رجال «موزة» يستخدمونه منبرا لتحريض أمريكا ضد قيادات الجيش المعهد أعد مشروعاً مؤخراً حول التحولات في الدول العربية بتمويل قطري لخدمة أهداف أمريكية يرأسه رئيس وزراء قطر السابق المعروف بصداقته للإخوان.. وأجري أكثر من دراسة تنال من سمعة «جنرالات مصر» يحاول إقناع إدارة «أوباما» بأن عزل الإخوان سوف يولد المزيد من التطرف ما يعرض المصالح الأمريكية للخطر تستخدم دويلة قطر وأميرها تميم بن حمد كل ما أوتيا من قوة للنيل من الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي بعد أن أجهض حلم الدولة الصغيرة بالتربع علي عرش العالم العربي.. ، فبجانب السياسة الواضحة والتصريحات المعادية للوضع المصري ،تشن الدوحة هجمة شرسة علي القاهرة عبر ذراعها الإعلامي المتمثل في قناة الجزيرة.. الخطر الأكبر أن هناك قوة أخري يطلق عليها القوة الناعمة تستخدمها قطر دون أن يشعر بها الكثيرون لتقويض المسئولين هنا ووضع العراقيل أمامهم, ومن أمثلة هذه القوي الناعمة معهد بروكينجز لأبحاث الشرق الأوسط ،الذي يعد دراسات وتقارير هدفها التأثير علي دوائر صنع القرار في الولاياتالمتحدة للضغط علي السلطة الحالية لعودة مشاركة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية بدعوي الحفاظ علي المصالح الأمريكية. معهد بروكينجز الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بالمخابرات الامريكية هو مؤسسة فكرية أمريكية مقرها واشنطن, وهي واحدة من أقدم مؤسسات الفكر والرأي ، و تقوم بإجراء الأبحاث والتعليم في مجال العلوم الاجتماعية، وتهتم في المقام الأول باالسياسة ، والحكم، والسياسة الخارجية، والاقتصاد والتنمية في العالم. وحسب تقرير لجامعة بنسلفانيا عام 2012 فقد حاز المركز المرتبة الأكثر تأثيرا من الناحية الفكرية في العالم. وخلال الأعوام الماضية تم إنشاء فرع لمركز بروكنجز بالدوحة عاصمة قطر من خلال مبادرة من المعهد في واشنطن لإجراء تحليلات سياسية وبحوث مستقلّة عالية الجودة عن منطقة الشرق الأوسط. ويرأس مجلس المستشارين الدولي لمركز بروكنجز الدوحة الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السابق المعروف بصداقته للإخوان المسلمين, والرئيس المشارك ستروب تالبوت. المركز تم إطلاقه باتفاقية تعود إلي الأول من يناير 2007، وتم افتتاحه رسميا من قبل الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في 17 فبراير 2008، بحضور كارلوس باسكوال، نائب رئيس معهد بروكنجز لدراسات السياسة الخارجية السابق، ومارتن إنديك، نائب الرئيس لدراسات السياسة الخارجية بالمعهد، وهادي عمرو، المدير المؤسس لمركز بروكنجز الدوحة و يتم تمويل المركز من قبل دولة قطر. ومن أهم المشروعات التي يقوم بها المركز حاليا التي تعد مدخلا هاما للتدخل القطري والأمريكي في شئون الدول العربية مشروع "التحولات العربية" وهو مبادرة مشتركة لمدة ثلاث سنوات بين المركز ومركز التنمية والديمقراطية وسيادة القانون في جامعة ستانفورد ،ويهدف هذا المشروع إلي عمل دراسات تحليلية شاملة للظروف المؤثرة علي عملية الديمقراطية والحكم الرشيد خلال الفترة الانتقالية الحالية في العالم العربي. وبالنظر إلي أهداف هذا المشروع نجد أنه خدمة مجانية من