ضربة جديدة وجهتها الدولة لحيتان الأراضي على الطريق الصحراوي، حيث قدرت لجنة استرداد أراضى الدولة قيمة المخالفات، ومستحقات الدولة لدى منتجعات "السليمانية" بنحو 2 مليار و329 مليون جنيه، بعد تغييرها لنشاط الأراضي التي حصلت عليها من زراعى إلى عمرانى. وبناء على هذه التقديرات تقرر أن يقوم جهاز الكسب غير المشروع، برئاسة المستشار عادل السعيد، باتخاذ اللازم لإبلاغ مسئولي الشركة بالتقدير النهائى لسداد تلك المديونية بالطريقة المناسبة، سواء بالشكل المباشر، أو من خلال بيع أراضى تمتلكها الشركة. بدوره أكد المهندس إبراهيم محلب، رئيس اللجنة، أن الهدف الرئيسى للجنة هو استرداد حق الدولة، وليس التعنت ضد أحد، موضحاً أن اللجنة بحثت الملف بتأنٍ، ودقةٍ، حرصاً على المصلحة العامة، وعدم التسبب في ظلم أحد. وتتبع منتجعات "السليمانية" الشركة المصرية للتنمية الزراعية "أميكو مصر"، وتبلغ مساحتها نحو 2775 فدانًا، وبدأت السليمانية عام 1985 كأرض زراعية في الأساس، تم بيعها بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات على أساس استصلاحها وزراعتها، ويملكها رجل الأعمال سليمان عامر أحد حيتان الأراضي على الطريق الصحراوي، والذى قام ببناء منتجعات سياحية تحمل اسم "منتجعات السليمانية" على الأرض المخصصة للزراعة، وبيعت الفيلا الواحدة فيها بعشرة ملايين جنيه، علمًا بأن سعر المتر الذى اشترى به هذه الأراضي لا يتجاوز خمسة قروش. واستمرت "السليمانية" تعمل في صمت حتى عام 1997، ثم ظهرت المشاكل عندما بدأت الرقابة الإدارية، ومجلس الوزراء، ووزير الزراعة، بالتحقيق في تغيير نشاط أرض السليمانية من نشاط زراعي، إلي نشاط آخر سكني. وفي عام 2001 حصل "عامر" على 750 فدانًا بمنطقة الكيلو 55 بطريق القاهرة/ الإسكندرية الصحراوي، وكانت هذه الأراضى مُخصصة له في مجال أنشطة الاستصلاح الزراعى، إلا أنه قام بتغيير لنشاط إلى الاستثمار العقارى والسياحي، وأقام عليها منتجعات، وقرى سياحية، دون دفع الفروق المقررة لذلك، ودون إخطار الجهات المختصة. وفى عام 2006، تشكلت لجنة وزارية لدراسة نزاع "السليمانية" مع وزارة الزراعة، وانتهت إلي أن يدفع "عامر" عن الفدان الذي تحول لأرض بناء ألفي جنيه فقط، وهي غرامة ضئيلة جدًا، حيث بلغت جملتها في النهاية نحو ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف جنيه، وذلك علي مساحة الأرض البالغة 2025 فدانًا، في حين أنه باع الفدان بقيمة مليوني جنيه، علي الرغم من أن الوزارة قامت بإنذاره أكثر من مرة بخصوص هذا الشأن. والأكثر من ذلك أن "عامر" لجأ إلي هذه الحيلة مرة ثانية، وتعدي علي 500 فدان، وقام بالبناء عليها بنسبة 100%، ولجأ مرة أخري للجان فض المنازعات، لتقنين وضع يده علي هذه الأراضي التي قام بتحويلها لفيلات، ومنتجعات سياحية، وباع معظمها بمبالغ خيالية. ومن ضمن المخالفات التي قام بها "عامر" علي الطريق الصحراوي, التعدي علي حرم الطريق، والبناء عليه، كما أنه لم يحصل على الموافقات اللازمة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، ولم يُسدد مستحقات الدولة الناتجة عن تغيير النشاط الذى خصصت له الأرض من أجله، لكنه حصل على تلك الأراضي بالاتفاق مع الجهات المختصة. وساهمت وزارة الزراعة ممثلة فى الدكتور يوسف والى، وزير الزراعة آنذاك، في هذا الفساد، عبر سماحها بتغير الغرض المخصص للأرض، وتقنين أوضاعها حيث كشف تقرير لهيئة قضايا الدولة أن الوزارة أبرمت عقود بيع، وإيجار بأمر مباشر من "والى"، لعدد من الأفراد، ورجال الأعمال الذين قاموا بعد ذلك بالتنازل عنها لشركة "إميكو مصر"، مالكة منتجع "جولف السليمانية"، ومن بينهم عاطف عبدالمنعم بيومى دبش وأسرته، والذى حصل على 235 فدانًا بموجب عقد ابتدائى فى مارس 1993، ثم قام ببيعها من الباطن للشركة، كما حصل محمد أحمد مصطفى وشركاه على مساحة 135 فدانًا بعقد ابتدائى فى يوليو 1993، ثم تنازل عنها لنفس الشركة. وأكد التقرير أن وزارة الزراعة فى عهد "والى" سهلت بالأمر المباشر لرجل الأعمال سليمان عامر، وأسرته، الاستيلاء على مساحة 3656 فدانًا من أراضى الدولة المخصصة للاستصلاح الزراعى، كما باعت لأفراد آخرين أراضى الدولة ثم تنازلوا عنها لصالح "عامر"، ومنها 300 فدان بموجب عقد ابتدائى بتاريخ 13 يوليو 1993، و300 فدان أخرى باسم مصطفى أحمد مصطفى وأسرته بعقد مؤرخ فى أغسطس 1995، هذا بجانب العقود الصادرة مباشرة للشركة، والتى بلغت مساحتها ألفًا و336 فدانًا، والمؤرخة فى 13 مارس 1999، بجانب 600 فدان لصالح الشركة بالأمر المباشر فى مايو 2001. وفي السياق ذاته أكد تقرير "هيئة المفوضين" أعده المستشار تامر عبد الكريم في 2013 أن معاينة الهيئة للأرض أثبتت أنه تم بناء 498 فيلا بمساحات مختلفة، وملاعب للجولف، وبحيرات صناعية، وصالات للبولينج، وحمامات سباحة، وبالتالي تحول المشروع من الاستصلاح الزراعي إلى الإسكان السياحي، مشيراً إلى أن الشركة اشترت أرض مشروع "السليمانية" بمبلغ 13 مليونًا و407 آلف و488 جنيهًا، بواقع 6620.9 جنيهًا للفدان، أي ما يُعادل 1.5 جنيه للمتر الواحد. وفى 19 أكتوبر 2015 منعت سلطات مطار القاهرة، صاحب منتجع جولف السليمانية من السفر إلى ألمانيا، بناءً على قرار صادر من النائب العام، وفى 13 فبراير2016 أحال المستشار فتحي البيومي - القاضي المنتدب من محكمة استئناف القاهرة للتحقيق في فساد وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي - "عامر" إلى محكمة الجنح لاتهامه بإهدار المال العام في قضية أرض السليمانية. وفى أبريل 2016 تقدم سليمان عامر بطلب تصالح إلى جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل، للتصالح في القضية المتهم فيها بالاستيلاء على أراضي الدولة بطريق (القاهرة/ الإسكندرية) الصحراوي، بأسعار زهيدة عن القيمة الفعلية لها، مما تسبب في أضرار، وإهدار المال العام.