أعدَّ المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، دراسة عن صعود حركة "العقاب الثوري" في مصر وعنفها المتمدد، حيث نصت على: شهدت مصر في الفترة الأخيرة صعود العديد من التنظيمات الإرهابية بعد سقوط نظام حكم الإخوان المسلمين، لا سيما عقب فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية، وتتميز هذه التنظيمات الناشئة بأنها عشوائية، وصغيرة الحجم نسبيًّا، وتفتقر إلى الإمكانيات الضخمة والاستراتيجيات التنظيمية، ويعد تنظيم "العقاب الثوري" واحدًا من هذه التنظيمات التي ظهرت مؤخرًا؛ حيث لم يتجاوز الإعلان عن تأسيسه شهورًا قليلة، وعلى الرغم من حداثته يعد تنظيم "العقاب الثوري" واحدًا من التنظيمات الإرهابية الخطرة والأكثر انتشارًا، ويرجح البعض أنه عبارة عن تنظيم خاص لجماعة الإخوان المسلمين يعمل تحت مظلتها، وهذا أهم ما يميزه عن التنظيمات الأخرى، وعلى الرغم من نفي الجماعة صلتها بهذه الحركة أو غيرها من التنظيمات الإرهابية التي ظهرت مؤخرًا، فإنه غالبًا ما تُقابَل عمليات الحركة بتأييد وتبرير من جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها. وعن خصائص وأسباب صعود الحركة، أوضحت الدراسة: تزامن ظهورُ تنظيم العقاب الثوري مع ذكرى ثورة يناير هذا العام 2015، حيث تم تدشينه كتنظيم يستخدم السلاح في مواجهة السلطة، ونشر مقطع فيديو أعلن فيه أنه نفذ أولى عملياته المسلحة دفاعًا عن ثورة 25 يناير، ويظهر في الفيديو مجموعة من الأفراد الملثمين يقودون سيارة ويحملون رشاشًا ويُطلقون النيران على كمين للشرطة، وطالب التنظيم في بيان تأسيسه الذي أعلنه في 24 يناير الماضي الشباب بالانضمام إليه، وأعلن مسئوليته عن الكثير من العمليات الإرهابية خلال الفترة الماضية. ولفت إلى أنه بناءً على تحليل العمليات التي قام التنظيم بتنفيذها في الشهور القليلة الماضية، يمكن القول إن هذه العمليات تحمل العديد من الدلالات، التي جعلتها أحد أهم أسباب صعود التنظيم، وتشمل: الانتشار الجغرافي حيث أعلنت جماعة "العقاب الثوري"، في بيان لها، تشكيل مجموعات في 15 محافظة من محافظات مصر، حيث تميزت العمليات التي تنفذها الجماعة بالانتشار الجغرافي في العديد من المحافظات، وعلى الرغم من تمركز معظم هذه العمليات في القاهرة والإسكندرية، فإن الحركة تبنت العديد من العمليات التي تمت في محافظات أخرى مثل: الفيوم، ودمياط، وبني سويف، وبورسعيد، والقليوبية، وسوهاج، وغيرها، وإن كان هذا الانتشار إعلاميًّا أكثر منه انتشارًا واقعًّا. وعن أسباب انتشارها أيضًا لفتت الدراسة إلى "السيرُ على خطى الإعلام الداعشي": حيث تُحاول الحركة الاقتداء بتنظيم داعش في توثيق العمليات الإرهابية التي تقوم بتنفيذها، وهو الأسلوب الذي يشتهر به تنظيم داعش والجماعات المتحالفة معه مثل "أنصار بيت المقدس" التي قامت بتغيير إسمها بعد مبايعتها تنظيم داعش إلى "ولاية سيناء"، وإذاعة الفيديوهات على موقع Vimeo، وهو نفس الموقع الذي يستخدمه تنظيم داعش في إذاعة الفيديوهات للتغلب على حذف مقاطع الفيديو الخاصة به من موقع مشاركة مقاطع الفيديو "يوتيوب"، بسبب سياساته التي تمنع إذاعة أي فيديو يتضمن مشاهد عنف أو تدمير، بالإضافة إلى حرص الحركة على أن توثق صور عملياتها على صفحتها على مواقع "فيس بوك" و"تويتر". وأضافت: تزايد معدل العمليات، فبرغم أن العمليات التي تنفذها الحركة ضيقة النطاق، فإنها كثيرة العدد؛ حيث نفذت الحركة 12 عملية إرهابية خلال 7 أيام شملت 11 محافظة من محافظات الجمهورية، وكثيرًا ما يتم تنفيذ عدد من العمليات بشكل متزامن، ففي اليوم التالي لتنفيذ حكم الإعدام في محمد رمضان في الفيوم، قامت الجماعة بتنفيذ ثلاث عمليات في يوم واحد في المحافظة استهدفت جميعها أفرادًا وكمائن للشرطة. وعن العمليات الانتقامية، قالت: الحركة تتبنى اتجاهات انتقامية في عملياتها؛ حيث تُركز في مجملها على رجال ومؤسسات الأمن، والجيش، والقضاة، والمؤيدين لنظام الحكم الحالي في مصر، وتُشكل العمليات التي استهدفت رجال وكمائن الشرطة الغالبية العظمى من مجمل العمليات التي نفذتها الحركة منذ تأسيسها، وغالبًا ما يتم تنفيذ العمليات في أعقاب أحداث بعينها؛ حيث تحرص الحركة على إذاعة بيان يُوضح الدوافع الانتقامية للقيام بالعملية، ومن أبرز العمليات الانتقامية التي نفذتها الحركة استهداف منزل المفتي السابق الدكتور علي جمعة. وتطرقت إلى الإرهاب الاقتصادي، قائلة: صرحت الحركةُ في أحد