تسببت الأزمات الطائفية التي شهدتها محافظة المنيا خلال الأسابيع القليلة الماضية، في وقوع حالة من الإنقسام الجزئي بين أعضاء بيت العائلة المصرية، حيث قام أعضاء البيت من القساوسة بتجميد أنشطتهم بعد توجيه اللوم لهم من قيادات عليا بالكنيسة. وبالرغم من تدخل أعضاء بيت العائلة في حل عشرات المشكلات سواء كانت طائفية أو جنائية، بين المسلمين و الأقباط أو من أبناء الطرف الواحد فترات طويلة، فأن الانقسام بدأ مع حدوث إشتباكات قرية " الكرم " الشهيرة بمركز أبو قرقاص، حيث توقف قساوسة بيت العائلة عن استكمال جولات الفريق في تهدئة أوضاع القرية بعد أن بدأوا معهم بالفعل، ولكن التوقف جاء بعد ورود تعليمات لهم من الكنيسة بذلك وتوجيه لوم شديد اللهجة لهم. كما تغيب قساوسة بيت العائلة تماماً عن الفريق الذي حضر جلسة الصلح التي عقدت بين مسلمي وأقباط قرية أبو يعقوب بمركز المنيا يوم 23 يوليو الماضي، ما أثار الكثير من التساؤلات حول الصلح، وهل سيستكملون مسيرتهم في بيت العائلة، أم سيتدخلون فقط في المشكلات التي ليس لها طابع طائفي؟. من جانبه قال الشيخ محمود جمعة، أمين بيت العائلة بالمنيا ، إن دور بيت العائلة ليس بديلا للقانون، ولا يُمارس أي ضغوطات من أجل التنازل عن المحاضر بين الأطراف المتنازعة، ولكن دوره يكون ضامن للقانون واستكمالاً له، ونعمل على التوفيق بين الجانبين المتنازعين وخلق حالة من السلمية، ونزع الاحتقان حتى لا تزداد الأمور سوءاً ، و يُسفر عن مزيد من الأضرار، وهذا دور اجتماعي مدني وديني لا يمكن لأحد أن يفسره بغير ذلك. وأكد " جمعة" ل " الموجز" أن بيت العائلة بذل جهودا كبيرة طوال الفترات الماضية، بجانب عقد ندوات تثقيفية لتحسين الخطاب الديني بالعديد من القرى والنجوع، التي ينتشر فيها الجهل والأمية، ولكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة فاقت الحد وبدأ البعض يفسر دورنا على أنه بمثابة جلسات عرفية، لكن في الحقيقة هذا التفسير خاطىء تماماً، فنحن لا نتدخل إلا بعد أن يأخذ القانون مجراه وتتدخل الأجهزة الأمنية، وحينها يأتي دورنا نحن للتهدئة، خصوصا أن القانون وأحكام القضاء لن تصدر في يوم وليلة فدورنا في تلك الحالة يكون اجتماعي وهام للغاية لإمتصاص حالة الغضب التي تنشىء بين الأطراف. وعن تغيب رجال الدين المسيحي عن الجولات الأخيرة لبيت العائلة لحل المشكلات الطائفية التي وقعت مؤخراً خصوصا في قرى الكرم وابو يعقوب وطهنا الجبل، قال أمين بيت العائلة، إن القساوسة أعضاء البيت حضروا بداية جولاتنا في أزمة قرية "الكرم" لكن توقفوا في منتصف الطريق ولم يستكملوا الحوارات للتهدئة، وذلك بعد ورود تعليمات لهم بذلك من المطران، مستنكراً ذلك لأن دورهم جميعاً يكمل بعضه البعض ولا يعني أي تنازلات قانوناً ولكن حرصا على عدم تصاعد الأحداث وتجدد المشاجرات وحقنا للدماء . وأعرب " جمعة " عن أمنيته لعودة جميع أعضاء البيت للعمل مرة أخرى، وعدم توقفهم لفترة أطول من ذلك، مؤكداً أن روح الفريق وهو بيت العائلة تكمن في تمثيل طوائف الشعب من رجال الدين ، والقدرة على إنهاء الخلافات بشكل هادىء وتوعية كل طرف بدينه والأخلاق والتسامح، وهذا ما لا يمكن لطرف واحد أن يفعله لوحده بدون الطرف الآخر. وكشف أمين بيت العائلة عن طريقة الصلح التي تمت بين مسلمي وأقباط قرية أبو يعقوب، حيث أكد ان الطرف المسيحي تنازل عن المحاضر المحررة من تلقاء أنفسهم، مقابل الحصول على تعويض التلفيات التي لحقت بمنازلهم، وتم الاعلان عن ذلك في جلسة شهدها أهل القرية جميعا، والعديد من نواب البرلمان، مؤكدا أنه تواصل مع القساوسة من أعضاء البيت ، وباركوا الصلح، ولكنهم لم يحضروا بعد