اليوم، إجازة بالبنوك والبورصة بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    ترامب يبرم اتفاقا يلزم أوروبا بدفع ثمن معدات عسكرية لإرسالها إلى أوكرانيا    الصحة العالمية: جوع جماعي في غزة بسبب حصار إسرائيل المفروض على القطاع    حديثه عن حب النادي طلع مدهون بزبدة، هذا ما يخطط له أليو ديانج للرحيل عن الأهلي    نجاح فريق طبي بمستشفى الفيوم في إنقاذ مريض مصاب بتهتك وانفجار في المثانة بسبب طلق ناري    من «البيان الأول» إلى «الجمهورية الجديدة»| ثورة يوليو.. صانعة التاريخ ومُلهمة الأجيال    بينهم عمال غابات.. مصرع 10 أشخاص في حريق هائل بتركيا- صور    القوات الإيرانية تُحذر مدمرة أمريكية في خليج عمان.. والبنتاجون يعلق على التحذير    بمناسبة ثورة 23 يوليو.. اليوم الخميس إجازة مدفوعة الأجر    في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.. «قاهرة ابن دانيال» زاوية مجهولة من «العاصمة»    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    ترامب: أمريكا ستقود العالم في الذكاء الاصطناعي    الخارجية الأمريكية: روبيو بحث مع الصفدي اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا    استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال في بلدة الخضر    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    علاء نبيل: احتراف اللاعبين في أوروبا استثمار حقيقي    رياضة ½ الليل| إقالة سريعة.. سقوط المصري.. السعيد فرحان بالزمالك.. وفحص الخطيب بباريس    منتخب 17 عامًا يفوز على العبور وديًا ب8 أهداف    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    الاكتتاب في سندات الخزانة العشرينية الأمريكية فوق المتوسط    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    بأغنية «يا رب فرحني».. حكيم يفتتح صيف 2025    راغب علامة: مصر هوليوود الشرق.. وقبلة الفنان مش جريمة    وزير الزراعة: الرئيس السيسي مُهتم بصغار المزارعين    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    محافظ قنا يطمئن على مصابي حادث سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي.. ويؤكد: حالتهم مستقرة    نشرة التوك شو| توجيه رئاسي بشأن الطلاب محدودي الدخل.. وخالد أبوبكر يتعرض لوعكة صحية على الهواء    «الجبهة الوطنية» يكرّم طالب من أوائل الثانوية العامة بمؤتمر الجيزة ضمن مبادرة دعم المتفوقين    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    إصابة شخصين في حادث انقلاب بطريق الإسماعيلية    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الخميس 24 يوليو 2025    ترامب: سنفرض رسومًا جمركية على معظم دول العالم ونعزز صفقات الطاقة مع آسيا    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    عبارات تهنئة مؤثرة ومميزة لطلاب الثانوية العامة 2025    السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كواليس المفاوضات الفاشلة بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة

تصريحات المسئولين المصريين سواء في عهد المجلس العسكري أو نظام الإخوان.. وحتي الحكومة الحالية وردية ولم توضح أثار سد النهضة علي السد العالي وعلي مصر
نجحت إثيوبيا بدرجة كبيرة في فرض حقيقة سد النهضة علي كل من مصر والسودان، وأصبحت المطالبة حاليا بإلغاء السد أمرا غير مقبول
هناك محاولات مستمرة لتجنب أي مواجهة حقيقية مع إثيوبيا للدفاع عن حقوقنا المائية، والحقيقة أيضا أنه لم يتم عرض لمطالب مصر ومخاوفها من السد علي الجانب الإثيوبي حتي الآن
لابد لنا من وقفة جادة لتقييم الأداء وإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان
ب
عد وضع حجر أساس سد النهضة في الثاني من أبريل 2011 وفي زخم الأحداث بعد ثورة يناير قام وفد للدبلوماسية الشعبية من مصر يضم عددا من النخب السياسية بالذهاب إلي إثيوبيا في بداية شهر مايو بعد فترة شهر من وضع حجر أساس سد النهضة. وأثناء هذه الزيارة، قام الوفد المصري بمقابلة السيد رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي والذي وعدهم بتأجيل التصديق علي اتفاقية عنتيبي لحين انتخاب رئيس مصري، ووعد كذلك بالعمل علي تشكيل لجنة ثلاثية من إثيوبيا والسودان ومصر للتوافق حول سد النهضة، مؤكدا كالعادة أن السد لن تكون له أي آثار سلبية علي مصر، وذلك في تجاهل لكل الحقائق عن الآثار الوخيمة لهذا السد.