بياناتها عن استهدافها الاقتصاد المصري والمصالح الاقتصادية للمتعاونين معه؛ حيث استهدفت العديد من العمليات التي قامت بها الحركة مؤسسات وشركات خاصة، حيث تم تفجير أحد مقرات شركة اتصالات شهيرة بدعوى تعاونها مع النظام، وقد بذلت الحركة جهودًا كبيرة في الترويع ونشر الفوضى قبل المؤتمر الاقتصادي، وقامت بنشر بيان على قناة "رابعة" المنسوبة لجماعة الإخوان المسلمين؛ حيث أعلنت في بيان لها أنها سوف تستهدف السياح والمؤتمر الاقتصادي، ومنحت مهلة لجميع الرعايا الأجانب من جميع الجنسيات العربية والأجنبية والإفريقية وجميع موظفي الشركات العاملة بمغادرة البلاد فورًا، وتنتهي هذه المهلة بنهاية يوم (11 فبراير 2015)، وبعدها سيكونون محل استهداف من الحركة، ومنحت "فرصة أخيرة للشركات الأجنبية على أرض مصر، حتى يوم (20 فبراير 2015) بسحب جميع تراخيصها من مصر، وإنهاء أعمالها، وإلا سوف تكون جميع أنشطتها محل استهداف". كما لفتت إلى إرهاب الإعلام، حيث نوهت بتوجيه الحركةُ الأنظارَ إليها عندما نشرت مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" تُعلن فيه مسئوليتها عن تفجيرات أبراج الكهرباء بمدينة الإنتاج الإعلامي، وأطلقت عليها اسم "عملية قطع الألسنة"، حيث يُظهر الفيديو الذي لا تتجاوز مدته الدقيقة، لقطات لإعلاميين مصريين، تتبعها لقطات سريعة لتفجير أبراج مدينة الإنتاج الإعلامي، وبيان تحذيري في نهاية الفيديو. وتوقعت الدراسة تهديدات محتملة، إذ إنَّه في ظل الصعود السريع للحركة، والانتشار الجغرافي واسع النطاق لها، بالإضافة إلى نقص المعلومات الواضحة حولها خاصة مع عدم وجود ملفات أمنية لكل أعضاء الحركة الذين لم يُمارس معظمهم العنف قبل أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، وهو ما يصعب معه تتبع أعضاء الحركة أمنيًّا، والسيطرة على انتشارها؛ تبدو هناك العديد من التهديدات المحتملة، أهمها: إمكانية استقطاب أعضاء جدد حيث تحرص الحركة على ضم عناصر من الشباب الغاضب، وتدعوه مباشرةً للانضمام للحركة في ظل تأييد العديد من الجماعات والحركات المتشددة لنشاطاتها، وهو ما يُمكن أن يترتب عليه تزايد سريع في أعداد المنضمين للحركة والمتعاونين معها في جميع محافظات الجمهورية، لاسيما احتمالية التعاون مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية خارج مصر، حيث إنه على الرغم من نقص المعلومات حول الحركة وعدد أعضائها وخلفياتهم، فإن هناك من يُرجح حصول عدد كبير من كوادرها على تدريبات عسكرية خارج مصر، ومن المرجح أيضًا أن تكون الحركة هدفًا للعديد من محاولات التعاون الخارجي والدعم الذي قد يُمكنها من توسيع نطاق وحجم عملياتها بداخل مصر، وتوظيفها لتحقيق مصالحها. كما شملت الدراسة التطوير النوعي في العمليات الإرهابية، حيث تحاول الحركة التطوير من عملياتها، والعمل بصورة ممنهجة من خلال تجميع أكبر قدر من المعلومات حول المرافق الحيوية وضباط الجيش والشرطة تمهيدًا لاستهدافهم، وهو ما أعلنت عنه الحركة صراحة في نهاية الفيديو الذي تضمن تسجيلًا لعملية تفجير أبراج كهرباء مدينة الإنتاج الإعلامي؛ حيث أعلنت عن "تدشين مرحلة جديدة من العقاب تعمل وفق رؤية وأهداف استراتيجية تعتمد على جهد كبير من الرصد، والمسح، والتمشيط، وتحليل المعلومات" على حد تعبير بيان التنظيم. وفي نهاية الدارسة أوضحت أنه برغم أن حركة "العقاب الثوري" تحاول تصوير نفسها على أنها تنظيم كبير وضخم وقادر على القيام بعمليات كبيرة وضخمة، فإنه في النهاية لن يخرج عن كونه أحد التنظيمات العشوائية التي ظهرت في الفترة الأخيرة، وأن حالة النشاط التي تنتابه حاليًّا لن تستمر طويلًا، وأنه سوف يستنفد قدراته مع مرور الوقت، ولن يستطيع البقاء على الساحة طويلًا، نظرًا إلى أن أفراد هذا التنظيم وغيره من التنظيمات العشوائية لديهم ما يشبه "الطفولة التنظيمية" بسب عدم وجود خبرة تنظيمية وعملياتية تساعدهم على ممارسة نشاطهم فترات طويلة، خاصة أن هؤلاء الأفراد من الهواة وليسوا من المحترفين، يضاف إلى ذلك أن هذه التنظيمات غالبًا ما تكون عرضة للاختراق الأمني بسب ضعف "المناعة الأمنية" داخل التنظيم، لذا فإن تنظيم العقاب الثوري يمكن أن يُمارس نشاطه لبعض الوقت، ولكن بعد فترة من الزمن سيصبح في طي النسيان، شأنه شأن العديد من التنظيمات الإرهابية التي ظهرت منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، ثم سرعان ما اختفت، ولم يعد لها وجود على الساحة.