تُعتبر الفترة الحالية من إدارة البنك المركزى لملف سعر الصرف والسيولة الدولارية بالسوق المصرفى هى الأنجح منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، بعد فترات طويلة من عدم الاستقرار حققت فيها الورقة الخضراء نسبة كبيرة من المكاسب على حساب الجنيه المحلى. ويأتى تراجع طلبات الانتربنك الدولارى التى أعاد البنك المركزى العمل بها بالإضافة إلى تأكيدات مسئولى البنوك حول ارتفاع الحصيلة السيولة الدولارية اليومية لتشير إلى نجاح القائمين على إدارة السياسة النقدية فى حل الأزمة، وتوجيه تعاملات "الظل" إلى البنوك. ومثلت آلية الانتربنك آخر الضربات فى وجه السوق غير الرسمية لتحجيم تعاملاتها وإثبات عدم قدرتها على النشاط مجددًا بعد القرارات التى اتخذها المركزى من زيادة سعر الدولار أمام الجنيه لمستوى معين ثم تحديد إيداعات الدولار بالبنوك لتصبح بحد أقصى 10 آلاف يوميًا و50 ألفًا شهريًا. الزيادة المتتالية التى شهدتها العملة الخضراء أمام الجنيه وخسارة العملة المحلية نحو 50 قرشًا فى شهر فبراير الماضى، ساهمت فى وصول السوق السوداء لأعلى نقطة لم تستطع تجاوزها وهى نحو 7.80 قرشًا مقابل نحو 7.6301 جنيهًا للسوق الرسمية، وتسببت تلك الزيادة فى تصفية الطلبات غير الضرورية على العملة لاستيراد السلع غير الأساسية وبالتالى تخفيض الطلبات. وبعد وصول السعر فى السوق الموازية لأعلى نقطة أصدر المركزى قراره بتحديد إيداعات الدولار، ما تسبب فى هبوط حاد لأسواق الظل نتيجة عدم قدرة المضاربين وأصحاب الشركات المتعاملين مع السوق السوداء على إيداع مشترياتهم منها فى البنوك فى ظل عدم وجود أثبات رسمى حول مصادر تلك العملية وبالتالى العزوف عن إدخار الدولار من السوق غير الرسمية. تراجعت أسعار الدولار فى السوق السوداء بشكل ملحوظ واضطر اصحاب الحوالات من الخارج لبيع العملات الأجنبية بالبنوك بدلًا من بيعها فى السوق السوداء، الأمر الذى زاد حصيلة البنوك الدولارية بنسبة تجاوزت 10 أضعاف فى بعض البنوك. محمد طه، نائب رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة، أكد أن حصيلة البنك من الدولار أسبوعيًا زادت بنسبة كبيرة وارتفعت تحويلات المصريين فى الخارج بنسبة تصل إلى 80%، مشيرًا إلى أن البنك يقوم بتلبية احتياجات عملاءه من طلبات الاستيراد وتحويل الباقى للبنك المركزى لتلبية احتياجات البنوك الأخرى ضمن آلية الانتربنك. فى ذات السياق شدد إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق ورئيس بنك مصر إيران، على أن البنك المركزى لم يتدخل لضخ سيولة بسوق الانتربنك وأن كافة المبالغ يتم توفيرها من قبل البنوك التى لديها فائض للبنوك التى تحتاج إلى سيولة وهو ما يدل على ارتفاع حصيلة البنوك الدولارية وعودة الأمور لطبيعتها. مسئول ببنك فيصل قال "بالفعل زادت حصيلة البنك الدولارية بعد قرارات المركزى الأخيرة حيث يشترى البنك سيولة من عملاءه بقيمة تصل إلى 4 ملايين دولار أسبوعيًا مع العلم أنه لا توجد أي طلبات استيراد معلقة لدى البنك، ويوجه فائض السيولة الدولارية لديه بعد الاستخدامات إلى البنك المركزي لتوفير العملة للبنوك الأخرى وفقًا لآلية الانتربنك". وجاء العطاء الأول للانتربنك فى الأول من مارس الماضى بقيمة 420 مليون دولار ولبى أغلب طلبات الاستيراد المعلقة لدى البنوك، وجاء تأكيدًا على أن البنك المركزى لم يتدخل باستخدام الاحتياطى النقدى لتلبية طلبات الاستيراد، لأول مرة منذ فترة طويلة ليحافظ على استقرار الاحتياطى لديه. وفى الخامس من أبريل الماضى طرح المركزى العطاء الثانى للانتربنك الدولارى وجاء بقيمة 250 مليون دولار مسجلًا انخفاضًا مقابل العطاء الأول، ليؤكد على نتيجتين أولها أن نسبة الطلبات المعلقة تراجعت بشكل كبير فى البنوك، وثانيها أن البنوك أصبحت تتولى مسئولية تدبير العملة الأجنبية للعملاء دون أى تدخل من البنك المركزى سوى بالعطاءات الدولارية اليومية المحددة مسبقًا. وطرح البنك المركزى اليوم الأربعاء عطاءه الدولارى الدورى وفق آلية بيع وشراء الدولار FX Auction بقيمة 40 مليون دولار، اشترت منها البنوك نحو 38.4 مليون دولار بسعر 7.5301 جنيهًا، لترتفع أعداد العطاءات إلى 346 عطاءًا منذ طرح الآلية نهاية عام 2012 .