وأثناء هذه الزيارة اتفق الطرفان ميليس زيناوي ووفد الدبلوماسية الشعبية المصري علي أن الإدارة المصرية السابقة هي التي وراء كل مشاكل أفريقيا، وأن مصر كانت تعوق تنمية دول حوض النيل وخاصة إثيوبيا، وأن مبارك وعمر سليمان من كبار شياطين الإنس والجن وهما وراء كل مشاكل تدهور العلاقات بين مصر وإثيوبيا. وتلت هذه الزيارة لإثيوبيا وفي نفس الشهر، زيارة أخري للسيد رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف، وأثناء هذه الزيارة اتفقت مصر وإثيوبيا علي فتح صفحة جديدة من العلاقات الطيبة والتعاون البناء وبناء الثقة بين البلدين وغير ذلك من التصريحات الوردية. وصرح الطرفان بأن سد النهضة سوف يمثل ممرا ومحورا جديدا للتنمية في شرق أفريقيا يشمل إثيوبيا والسودان ومصر، وأنه لايمكن لإثيوبيا أن تلحق الضرر بمصر، وأن العلاقة بين مصر وإثيوبيا كالجواز الكاثوليكي لا يمكن الطلاق فيه. واتفق الطرفان علي تشكيل لجنة ثلاثية تجمع دول حوض النيل الشرقي للتوافق حول سد النهضة.
وتلت ذلك زيارة السيد ميليس زيناوي إلي القاهرة في سبتمبر 2011، ووقتها طالب مصر بالتوقيع علي اتفاقية عنتيبي لأن هذه الاتفاقية في رأيه لا تسبب ضررا لأحد، ووعد بعدم تصديق إثيوبيا عليها حتي انتخاب رئيس جديد لمصر. وأعلن ميليس زيناوي مرة أخري موافقته علي تشكيل لجنة ثلاثية من إثيوبيا والسودان ومصر لتقييم الدراسات الإثيوبية لسد النهضة للوصول إلي تفهم مشترك بين دول حوض النيل الشرقي لآثار السد الإيجابية والسلبية، مؤكدا بطبيعة الحال أن السد لن تكون له آثار سلبية علي مصر. وفي نهاية ديسمبر 2011 تم عقد اجتماع مابين وزراء المياه في الدول الثلاثة للاتفاق علي أعضاء اللجنة الفنية والشروط المرجعية لللجنة وصلاحياتها. وتم الاتفاق في هذا الاجتماع أن تتكون اللجنة من عضوين من كل دولة من الدول الثلاثة، بالإضافة إلي أربعة من الخبراء الدوليين في مجالات الموارد المائية والهندسة الإنشائية والبيئة والآثارالاقتصادية والاجتماعية ويتم اختيارهم بالتوافق بين الدول الثلاث. وتلا هذا الاجتماع، أربعة اجتماعات لأعضاء اللجنة من الدول الثلاث لاختيار الخبراء الدوليين الأربعة. وأول اجتماع للجنة مكتملة بخبرائها الدوليين كان في منتصف مايو 2012، وعقدت اللجنة بعد ذلك وهي مكتملة العدد 6 اجتماعات وانتهت بإصدار تقريرها النهائي في 31 مايو 2013. واستمرت إثيوبيا في بناء السد أثناء هذه الفترة وقامت بتحويل مجري النيل الأزرق بعد ساعات من مغادرة الرئيس المصري اجتماع الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في نهاية مايو 2013، وأثناء اجتماع اللجنة الثلاثية الدولية.