قطر للتدخل الغربي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص في الشأن العربي فهذا المشروع الضخم الذي تموله الدولة الخليجية الصغيرة يهدف إلي تقديم دراسات سياسية خاصة (وثائق بيضاء) لصانعي السياسات في واشنطن وأوروبا والشرق الأوسط وأيضاً مجتمع التنمية ويعتمد علي عقد سلسة من الفعاليات العامة بين الدوحة و الولاياتالمتحدة ،كما يقوم المركز من خلال هذا المشروع بعقد اجتماعات خاصة بين مسئولين أمريكيين وأوروبيين والأمم المتحدة والعالم العربي. واللافت أن المشروع يضع أيضا آلية تمويل العلماء وأصحاب المصلحة في العالم العربي والولاياتالمتحدة لإجراء بحوث ميدانية في الوطن العربي ،وفكرة وجود أصحاب المصلحة تشير إلي إمكانية توجيه دراسات المشروع لأغراض معينة وخروجها عن حيادية البحث الأكاديمي. ويحاول بروكينجز حاليا الضغط علي إدارة أوباما لإجبار السلطة المصرية علي إشراك الإخوان المسلمين في الحياة السياسية ويتضح ذلك من خلال رسالة أرسلها تمارا موفمان ويتس مدير مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط التابع للمعهد ودانيال بيمان كبير الباحثين حيث زعما أن ما يتعرض له الإخوان من قمع يدفعهم إلي التطرف ما سيؤدي إلي زعزعة الاستقرار في مصر والمنطقة ويؤثر سلبا علي أمن إسرائيل. وعلي الرغم من أن المعهد اعترف بأن هذه الخطوة التي يطلبها من إدارة أوباما بالضغط من أجل إعادة الإخوان للحياة السياسية لن تمنعهم من التطرف إلا أنها سوف تحيد تأثيرهم علي المصالح الأمريكية في مصر، كما حاول بروكينجز ترويج أن الجيش المصري لا يهمه إلا تحقيق أهدافه وهذا الأمر لا ينطبق علي الفترة الحالية فقط بل أنه أمر ملازم للقوات المسلحة المصرية علي مدار تاريخها ،حيث قال في دراسة له تحت عنوان "المؤسسات العسكرية في الدساتير المصرية" إن الرائد صلاح سالم الذي كان أحد قيادات مجلس الثورة عام 1952 قال:"أين المشكلة لو قتلنا مليون مصري من أجل تحقيق أهدافنا". كما زعمت الدراسة نفسها أن العملية السياسية في مصر بعد الإطاحة بالملك فاروق كانت تميل إلي المؤسسة العسكرية التي كانت تملك كل موازين القوي والإرهاب السياسي وفقا لما أسمته الدراسة، التي ادعت أنه منذ ذلك الحين بدأت عملية دسترة دور الجيش المهيمن علي الحياة السياسية وهذه القضية الشائكة لا تزال تعاني منها مصر ولكن بطريقة أكثر دموية، كما حاولت الدراسة التقليل من شأن الدستور الجديد الذي شهد إقبالا كبيرا في الاستفتاء من المواطنين المصريين وقضي علي كثير من آمال الإخوان في العودة للحكم. ومن اللافت أن الدراسة حاولت فيما يشبه "الاسقاط السينمائي " باستخدام أحداث الماضي وتشبيهها بما يحدث في الوقت الحاضر حيث أطلقت علي ثورة 1952 انقلابا أيضا للتقليل من دور الجيش من تحويل نظام الحكم في مصر من الملكي إلي الجمهوري، كما زعمت أن المؤسسة العسكرية حاولت أن تحصل علي وضع مميز في الدستور عن طريق الإطاحة بدستور 1923 والبرلمان المنتخب الذي كان موجودا عام 1952 في محاولة للقول، إن ما يحدث الآن شبيه بما حدث في السابق والذي كانت نتيجته60 عاما من الحكم العسكري الذي شهد الكثير من القمع والتدهور الاقتصاد والاجتماعي في مصر. ولم يفت الدراسة أن تدعي بأن