«أوغلو» يعلن دعم سد النهضة وينقل لإثيوبيا تجربة بلاده في إحكام الخناق علي العراقوسوريا عرض المليارات علي إثيوبيا لبناء سد النهضة حتي ينتقم من السيسي ورجاله تثبت الإدارة التركية الحالية بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان كل يوم أنها تضمر العداء لمصر بعد ثورة 30 يونية التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية التي تربطها علاقات وثيقة بالحزب الحاكم بأنقرة.. حيث تصر تركيا علي التصعيد رغم الموقف الذي اتخذته مصر بطرد السفير التركي بعد التصريحات العدائية من قبل المسئولين الأتراك لاسيما "أردوغان" الذي أعلن دعمه لجماعة الإخوان وأشار في أكثر من مناسبة بإشارة رابعة العدوية ليكون بذلك أكثر المسئولين في العالم تطاولا علي مصر وتدخلا في شئونها.. والأكثر من ذلك أن بلاده سبق وأن استضافت اجتماعات التنظيم الدولي الذي يخطط للعمليات الإرهابية في سيناء ومختلف المحافظات المصرية أملا في إعادة الرئيس المعزول محمد مرسي للحكم مرة أخري. ويبدو أن تركيا بدأت في ملاحقة مصر علي الصعيد الخارجي واستغلال مشكلاتها مع مختلف الدول لمنحها الدعم السياسي وربما المادي من أجل التأثير علي القرار المصري وتشويه ثورة 30 يونية.. ومن أبرز الأزمات التي تحاول "أنقرة" تأجيجها أزمة سد النهضة مع إثيوبيا والتي فشلت المفاوضات حتي الآن في حلها، وتجلي ذلك في تدخل أنقرة في هذه الأزمة من خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية احمد داوود أوغلو لإثيوبيا حيث تركزت مباحثاته هناك حول أزمة سد النهضة. ووفقا لمركز "والتا الإعلامي الإثيوبي" تقدمت الحكومة التركية بنصائح سياسية ومشورات فنية إلي إثيوبيا -لتشجيعها علي المضي قدما- في بناء سد النهضة بمواصفاته الحالية.. كما عرض أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركية، علي نظيره الإثيوبي تادرس أوهانوم خلال مباحثاتهما، تجربة تركيا فيما يتعلق ببناء سد أتاتورك، وهو السد الذي أثر كثيرا علي تدفقات المياه إلي كل من سورياوالعراق. ورأي المحللون أن دعم تركيا لبناء سد النهضة بمثابة تحريض ضد الشعب المصري، مطالبين بأنه لا يجب أن يمر هذا الأمر دون رد رسمي من القاهرة.. وأكد المحللون أن تركيا تهدف إلي التأثير علي الأمن المائي المصري، حيث أنها لم تتحقق من المعلومات التي نقلها وزير الخارجية الإثيوبي ل"أوغلو" والتي كانت مليئة بالمغالطات، فوفقا للمصادر قال إن السد لن يضر دول المصب بينما التقرير الدولي للجنة الخبراء أكد أن الدراسات حول هذا المشروع غير مكتملة. ومن جانبها ادعت السفارة التركية بإثيوبيا أن سد النهضة سيخلق التكامل الاجتماعي بين دول حوض النيل حيث قال السفير التركي كينان إيبيك إن بلاده لديها اعتقاد قوي بأن السد مشروع ضخم لتوليد الطاقة الكهربائية علي نهر النيل. وزعم إيبيك أن تركيا تقوم ببناء مشروع مماثل حاليا وهو سد "إليسو"، متوقعا أن يكون هذا السد نموذجا للذين يجادلون بأن سد "النهضة" سيقلل من تدفق المياه لدول المصب، موضحا أن سورياوالعراق أثارتا نفس المشكلة عندما بدأت أنقرة مشروعها علي نهر دجلة. وادعي السفير التركي أن كل من سورياوالعراق أكدا استفادتهما من سد أتاتورك عندما تم وضع اللمسات الأخيرة علي المشروع. وبالإضافة إلي دعمها لمشروع السد أعرب "إيبيك" عن استعداد بلاده للتعاون مع إثيوبيا في مشروعات التنمية المختلفة. ويمكن القول إن الخطر الحقيقي من تقديم أنقرة للدعم الفني لسد النهضة يكمن في أن تقدم لإثيوبيا خبرتها حول الاستفادة من مشروع سد أتاتورك سياسيا واستخدامه كأداة للضغط علي سورياوالعراق كما أن تركيا تهدف أيضا إلي دعم موقفها حيث كانت قد أضرت بحصة كل من سورياوالعراق بعد تطوير مشروع يشمل 21 سدا مائيا إلي جانب 17 محطة كهربائية وهي مستمرة في استكمال هذا المشروع. ووفقا للموقع الإثيوبي فإنه مع انتهاء تركيا من مشروعها الضخم علي نهري الفرات ودجلة، سيكون بإمكانها أن تتحكم بتدفق مياه الفرات ما يعني أنها امتلكت سلاحا تستطيع أن تشهره في وجه العراقوسوريا إثر كل خلاف في الرأي حول أية مشكلة من المشكلات الثنائية أو الثلاثية. وقد أثبت الواقع بالفعل أن تركيا استغلت هذا المشروع سياسيا وهو أمر قد تفعله إثيوبيا في المستقبل مع مصر.. ففي عام 1990 بلغت الأزمة بين سورياوتركيا ذروتها، عندما أغلقت تركيا نهر الفرات بالكامل بحجة ملء سد أتاتورك، ورغم أن تركيا ادعت في حينه أن العملية فنية بحتة وليس لها أي طابع سياسي، إلا أن هذا الإجراء جاء كأسلوب ضغط مباشر علي كل من العراقوسوريا لمنع تواجد الأكراد علي أراضيهما، ولمنع تسلل الأكراد المعادين للنظام التركي من خلالهما، وفي الوقت الذي عاد جريان المياه إلي طبيعته أصبحت القضية تطرح كسبب محتمل لحرب مستقبلية، خصوصا أن هذا القطع أدي إلي توقف سبع توربينات لانتاج الطاقة الكهربائية بسوريا من أصل ثمانية، كما أحدث أضرارا في الثروة السمكية. وفي عام 1995 عقدت الحكومة التركية اتفاقا مع مجموعة شركات أوروبية و44 مصرفا لتمويل سد "بيرجيك" علي نهر الفرات، فتحرك مجلس الجامعة العربية، واستضافت سوريا في عام 1997 الندوة البرلمانية العربية الخامسة المخصصة لدراسة المياه العربية، وأكد البرلمانيون العرب تضامنهم مع سوريا، إلاّ أن تركيا اتبعت تهديداتها بخفض كمية المياه ودفع مياه ملوثة إلي الأراضي السورية. وربما تؤكد هذه الوقائع أن تركيا قررت استغلال أزمات مصر الخارجية وافتعال أزمات جديدة لإفشال خارطة الطريق ولتكن البداية بسد النهضة.