وكانت تصريحات المسئولين المصريين سواء وقت حكم المجلس العسكري أو وقت حكم الإخوان، وتحت حكومات الدكتور عصام شرف أو الدكتور كمال الجنزوري أو قنديل هي نفسها، وردية الشكل والطالع حول أثار سد النهضة علي مصر. من ضمن هذه التصريحات أن السد له مميزات وعيوب وسنحاول أن نضاعف من المميزات ونقلل من العيوب، وتصريح آخر أن إثيوبيا تعهدت للحكومة المصرية بعدم الإضرار بالأمن المائي المصري وأن إثيوبيا لن تسمح بأن يكون لسد النهضة أي آثار علي حصتنا المائية، بل ذهبت التصريحات إلي أبعد من ذلك، فقالوا لا خوف علي الحصة المائية من سد النهضة وأننا نعمل علي زيادة الحصة للايفاء بالاحتياجات المستقبلية للشعب المصري. وتصريح أخر بعيد عن أي فهم هندسي أو سياسي بأننا لدينا في السد العالي مخزون مائي ضخم يكفينا لسنوات وسنوات ولا خوف علينا من سد النهضة. وتصريح آخر فيه سطحية علمية بأن سد النهضة لتوليد الكهرباء ولن يستهلك مياها ولاخوف منه. تصريحات فنية ضحلة لاتعكس فهما لقضية السد ولا لأهدافه الاستراتيجية، وتصريحات سياسية غير واقعية ولا تعكس موقف إثيوبيا الحقيقي من حصة مصر المائية، ولا تعكس الموقف السياسي الحقيقي في حوض النيل. الحقيقة الرسمية المعلنة لإثيوبيا أنها لا تعترف بحصة مصر المائية ولا تعترف بالاتفاقيات التاريخية، وأن إثيوبيا ودول المنبع في اتفاقية عنتيبي رفضوا جميعا الاعتراف بحصتي مصر والسودان المائية وأصروا علي إعادة تقسيم مياه النهر علي دول الحوض العشر حينئذ بدون أي اعتبار للاتفاقيات السابقة. وكانت هناك بعض التصريحات المصرية العاطفية الودودة بأن إثيوبيا وعدتنا بأنه لن ينقص كوب واحد من مياه النهر، وردا علي مقالات وتصريحات أساتذة الجامعات المصرية بأن سد النهضة ستكون له أثار كارثية علي مصر، قال وزير الري المصري وحين ذاك: أننا ننتظر تقرير اللجنة الثلاثية وأنه لا يتوفر لدينا حاليا أي دراسات حول الآثار السلبية لسد النهضة علي مصر، علما بأن وزارة الموارد المائية والري كان يتوفر لديها دراسات وطنية وأخري أعدها خبير دولي عالمي تؤكد آثار السد الوخيمة علي مصر.
ونتذكر جميعا اجتماع الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق مع بعض من النخب السياسية وقتذاك، وكان الاجتماع معلنا علي الهواء، وما جاء فيه من تهديدات وتصريحات لا تليق بمصر ولا بمكانتها، ولم تتم دعوة أي من الخبراء الفنيين أو القانونيين أو السياسيين لهذا الاجتماع. وأول مرة يتحدث مسئول مصري بصراحة عن السد وآثاره السلبية كان رئيس الوزراء السابق د. هشام قنديل بعد صدمة تحويل مجري النيل الأزرق وذلك أمام مجلس الشوري قبل أسابيع من ثورة يونيو 2013، حيث اعترف بأن تقرير اللجنة الثلاثية وكذلك الدراسات المتوفرة لمصر عن السد تثبت أن السد له آثار عنيفة علي البلاد، وقال أيضا أن مصر لا يمكن أن توقع علي الاتفاقية الإطارية (عنتيبي) في شكلها الحالي الا بعد أن يتم الأخذ بالشروط المصرية الثلاثة، المنصوص عليها في محضر اجتماع وزراء مياه الحوض عام 2009 في كينشاسا، والخاصة بالحقوق المائية والإخطار المسبق وشرط التوافق بين دول الحوض لإجراء أي تعديل في الاتفاقية.
وثاني اعتراف حكومي بالآثار السلبية للسد، جاءت علي لسان وزير الري الحالي الدكتور عبدالمطلب في أحد اللقاءات التليفزيونية، وذلك قبل اجتماع وزراء مياه دول حوض النيل الشرقي الخرطوم في ديسمبر 2013 ، والذي قال فيه إن سد النهضة بحجمه الحالي سيكون تأثيره كارثيا علي مصر.
الشروط المرجعية والإطار التنظيمي للجنة الثلاثية الدولية
كان هناك بعض الإيجابيات وعدة سلبيات في الشروط المرجعية التي اتفق عليها وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا بخصوص تشكيل اللجنة الثلاثية وصلاحياتها وإطارها التنظيمي. أولي ايجابيات اللجنة تتمثل في موافقة الدول الثلاث علي تشكيلها، فقد كانت خطوة إيجابية تسمح لدول مصر والسودان وإثيوبيا بتبادل وتقييم البيانات الأساسية للسد للوصول إلي تفهم مشترك لأثار السد الايجابية والسلبية، وتسمح في حالة سلامة النوايا بأن يتم التوصل إلي حل يرضي جميع الأطراف، وثاني هذه الإيجابيات هي ضم خبراء دوليين إلي اللجنة ما أتاح وجود رأي مستقل غير منحاز لا يسمح بجود اتهامات بين أطراف التفاوض بعدم المرونة أو التعنت أو الانحياز إلي رأي علي حساب رأي أخر افتئاتا علي الحقيقة، وكذلك لإضافة بعد دولي لتقييم السد وآثاره السلبية علي دولتي المصب.
