أكدت نور ملص، مراسلة صحيفة وول ستريت جورنال، الأمريكية، أنه فيما تدور المعارك حول الفلوجة من أجل طرد إرهابيي داعش من المدينةالعراقية، تطالب الولاياتالمتحدة بإبعاد قوات الحشد الشعبي، المدعومة من إيران، عن ساحة القتال. وأوضحت أن زعيم تلك القوة جمال جعفر إبراهيم، وولائه الكبير لطهران، مذكرة كيف كيف طاردته القوات الأمريكية، قبل عشر سنوات، بعد الحكم عليه غيابياً بالإعدام في الكويت، لاتهامه بالتنسيق لتفجيرات ضد سفارتي أمريكا وفرنسا، في الثمانينات. وتدرجه وزارة الخزانة الأمريكية على قوائمها باعتباره إرهابياً. وتقول ملص إن صاحب تلك الشخصية الغامضة، والمعروف باسمه المستعار، أبو مهدي المهندس، هو أكثر القادة العسكريين في العراق نفوذاً وتطرفاً، وخاصة بعدما حققت قواته انتصارات ضد تنظيم داعش خلال العامين الأخيرين، إثر الفراغ الذي خلفه انهيار الجيش النظامي العراقي. وتتجه الأنظار حالياً إلى الهجوم من أجل استعادة الفلوجة. وقبل يومين، أوقفت القوات العراقية عملياتها الهجومية في المدينة من أجل إخراج مدنيين، يستخدمهم داعش كدروع بشرية، أو تأمين حمايتهم. ولكن، تقول ملص، أثارت مشاركة ميليشيا الحشد الشعبي في المعارك مخاوف السكان السنة في الفلوجة، والذين يخافون أن تشن القوة الشيعية عمليات انتقامية في المدينة التي آوت متطرفين إسلاميين. كما أثارت مشاركة الميليشيات الشيعية في القتال استياء طيف واسع من العراقيين من الانتشار الإيراني والميلشيات التابعة لطهران في عدة مناطق عراقية. ويعزو مقاتلو ميليشيا الحشد الشعبي الفضل لإبراهيم لإنقاذه بلدهم من هجوم كاسح كان يمهد له داعش عندما استولى على الموصل، في يونيو 2014، وكان في طريقه نحو بغداد وإربيل، عاصمة كردستان العراق. ويأتي بروز اسم قائد قوات الحشد الشعبي ليعكس حقائق جديدة تواجهها الحكومة الأمريكية في العراق، بعد سحبها عشرات الآلاف من مقاتليها قبل أكثر من أربع سنوات. فقد تحولت قوات عميلة لإيران، ممن شكلت سابقاً أكبر خطر على القوات الأمريكية، أقوى قوة مقاتلة في العراق، وشريكة، عن غير قصد، في القتال ضد داعش. وبحسب مشعان الجبوري، نائب سني، ويعتبر إبراهيم صديقاً شخصياً له: "لا يخفي إبراهيم إيمانه بنموذج الحكم الديني الشيعي الإيراني، ويقول إنه يمثل الخامنئي، المرشد الروحي في إيران". ويقول منتقدو إدارة الرئيس الأمريكي إن امتناعه عن المشاركة العسكرية القوية في الشرق الأوسط، سمحت لإيران بملء الفراغ، والبروز كقوة جديدة في المنطقة. وتقول ملص إن تحول إبراهيم من مقاتل منفي في إيران إلى صانع قرار سياسي في العراق، يظهر كيف ملأت طهران الفراغات الأمنية عبر المنطقة بمقاتليها شبه العسكريين المتشبعين بإيدلوجيتها الدينية المتعصبة. فقد أرسلت إيران إلى سوريا، كما العراق، ميليشيات تقاتل عنها بالوكالة، ونظمت قوات محلية، ومن ثم أرسلت عسكريين إيرانيين للقتال إلى جانب قوات الأسد. كما ساعدت إيران في تدريب المتمردين الحوثييين في اليمن. ويقول مسؤولون عراقيون وأمريكيون إن ميليشيات الحشد الشعبي تعتبر بمثابة عنصر أساسي لما سيؤول عليه وضع إيران ونفوذها ومواصلتها التوسع في العراق، وفيما إذا كان العراق سيبقى موحداً بعد طرد داعش من أراضيه. وقد تعرض رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، المشرف إسمياً على تلك الميلشيا، لضغوط ومطالب أمريكية من أجل الحد من نفوذ إيران في البلاد. ويقول زلماي خليل زادة، السفير الأمريكي السابق في بغداد "إن المليشيات العراقية المدعومة من إيران تمثل البنية التحتية لحروب أهلية قادمة". ويضيف خليل زادة: "تمثل تلك الميليشيات، من الناحية الاستراتيجية، أساساً لمواصلة الصراع، ولخلق الظروف التي تقود لانتشار الإرهاب، وربما باسم مختلف بعد زوال داعش".