كل ما حدث فى الانتخابات الرئاسية حذرنا منه قبل وقوعه ، لكن السادة الأفاضل فى حملة المشير السيسى لم يدرسوا القضية بالشكل المطلوب ولم يتعاملوا مع الكارثة التى توقعناها بالشكل المطلوب ، فالقضية ليست مجرد إحجام عن التصويت ولكنها مؤشر عن لوبى خطير اسمه " فخفخينا الفساد " كتبنا عنه بنفس الاسم والعنوان وهو مشروب مكون من فلول الحزب وقائمة من رجال الأعمال أصحاب التاريخ الأسود وحذرنا المشير وحملته من خطورة وجود هؤلاء . وإلى جانب وجود عدد ضخم من اصحاب التاريخ الأسود ضمن حملة المشير ، كان هناك عدد أخر يلعب فى الخفاء ويسعى إلى كسر شوكة السيسى قبل أن يصعد إلى الحكم ، وبين هؤلاء أصحاب مصالح وصفقات إخوانية قديمة وبينهم أيضاً أباطرة المال الذين شعروا بخطورة صعود السيسى خاصة بعد اجتماعه الشهير مع عدد منهم ومطالبته لهم برد جميل مصر عليهم بدلاً من بحثهم عن التسهيلات ، شعر هؤلاء أن رجلاً قوياً قادماً ليحاسبهم ويبحث عن مصادرهم ثرواتهم ، ورأى هؤلاء أن الدعم الشعبى الواسع للسيسى ليس فى صالحهم كما يظن البعض ، وأن المساندة والتأييد الكبيرين سيكون نتائجهما عكسية عليهم وعلى مصالحهم ، ولم يكن هؤلاء بمفردهم فقد ظهر فريق أخر معهم ويمثلهم عناصر رجال الأعمال المتأخونين أو الذين كانت لهم علاقات سرية وعلنية مع قيادات الجماعة . رجل الأعمال ياسين منصور كان على رأس الفريقين الأول والثانى وأثيرت أقاويل حول غضبه من اقتراح المشير السيسى الذى طرحه بضرورة جمع 100 مليار جنيه من رجال الأعمال كخطوة نحو بناء الدولة التى كان لها الفضل على كل رجال الأعمال فى مصر ، وقيل إن ياسين كان على رأس الرافضين للتبرع أو دفع أى مبالغ تحت أى مسمى سواء كانت تبرعات أو مساندة أو دعم ، وإذا كان البعض يرى أن تصرفات ياسين منصور على هذا النحو غير متوقعة فإن الكثير من الدلائل والوقائع تشير وبقوة إلى أن ياسين منصور مازال على علاقة سرية بالجماعة وأن هناك الكثير من التفاصيل الخاصة بعودته إلى مصر وممارسة نشاطاته لم يتم الكشف عن كواليسها ، فمن المعروف أن ياسين منصور رئيس مجلس إدارة بنك كريدى اجريكول السابق كان ضمن الهاربين من مصر عقب ثورة 25 يناير وظل هارباً حتى صدر قرار النائب العام عبد المجيد محمود برفع الحظر المفروض على أمواله ورفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر ، ورغم أن قرار عبد المجيد محمود صدر فى ابريل 2012 إلا أن ياسين منصور لم يعد للقاهرة إلا فى ديسمبر 2013 وفى اثناء حكم المعزول وجماعته أعلنت شركة بالم هيلز للتعمير عن عودة رئيس مجلس إدارتها ، وبعد لقاء مطول بينه وبين حسن مالك فى لندن التى كان يقيم بها منذ هروبه ، التقى " مالك وياسين " فى يونيو 2013 ، وحتى كتابة هذه السطور لم تتكشف تفاصيل تلك اللقاءات بين الطرفين ، ولم يتم الافصاح عن الضمانات التى أخذها ياسين منصور من القيادى الإخوانى قبيل العودة للقاهرة ، تم الاجتماع كما قلنا فى عاصمة الضباب ولم تكشف " هالة فوزى " المستشار الإعلامى لمجموعة منصورفى ذلك الوقت عن أى تفاصيل سوى التصريح بأن حسن مالك وجه الدعوة لمنصور للعودة إلى القاهرة . ولندن أو عاصمة الضباب يتجمع فيها عشرات من الهاربين بأموال المصريين والذين حذرنا منهم عشرات المرات وعلى