ولكن كانت هناك عدة سلبيات مؤثرة في بعض مواد الإطار التنظيمي لتشكيل هذه اللجنة، وكان يجب عدم سقوط الحكومة المصرية في هذه الأخطاء الأساسية. من أهم هذه السلبيات أن الإطار التنظيمي للجنة التي وافقت عليها مصر ينص علي أن سد النهضة تحت الإنشاء، وذلك فيه إقرار بأن السد أصبح أمرا واقعا ويزيد من صعوبة التفاوض حول إمكانية إلغاء السد مهما كانت نتائج الدراسات. وكان من الضروري عدم قبول هذا الشرط لأن إنشاءات السد لم تكن بدأت بعد، وذلك باستثناء حفل إعلامي لوضع حجر الأساس، بل أن السد في ذلك الوقت لم تكن له أي تصميمات إنشائية جاهزة للتنفيذ، بل إنه لم يكن تم الاستقرار داخل إثيوبيا نفسها علي أبعاد السد ولا علي سعة محطة الكهرباء حتي مارس 2012، وذلك كما تم عرضه في الباب السابع. ومن السلبيات أيضا أن مصر وافقت علي أن ينص الإطار التنظيمي علي حصر عمل اللجنة فقط في مراجعة الدراسات الإثيوبية للسد، مع عدم القيام بأي دراسات اضافية ضرورية مثل اعداد أو اقتراح بدائل هندسية تكون أكثر نفعا لجميع الأطراف. وأحد السلبيات الأخري أن الإطار التنظيمي للجنة لم ينص علي الحقوق المشروعة للدول التي قد يثبت تضررها من السد (دولتي المصب)، مثل الغاء مشروع السد أو أي اجراءات ايجابية لتجنب أو تقليل الأضرار المحتملة علي دولتي المصب مثل تقليل حجم السد أو التفاوض حول بدائل هندسية له، بل إن التفاوض حول السد لم يطرح تماما في الشروط المرجعية للجنة.
ومن السلبيات الأخري أنه تم اتفاق الدول الثلاث علي أن يكون تقرير اللجنة الثلاثية استشاريا غير ملزم لأي منها، فما فائدته إذن؟ والخلاصة أن الإطار التنظيمي لتشكيل اللجنة الثلاثية لم يشمل أي مضمون قانوني أو مؤسسي للتفاوض أو للتوصل إلي حل مرضي لأطراف النزاع لتصبح اللجنة الثلاثية ذات طبيعة أكاديمية تهدف فقط لمراجعة الدراسات الإثيوبية لسد النهضة وبدون أي التزام لأي من الأطراف بنتائج هذه اللجنة.
التقرير النهائي للجنة الثلاثية الدولية
قامت اللجنة بمراجعة 12 تقريرا فنيا عن سد النهضة وفرتها الحكومة الإثيوبية للجنة علي فترات متباعدة، آخرها في أبريل عام 2013. وكان خمسة من هذه التقارير تم إصدارها في النصف الثاني من عام 2012، وثلاثة تقارير عن التصميمات الإنشائية تم إصدارها في أبريل 2013، حوالي شهرين قبل انتهاء أعمال اللجنة. أي أن معظم دراسات إثيوبيا للسد كانت بعد وضع حجر أساس السد بشهور عديدة. هل نحتاج إلي إثبات أكثر من ذلك بأن إثيوبيا استغلت ظروف الثورة المصرية وانقسامنا الداخلي والأحداث الدامية في شارع محمد محمود وماسبيرو والعباسية ومجلس الشعب وغيرها لفرض السد كأمر واقع وزيادة سعته من 14.5 مليار متر مكعب إلي 74 مليار متر مكعب. والهدف من السد ليس اقتصاديا أو للتنمية كما يشاع وذلك لتدني كفاءته الكهربائية والاقتصادية، ولكن الهدف هو تحقيق الحلم الإثيوبي في التحكم في مياه النيل الأزرق وتغيير موازين القوي الإقليمية لتصب في كفة إثيوبيا كقوة صاعدة بدلا من مصر التي تعاني من جحود وأطماع بعض أبنائها.
