عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الانقلاب الأبيض".. كلمة السر فى تولى تميم حكم قطر بمباركة أمريكا وإسرائيل
نشر في الموجز يوم 17 - 12 - 2013

من شابه أباه فما ظلم.. ربما ينطبق هذا المثل شكلا ومضموناعلى الشيخ تميم بن حمد بن جاسم آل ثان أمير قطر الجديد الذى يسير على نهج والده فى كل شئ حتى انه تخلى عن قناعاته الشخصية التى يؤمن بها حتى لا يحيد عن هذا النهج المشبوه.. فالرجل لا يكل ولا يمل عن تقديم فروض الولاء والطاعة للأمريكان والصهاينة مثلما كان يفعل والده وهو أيضا يتخذ موقفا مضاد ومعاد للإرادة الشعبية المصرية ويقف منها موقفا مناهضا لصالح جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسى وهذا ما يظهر فى المواقف الرسمية القطرية تجاه الأحداث التى شهدتها مصر منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن.
كان البعض قد توقع أن ينتهج أمير قطر الجديد تميم بن حمد سياسات أكثر تفاهما مع مصر لاسيما بعد موقفه من تظاهرات 30 يونيو ،حيث أعلنت قطر أنها تدعم إرادة الشعب المصري الذي خرج في ذلك اليوم مطالبا بإسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي.. وقد جاء هذا الموقف رغم استمرار قناة الجزيرة في ذلك الوقت في بث أكاذيبها حول حقيقة الأمر في مصر حيث كانت تنقل صور تظاهرات الاتحادية على أنها صور لاعتصام رابعة العدوية الذي كان يضم مؤيدي "مرسى".. ورأى المحللون حينئذ أن موقف الأمير القطري الجديد ينبئ بتحول السياسة القطرية عن دعم جماعة الإخوان المسلمين ،لاسيما وأن التقارير كانت تؤكد أن "تميم" لديه موقف شخصي معاد للجماعة خاصة وأن بعض المقربين منه أكدوا أنه وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنهم جماعة خارج التاريخ وأنهم يستترون خلف الشعارات الدينية لجمع الأموال ليس أكثر وأكد في أول خطاب له فور تسلمه للحكم أنه لا يدعم حزبا سياسيا معينا بل يدعم الدول للحفاظ على العلاقات معها وأنه لا يريد أن ينحاز إلى تيار ضد الآخر.
فور تسلم "تميم" للحكم تردد بقوة أن هناك خلافا بينه وبين الشيخ يوسف القرضاوي الذي تعتبره جماعة الإخوان المسلمين مرجعيتها الدينية كما كان الأمير السابق حمد بن خليفة وزوجته الأميرة موزة يعتبرانه مفتي القصر لاسيما وانه ساعد "حمد" من خلال فتاواه على الانقلاب على والده.. ورأى البعض أن هذا الموقف يأتي في إطار كره تميم للجماعة ووصل الأمر بالبعض إلى القول إن الأمير الجديد أمهل الشيخ أياما معدودة لمغادرة قطر ، وبعد تداول هذا الخبر تم نفيه إلا أن مصادر موثوقة أكدت أن ثمة خلاف بينهما يعود إلى عام 2005 ،حيث كان قد تم اتهام الشيخ الشاب بالشذوذ الجنسي وأفتى على أثره القرضاوي بإقامة الحد عليه بالرجم حتى الموت حسب ما تنص عليه الشريعة وما تم نقله عن الأئمة الكبار مثل ابن مالك والشافعي ، كما عبر القرضاوي فى ذلك الوقت عن استياءه إزاء مساندة عمدة "ليفينجستون" حينها للأمير تميم وعدم السماح بإدانته.
وتعود أصل القصة إلى عام 2005 عندما نشرت أخبار عن وفاة الأمير تميم بن حمد، في ملهى ليلي لمثليي الجنس في بريطانيا نتيجة شجار مع شريكه في هذه العلاقة ويدعى مايكل هيرد.. ولفتت المصادر إلى أنه رغم ذهاب الشرطة لموقع الحادث إلا أن جميع الأوراق الخاصة بالقضية اختفت.. وأضافت المصادر أن موقع الجزيرة قام بنشر خبر مشاجرة الأمير في بريطانيا، وقام الموقع بسحب الخبر من الأرشيف، خوفا من انتشاره وتداوله على نطاق واسع في الدول العربية، وهو ما دفع تميم إلى الزواج من امرأتين بعد الحادث إحداهما ابنة عمه وذلك لدرء الشائعة التي روجت عنه بقوة.