رأسهم الأمبراطور " طاهر حلمى " الذى عاد إلى القاهرة سراً وكشفنا وقتها عن أسرار الهروب والعودة ، وكتبنا عشرات المقالات عنه وعن نشاطاته وعلاقاته بالبيت الأبيض وقلنا إنه خطر كبير على مستقبل مصر ، ومن المعروف أن " لوبى " لندن على علاقات وثيقة بالأمريكان ودوائر السياسة والاقتصاد وانهم لا يريدون رئيساً يفتح ملفاتهم أو يقترب منهم ، فهم ابناء الغرفة التجارية الأمريكية والعلاقات الواسعة مع جمال مبارك ، ويأتى اسم شفيق جبر على قائمة المقربين من طاهر حلمى وجمال مبارك وهو أكثر الفاعلين فى " لوبى " لندن ، وهو من أكثرهم حرصاً على وجود رئيس ضعيف يخضع لإملائاته وشروطه فهو مليادرير عالمى توسعت أنشطته لتشمل السيارات.. والطيران.. وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلا عن البنية الأساسية.. المياه.. المطارات.. محطات الطاقة ، وصل السيد شفيق إلى عضوية الغرفة التجارية الأمريكية والمركز المصري للدراسات الاقتصادية مع الإمبراطور "طاهر حلمي"؟!.. وكانت تلك الغرفة ومعها المركز المصري للدراسات الاقتصادية يعملان كدولة داخل الدولة المصرية! ، وكانت المليارات تنتقل من بنوك مصر إلي سويسرا وبريطانيا دون أي رقيب!.. سعت الغرفة التجارية الأمريكية في مصر لتدمير الاقتصاد المصري أثناء رئاسة "شفيق جبر" لها!.. وإذا كان " لوبى " لندن يعمل من الخارج وبمساعدة الصبيان هنا فى القاهرة ، فإن " لوبى " أخر يعمل من قلب القاهرة ويأتى اسم رجل الأعمال الأشهر صفوان ثابت ضمن رجال الأعمال الذين لا يرحبون بالسيسى ليس فقط لأن السيسى كشر على أنيابه لأباطرة البيزنس ، ولكن لوجود علاقة مباشرة ومعروفة بين صاحب جهينة وقيادات الجماعة ، وأثيرت من داخل مصانع جهينة أقاويل عن إصدار قرارات شفوية للعاملين بعدم التصويت ! هذا عن الصفقات السرية والمؤامرات الخفية التى كانت تدار فى الخفاء لإفشال السيسى وكسر شوكته ، فقد سخر هؤلاء كل إمكانياتهم الضخمة للتأثير على التصويت ودفعوا الملايين لإحجام الناس عن الذهاب إلى الصناديق ، وفق حسابات واضحة ومحددة تقول إن المشير السيسى إذا جاء مدعوماً بالملايين فإنه سيطيح بكل رجال الأعمال التى تثار حولهم الشبهات وانه سيفتح ملفاتهم دون خوف ، وسعى هؤلاء إلى "كسر شوكة " المشير ، لكن الشعب خيب أحلامهم وطموحاتهم ورغباتهم التى زينها لهم الشيطان ، وذهب الناس إلى الصناديق واختاروا رئيسهم وكلهم أمل أن يجدوا فى عهده بعض العدالة وأن يتم تقليم أظفار هؤلاء الذين صنعوا المليارات من قوت هذا الشعب . ولم يكن تأثير اللوبى وحده هو السبب وراء احجام الناس عن التصويت فى اليومين الأول والثانى للانتخابات ، ولكن كان هناك سبب أخر لا يقل خطورة حيث تم السماح للمئات من فلول الحزب الوطنى بالظهور وسط حملات المشير السيسى كما تم السماح لأباطرة عصر مبارك بالتحدث عن المشير وإقامة الحفلات الخاصة بالترويج له ، وجاءت كل تحركات هؤلاء المشبوهين بآثار سلبية كبيرة ، وقد سبق و حذرنا عشرات المرات من هؤلاء الذين يتاجرون بثورة يونيو والذين يركبون عليها ، وحذرنا من هؤلاء الذين يستخدمون اسم المشير السيسى لكسب صلاحيات سياسية وللتهرب من الملاحقة القانونية ، وقلنا إن هؤلاء أخطر ما يهدد مستقبل مصر ، وتشهد المقالات السابقة كيف