والتقرير النهائي للجنة الثلاثية الدولية والذي اعتمدته الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، جاء داعما لتخوفات مصر من سد النهضة ويشتمل علي العديد من الملاحظات الهامة علي التصميمات الإنشائية والدراسات الهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية للسد. ونص التقرير صراحة بأن الدراسات المقدمة من الحكومة الإثيوبية الخاصة بالسد هي دراسات مبدئية لا ترقي لمستوي الدراسات المطلوبة لسد بهذا الحجم. ولقد أوضح التقرير أن التصميمات الإنشائية لأساسات سد النهضة لا تأخذ في الاعتبار انتشار الفواصل والتشققات الكثيفة المتواجدة في الطبقة الصخرية أسفل السد، وبما يهدد بانزلاق السد وانهياره وما لذلك من آثار تدميرية وخيمة علي كل من مصر والسودان. وأفاد التقرير بأن التصميم الإنشائي لجسم السد لا يسمح بمرور التصرفات المائية إلا من خلال مخارج محطة الكهرباء فقط، وأنه لا توجد أي فتحات إضافية في جسم السد لتمرير المياه، وأن هذا التصميم يهدد بعدم تمرير الاحتياجات المائية لدولتي المصب في حالات تعطل او غلق وحدات توليد الكهرباء. وأوضح التقرير أن السعة التصميمية لمفيض سد النهضة (مفيض الطوارئ)، والذي يستخدم لصرف مياه الفيضانات العالية لا تأخذ في الاعتبار السعة التصميمية لمفيض طوارئ سد الروصيرص في السودان، ما قد يؤدي إلي انهيار سد الروصيرص في حالة حدوث فيضانات عالية. ومن الملاحظات الإنشائية الهامة الأخري لتقرير اللجنة الثلاثية الدولية أن الحكومة الإثيوبية لم توفر للجنة التصميمات الإنشائية للسد الركامي الجانبي الذي يقع علي بعد عدة كيلومترات أمام سد النهضة. هل يعقل أنه لا يتوفر تصميم للسد الجانبي الذي يبلغ طوله 4.8 كيلومتر وبارتفاع 50 مترا.
ونص التقرير النهائي للجنة الثلاثية علي أن الدراسات الهيدرولوجية للسد لا تزيد عن كونها دراسات مبدئية تتمثل في ميزان مائي بسيط لا يأخذ في الاعتبار خصائص وسياسة تشغيل سد النهضة، وتهمل هذه الدراسات الفواقد المائية علي النيل الأزرق وخاصة فواقد البخر من سد النهضة والتي تصل إلي ملياري متر مكعب سنويا، والزيادة في البخر من السدود السودانية والتي تصل أيضا إلي حوالي 1.5-2 مليار متر مكعب سنويا. ولا تأخذ الدراسات الهيدرولوجية الإثيوبية في الاعتبار تأثير السدود الإثيوبية الثلاثة الأخري (كارادوبي، ومندايا، وبيكوأبو) المقترحة علي النيل الأزرق أعلي سد النهضة. والدراسات الهيدرولوجية لا تأخذ في الاعتبار أيضا تأثير التغيرات المناخية علي تدفقات نهر النيل الأزرق والآثار المحتملة علي دولتي المصب. وطالبت اللجنة بضرورة إعداد دراسة جديدة متطورة لآثار سد النهضة المائية علي دولتي المصب مع الأخذ في الاعتبار العوامل السابق ذكرها بالإضافة إلي عدة بدائل مختلفة لسياسات تشغيل السد. وطالب التقرير بإعداد دراسة تفصيلية عن الآثار المحتملة لانهيار السد علي دولتي المصب.
وبالرغم من هذا القصور في الدراسات، إلا أن الدراسات الهيدرولوجية الإثيوبية أفادت بوضوح بأنه في حالة ملء السد أثناء سنوات فيضان منخفضة فإن ذلك سيكون له تأثير بالغ علي توفير مياه الري في مصر وعدم القدرة علي توليد الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان لسنوات طويلة.