وكشف مصدر إعلامي فرنسي أن الشيخ يوسف القرضاوي قد أفتى بإعدام الأمير تميم حال ثبت ممارسته للشذوذ واللواط، وهو الأمر الذي اعتبره التقرير، أنه سيظل عائقا في العلاقة بين أمير البلاد الجديد والشيخ القرضاوي، وربما تؤدي إلى الإطاحة بالداعية الإسلامي وإسقاط الجنسية القطرية عنه.
وأشار المصدر إلى أن إعادة نشر الواقعة التي وقعت في بريطانيا وتورط بها أمير قطر الجديد، من المحتمل أن تكون قد تم تدبيرها لتشويه سمعة الأمير تميم بن حمد.
قناعات شخصية
وعلى ما يبدو فإن الموقف الحالي لقطر والذي تجلى في شجب واستنكار فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بشكل أثار غضب كل المصريين إضافة إلى الأكاذيب التي تبثها قناة الجزيرة يأتي في إطار إتباع الأمير الشاب لسياسة أبيه الذي كان دائما حليفا للغرب لاسيما الولايات المتحدة .. وربما لا يتماشى هذا الموقف الأخير من مصر مع قناعات الأمير الشخصية
وكان تميم قد أظهر رغبة في التقرب من مصر بعد الثورة لاسيما وأن علاقة الدولة الخليجية مع مصر في الآونة الأخيرة كانت متوترة حيث قام بزيارة مصر في يونيو 2011 التقى خلالها رئيس المجلس العسكري الحاكم في ذلك الوقت المشير محمد حسين طنطاوي وكان لقاء مفعما بالمشاعر الطيبة بين الجانبين، أكد خلاله تميم استعداد بلاده لمساعدة مصر بكل الطرق للعبور إلى بر الأمان بعد الثورة معلنا عن تبرع قطر ب 500 مليون دولار للخزانة المصرية لوقف تدهور الجنيه المصري أمام الدولار بعد أن فقد جزءا كبيرا من قيمته خلال فترة الثورة.. كما أعلن اتفاقه مع المشير طنطاوي على تقديم حزمة مساعدات كبيرة للشعب المصري من خلال منح واستثمارات وتم التوقيع حينها على عدة اتفاقات في هذه الشأن يستمر العمل بهما حتى الآن وهى الاتفاقات التي يتم بمقتضاها تقديم مساعدات اقتصادية إلى مصر .
وأعرب تميم خلال لقاء بالدوحة فى 16 ديسمبر من العام الماضي مع عدد من المفكرين والباحثين والصحفيين العرب عن اعتزازه وفخره بالثورة المصرية ومفجريها من كل الأطياف، مؤكدا استمرار دعم دولة قطر للشعب والحكومة المصرية أيا كانت تلك الحكومة مادام قد اختارها الشعب
ولفت تميم خلال اللقاء إلى تاريخ مصر ودورها في نصرة القضايا العربية والإسلامية ودورها التنويري، وقال كلمته المشهودة حينها التي تردد صداها في كل البقاع العربية "إن مساندة مصر واجب على كل عربي سنسأل عنه جميعا أمام الله"
وكان لكلمة الشيخ تميم بن حمد هذه صدى واسعا في كل المنطقة العربية حيث تلقفها الشباب العربي خاصة في دول الخليج العربي ونظموا حملة كبيرة لمساعدة مصر وتحويل الأموال إليها خاصة من قطر والسعودية والكويت وغيرها الأمر الذي ساهم حينها في تثبيت سعر صرف الجنيه المصري والذي كان يتعرض حينها لضغوط كبيرة أمام الدولار الأمريكى.
