"وجود داعش فى باكستان مازال فكرة.. رغم أن هذه الدولة منبع جميع الجماعات الجهادية التى تظهر بين الحين والآخر", هذا ماشددت عليه مجلة "ذا دبلومات" الأسيوية، لافتة إلى أنه بعد عام من تأسيس ما يمسى ولاية داعش في خراسان، ما زال ذلك الكيان مجرد فكرة لم تتجسد على أرض الواقع لأسباب عدة. وذلك الكيان الذي يفترض يتكون أعضاؤه من منشقين باكستانيين وأفغان عن حركة طالبان، ويدعمهم عناصر من الحركة الإسلامية في أوزبكستان، وهم متجمعين في مناطق نائية شمال شرق أفغانستان المحاذية لباكستان. ولفتت المجلة إلى حقيقة أنه فيما نفذت حركة داعش خراسان بعض الهجمات الكبيرة خلال العام الماضي، ضيعت فرصة استراتيجية لاستقطاب شبكة من الجهاديين المحليين، وسط صراع بين فصائل على الزعامة، نشب عقب الإعلان عن موت مؤسس طالبان الملا محمد عمر. وضاعت تلك الفرصة جراء تصلب إيديولوجية داعش خراسان، فضلاً عن محاولات تفكيكها ومنع نهوضها، من قبل حكومات الولاياتالمتحدةوأفغانستانوباكستان، وكذلك من قبل تنظيمات طالبان والقاعدة. ورغم تواجد داعش خراسان في مناطق بعيدة من أفغانستان، إلا أن التنظيم متمركز في إقليم نانغارهار الاستراتيجي، وعاصمته جلال أباد، التي تقع على الطريق المباشر بين بيشاور في باكستان وكابول في أفغانستان، ويعد طريق بيشاور جلال أباد وسيلة نقل مؤن وعتاد للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة في أفغانستان، وشريان رئيسي لتجارة أفغانستان غير الساحلي مع العالم. وفي يناير استعرض تنظيم داعش خرسان قوته فيما وراء منطقة نانغارهار وهاجم جلال أباد، ومركزها التجاري، وادعى التنظيم المسؤولية عن هجوم تم في 13 يناير على القنصلية الباكستانية في جلال أباد. وبعد بضعة أيام، ضرب تفجير انتحاري مسكن زعيم قبلي مناهض للتنظيم في جلال أباد، ما أدى لقتل أكثر من 12 شخصاً، ونفى متحدث باسم حركة طالبان في أفغانستان المسؤولية عن ذلك الحادث، مما يؤكد مزاعم التنظيم الداعشي بمسؤوليته عن الهجوم الدموي. وتقول المجلة أنه فيما تنتمي معظم قيادات داعش خراسان لباكستان، فإنها تفتقر لملاذ آمن هناك، فإن للحكومة المدنية الباكستانية ولجيشها الإرادة والقدرة على مواجهة التنظيم الإرهابي. وبرز التنظيم وسط تراجع ملحوظ للعنف الجهادي في باكستان، نتيجة حملة شاملة قوية لمحاربة الإرهاب والتمرد بدأت في نهاية عام 2013، وأثمرت عن انخفاض كبير من العمليات الإرهابية. وتراجعت حصيلة القتلى بين المدنيين جراء الإرهاب من 3001 ضحية، أعلى مستوى له في عام 2013 ، إلى 1781 في عام 2014، إلى 940 في عام 2015، وبنسبة انخفاض بلغت 70%، وإلى أقل عدد منذ عام 2006. وألقت قوات الأمن الباكستانية القبض على عشرات من المشتبه بانتمائهم لداعش، ولمتعاطفين مع التنظيم في عدة مناطق أخرى من البلاد، ومنهم أعضاء سابقين في جماعة الدعوة المتشددة. وترى المجلة، لم يتضح بعد كيف تمت تلك الاعتقالات، ولكن الأرجح أنها تعكس يقظة أجهزة الأمن الباكستانية، ومسارعتها لقمع شبكة جنينية لا تمثل مداً لداعش هناك.