ذلك لصدور تعليمات لهم بعدم الحضور. وأوضح, أن رجال الدين المسيحي من أعضاء بيت العائلة، طالبوا بأن تكون أدوارهم في الفترة القادمة متمثلة في الندوات التثقيفية التي تستهدف الشباب في الأندية والمؤتمرات، مرجعاً ذلك إلى توجيه اللوم لهم من قبل بعض قيادات الكنيسة بعد تدخلهم في الازمات الطائفية الأخيرةوالتي كان يطالب فيها كبار المسؤلين بالكنيسة بتطبيق القانون بدون تفاوض او جلسات عرفية، رغم أن بيت العائلة لم يكن يدعو للتنازل ولكن للتهدئة فقط مثلما يفعل في أي مشكلة . وإستطرد "جمعة ": كل تلك الأحداث لن تؤثر على بيت العائلة ، و أنهم مستمرون في العمل بدون توقف لأن هذا الدور شديد الأهمية في التعايش السلمي، بجانب الدور التعليمى من خلال الحديث عن أخلاق الانبياء والصحابة بنشر قيم التسامح والمحبة بين المواطنين، ومن المقرر ان يتم تكثيف تلك الجولات في الفترات المقبلة. واختتم الشيخ محمود جمعة حديثه قائلاً : الكثير من المشكلات لا تمس بصلة للطائفية، لكنها تكون جنائية فقط، ومن العيب ان نطلق على المشكلات طائفية ونصعد الأمور كلما وقعت مشاجرة بين شخص مسلم وآخر مسيحي، وعلينا التعقل في النظر للأمور، كما يجب أن نعرف أن القانون لا غنى عنه، ولا توجد بدائل له خصوصا أننا نعيش في دولة قانون، ولا أحد يستطيع أن يخالف ذلك، ولكن بحكم طبيعتنا العربية والاجتماعية فإن الحوار والتهدئة الاجتماعية التي يمثلها بيت العائلة، تصبح مكمله للقانون وتقف في صفه ولا تنقص منه شيئاً . من جانب آخر رفض القس كمال، وهو أحد أعضاء بيت العائلة بالمنيا الحديث عن دور بيت العائلة حالياً في حل الأزمات الطائفية، أو المشكلات المختلفة. وقال القس: متحفظ حالياً عن أي حديث عن دور بيت العائلة بشكل مؤقت. بينما قال عادل مصيلحي , مقرر بيت العائلة ببندر ومركز المنيا، إن تغيب الجانب القبطي من الظهور في جلسة صلح قرية ابو يعقوب، جاء بالاتفاق مسبقا على ذلك، وقد تم عقد جلسة صلح أولية داخل مطرانية المنيا بحضور الأنبا مكاريوس، لكننا رفضنا ظهور أي رجال دين فى الصلح، حتى لا تظهر الأحداث على أنها طائفية وتأخذ حجم أكبر من حجمها . وأضاف أن بيت العائلة حريص أشد الحرص على تطبيق القانون بشكل قوي وبدون تهاون مع المخطئين ، وتابع حديثه: لو طبق القانون في الأربعين عاما الماضية، لكانت اختفت تلك الأزمات الطائفية تماما، ولكن الجلسات العرفية كانت تتدخل بشكل كبير، ما شجع على تكرار الأحداث مرة أخرى، ورفض وصف البعض لبيت العائلة بأنها تشبه الجلسات العرفية التي تكون بديلا للقانون في كثير من الدول. وعن سبب تكرار الأحداث الطائفية بالمنيا قال مقرر بيت العائلة، إن الأمية السائدة بالقرى والنجوع هى السبب، لافتاً إلى أن الأمية هنا هي أمية دينية وليست تعليمية، حيث إن الكثير من المواطنين نسوا مبادىء دينهم وأسس الحب والتسامح وأخلاق الرُسل، ومن هنا وضع بيت العائلة خطة لعمل عشرات الجولات بالمدارس والجامعة، والقرى والنجوع بكافة مراكز المحافظة التسع، لمنع المشكلات الطائفية قبل ظهورها. وقال مصدر كنسي رفض ذكر اسمه، إن مطران المنيا الأنبا مكاريوس قد وجه اللوم بشكل شديد للقساوسة الذين رافقوا بيت العائلة في أولى جولاتهم بقرية الكرم، وهذا هو السبب الرئيسي لتراجعهم بعد ذلك ، وطالب المطران جميع الكهنة بالمطرانيات بعدم الحديث في هذا الأمر إطلاقا، خصوصا بعد تفويض البابا تواضروس له بإدارة الأزمة كاملة، و التحدث عن كافة الأمور التي تخص تلك الأزمة، كما تراجعوا أيضا عن حضور صلح "أبو يعقوب" بالرغم من موافقتهم عليه لعدم وجود أي ضغوط على الطرف المسيحي للتنازل، ولكن عدم الظهور في الصلح كان بأوامر كنسية .