نشطاء : نعيش عصر "الكفتة الثقافية".. و"المسيري": لم أكن أعرف شيئا عن إزالة الأكشاك ومبنى الأتيليه حالة غضب عارمة بين مثقفى الإسكندرية .. ورئيس الوزراء يتدخل لحل الأزمة شهدت محافظة الإسكندرية في أقل من أسبوع واقعتين اعتداء على تراثها الثقافي الأولى عندما شنت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة حملة لإزالة عدد من أكشاك بيع الكتب والجرائد التراثية الشهيرة بميدان محطة الرمل وألقت بعشرات الكتب والمجلات على الأرض، الأمر الذي دفع عدد من مثقفي الثغر بتسميه ما حدث ب "المجزرة"، وجاءت الواقعة الثانية عندما قام عدد من البلطجية التابعين لملاك "أتيلية الإسكندرية" بمحاولة التعدي على المبنى الاثري وإزالة التعديات بقرار صادر من حي شرق بالإسكندرية رقم 2633 لسنة 2011 حسبما أكد ملاكه، في مشهد أعاد للأذهان قصة مسلسل "الراية البيضاء" وقيام فضة المعداوى صاحبة السطوة والمال بمحاولة هدم أحد القصور الأثرية وبناء برج سكني على أنقاض التاريخ. يأتي ذلك فيما أعرب باعة الكتب والصحف بمنطقة محطة الرمل وسط الإسكندرية، عن تخوفهم من تحويل محيط ميدانهم وأكشاكهم التي تعرضت للإزالة، إلى مشروع تجاري استثماري، خاصة بعد إعلان محافظة الإسكندرية عن إعادة تخطيط محيط الميدان وعمل مزايدات للمحلات به بعدها. وقال أحمد فوزي، الشهير ب "سونة"، إنه يعمل متعهد صحف منذ أكثر من 45 عاما، وأنه ورث المكان من والده الذي ورثه من جده، وأن هذه هي الواقعة الثانية للإزالة في عهد المحافظ هاني المسيري، فمنذ شهرين كان هناك تهديد لمتعهدي الصحف بإزالة أكشاكهم، وأن المحافظ قدم اعتذار لهم والتقط صورة تذكارية معهم، لإثبات حسن النية، إلا أنهم تفاجئوا بحملة إزالة، قائلا،: "رئيس هيئة النقل العام اتهمنا بالبلطجة، وأننا نريد حرق منطقة محطة الرمل، على الرغم من حمايتنا للمنطقة من الإخوان، وتم حماية الترام في عهد الانفلات الأمني، وهيئة النقل العام تريد تحويل محلات الكتب إلى مطاعم كشري وكبده، فنحن نغذي العقول وليس البطون، ويريدون قلبها ثقافة الكبدة والكشري، ونحن لن نسمح لهم بذلك". وأضاف: "نحن أصحاب حقوق ملكية بتلك المحال والأكشاك الخشبية التي توراثناها عن أباءنا وأجدادنا"، لافتا إلى أنهم يملكون عقود إيجار وتراخيص منذ عشرات السنين ويدفعون الإيجار الشهري والضرائب. وتابع "فوزي": "قررنا إقامة دعوى قضائية ضد محافظ الإسكندرية، وحي وسط، وتقديم كافة المستندات التي تثبت أحقيتهم في المكان"، رافضا التعامل معهم على نهج الباعة الجائلين، قائلا: "إحنا ثروة تاريخية وأعرق منطقة ثقافية تزخر الإسكندرية بوجودها". وأكد أحمد صالح أحد بائعي الكتب المتضررين من إزالة أكشاكهم، أن أغلب باعة الكتب لن يكونوا قادرن ماديا على الإشتراك في مناقصات ومزايدات لشراء هذه الأكشاك، مطالبا وزير الثقافة بالتدخل لإنقاذ تاريخ ميدان محطة الرمل ومساعدتهم في استعادة محلاتهم التي تعتبر واحدة من علامات