القضاء ساعد الجيش في هذه الفترة علي أن يؤسس لديكتاتورية عسكرية عن طريق التصويت ضد انعقاد المجلس ،مما يعد إسقاطا علي أن القضاء مسيسا منذ ثورة يونيو 1952 وهو ما يروج له الإخوان حاليا من أن القضاء يساهم ويساعد في تأسيس ما يسمونه انقلابا في مصر. وبعد أن قامت الدراسة بإعطاء لمحة تاريخية اتضح هدفها بالانتقال مباشرة إلي مقارنة الدساتير المصرية التي تم انتاجها منذ عام 1952 وحتي آخر دستور 2014 حيث اعتبرت الأخير عودة للوراء فيما يتعلق بالمواد الخاصة بالمؤسسة العسكرية ،مع الاعتراف بأن دستور 2012 كان يعد أيضا عودة للوراء في هذه النقطة إلا أن الدستور الجديد حسبما ادعت أعطي امتيازات أكثر للجيش ،بالإضافة إلي الامتيازات التي تم منحها للشرطة . ووضح هدف الدراسة من الدفاع عن الجماعة من خلال ذكرها للمادة 237 الخاصة بمكافحة الإرهاب مدعية بأن هذا المصطلح تم استخدامه بشكل واسع وانتقائي لوصف المعارضة المسلحة والسلمية ضد الانقلاب العسكري والخلط بينهما بطريقة متعمدة. وسخرت الدراسة من هذه المادة حيث قالت إن مصطلح مكافحة الإرهاب يتضمن اتهام الرئيس باراك أوباما بأنه عضو في منظمة الإخوان المسلمين "الإرهابية"، واتهام محمد البرادعي بالتآمر مع الجماعة ذاتها للتحريض علي العنف في سيناء، وحتي اتهام الدمية "آبلة فاهيتا" بالتحريض علي العنف ورعاية الإرهاب. ولم تنس الدراسة أن تنتقد المدنيين المتواجدين في الجمعية التأسيسية للدستور حيث قالت إن الامتيازات التي حصلت عليها المؤسسة العسكرية ما كانت لتحدث دون دعمهم حيث صوتوا عليها بالأغلبية ،وتوعدتهم بانقلاب الجيش عليهم مستخدمة نفس الأسلوب الذي بدأت به الدراسة وهو العودة للتاريخ حيث قالت إنه تم سجن سليمان حافظ نائب رئيس مجلس الدولة المصري الذي صوت من قبل ضد عقد البرلمان ودعم ما أسمته الدراسة ب "دسترة جمهورية الضباط" وبعد أن تم الإفراج عنه اعترف بأن سجنه كان عقابا علي هذه الخطيئة. وبالنظر إلي تقارير المعهد في فترة ما بعد 30 يونيو من العام الماضي حتي الآن نجد أنها موجهة للنيل من الجيش المصري ورموزه ففي تقرير آخر حاول بروكينجز النيل من شخصية الفريق أول عبدالفتاح السيسي وتصويره علي أنه ديكتاتور حتي أكثر من مبارك حيث لا يحب أن يعارضه أي شخص في حين أن الأول كان يلتفت لهم حتي ولو بشكل جزئي. كما أراد التقرير الذي جاء تحت عنوان "أهلا جنرال .. هذا أنا هيجل مجددا"بأن يركز علي أن وزير الدفاع لا يلتفت للضغط الغربي مدعيا بأن المكالمات التي أجراها مع نظيره الأمريكي هيجل كانت تتضمن تهديدا غير مباشرا بضرورة تخفيف حدة القمع ضد الإخوان وتأسيس نظام ديمقراطي، مع الإشارة إلي أن السيسي كان من أول الدفعات التي تلقت تدريبا بأمريكا عام 1981 إضافة إلي العام الذي قضاه للدراسة في 2006 مما جعله يتقن الإنجليزية وأبقي وسائل الاتصال بينه وبين واشنطن مفتوحة وفقا لبروكينجز. ويبدو أن التقرير كان يحذر أمريكا بشكل واضح من أن السيسي الذي اعتبرته الرئيس الفعلي لمصر قد يكون السبب في فقدانها أهم حليف لها بالشرق الأوسط حيث أن وزير الدفاع لا يلتفت إلي نصائح واشنطن ولا يهمه رضاها عما تفعله مما يعد تحريضا واضحا علي التدخل الأمريكي في الشأن المصري من قبل دويلة قطر.