ومن الملاحظات الرئيسية للجنة الدولية علي الدراسات البيئية المقدمة من إثيوبيا أن هذه الدراسات انحصرت فقط علي المناطق المتضررة من سد النهضة داخل إثيوبيا، ولم تهتم هذه الدراسات بتقييم تأثير السد علي تدهور نوعية مياه النيل الأزرق وتأثير تحلل المواد العضوية والتربة والغابات التي سيتم غمرها بمياه بحيرة سد النهضة علي التنوع البيئي ومصايد الأسماك ببحيرة سد الروصيرص في السودان وفي بحيرة ناصر في مصر. وأضاف تقرير اللجنة أن الدراسات البيئية لسد النهضة لم تشمل تقييم آثار حجز المواد الرسوبية أمام سد النهضة علي زيادة معدلات النحر في قاع وجسور النيل الأزرق خلف السد وتأثير ذلك علي الزراعة وصناعة الطوب في السودان. ونص تقرير اللجنة علي أن تصميم سد النهضة لم يأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية في تحديد ارتفاع وحجم السد، ما أدي إلي عدم طرح أي بدائل فنية للسد قد تكون أصغر في السعة والارتفاع وأكثر جدوي لإثيوبيا وأقل ضررا علي دولتي المصب. وقد علقت إثيوبيا علي هذه الملحوظة الأخيرة بأن أبعاد السد تمثل شأنا إثيوبيا داخليا ولا يسمح لأحد بالتدخل فيه!!
وبالطبع لم تنشر إثيوبيا نتائج هذا التقرير والذي يوضح المخاطر المتعددة لسد النهضة، ولكن من الغريب جدا ومن غير المفهوم عدم نشر الحكومة المصرية علي نتائج هذا التقرير حتي الآن بالرغم من أن نتائج التقرير تدعم موقفها السياسي والقانوني والفني.
متابعة توصيات اللجنة الثلاثية الدولية
نجحت إثيوبيا بدرجة كبيرة في فرض حقيقة سد النهضة علي كل من مصر والسودان، وأصبحت المطالبة حاليا بإلغاء السد أمرا غير مقبول سواء إقليميا أو دوليا. وبدأت إثيوبيا في إجراءات التشييد إعلاميا منذ أكثر من عامين، ولكنها مازالت في مرحلة إعداد الموقع استعدادا لرفع الأساسات، ومازالت هناك صعوبات كبيرة في التمويل. وتقرير اللجنة الثلاثية الدولية الذي صدر في نهاية مايو 2013 بموافقة الدول الثلاث يشتمل علي العديد من الملاحظات الهامة علي التصميمات الإنشائية والدراسات الهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية للسد وآثاره السلبية علي كل من مصر والسودان. وبعد صدور تقرير اللجنة الثلاثية في آخر مايو 2013، كان أول اجتماع لوزراء المياه في الدول الثلاث للنظر في توصيات اللجنة في 4 نوفمبر2013 في مدينة الخرطوم بالسودان. وفي هذا الاجتماع كانت إثيوبيا والسودان متفقتين معا علي أن لجنة من الخبراء المحليين من الدول الثلاث كافية لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات، وخاصة مع ما أعلنته إثيوبيا أنها نفذت بالفعل معظم هذه التوصيات. ولكن مصر طالبت بمشاركة خبراء دوليين في اعداد أو حتي مراجعة وتقييم الدراسات التنفيذية لتوصيات اللجنة. والفائدة من وجود خبراء دوليين في اللجنة أن قراراتهم ستكون مستقلة ومحايدة ولا يميلون لجانب علي حساب جانب آخر، أما الخبراء المحليون إذا اختلفوا فيما بينهم، سيتم وصف هذا الخلاف بأنه خلاف في وجهات نظر الدول الثلاث. وطبعا من السهل اتهام مصر كالعادة بأنها متعالية ومتعنتة وتقف ضد التنمية في دول المنبع. وهذا هو الأسلوب المعتاد من إثيوبيا وغيرها من بعض دول المنبع، وللأسف يرددها بعض المصريين لأغراض شخصية ومصالح ذاتية ومكاسب ضيقة. وللأسف قد فشل هذا الاجتماع الوزاري في الاتفاق علي تشكيل اللجنة التي ستشرف علي تنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية الدولية، واتفق الوزراء علي عرض الأمر علي حكوماتهم والاجتماع مرة ثانية في 8-9 ديسمبر وإثيوبيا كانت ومازالت مستمرة في بناء وتشييد السد.
