قالت الدكتورة هالة يوسف، وزير الدولة للسكان، أن إطلاق الإستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث هي تتويج للجهود الحكومية والأهلية التي بذلت في هذا المجال منذ بدايات القرن الماضي وحتى الآن، وتبنى عليها.. ووجهت الوزيرة الشكر لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي والاتحاد الأوربي في مصر لمساندته الجهود الوطنية لمناهضة ختان الإناث منذ عام 2003، مؤكدة أن فتيات مصر تجني هذه الأيام ثمار هذا البرنامج في حمايتهن من ممارسة تنتهك حقوقهن وكرامتهن. جاء ذلك خلال كلمة الوزيرة في في مؤتمر إطلاق "الإستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث"، بحضور الدكتور عادل عدوي وزير الصحة، والدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة، واللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان، والدكتور محمد سلطان محافظ البحيرة، وأنيتا نيرودى الممثل المقيم لمنظمات ألأمم المتحدة فى مصر، وجيمس موران، سفير الاتحاد الأوربي بمصر. وأضافت الوزيرة أنه من الحسن الحظ، أن يتزامن إطلاق أول إستراتيجية وطنية لمناهضة ختان الإناث مع اليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث وهو يوم 14 يونيو، من كل عام منذ عام 2007، ليذكرنا بالطفلة "بدور" فتاة مركز مغاغة بمحافظة المنيا، التي دفعت حياتها ثمنا لعادة أو ممارسة ختان الإناث التي تنتهك حقوق البنت المصرية مثلها مثل أخريات لم يلق عليهن الضوء. وأشارت الوزيرة إلى أن مصر حققت خطوات هامة في سبيل القضاء على واحدة من أقسى ممارسات العنف ضد المرأة والأسرة المصرية ألا وهي ختان البنات، حيث يعتبر الحكم الصادر من محكمة استئناف الدقهلية في فبراير الماضي بمعاقبة مرتكبي جريمة ختان البنات حكما تاريخيا وانتصارا لحق الفتاة البريئة التي راحت ضحية هذه الممارسة وللكثير من الضحايا الأخريات اللاتي تعرضن لمثل هذا الفعل المجرم قانونا، كما أنه يعد تشجيعا للإبلاغ عن الحالات الجديدة وفتح باب التحقيق فيها، وهو الدور الذي تقوم به باقتدار النيابة العامة مع وزارة الدولة والسكان. وأشارت الدكتورة هالة يوسف إلى أن الدستور المصري 2014، أولى اهتماما خاصا بحماية المرأة والطفل ضد كافة أشكال العنف والتمييز في المادتين (11 و80)، كما تتزايد جهود المجتمع المصري حاليا اجتماعيا وسياسيا وإعلاميا للتصدي لكافة أشكال العنف ضد المرأة، ليس فقط في جانبها المادي ولكن في جانبها الفكري أيضا وذلك من أجل التصدي لكافة الأفكار الرجعية التي تحط من شأن المرأة، مشيدة بدور المجلس القومي للمرأة لتبنيه إستراتيجية الحد من العنف ضد المرأة. وأكدت، أنه من أهم الخطوات التي حققتها مصر في مجال التصدي لممارسة ختان الإناث هو انخفاض واضح في نسب انتشار الممارسة وسط الأجيال الجديدة، كما يتضح من خلال مقارنة أرقام المسح الصحي السكاني لعام 2008 أن نسبة انتشار الظاهرة بين النساء في السن من 15 إلى 17 سنة كانت 74%، وبينما وصلت هذه النسبة إلى 61%، في مسح عام 2014، والذي أعلن عنه منذ أيام قليلة، كما كشف المسح الأخير أيضا عن زيادة في نسب الأسر التي تتجه للتخلي عن هذه الممارسة في الحضر مقارنة بالريف، وهو ما يدل على أهمية التعليم والتوعية في اتخاذ قرار التخلي عن هذه الممارسة. وأشارت وزير الدولة للسكان، أنه من مؤشرات التغيير الهامة كسر حاجز الصمت الإعلامي حول ممارسة ختان الإناث، وتزايد الأصوات في الريف والحضر، والتي تؤكد كل يوم تزايد عدد القرى الرافضة لهذه الممارسة، والتي عكستها الحملات الإعلامية الأخيرة التي أطلقتها الوزارة مؤخرا تحت عنوان "كفاية ختان بنات"، والتي حملت لأول مرة شهادات حية لرجال ونساء يرفضون هذه الممارسة ويعلنون التخلي عنها بشجاعة أمام المجتمع كله دون خوف أو حسابات، كما أن هذا التغير في الرسائل الإعلامية يؤكد أن ممارسة ختان الإناث قد تحولت لدى الرأي العام من موروث ثقافي إلى جريمة يعاقب عليها القانون. وأكدت، أن الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي في مصر، والصادر من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، والكنائس القبطية قد أكد أن ختان الإناث مجرد عادة وليست عبادة وأن تعاليم الإسلام الوسطى ترفض انتهاك جسد المرأة أو تشويهه أو المساس بحقوقها وحقوق زوجها في حياة أسرية سعيدة. ونوهت الوزيرة إلى أن هذه الخطوات الهامة كان لا يمكن إنجازها إلا بتضامن جهود الحكومة والمجتمع المدني والهيئات الدولية التنموية ومنظمات الأممالمتحدة التي قدمت نموذجا للتعاون في إطار منظومة متكاملة قامت من خلالها بدعم البرنامج الوطني لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث بوزارة الدولة للسكان، ليكون المظلة الوطنية للتنسيق بين الجهود المختلفة مما أدى إلى تعظيم النتائج. كما أشادت الدكتورة هالة يوسف بالدور الكبير الذي لعبته النيابة العامة بالتعاون مع وزارة الدولة للسكان في تحريك الدعوى الجنائية في قضية الطفلة سهير الباتع والتي لولا اهتمام المستشار هشام بركات، النائب العام بإعادة فتح هذه القضية وإحالة المتهمين لأول مرة إلى المحاكمة الجنائية وأيضا استئناف حكم المحكمة الأول ما وصلنا لهذه النتيجة اليوم. كما أعلنت الوزيرة، عن تعاون وزارة الدولة للسكان مع النيابة العامة ومركز الدراسات القضائية بإنجاز برنامج تدريبي لأعضاء النيابة العامة حيث شمل دراسة قضايا العنف ضد المرأة وختان الإناث من المنظور العلمي والديني والقانوني واستهدف البرنامج تدريب حوالي 600 عضو من أعضاء النيابة من مختلف محافظات الجمهورية. وأكدت الدكتورة هالة يوسف أن الوزارة تعمل أيضا بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة والمجتمع المدني لمنع هذه الممارسة ومعاقبة مرتكبيها من مقدمي الخدمة الصحية وغيرهم، بعد أن كشفت المسوح السكانية الصحية عن ظاهرة تطبيب ختان الإناث من خلال إرسال ومتابعة البلاغات الواردة للوزارة عن الممارسين والضحايا. كما أعلنت الوزيرة عن ملامح الإستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان السكان والتي وضعها البرنامج القومي لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث بالوزارة بالتعاون مع كافة الشركاء الحكوميين والمنظمات الأهلية والدولية، وتهدف الخطة إلى خفض نسب ممارسة ختان الإناث وسط الأجيال الجديدة على المستوى الوطني، من خلال دعم مناخ سياسي واجتماعي وثقافي لتمكين الأسرة المصرية من اتخاذ قرار بعدم ختان بناتها وذلك من خلال العمل على 3 محاور أساسية، وهي إنفاذ قانون تجريم ختان الإناث وتفعيل القرارات الوزارية بشأنه، واستمرار دعم مناخ ثقافي اجتماعي داعم لحقوق الطفل والمرأة والأسرة، وتطوير نظم المعلومات ومتابعة تقييم برامج تمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث. وأشارت الوزيرة إلى التكامل بين هذه الإستراتيجية والإستراتيجية القومية للسكان في مصر، مؤكدة أن هذه الخطة قد بدأت الوزارة تنفيذها من خلال التنسيق مع النيابة العامة في التدريب ومتابعة قضايا ختان الإناث. كما أعلنت الوزير عن تكوين مجموعة عمل تضم كافة الشركاء الوطنيين من الوزارات المعنية ومن النيابة العامة وممثلي الإعلام لمتابعة تنفيذ الخطة الوطنية لمناهضة ختان الإناث، ويأتي هذا في إطار التزام الدولة المصرية بالتصدي لختان البنات، وكافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة. كما وجهت الوزيرة الشكر للعديد من الوزارات والتي بدأت في اتخاذ خطوات تنفيذية لتنفيذ الأنشطة التي تحقق أهداف الإستراتيجية وتتبناها الآن بالفعل المؤسسات التعليمية والدينية والصحية والإعلامية والمجتمع المدني النشط في مجال الصحة الإنجابية وحقوق الأسرة، فقد أصبحت هذه الإستراتيجية بمثابة توثيق للجهود الوطنية وخارطة الطريق للقضاء على ختان البنات في مصر، كما أنها ستساهم في رفع الوعي العام بالممارسات التي تضر بكرامة الفتاة المصرية ومن ثم المرأة المصرية بوجه عام.