المدينة، قبل أن يجدوا أنفسهم مضطرين إلى المشاركة في مزايدة مع رجال أعمال أو أصحاب مشاريع لمحلات أكل وساندوتشات، بحسب قوله. وقال أحمد عبدالله صاحب كشك: "أكشاك باعة الصحف فى منطقة محطة الرمل بالإسكندرية من المعالم التراثية المميزة للميدان منذ 70 عاما، ومرخصة، وندفع الإيجار الشهرى لهيئة النقل العام بالإسكندرية بانتظام"، وأضاف: "منذ ما يقارب العام، تولى اللواء خالد عليوة مسئولية رئاسة الهيئة العامة لنقل الركاب بمحافظة الإسكندرية، ومن يومها يطالب أصحاب الأكشاك بزيادة الإيجار، بالمخالفة للقانون لدرجة تحدثه مع ملاك الأكشاك الستة، بعدم ممانعته فى تغيير النشاط إلى محلات كشرى وكبدة لزيادة الإيجار". فيما قال الحاج محمد فايز، صاحب أحد الأكشاك، إن "تصريحات محافظ الإسكندرية، بإعادة طرح الأكشاك للمزايدة يكشف نيته لهدم موروث ثقافي من أجل التربح والاستثمار"، وأشار إلى أنهم حصلوا على قرار من مجلس الدولة بوقف تنفيذ القرار لحين النظر في الأمر، لافتا إلى أن وعود محافظ الإسكندرية وحي وسط، بنقلهم لأماكن بديلة، ما هي إلا تصريحات وهمية، وأوضح أنهم قرروا العودة لأماكنهم وعدم تطبيق قرار الإزالة، وذلك من أجل الحفاظ على هذا التراث الثقافي، لافتا إلى أنهم لن يسمحوا بتطبيق القرار إلا بعد توفير البديل فعلي. وناشد بائعي الكتب بميدان محطة الرمل الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء وكلا من الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة واللواء سعد الجيوشي وزير النقل، بسرعة إنهاء مشكلتهم وعدم المساس بأماكن تواجدهم في الميدان، مشيرين إلى أنهم لن يتركوا أماكنهم التى توارثوها عن آباءهم وأجدادهم، مؤكدين أنهم في حال طردهم مرة أخرى سيتخذون اجراءات تصعيديه ضد من يحاول التعدي على أرزاقهم. وعرض بائعو الكتب والجرائد مشكلتهم على رئيس الوزراء شريف إسماعيل الذى زار محافظ الإسكندرية السبت الماضى والذى وعدهم بالنظر فيها وحلها فى القريب العاجل. فى هذا الصدد قالت كريمة الحفناوي القيادية بحركة كفاية، إنها تابعت عملية الإزالة التى تعرض لها أصحاب محلات الكتب والصحف بكثير من الضيق والحزن، متهمة المحافظ هاني المسيري بعقد اتفاق مع بعض رجال الأعمال لاستغلال محيط الميدان في مشروع تجاري كبير، مشيرة إلى أنه لم يكن ليجرؤ على تنفيذ حملة الإزالة بهذا المكان العريق إلا إن كان يضمن مسبقا وجود تمويل كبير ستسفيد منه المحافظة بعد عمل مشروع تجاري في نفس هذه المنطقة. وقال محمد سعد خير الله منسق حركة "مناهضة أخونة مصر": "هناك حالة من حالات الاضطهاد لكل ما هو فنى وثقافي، وما قامت به الاجهزة التنفيذية بالمحافظة من حالات تعدى على أحد أهم المعالم التراثية بالمحافظة وإهانة الكتب هى أفعال ممنهجة في ظل وجود محافظ فاشل"، لافتا إلى أن البلاد تعيش حالة التردي والتدنى غير المسبوق على جميع الاصعدة اقتصادية والثقافية والفنية وهو ما جعل اللواء خالد