وفي اجتماع 8-9 ديسمبر2013 في الخرطوم، تضاربت الأقوال والتصريحات حول نجاح أو فشل الاجتماع، ولكن كان من الواضح تعنت الجانب الإثيوبي مع المطالب المصرية. وهذه النتائج كانت متوقعة نظرا للأيديولوجية الإثيوبية في عدم استعداد الحكومة الإثيوبية للتراجع أمام الداخل أو الخارج عن مخططاتها لهذا السد بأي شكل وتحت أي تكلفة، وسد النهضة في الحقيقة ليس هو لب الموضوع والتنمية الإثيوبية ليست هي القضية أو المحرك الرئيسي، إنما الهدف الحقيقي هو الانتصار السياسي علي مصر. ان الأمر يتعلق بطموح إثيوبيا السياسي لتصبح قوة رئيسية فاعلة في المنطقة وذلك بالسحب من رصيد مصر السياسي، وأن إثيوبيا تري أن الفرصة الحالية فرصة ذهبية، وذلك في ظل عدم الاستقرار والمشاكل الداخلية في مصر، وقد لا تأتي هذه الفرصة مرة ثانية لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي والذي طال انتظار تحقيقه منذ عقود بل دهور طويلة. عموما بعد انتهاء الاجتماع بعدة أيام في 15 ديسمبر 2013، صرح السيد وزير الري المصري بأنه تم الاتفاق مع الجانب الإثيوبي علي عدة نقاط وكان هناك اختلاف حول نقاط أخري، مما يذكرني بالمقولة الشهيرة التي كنا قد تعودنا علي سماعها لعدة سنوات وما زلنا نسمعها بأننا انتهينا من الاتفاق مع دول الحوض حول 99% من مواد الاتفاقية الإطارية (اتفاقية عنتيبي) ولم يتبق الا 1% (يامسهل يارب). وأضاف وزير الري المصري بأنه تم الاتفاق بين الدول الثلاث علي أن الهدف الرئيسي للجنة المتابعة المزمع إنشاؤها هو تنفيذ التوصيات المدرجة في تقرير اللجنة الدولية، والحمد لله فإن الوزراء أخيرا اتفقوا علي الهدف من تشكيل لجنة المتابعة.
وأضاف الوزير أنه يتم تشكيل اللجنة من أربعة خبراء من كل دولة، ولا يزيد عمل اللجنة علي سنة، وتحمل الدول الثلاث تكاليف اللجنة والدراسات المشتركة، والاتفاق علي الانتهاء من إعداد نطاق عمل الدراسات التكميلية الإضافية وطرحها علي مجموعة مختارة من المكاتب الاستشارية العالمية. هل يتصور السيد الوزير أن أعمال اللجنة المحلية وبما فيها التفاوض مع إثيوبيا سيأخذ عاما واحدا فقط، بينما احتاج الخبراء الدوليون لمراجعة الدراسات الإثيوبية للسد فقط في اللجنة الثلاثية إلي سنة كاملة، هذا بالإضافة إلي ما استغرقته اللجنة الثلاثية بأعضائها المحليين ما يقرب 6 شهور لاختيار وتحديد مهام الخبراء الدوليين. وهل ستتم إعادة دراسات السد من خلال اللجوء إلي مكاتب استشارية دولية واذا كانت الإجابة بالنفي، إذن لماذا نحتاج المكاتب الاستشارية ولا نلجأ إلي خبراء دوليين كما كان الحال في اللجنة الثلاثية الدولية؟ وهل ستستمر إجراءات تشييد السد خلال هذه الفترة في ظل تعاقد إثيوبيا مع شركة ساليني بعد الانتهاء بالفعل من تحويل مجري النهر؟ وأضاف السيد الوزير أنه تم الاتفاق علي أن يكون اتخاذ قرارات اللجنة بالإجماع، وعلي أهمية قيام كل دولة بتوفير البيانات المطلوبة لاجراء الدراسات التكميلية. ولم يوضح الوزير ماذا يحدث في حالة اختلاف أعضاء اللجنة في أمر من الأمور الفنية الهامة مثل سعة السد وسياسات تشغيله وسنوات التخزين.
