تحويل دفة انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح ترامب، الذي فاز بها في نوفمبر الماضي. ولم تكن "سي آي إيه" وحدها هي التي وصلت لتلك النتيجة؛ حيث أفاد كل من "مكتب التحقيق الفيدرالي" "إف بي آي"، ومدير وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وقال "جون برينان"، مدير "سي آي إيه"، في رسالة لموظفيه في الوكالة أنه التقي بشكل منفصل مع مدير "إف بي آي"، جيمس كومي ومدير الاستخبارات الوطنية جيم كلابر، وكان هناك إجماع قوي بينهم على التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية وطبيعته، والقصد منه. وتسببت تلك النتائج التي توصلت إليها وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن التدخل الروسي لصالح ترامب في الانتخابات انزعاجًا في البيت الأبيض، وقال المتحدث باسمه: إن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" متورط في الهجمات الإلكترونية. وفي اليوم التالي تعهد أوباما باتخاذ إجراءات ضد روسيا، قائلًا في مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية "أعتقد أنه عندما تحاول حكومة أجنبية التأثير على نزاهة انتخاباتنا، فإننا نحتاج إلى اتخاذ إجراء، وسنفعل في وقت ومكان نختاره"، مُضيفًا أن " بوتين يدرك جيدًا مشاعري بشأن هذا الأمر، لأنني تحدثت معه بصورة مباشرة حول ذلك". وشهد يوم الجمعة الماضي، آخر مؤتمر صحفي لأوباما في هذا العام، وشغل التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية اهتمام الكثير من الصحفيين، وكشف أوباما فيه أنه طلب من بوتين في الصين في سبتمبر الماضي وقف عمليات القرصنة، وقال إن عدم تنفيذ ذلك سيؤدي إلى تداعيات خطيرة، مؤكدًا "سنرد على عمليات القرصنة بشكل علني، وأيضًا بطريقة لا يعرف بها أحد". وحول مدى معرفة بوتين بتلك الهجمات الإلكترونية، قال أوباما: إنه "لا يحدث الكثير في روسيا دون علم بوتين"، مُؤكدًا أن بلاده تعاملت بالشكل الصحيح مع قضية الاختراق الإلكتروني ، وموضحًا أنه "عندما تأكدنا من حدوثه أعلنت وكالة الاستخبارات ذلك"، وحث خليفته في البيت الأبيض، دونالد ترامب، بدعم التحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. كما أرجعت هيلاري كلينتون سبب خسارتها في الانتخابات الرئاسية إلى ما أسمته ب"القرصنة الروسية" ، وقالت في تصريحات نقلتها جريدة "نيو يورك تايمز" الأمريكية إن ما حدث ليس هجومًا على شخصي وعلى حملتي فحسب، بل هو هجوم على بلدنا، فهذا الأمر يتجاوز السياسة، ويتعلق بديمقراطيتنا وأمن أمتنا. ولفتت المرشحة الديمقراطية الخاسرة في الانتخابات الرئاسية، إلى أن بوتين لديه، ما أسمته ب"حنق شخصي" تجاهها؛ بسبب وصفها للانتخابات البرلمانية الروسية قبل خمس سنوات ب"المزيفة"، موضحةً "ألقى بوتين اللوم علي عندما استشرى الغضب بين شعبه، وهذا هو الخط المباشر بين ما قاله في ذلك الوقت، وما فعله في تلك الانتخابات"، في الإشارة لانتخابات الرئاسة الأمريكية. وفي المقابل، وصف ترامب، التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، باتهامات "سخيفة ومثيرة للسخرية، وذات دوافع سياسية"، منتقدًا تقرير "سي آي إيه" في هذا الشأن، وتساءل مستنكرًا في تغريدة على موقع "تويتر"، نشرها الخميس الماضي "إذا كانت روسيا أو أي كيان آخر ينفذون عمليات قرصنة، لما انتظر البيت الأبيض وقتًا طويلًا كي يتحرك؟ لماذا اشتكى فقط بعدما خسرت هيلاري" في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟ تجدر الإشارة إلى أن بوتين كان من أكبر الداعمين ل"ترامب" في الانتخابات الأمريكية، وكان من أول المهنئين له عقب فوزه بها في الثامن من نوفمبر الماضي. وذكرت "سي إن إن"، الخميس الماضي، أن مساعد ترامب ذهب إلى موسكو لبحث رفع العقوبات عن روسيا. ولا تتوقف العلاقات بين بوتين وترامب على الجانب الرسمي فقط، إذ أشار أوباما في مؤتمره الصحافي إلى استطلاع رأي أظهر دعم 37% من الجمهوريين لبوتين. في المقابل، جاء رد الفعل الروسي على الاتهامات الأمريكية بشأن التدخل الروسي في مسار الانتخابات الأمريكية، غاضبًا؛ إذ قال المتحدث باسم الكرملين، "دميتري بيسكوف" الجمعة الماضية إنّه في هذه المرحلة بات على الأمريكيين، إما التوقف عن التطرق إلى هذا الموضوع (اتهام روسيا بالاختراقات الإلكترونية)، أو تقديم أدلة، وإلا فهذا يفوق الوقاحة". وقال "يوري أوشاكوف"، المسئول بالكرملين، لوكالة أنباء "تاس" الروسية إن بوتين أوضح موقف روسيا في هذه القضية، في سبتمبر الماضي، على هامش قمة مجموعة العشرين، مُضيفًا "قدمنا إجابة واضحة جدًا، وربما لم تتفق مع ما كان أوباما يُحاول شرحه لنا". كما نفت موقع "ويكيلكس" تورط موسكو في القرصنة الإلكترونية التي طالت الحزب الديمقراطي في الشهور السابقة للاقتراع في الانتخابات الرئاسية، وشدد "كريج موراي"، الدبلوماسي البريطاني السابق الذي يعمل في الموقع، على أن ما أسماها ب"الإدعاءات الأمريكية"، فيما يخص حصول ويكيليكس على رسائل حملة كلينتون من الحكومة الروسية، "لا مصداقية لها". وأضاف موراي في حديث له مع جريدة "ديلي ميل" البريطانية أن "أحد أعضاء الحزب الديمقراطي هو من سلم إلى ويكيليكس رسائل أعضاء اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، كما سلم رسائل مدير حملة كلينتون الانتخابية جون بوديستا؛ وذلك بسبب معارضته للفساد الذي يسود أنشطة صندوق كلينتون، فضلًا عن سبل تعامل الحزب مع منافس كلينتون داخل الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية بيرني ساندرز"، مؤكدًا أنه تسلم بنفسه حزمة من هذه الوثائق في سبتمبر الماضي.