عليوة رئيس هيئة النقل بالإسكندرية يطالب بائعي الكتب بفتح محلات لبيع الكفتة والكشري بديلا عن محلات بيع الكتب فيما أستطيع أن أطلق عليه "عصر الكفتة الثقافية". من جانبه أكد اللواء خالد عليوة رئيس هيئة النقل العام بالإسكندرية، في بيان رسمي له أن ما يتردد حول إزالة أكشاك جرائد وكتب محطة الرمل , أقوال لا أساس لها من الصحة مطلقا، وأن قرارات الإخلاء صادرة منذ عام 2014، وأن مستأجرى الأكشاك صادر لهم تراخيص بالانتفاع لمدة عام وفقا لأحكام قانون المزايدات والمناقصات الخاص بالانتفاع بأموال الدولة، وأن هذا التراخيص لوضع مدرج لبيع الجرايد والمجلات ولمدة سنة واحدة وقد انتهت المدة منذ فترة طويلة, وأشار إلى أنه تم إخطارهم بتسليم الأماكن إلا أنهم امتنعوا فتم إخطارهم أكثر من مرة بتسليم الأماكن، وأنه لا توجد تراخيص بالأكشاك، لكنهم لم يستجيبوا للأوامر . وأضاف "عليوة" أن مدة الترخيص عام واحد وأن قانون المزايدات والمناقصات حدد أنه في جميع الأحوال لا تزيد مدة الترخيص عن ثلاث سنوات ويجب أن يعاد الطرح في مزايدة علنية مرة أخرى، ولهم الحق في دخول المزايدة، إلا أنهم كانوا يرفضون ذلك. واوضح أنه سيتم إعاده الطرح بعد تخطيط مناسب من مكاتب متخصصة لإعادة الوجه الحضاري واستكمالا للمنظومة التي بدأت، بنقل نقطة الشرطة وإعاده النافورة واللوحة القديمة ونظافة المباني التاريخية وإزالة الإعلانات المخالفة ووإصلاح السلالم الكهربائية، وإعاده المجمع الاستهلاكي في النفق". يذكر أن محافظ الإسكندرية، هاني المسيري، صرح أن الباعة التي تمت إزالة أكشاكهم بميدان محطة الرمل، لهم الأولوية فور إعادة طرح الأكشاك مرة أخرى للمزايدة العلنية بنظام حق الانتفاع بعد التخطيط لبناء الأكشاك على أيدي متخصصين، وذلك بعد تنفيذ مشروع إعادة تطوير الميدان. لم يمر على واقعة إزالة أكشاك كتب محطة الرمل سوى أيام قليلة وجاءت محاولة عدد من البلطجية هدم "اتيلية الإسكندرية الأثري، الغريب في الامر أن الواقعتين وقعتا ضمن نطاق حي وسط بالمحافظة !! وفي هذا الشأن طالب الدكتور محمد رفيق خليل، رئيس أتيليه الإسكندرية , المحافظ هانى المسيرى بالتدخل لإنهاء الاعتداء، مطالبا مثقفى وفنانى الثغر بالتحرك لإنقاذ الأتيلية الذي يعد أحد أهم المراكز الثقافية الهامة بالمحافظة. وأضاف: "بلطجية تابعين لأصحاب العقار احتلوا أحد مبانى الأتيليه، وهو مبنى أثرى أنشئ منذ عام 1883 وفق طراز إيطالى ومدرج ضمن الآثار ويريد أصحاب العقار الاستيلاء عليه بزعم أنه لا يتبع الأتيليه". في سياق متصل نظم عدد من النشطاء والمثقفين والفنانين وبائعي الصحفي بالإسكندرية، الجمعة الماضية، وقفة احتجاجية صامتة، لمدة ساعة في ميدان محطة الرمل، قاموا خلالها بقراءة الكتب والجرائد في أماكن الأكشاك التي تم إزالتها. كما قام المشاركون فى الوقفة الصامتة بفاعلية مماثلة للاحتجاج على اقتحام مبنى أتيليه الإسكندرية أحد المنابر الثقافية الهامة بالمحافظة.