وسط الأحداث المتلاحقة صدر أخطر قرار فى تاريخ مصر الحديث ونقصد به قرار الرئيس المؤقت عدلى منصور بتحصين العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، القرار ليس فقط خاطئاً وكارثياً ولكنه يتضمن أسراراً وخفايا تتعلق بالسيد منصور عامر الذى تم تفصيل القانون خصيصاً له ومن أجل شاليهاته وفيلاته التى وعد بها المسئولين لتمرير هذا القانون الكارثى. وقبل الدخول إلى التفاصيل المثيرة فإن السيد عدلى منصور الرئيس المؤقت استغل السلطات التنفيذية والتشريعية أسوأ استغلال وأصدر قرار يعيد إلى الأذهان قرارات الخديو إسماعيل الذى أغرق مصر فى الديون من أجل أرضاء الأجانب، فالسيد عدلى منصور وقبل أن يترك منصبه المؤقت قرر أن يفعل نفس الكارثة وأن يفتح مصر وأراضيها وأملاكها لطبقة رجال الأعمال، فالقانون يمنع أى مواطن مصرى من إبداء الرأى أو مقاضاة أى طرف، فإن تم بيع أراضى مصر بتراب الفلوس وتم ذلك بالتراضى بين الدولة والمستثمر فلا يحق لأى شخص مهما كان أن يطعن عليه!! وبذلك يعطى القانون الجديد حق الطعن على عقود الدولة لطرفى العقد فقط، وإلغاء أى أحكام أصدرتها محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ولم تصدر فيها المحكمة الإدارية العليا حكماٌ نهائياٌ.. باعتبار أن القانون يمنع مجلس الدولة من الاستمرار فى الحكم فى هذه الدعاوى، فضلا على أنه يُقنن الفساد ويضيع على خزانة الدولة مئات المليارات من الجنيهات، إضافة إلى إهداره حق المواطن فى اللجوء إلى القضاء فقد أكد بعض خبراء القانون أن هذا القانون يعنى إسقاط حق أى مواطن فى الطعن على عقود بيع الشركات التى خصخصتها الحكومة، وكذلك تحصين أى صفقة بيع تتم فى هذه المرحلة، وهو ما يُعد تحصيناً للفساد. الكارثة الكبرى أن ذلك القانون يأتى فى الوقت الذى تشهد فيه محاكم مصر عشرات القضايا المثيرة والتى كانت قضايا رأى عام من قبل، أما الأخطر فهو المعلومات التى تسربت قبل ساعات من صدور هذا القانون حيث كان السيد منصور عامر ينتظر جلسة لهئية مفوضى الدولة لنظر الطعن المقدم ضده لاستيلائه على أراضى الدولة، وجاء القانون ليقضى على كل آمال وطموحات شرفاء الوطن ممن قدموا عشرات الدعاوى القضائية لوقف تعديات منصور عامر على أراضى الدولة وكذلك لإعادة حقوق الدولة من الأراضى التى استحوذ عليها بملاليم وعبر تقديم الرشاوى والهدايا، ولم يقض القانون على ذلك فقط بل إنه سيجعل عشرات القضايا المنظورة أمام المحاكم مجرد ورق لا فائدة منه، وبذلك وضع الرئيس المؤقت عدلى منصور قانوناً خاصاً من أجل تحصين منصور عامر الذى تلاحقه القضايا منذ ثورة يناير وحتى اليوم، ولا تكفى عشرات الصفحات لاستعراض بعض تلك القضايا. فالسيد منصور عامر دولة داخل الدولة ولا يجرؤ أحد على تحدى أطماعه وطموحاته مهما كان هذا الشخص حتى ولو كان وزيراً!! وهناك عشرات القضايا الأخرى التى فتحت «الموجز» ملفاتها عبر أعداد سابقة، وما نذكره مجرد نماذج لآثار قانون «عدلى منصور» الذى تم تفصيله لصالح منصور عامر وباقى حيتان البيزنس الذين تحاصرهم القضايا، ولا يمكن بأى حال تجاهل توقيت إصدار هذا القانون فقد جاء كما قلنا بعد ساعات من نظر واحدة من قضايا الفساد المتورط فيها منصور عامر، كما يأتى «القانون» التفصيل فى توقيت يروج فيه منصور عامر اقترابه من المشير عبدالفتاح السيسى وهو الأمر الذى يثير الشكوك والريبة رغم أن حملة المشير السيسى أعلنت أنها رفضت دخول منصور عامر بمشروعه «خارطة الأمل» الذى كان يروج به لنفسه فى عهد الإخوان طمعاً فى منصب ظل يسعى إليه منذ مجىء محمد مرسى، وقد كشفنا الكثير من تفاصيل محاولاته التودد للجماعة وكيف أخضع مؤسساته لخدمة مشروع «الأخونة». إن الثورة التى أعلنها القانونيون والعمال ضد «فقانون» عدلى منصور كشفت خطيئة الرئيس المؤقت لكنها لم تكشف الدور الخفى لمنصور عامر وراء هذا القانون، وسوف يأتى رئيس جديد ويرحل عدلى منصور بقانونه الفاسد الذى يحمى الفاسدين ويعيد دولة الخديو إسماعيل التى باعت مصر للأجانب وسوف يأتى رئيس لهذه الدولة المفككة والتى فشلت على مدار الثلاث سنوات الماضية فى وقف زحف أباطرة المال، ولاشك عندى أن دولة القانون القادمة تستطيع ردع هؤلاء الطماعين الذين يصنعون الثروات على حساب هذا الشعب وأملاكه ويتهربون من دفع حقوق الوطن عليهم، ولاشك عندى أيضاً أن الحساب قادم إن لم يكن اليوم فغداً أو بعد غد ولن ينجو هؤلاء بجرائمهم فى حق بسطاء هذا الوطن وسيدفعون الثمن غالياً وسيأخذ الفقراء والبسطاء حقوقهم من منصور عامر ومن أولاده وأحفاده أيضاً، فالحق لا يضيع مهما اعتقدت دولة الظلم أنها الأقوى، والمعركة مازالت مستمرة ولن تتوقف إلا بعودة الحقوق. إن قوة المال تسيطر على الصحف والقنوات الفضائية وفى ظل سيطرة رجال المال على صحف المال السياسى فإن «الموجز» ستظل على موقفها وستحارب معركتها حتى النهاية وللحديث بقية.