-"محلب" يمنح رجال مبارك قبلة الحياة.. ويسقط عنهم أى مسئولية جنائية - القانون الجديد يعطى لصوص المال العام رد قيمة الأراضى التى استولوا عليها بنفس الأسعار القديمة - فضيحة .. المتهمون يحددون ما استولوا عليه من أموال وما يرغبون فى سداده للتصالح مع الدولة "خدعوك فقالوا نشرع القوانين لجلب أموالنا المهربة على يد رجال نظامى مبارك ومرسى الى الخارج ..فإذا بهم يمنحون لصوص المال العام قبلة الحياة من جديد ويزفوا لهم قانونا يعطيهم الأمل للتمتع بكل أموالهم الحرام التى سرقوها على مدار عقود مضت دون أدنى مسئولية جنائية عليهم، فقسم التشريع بوزارة العدل وبعد ثبات طويل تذكر أن قانون الكسب غير المشروع فى حاجة الى تعديل يسد ثغرات القانون الحالى حتى يتمكن من رد ما هرب من أموالا مصرية الى الخارج، فإذا به يصدر بعض التعديلات على قانون الكسب تتيح للحكومة التصالح مع المتهم بسرقة أموال الدولة فى قضايا الكسب، كما أن للمتهم فى مرحلة التحقيق إن يقوم بسداد الأموال التي تربحها مرة ونصف المرة، أما في مرحلة الإحالة إلى المحاكمة فيسددها مضافا إليها مثلها، أو عقب صدور أحكام فيسددها مضافا إليها ضعف قيمتها. التعديلات الأخيرة التى منحت رموز نظامى مبارك ومرسي الحق فى التصالح دون أى مسئولية جنائية عليه، لاقت ترحيبا حكوميا واسعا، حيث وافق مجلس الوزراء على تلك التعديلات على اعتبار أنها ستسهم فى استرداد أموال الدولة المنهوبة، بشكل يوحى بتوجه رسمى من قبل حكومة "محلب" لإعادة رموز الأنظمة السابقة تدريجيا الى الحياة السياسية. بعض فقهاء القانون رحبوا بالتعديلات الجديدة إلا أنهم شككوا فى طريقة تنفيذها بالشكل الذى يعود على الدولة بالنفع الحقيقى التى شرعت من اجله، حيث قال عصام الإسلامبولي، الفقيه الدستوري انه يتفق مع التعديلات الجديدة لكنه يرى ضرورة أن يكون هناك تعديل في النص القانوني يتيح تطبيق هذه التعديلات لكل حالة على حدة، مضيفا أنه لابد أن تكون هناك شفافية في تطبيق التعديلات الجديدة على قانون الكسب غير المشروع الخاصة بالتصالح مع رموز الأنظمة السابقة، على أن يتم التعامل عند التطبيق مع المكسب الحقيقي العائد على المتهمين طوال هذه الفترة وتتم محاسبتهم بسعر السوق. وقال الاسلامبولي: "لابد أن يدفع المتهم المبلغ وما عاد عليه من نفع، فبعض الأراضي مثلا أخذوها بمبالغ هزيلة وسعرها الآن قد يصل للملايين، فلابد من محاسبتهم بالسعر الحقيقي للقيمة نفسها"، وتابع " أن هناك العديد من القضايا لا نعرف مصيرها حتى الآن، ويجب على جهاز الكسب غير المشروع أن يُعلم الشعب بما توصل إليه في هذه القضايا، والأمر نفسه فى حالة استرداد أي من الأموال المهربة. الدكتور ثروت بدوي،الفقية الدستورى وأستاذ القانون العام، أكد على ضرورة تطبيق هذه التعديلات على جميع من حصلوا على كسب غير مشروع سواء من أموال الدولة أو من أي مصادر أخرى مستغلين في ذلك وظائفهم، مشيرا الى أن الهدف الأساسى من التعديلات هو حصول الدولة على أموالها بالتراضى بدلا من إقامة الدعاوى وملاحقة هؤلاء قضائيا مما قد يستغرق سنوات طويلة. وشكك "بدوى" فى نهاية حديثة فى قدرة الدولة فى الحصول على الأموال قائلا "أن الدولة قد تعجز عن الحصول على أي نسبة من الأموال التى حصل عليها رجال الأعمال فى الأنظمة البائدة، نظرا لأن معظم هذه الأموال تم تهريبها إلى الخارج وقد لا تستطيع الدولة