حاولنا وقف الشائعات التى راح يروجها رجل الاعمال منصور عامر حول علاقته بحملة المشير السيسى الانتخابية وطالبنا بضرورة كشف الحقائق لان الرجل لم يكن يوما ابنا لثورة يونيو بل على العكس تماما كان ضدها وضد أى تحرك ثورى قد يسىء إلى اصدقائه الجدد من قادة مكتب الإرشاد وعلى رأسهم مهدى عاكف المرشد السابق للجماعة والذى استضافه منصور عامر فى شاليهات خاصة ، وكذلك حسن مالك وخيرت الشاطر ولم تكن تلك العلاقة فى السر ولكنها كانت معلنة ومعروفة واستضافت الفضائيات السيد منصور عامر لكى يشيد بمشروعات الإخوان فى محور قناة السويس ، وسعى خلال حكم الجماعة الى تسويق مشروعه الشخصى المعروف باسم خارطة الأمل ، وكشفنا مراراً كيف سخر منصور عامر ثرواته لخدمة مشروع الإخوان ، فكيف يصبح فى يوم وليلة ابنا لثورة يونيو ؟!. نزع منصور عامر كل الاقنعة وارتدى قناع المشير السيسى ومنذ ثورة يونيو وهو يسعى بكل الطرق والوسائل لتحويل الثورة إلى " سبوبة " ومشروع سياسى شخصى ، وقبل الانتخابات الرئاسية بايام لم يخجل منصور عامر وهو يقيم حفلا فنيا للشاب خالد مستخدما اسم المشير السيسى لجمع ما يمكن جمعه من أموال ومن غطاء سياسى ايضا ، وأقامت مجموعته بورتو كايرو مول حفلا ضخما ، ونشرت الصحف الأخبار الإعلانية حول الحفل باعتباره تاييداً للسيسى !!، و هو فى الحقيقة استكمال لمحاولات منصور عامر القفز على الثورة وركوبها وتقديم نفسه باعتباره رجل الأعمال الوطنى ، وهذه هى الكارثة التى نخشى على مصر منها ، فمن المعروف أن السطوة والنفوذ تحول دون تحقيق دولة القانون ، فالرجل الذى صعد مع جمال مبارك وبعضوية لجنة السياسات هو نفسه الذى حاول الصعود مع جماعة الإخوان وساندهم بأموالة ورجاله وأخضع مؤسساته لخدمة مشروعهم وهو نفسه الذى فوجىء به الناس موجوداً على قائمة السيسى !! لذلك أحجم الناس الرافضين لعصر الفساد عن التصويت واعتبروا وجود منصور عامر مؤشرا على عودة عصر المحسوبيات والفساد ، وحكى لى أصدقاء من داخل حملة السيسى كوارث عن التأثير السلبى لحفلة الشاب خالد التى أقامها منصور عامر وغنى فيها الشاب خالد أغنية باسم " سي سى " ، كما اشاروا إلى كوارث أخرى تتعلق بوجود عدد كبير من رجال الحزب الوطنى داخل اللجان بعد أن تم توزيع توكيلات السيسى عليهم وأصبح نصف مندوبى اللجان عن السيسى من أعضاء الحزب الوطنى!! ، هذا إلى جانب كارثة " منصور عامر " الذى حاولت الحملة نفى وجوده بين صفوفها وحاولت نفى الشائعات المنتشرة حول تمويله للحملات الانتخابات الخاصة بالمشير ، لكن النفى لم يجد أى صدى خاصة بعد الإعلانات التى ملأت الصحف عن حفل الشاب خالد الذى أقامه منصور لتأييد السيسى ! هل بعد كل ذلك نسأل : لماذا احجم الناس عن التصويت فى اليومين الأول والثانى ؟ ولماذا خرج الملايين فى اليوم الثالث ؟! أن الأجابة واضحة فقد كانت هناك مؤامرة كبرى ولولا استشعار المواطن البسيط خطورة الموقف وخروجه للتصويت فى اليوم الثالث لتعرضت مصر لكارثة كبرى بسبب مؤامرات أصحاب البيزنس والنفوذ الذين أصبحوا خطراً يهدد مصر ومستقبل شعبها البسيط ، فهؤلاء يمتلكون المليارات ويستطيعون تحريك الناس وفق مصالحهم باستخدام سلاح المال . إن تطهير مصر وتقليم أظافر هؤلاء الأباطرة أصبح واجباً وطنياً .