منذ شهر ونصف الشهر تقريباً نشرت مجلة «ماريان» الفرنسية تقريراً خطيراً عن مخطّط قطرى تركى يقضى بتحويل ليبيا إلى معقل للمجموعات المتشددة بهدف ضرب أمن دول الجوار وخاصة منها تونس ومصر. التقرير اتهم المخابرات التركية والقطرية بالإشراف على هذا المخطط الخطير، انتقاما لفشل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر التى أطاحت بها ثورة شعبية فى 30 يونيو 2013. الخطر يتجاوز حدود ليبيا ليطال دول الجوار التى ثارت ضد حكم الإسلاميين خاصة مصر وتونس بعد أن فشلوا فى استهدافهما من الداخل عبر تشجيع الميليشيات الإخوانية. الوثائق السرية التى حصلت عليها مجلة «ماريان» الفرنسية، أكدت تدفق أموال كثيرة وأعداد هائلة من المقاتلين إلى ليبيا، عبر مطار إسطنبول، لتكوين «جيش إسلامى ضخم». وتشير المجلة الفرنسية، فى تحقيق استقصائى، حمل عنوان «مخططات قطروتركيا السرية فى ليبيا» إلى أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان كان يطمح إلى أن يذكره التاريخ باعتباره مؤسس «الإمبراطورية العثمانية الإخوانية» الجديدة، التى تضمّ تحت جناحها كبرى الدول العربية، سوريا ومصر، وتمتدّ إلى كامل المنطقة. وقال التقرير ذاته إن قطر تسعى بدورها إلى بناء إمارة إسلامية، يتولّى الحكم فيها أنصار الدوحة من جماعة الإخوان المسلمين، الذين لا تفتأ تضخّ فى جيوبهم المال الكثير بما يضمن ولاءهم الدائم لها. لكن فشل الإسلاميين فى مصر وتونس، وغياب دور فاعل لهما فى اليمن وسوريا أحبط هذه المخطّطات، وأمام هذا الواقع لم تجد أنقرةوالدوحة من حلّ سوى إعادة النظر فى حساباتهما من خلال دعم الحركات الإسلامية فى ليبيا، بشقيها، السياسى والجهادى المسلّح حسب ما جاء فى التقرير الفرنسى. ويستشهد التقرير الفرنسى فى هذا السياق، بعملية اغتيال العقيد إبراهيم السنوسى عقيلة، رئيس المخابرات العامة فى شرق ليبيا، والتى تمت بسبب تصريحات أدلى بها حول المؤامرة التركية القطرية الإخوانية. كان عقيلة صرّح، قبيل اغتياله، قائلاً: إن مخططاً يحاك ضدّ ليبيا وجيرانها ويتورط فيه ميليشيات إسلامية وأعضاء فى الحكومة الليبية وعسكريون وأمنيون ومسئولون فى العلاقات الخارجية. الخطة القطرية-التركية، تقوم على إعادة هيكلة الجماعات الإرهابية المحلية لإدماجها فى صفوف الشبكة الدولية، وتحويل ليبيا إلى قاعدة لتدريب المقاتلين الإسلاميين لتكوين «جيش مصر الحرّ» وتحويله إلى جهة تبثّ الفوضى على الحدود بين مصر وليبيا. يضمّ هذا الجيش وفق ما رسمته الخطة، إلى جانب الجهاديين الليبيين، مقاتلين من تونس ومصر وسوريا وأفغانستان وجنسيات أخرى، يدخلون إلى ليبيا عبر عقود عمل فى شركات استثمار أجنبية ومن ثمّة يلتحقون بمعسكرات التدريب فى الجنوب أو بقواعد التنظيمات الجهادية على أطراف درنة وبنغازى وصبراتة ومصراتة. وقد قدّر التقرير الفرنسى عدد المقاتلين الذين يلتحقون شهرياً بالميليشيات المسلّحة فى ليبيا ما بين 5 آلاف و25 ألف مقاتل. لم تمنح القوى الحامية للميليشيات الإسلامية العقيد إبراهيم السنوسى عقيلة الوقت ليقدّم الأدلّة على ما صرّح به، حيث تم اغتياله، كما تم اغتيال أو محاولة اغتيال آخرين فى عمليات طالت رئيس الحكومة عبدلله الثنى، واللواء خليفة حفتر، قائد عملية «الكرامة»، الذى نجا من عدة محاولات طالت بعضها أفراد عائلته، على غرار أخوين له وابنه وصهره. كما تم خطف ابن شقيقته على خلفية دعوته تركياوقطر إلى مغادرة شرق ليبيا المضطرب متهماً الدولتين بدعم الإرهاب. رصدت المخابرات الليبية، وفق المجلة، هذا الاسم «دولة الخلافة الإسلامية فى ليبيا» خلال لقاء سرّى جمع فى إسطنبول ثلاثة من أبرز قيادات الإسلاميين فى ليبيا. نقلت المجلة عن اللواء عبدالرازق الناظورى، رئيس هيئة أركان الجيش الليبى، قوله إن الميليشيات تحوز على كميات هائلة من الأسلحة الجديدة والمتطوّرة وصلت عبر السفن التركية والطائرات القطرية، التى تم رصد عمليات هبوطها فى مطارات ليبيا، على غرار مطار معيتيقة الدولى فى طرابلس.