قال الخبير الاقتصادى محمد رضا فى مقال أرسله للموجز أن الجنيه لم يحرربعد و انه متوقع عودة السوق السوداء للدولار لان ما حدث ليس تحريرا كاملا ..ننشر نص المقال "أصدر البنك المركزي الخميس الماضي قراراً بإطلاق الحرية للبنوك العاملة فى مصر فى تسعير النقد الأجنبى وذلك من خلال آلية الإنتربنك، وتم تصدير ذلك إعلامياً وعلى نطاق واسع أنه تم تحرير سعر صرف الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي وهذا لم يحدث، ولمعرفة حقيقة ماحدث يجب معرفة ماهو تعويم أو تحرير سعر الصرف وهو أن يترك تحديد سعر الجنيه لقوى العرض والطلب بالسوق وهو أن يحدد سوق تداول الدولار بيعاً وشراءاً سعر صرف الجنيه ويتكون السوق الدولاري من البنوك وشركات الصرافة وأن يكون السوق الدولاري هو المسئول عن توفير كافة الاحتياجات للسوق من الدولار دون أي تدخل أو مسئولية لتوفير الدولار من البنك المركزي، أما تثبيت سعر صرف الجنية وهو النظام الذي كان قائماً قبل قرارات المركزي الخميس الماضي عن طريق تحديد البنك المركزي سعر الجنية إدارياً في شكل آلية العطاءات من خلال سوق الإنتربنك الدولاري ويكون المركزي المصري هو المسئول عن توفير كافة أحتياجات السوق من الدولار وتحديد سعر الجنيه من خلال طرح عطاء أسبوعي يبيع فيه الدولار للبنوك عند سعر محدد على أن تبيع البنوك هذا الدولار للسوق عند السعر المحدد من البنك المركزي. وبتحليل قرارات المركزي الأخيرة والتي أطلق عليها بالخطأ تعويم الجنية أو تحرير سعر الصرف، نجد أن حقيقة ماحدث هو نقل سلطة تحديد سعر صرف الجنية من البنك المركزي إلي البنوك ودون أي تغيير في الآليات المتبعة لتوفير الدولار في نظام تثبيت سعر الصرف حيث سيظل مصدر توفير الدولار للبنوك هو آلية العطاءات من خلال سوق الأنتربنك الدولاري وسيظل البنك المركزي هو المسئول عن توفير الدولار للبنوك لبيعه للسوق وذلك ببيع الدولار للبنوك ولكن الأختلاف الوحيد هو أن تقوم البنوك بتحديد سعر بيع الدولار من البنك المركزي لها على أن تقوم بعد ذلك ببيعه للسوق بنفس سعر الشراء في العطاء مع وضع حدود سعرية بالسماح بأن يختلف سعر البيع للسوق بنسبة 10% سواء بالزيادة أو بالنقص، وتجاهلت بالكامل جزء هام من السوق الدولاري في مصر وهو شركات الصرافة والتي تمتلك بالفعل السيولة الدولارية التي تكفي لتلبية أحتياجات السوق، وبمقارنة ماحدث مع مفهوم تحرير أو تعويم سعر الصرف نجد أن ماحدث قد نستطيع أن نطلق عليه هو أولى مراحل التعويم الجزئي أو التعويم المدار لسعر الصرف، لذلك وبهذا الشكل سيستمر الدولار الأمريكي في الأرتفاع أمام الجنيه وسيستمر السوق السوداء للدولار بقيادة شركات الصرافة وتجار العملة وسيظل وجود سعرين للدولار سعر في البنوك وسعر في السوق السوداء وذلك سيرجع إلي أن أزمة الدولار في مصر في الأساس ليست في سعر الدولار وأنما عدم توافره في البنوك في حين أن شركات الصرافة والسوق السوداء تمتلك بالفعل السيولة الدولارية الكافية لتلبية أحتياجات السوق وهو ما مكنها خلال الفترة الماضية من التلاعب وتحديد سعر الصرف، ونجد الآن في ظل القرارات الأخيرة لم تحل أزمة عدم توافر الدولار بالبنوك والدليل أن البنوك منذ تطبيق القرار لاتبيع ولاتوفر دولار للسوق وأقتصر دورها على شراء الدولار من العملاء فقط دون بيعه في استراتيجة واضحة تعتمد على تجميع سيولة دولارية من العملاء الذين كانوا يضاربوا في الدولار ولكن لن تكفي هذه الاستراتيجية لتجميع سيولة دولارية لدى البنوك لتلبية الطلبات الكبيرة على شراء الدولار في السوق حيث أن هناك سؤال يطرح نفسه وهو ماذا ستفعل البنوك أمام طلبات الشركات والمؤسسات المالية الأجنبية الراغبة في توفير دولار لتحويل أرباحها للخارج وماذا ستفعل البنوك أمام طلبات المستوردين في قوائم أنتظار والمكتظة بها البنوك منذ أشهر، مما سيدفع العملاء الباحثين عن شراء الدولار عندما لاتلبي البنوك طلباتهم التوجه للسوق السوداء لشراء الدولار مما سيؤدي إلي أستمرار السوق السوداء وأستمرار سعرين للدولار الأمريكي دافعاً سعر الدولار في السوق السوداء للأرتفاع وأستمراره بشكل أعنف، وقد يضطر البنك المركزي لضمان نجاح قراراته أمام الرأي العام بالقيام بوضع نفسه كمصدر رئيسي لتمويل أحتياجات السوق من الدولار في الوقت الذي لايمتلك فيه البنك المركزي السيولة الدولارية الكافية لتلبية أحتياجات السوق وذلك بزيادة أحجام العطاءات الدولارية ببيع كميات أكبر من الدولار للبنوك بطرح عطاءات استثنائية من خلال الاقتطاع من الاحتياطى مما سيتسبب في نزيف حاد واستنزاف للاحتياطي النقدي. وكل ماأراه إيجابياً في هذه القرارات الأخيرة هي لن يتم فرض شروط للتنازل عن العملات الأجنبية، وإلغاء القيود على إيداع وسحب العملات الأجنبية للأفراد والشركات مما تحسن نسبياً من حالة الأنسداد في السوق الدولاري وكذلك تأكيد البنك المركزي بأنه يضمن أموال المودعين بالجهاز المصرفى بكافة العملات مما يحسن الثقة في القطاع المصرفي"