الكشف عنها من الأساس". محامو المتهمين فى قضايا التربح والاستيلاء على المال العام كانوا من أبرز من رحبوا بالتعديلات الأخيرة، واصفين إياها بأنها سوف تعود بالنفع على الدولة والمتهمين بحسب وصفهم، طارق عبد العزيز محامى رجل الأعمال الهارب حسين سالم وفى تصريحات صحفية أعقبت موافقة مجلس الوزراء على التعديلات الجديدة قال إن التعديلات جيدة وتواكب مع التشريعات المعمول بها فى قضايا التربح من المال العام فى دول الاتحاد الأوروبى، موضحاً أن التعديلات راعت استقرار المراكز المالية للمتهمين فى قضايا الكسب طوال فترة المحاكمات، حيث إن أغلب المتهمين من أصحاب الشركات والمؤسسات المالية التى يعمل بها آلاف العمال. وأكد «عبد العزيز» أن تلك التعديلات كانت مطلوبة منذ فترة طويلة، ولكن الأيدى المرتعشة فى الفترات الانتقالية الماضية لم تستطع إجراء تلك التعديلات التى عالجت الكثير من الكسور التى كانت موجودة فى القانون، فالتعديلات منحت جهاز الكسب غير المشروع جميع آليات عقد وتنفيذ اتفاقيات التصالح مع المتهمين، مشيرا إلى أن هناك عدداً من التعديلات أُغفلت منها جعل جهاز الكسب هيئة قضائية مستقلة تتبع بشكل مباشر المجلس الأعلى، لا تتبع وزارة العدل، كما يعين رئيس الكسب بعناية رئيس مجلس القضاء الأعلى، معللاً ذلك بأن تبعية الجهاز لوزارة العدل تجعل عمله يعانى من الكثير من الروتين. وشدد «عبد العزيز» على أن موكله حسين سالم تقدم بالفعل بعدد من طلبات التصالح لجهاز الكسب، ولكن سيتم حالياً دراسة كيفية الاستفادة من التعديلات الجديدة على القانون، مشدداً على أن الكثير من المتهمين أمام الجهاز سيبدأون فى التحرك فور إقرار التعديلات. عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة الدكتور محمود كبيش، محامى حسين سالم أيضا رحب بالتعديلات الجديدة على قانون الكسب غير المشروع، مشيرا الى انه ليس بالضرورة أن تنتهى التهم المقامة ضد رجال أعمال رموز النظامين السابقين إلى الإدانة، فالأفضل للدولة أن تنهي أوضاعهم، وهذا لا يعني أيضا اعترافهم بالتهم المنسوبة إليهم، ضاربا المثل بموكله قائلا " أن كثيرا من الاتهامات الموجهة لرجال الأعمال ليس لها أساس قانوني، فبعضهم عرض على الدولة مبالغ أكبر من تلك المتهمين بها من أجل التصالح، لأن وضع الاتهام نفسه سيئ جدا بالنسبة لهم. فى نفس السياق قال المستشار جميل سعيد، المحامى بالنقض، محامى رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، إن التعديلات تحقق منافع متبادلة للدولة والمتهمين، وأن التعديلات منحت الدولة حقها فى معاقبة المتربحين من أموال الدولة من خلال معاقبتهم مالياً، ورد المبالغ التى تربحوها بالإضافة للمبلغ المتفق عليه وفقاً لتوقيت إبرام اتفاقية التصالح سواء أثناء التحقيقات أو بعد الإحالة للمحكمة. وأكد «سعيد» أن المتهمين هم أصحاب الاستفادة الكبرى من التعديلات، حيث إنه بمجرد إبرام التصالح ورد المبالغ المتفق عليها مع الجهاز، سيتم انقضاء الدعوى الجنائية ضدهم، وتفادى جميع إجراءات التحقيقات، مشيرا الى انه فى حالة موكله سيكون التصالح أثناء إجراءات المحاكمة، وفقا لتقسيمة التعديل الجديد بالقانون، لأن الحكم الصادر ضد موكله في حقيقة الأمر غير قابل للتنفيذ، في شقه الجنائى». المحامى هشام عبدربه، محامى عدد من المسؤولين السابقين في قضايا الأموال العامة والكسب غير