وصرح الوزير أيضا بأنه تم الاتفاق علي وجود عنصر دولي في أعمال اللجنة، وسيتم تحديد الشروط المرجعية والقواعد الإجرائية وتوقيت عمل هذا العنصر الدولي في الإجتماع القادم بالخرطوم التالي في 4-5 يناير 2014. الحقيقة أنه حتي إذا رضخت إثيوبيا لمطالب مصر وعلي إشراك خبراء دوليين في لجنة متابعة توصيات اللجنة الثلاثية، سيستغرق تشكيل اللجنة والدراسات والاجتماعات عامين آخرين تكون إثيوبيا انتهت خلاله من معظم أعمال بناء السد. فإثيوبيا كانت قد أعلنت أنه سيتم الانتهاء من المرحلة الأولي للسد بحلول العام القادم والبدء في توليد 700 ميجاوات من الكهرباء، وأنه تم الانتهاء مايقرب من 30% من إنشاءات السد في ظل حرب التصريحات النفسية التي تجيدها إثيوبيا. وأحب أن أوضح هنا أن خطورة قضية سد النهضة الإثيوبي لا تنحصر فقط في أن السد يمثل اعتداء علي حقوقنا المائية التاريخية وعلي السيادة المصرية، ولكنها تكمن في أن آثار السد السلبية علي مصر كارثية ولها تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية تهدد استقرار الدولة ومستقبل شعبها وما لذلك من تداعيات إقليمية ودولية.
هل مصر تتحرك في المسار الصحيح؟
بعيدا عن هذه المناقشة والجدال علي ما فات والذي لا طائل من ورائه، لابد لنا من وقفة جادة لتقييم الأداء وإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان. ولنبدأ بالتساؤل عن ماذا كان الهدف من تشكيل اللجنة الثلاثية الدولية والتي اسغرقت 18 شهرا من تاريخ تشكيلها حتي إصدار تقريرها النهائي في 31 مايو 2013؟ الهدف كان واضحا عند تشكيلها وهو دراسة الأثار السلبية لسد النهضة علي دولتي المصب؟ إذن السؤال التالي المنطقي هو هل حققت اللجنة الدولية أهدافها بعد هذه الفترة الطويلة من الاجتماعات وهل سجل تقريرها النهائي الذي يصل حجمه إلي 600 صفحة الآثار السلبية للسد علي مصر والسودان؟ إذا كانت الإجابة بنعم وأنا أشك في هذا، فلماذا إذن تشكيل لجنة ثانية؟ وإذا كانت الاجابة بلا وأن الدراسات الإثيوبية الخاصة بآثار السد علي دولتي المصب كانت غير جادة ولا ترقي إلي حجم سد النهضة وتبعاته، فلماذا نقبل مرة ثانية تشكيل لجنة من المحليين (المرة السابقة كانت من الدوليين ولم تحقق أهدافها) لإعادة نفس الدراسات أو تقييم دراسات أخري غيرها؟ هل نعتقد أن لجنة الخبراء المحليين ستنجح فيما فشل فيه الخبراء العالميون؟ وهل نحن علي هذا المستوي من السذاجة أن نعتقد أن إثيوبيا سوف تتعاون مع اللجنة وتقدم ما يدينها ويثبت أن السد يسبب أضرار جسيمة لمصر؟ وما فائدة دراسة السلامة الإنشائية للسد ونحن نعترض أساسا علي سعته وحجمه، فلنتفق علي سعته وحجمه ثم نتدارس معا السلامة الإنشائية والتي تهم السودان في المقام الأول؟ ولماذا نجبر أنفسنا علي الدخول في لجنة ثلاثية، منها عضوان لهما نفس وجهات النظر ومعلنة ضد توجهات مصر وأهدافها من التفاوض؟
حقيقة الأمر أن هناك محاولات مستمرة لتجنب أي مواجهة حقيقية مع إثيوبيا للدفاع عن حقوقنا المائية، والحقيقة أيضا أنه لم يتم عرض لمطالب مصر ومخاوفها من السد علي الجانب الإثيوبي حتي الآن، بل هناك محاولة لعرض هذه المطالب في استحياء غير مبرر من خلال الإطار التفاوضي الفني الذي فرضته إثيوبيا علينا وأجدنا نحن الانصياع له وبشكل ملفت للنظر. والمخاوف المصرية تتمثل في سعة السد التخزينية وسياساته التشغيلية وسنوات التخزين وسلامته الإنشائية. والبداية الصحيحة للتعامل مع هذا الملف أنه إذا وافقت إثيوبيا علي النظر في سعة السد وسياساته التشغيلية وسنوات التخزين وبما لا يحدث ضررا جسيما للدولة المصرية فمن الممكن الاتفاق حول أحد الخبراء الدوليين أو أكثر لإتمام هذه الدراسة المائية في 3 شهور مثلا. وبعد الانتهاء من الدراسة والاتفاق حول هذه المخاوف والتوافق حول سعة السد التخزينية، فمن الممكن حينئذ النظر في السلامة الإنشائية للسد والآثار البيئية وغيرها من الأمور المتعلقة السد في دراسات أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.