توقعت مجلة فاينينشال تايمز الأمريكية في تقرير لها اتساع الدور الاقتصادي للجيش في مصر بعد إعلان المؤسسة العسكرية عن تبرعها بقطعة أرض خالية لمشروع مليون وحدة سكنية للمصريين ذوي الدخول المحدودة. وقالت المجلة إن الأراضي التي تم التبرع بها والمنتشرة في 13 محافظة هي جزء من حيازات الجيش الواسعة بأنحاء الجمهورية وسوف تقوم الشركة الإماراتية "أربتك" ببنائها. وتابعت المجلة: هذه الهدية التي منحها الجيش للحكومة التي يدعمها إضافة إلي حوالي مليار دولار قيمة مشروعات للبنية التحتية سيقوم الجيش بتنفيذها دفعت الجميع للتكهن حول ثروة الجيش وحجم مساهمته في الاقتصاد المصري. وأضافت المجلة: البعض عبر عن مخاوفه من أن هذه الهدايا قد تعني ان الجيش بدأ يبسط نفوذه بشكل أكبر في المجال الاقتصادي بنفس الطريقة التي بسط نفوذه السياسي بها عقب ثورة 30 يونية والإطاحة بالرئيس محمد مرسي من منصبه. وفي لقاء نادر للمجلة مع اللواء محمد أمين رئيس قسم الشئون المالية بالقوات المسلحة والذي يعد أبرز الضباط في مجال المعاملات الاقتصادية للجيش قال إن ما يتردد حول سيطرة الجنرالات علي ما يصل إلي 40% من الاقتصاد المصري وانهم يسيطرون علي إمبراطورية تجارية مترامية الأطراف أمر مبالغ فيه. وقال أمين في حواره: إن القيمة الإجمالية للسلع والمنتجات التي انتجتها المؤسسات المدنية التابعة للجيش بلغت حوالي 1.7 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية التي انتهت في 30 يونية الماضي، وهو ما يعادل أقل من 1% من إجمالي الانتاج المحلي. وأضاف أمين أن الهدف من تأسيس الجيش لهذه الشركات هو تحقيق الاكتفاء الذاتي للقوات المسلحة، أي أنها لا تريد إثقال كاهل المؤسسات المدنية، أما أي شيء آخر يفوق الاحتياجات يدخل في إطار الطاقة الإنتاجية الفائضة. وقالت المجلة إن الجيش المصري يعد الأكبر في الشرق الأوسط ويقدر الخبراء الغربيون بأن به حوالي 470 قوة. ووفقا لموقع وزارة الدفاع فإن هناك عدداً كبيراً من الشركات تابعة لها والتي تنتج سلعاً متنوعة منها المكرونة والمياه المعدنية والأسمنت والغازات الصناعية والمبيدات الحشرية والأسمدة كما يشارك الجيش أيضا في استصلاح الأراضي والزراعة وبناء السفن، إضافة إلي الفنادق التابعة للوزارة والنوادي والمستشفيات والكثير منها مفتوح للعامة. ولكن لا أحد يعرف الإيرادات التي تحصلها كل هذه الشركات، أما ميزانية الدفاع فتظهر فقط في بند واحد بميزانية الدولة، أما الأموال داخل الكيانات العسكرية فهو أمر غير واضح ومحظور علي الجمهور العام، إلا أن اللواء أمين أكد أنه يتم الكشف عنها للجهاز المركزي للمحاسبات والذي يدقق في عملية الإنفاق الحكومي. وأوضحت المجلة أن العديد من المخاوف كانت قد أثيرت عندما تردد أنه تم منح شركات الجيش عدداً من عطاءات وعقود الدولة. وبرر مصدر من الحكومة هذا الأمر بأنه خطوة للإسراع من وتيرة العمل في بيئة ما بعد الثورة التي خشي الوزراء فيها من تفشي الفساد أو اتهامهم به وترددواً كثيراً في التعامل مع القطاع الخاص. وبعد فترة وجيزة أصبح الجيش مسئولا عن المشروعات التي تعد جزءاً من تحفيز الاقتصاد من خلال المشروعات الممولة أساسا من الإمارات. وتشمل هذه المشروعات بناء 500 ألف وحدة سكنية وعشرات المدارس والمراكز الصحية وعدة جسور للسكك الحديدية وفقا للتصريحات الرسمية. وأوضحت المجلة أن النمط الذي كان سائدا قبل ثورة 30 يونية في مثل هذه المشروعات هو منح بعض الشركات ميزة العمل من الباطن في حين كان الجيش ينفذها بنفسه، حيث كان يستخدم أيضا بناة من الخارج ولكن الإشراف علي هذه المشروعات من قبل وزارة الدفاع كان يمنحها الكفاءة والتسليم في الوقت المحدد. ونفي أمين اتهام الجيش بأنه يدفع الجنود للعمل في مجال البناء بدلا من تدريبه عسكريا بزعم أن هذا الأمر يعود بالنفع أكثر علي البلاد ويعمل علي توفير الخبرات في مجال بناء الطرق والكباري للدولة. وقالت المجلة إن رجال الأعمال والاقتصاديين يشككون في التقديرات المالية التي تنسب للجيش وأنه يساهم بحصة كبيرة في الانتاج. ونقلت المجلة عن خبير اقتصادي بالقاهرة قوله بأن الأنشطة التجارية للجيش كبيرة جدا في الاقتصاد بشكل عام، إلا ان ثروته الكبيرة تكمن في امتلاكه لجزء كبير من أراضي الدولة وهذا الأمر يختلف عن كونه يساهم في الانتاج المحلي بشكل كبير. أما البعض الآخر فيقول إن النظام المبهم والنفوذ الكبير للجيش يسمح له بالتدخل في شئون القطاعات التي تحتاج إلي إذن لتنفيذ مشروعاتها مثل توفير الطيف الترددي لشركات الهاتف المحمول وخدمات شركات النفط وغيرها. وعلي الرغم من أن الأنشطة الاقتصادية للجيش لا تنافس الشركات الكبري إلا أنه يعد مؤسسة الأثرياء لدرجة انه تمكن من إقراض البنك المركزي مليار دولار عام 2011. كما ان الجيش يتدخل كثيرا في قانون بيع أراضي الدولة الموجودة علي حدود المدن والمحافظات الساحلية مثل سيناء والبحر الأحمر، وترددت أنباء بأن المؤسسة العسكرية ستتولي بنفسها بيع الأراضي للمستثمرين إلا أن اللواء أمين نفي هذا الأمر.