المشروع، قال ان الكسب غير المشروع لا يدخل في نطاقه جرائم المال العام، لأن القرار ينظم سبل وطرق التصالح في الكسب غير المشروع، كما حدث في واقعة نجل شقيقة الوزير الراحل كمال الشاذلى، والتى شهدت رد بعض الأموال، ومثل بعض جرائم الكسب غير المشروع التي بها تداخل في جرائم الأموال العامة»، وأضاف: «وفقا للقانون، فإن كل من يتعامل مع الحكومة بتعاقد تتخطى قيمته 50 ألف جنيه، فهو من اختصاص الكسب غير المشروع، كما أنه يستلزم تقديم كشف مصدر ثروته كل 5 سنوات، لكن هذا لا يحدث». وكان قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدى العجاتى، قد وافق على التعديلات التى اقترحها مجلس الوزراء على قانون الكسب غير المشروع، والتى رسمت طريقا جديدا لإدارة الأموال المتحفظ عليها فى جرائم الكسب غير المشروع وإجراءات التصالح خلال مرحلة التحقيق أو المحاكمة أو عقب صدور حكم بالإدانة من محكمة الجنايات على ان يكون أسس التصالح مع المتهمين على النحو الذى يضمن للمتهم أو ورثته أو وكيل أى منهم الخاص فى مرحلة التحقيق بإدارة الكسب غير المشروع، طلب التصالح برد ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع وذلك فى أى صورة كان عليها، فضلا عن سداد نصف قيمته، وألزمت التعديلات هيئة الفحص والتحقيق، بإثبات إجراءات التصالح فى محضر يوقع من رئيسها والمتهم أو ورثته أو وكيل أى منهم الخاص، ويعتمده مدير إدارة الكسب غير المشروع، ويترتب على التصالح صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى وانقضاء التدابير التحفظية الناشئة عن أمر المنع. أما فى مرحلة المحاكمة فان التعديلات الجديدة تمنح المتهم أو ورثته أو وكيل أى منهم الحق فى مرحلة المحاكمة طلب التصالح أمام المحكمة، برد جميع ما تحصل عليه من كسب غير مشروع، وذلك فى أى صورة كان عليها، فضلا عن سداد مثل قيمته، وذلك بأن تمنح المحكمة أجلا مناسبا لاتخاذ إجراءات التصالح، وتتخذ إدارة الكسب غير المشروع إجراءات التصالح وتُثبت ذلك فى محضر يوقع من مديرها ومقدم طلب التصالح، ويقدم ذلك المحضر للمحكمة لإلحاقه بمحضر الجلسة، وتقضى المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية والتدابير التحفظية الناشئة عن أمر منع المتهم وأولاده القصر من التصرف فى أموالهم. اما فى حالة صدور حكم جنائى فى قضايا الكسب غير المشروع فإن للمتهم أو ورثته أو وكيل أى منهم، الحق قبل أن يصبح الحكم حكما باتا التقدم بطلب التصالح أمام المحكمة إذا ما تم الطعن على الحكم، أو التصالح بطلب يقدم إلى إدارة الكسب غير المشروع فى حالة عدم الطعن عليه، وذلك برد جميع ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع، فى أى صورة كان عليها، فضلا عن سداد مثلى قيمته. أما إدارة الدولة للأموال المتحفظ عليها فقد نصت الفقرة الجديدة التى أضيفت للمادة 10 من القانون على وجوب اشتمال أمر المنع من إدارة الأموال الصادر بحق المتهم بتحقيق كسب غير مشروع، على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على قيمتها وإضافة العائد لحساب المتهم أو ورثته. وبموجب تلك الفقرة يتم السماح لهيئات الفحص والتحقيق باتخاذ الإجراءات الكفيلة باستغلال الأصول المتحفظ عليها، بما يكفل الحفاظ على قيمتها من ناحية بتعيين من يدير تلك الأموال، وأن يستمر فى إدرار عائدها الذى يضاف لحساب المتهم نفسه أو ورثته.