"السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط فاشلة.. ولم يعد هناك جدوى منها".. هكذا علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قائلة: فيما تقصف الطائرات الروسية مدينة حلب، وفيما يخشى مئات الآلاف من المدنيين التعرض لحصار وقطع الطرق المحيطة بأكبر مدينة سورية، فأنه حان الوقت للإعلان عن إفلاس السياسة الأمريكية والغربية في سوريا. وتقول الصحيفة إن الإفلاس الأخلاقي تم، في الواقع، طوال خمس سنوات من البيانات الفارغة بشأن وجوب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، وعن تسليح خجول ومتقلب لقوات المعارضة، وللسماح بتجاوز الخط الأحمر الخاص باستخدام الأسلحة الكيماوية، والفشل في مشاركة أوروبا في تحمل عبء اللاجئين، فيما تعاني القارة من نتائج التراخي الغربي. وفي الوقت ذاته، قتل أكثر من ربع مليون سوري، ونزح أكثر من 7 ملايين، فيما لجأ قرابة 5 ملايين إلى دول الجوار. وهناك مليونا طفل لاجئ. وتشير واشنطن بوست إلى أن هذا المسار المنحدر يقود فعلياً لواقع يصعب تصديقه. إذ فيما يطبق النظام السوري، وداعميه العديمي الرحمة، الخناق على حلب، تقف حكومة الولاياتالمتحدة، وبحجة محاربة داعش، في موقف المتفرج، بينما تسعى روسيا والأسد وإيران لتدمير خصومهم مهما كلف الثمن. وترى الصحيفة، آن الأوان لأن يسارع من يهتمون بمكانة الولاياتالمتحدة للقول بأن هذه سياسة مخزية. فإن سمحت الولاياتالمتحدة وحلفائها في الناتو لشركائهم الجدد غير المشرفين بتطويق وتجويع سكان حلب، فإنهم سيكونون متواطئين في جرائم حرب. كما يعد القصف العشوائي للمدنيين خرقاً لاتفاقيات جنيف، وكذلك استخدام الحصار لتجويع المدنيين. وتقول واشنطن بوست "لسنا بحاجة لانتظار برهان على حقيقة نوايا الأسد وبوتين، وهما يطبقان الخناق على حلب. ومنذ بعض الوقت، تواصل إلقاء براميل متفجرة على طوابير الخبز والمشافي في المدينة، وفي مناطق أخرى من سوريا، واستخدمت سياسة التجويع والترهيب في أكثر من مكان". وتشير الصحيفة إلى أن الوضع في حلب يمثل حالياً حالة طوارئ، ويتطلب إجراءات عاجلة. وتتساءل "هل بتنا عاجزين عن القيام بإجراء طارئ؟ إنها أيضاً فرصة، وربما تكون الأخيرة لإنقاذ سوريا. وحلب تمثل اليوم ساراييفو جديدة، سيربرينتشا جديدة، ومصيرها يجب أن يكون بالنسبة للصراع السوري كما كان مصير ساراييفو وسيربرينتشا بالنسبة للحرب البوسنية، أي أنها فرصة لكي تتحرك الولاياتالمتحدة والغرب وكي يقولوا بصوت واحد" كفى". فقد جرى بعد مجزرتي سيربرينيتشا وساراييغو، والحملة الجوية التي شنها الغرب رداً على المجازر، بأن تحركت الولاياتالمتحدة، وقادت اتفاقيات دايتون التي أنهت الحرب في البوسنة. وترى واشنطن بوست بأن هناك مساراً يفضي لإنهاء الرعب في حلب، وهو مسار واقعي بالفعل كفيل بتطبيق المثل الإنسانية العليا، ووسيلة كي تسترجع أمريكا "مكانتها الأخلاقية فضلاً عن مكانتها الاستراتيجية". وتلفت الصحيفة إلى أنه، ومن خلال العمل تحت مظلة الناتو، تستطيع الولاياتالمتحدة استخدام قوتها البحرية والجوية المتوفرة في المنطقة من أجل فرض منطقة حظر طيران بدءاً من حلب وحتى الحدود التركية، والتأكيد على أنها ستمنع مواصلة قصف المدنيين واللاجئين من أي طرف كان، بما فيهم الروس. وفي تلك الحالة، بوسع الولاياتالمتحدة استخدام منطقة حظر طيران لإبقاء الحدود مفتوحة مع تركيا، ولاستخدام مواردها لإعادة تموين المدينة، وتزويد المدنيين النازحين في المنطقة بدعم إنساني.