وفي العاشر من شهر أبريل من العام الجاري وخلال لقائه برئيس الوزراء السابق هشام قنديل بالدوحة ، أكد الشيخ تميم أن قوة مصر هي قوة للعالم العربي والإسلامي أجمع وأن وقوف دولة قطر مع الشعب المصري من بداية الثورة هو واجب علينا أمام الله وأمام الشعوب ،وأمر بتوجيه سندات لمصر بقيمة 3 مليار دولار.
ولكن يبدو أن مساعدات "تميم" لمصر طوال الفترة الماضية كانت في إطار دعمه لجماعة الإخوان المسلمين وفقا للسياسات التي انتهجها والده في دعم الإسلاميين في جميع الدول العربية واتضح هذا جليا من خلال انقلابه على مصر بعد الإطاحة ب"محمد مرسي" فسرعان ما تحول الشيخ ضد مصر ربما لأنه شعر أن موقفه المؤيد قد يضر بعلاقته مع أمريكا التي تساند وجوده في سدة الحكم بقطر المنفذ الرئيسي لمخططات الإدارة الأمريكية بالشرق الأوسط.
لقاءات سرية
وكانت قناة "بي بي سي" قد توقعت أن تكون قطر في ظل وجود تميم على رأس السلطة على مقربة من القوى الغربية لاسيما وأنه يسعى للانحياز إلى السياسة الغربية المواجهة لإيران ،لكن في نفس الوقت ستظل هناك مخاوف غربية من علاقة قطر الوطيدة بالإسلاميين ولاسيما بحركة حماس.. ويدعم هذه الحقيقة حرص الأمير الشاب ووالده على موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل على تولي تميم الحكم وهو ما كشفت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" حيث قالت أن ثمة لقاءات سرية جرت بين أمير قطر الجديد ومندوبين إسرائيليين خارج قطر وداخلها، وذلك قبل الشروع في نقل السلطة في الإمارة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأميركيين تأكدوا أن روح الإسلام القتالية لن تدخل قطر من جراء التغيير، الأمر الذي سهل عملية انتقال السلطة.. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مستشار سياسي رفيع المستوى في الدوحة، تأكيده على أن إسرائيل كانت - إلى جانب الولايات المتحدة - على علم مسبق بانتقال السلطة في قطر.
وأشار المسئول القطري، الذي وٌصف بأنه مقرب جدا من الأمير المتنحي، أن رئيس منظمة إسرائيلية مختصة وصاحبة تقدير، التقى ولي العهد الأمير تميم أكثر من مرة، بهدف الاستخبار عن توجهاته، وأنه لا ينوي الدخول في مغامرات خطيرة، وبحسب المسئول القطري، جرت اللقاءات في مكان آمن خارج قطر وإسرائيل، إلا أن لقاء واحدا تم داخل قطر.
انقلاب أبيض
وقد تزامن تسلم الشيخ تميم زمام الأمور في قطر مع انتهاء دور شخص محوري آخر في السياسة القطرية هو رئيس الوزراء النجم والنافذ الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.
ويرى المحللون أن تميم استطاع ، خلال السنوات الأخيرة من فرض نفسه بشخصيته القوية مستندا إلى ثقة والده ووالدته الشيخة موزة بنت ناصر المسند البالغة النفوذ والتي استطاعت بقوتها الإطاحة برئيس الوزراء القوي الشيخ حمد بن جاسم لتمهد الطريق لابنها.
ويرجح ديمون ماكلوري، مراسل ديلي تليجراف البريطانية للشئون الخارجية، نقلا عن دبلوماسيين وجود إصرار وضغوط الأم الشيخة موزة بن مسند، زوجة أمير قطر، لتوريث ابنها تميم، المنصب الأوّل في الدولة، فيما لا يزال والده حيا يرزق وقادرا على حمايته من الأجنحة الأخرى للعائلة الحاكمة برئاسة رئيس الوزراء السابق، وهو سيناريو وصفه مراقبون بأنه يحمل بصمات انقلاب أبيض.
ووفقا ل"بي بي سي" ستظل الشيخة موزة أحد القوى المؤثرة في سياسة قطر خلال حكم ابنها كما كان الحال خلال حكم زوجها الأمير السابق لقطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان.
تسليم متدرج
ويشير المحللون إلى أن تسليم السلطة لتميم تم بشكل تدريجي فوفقا للمحلل السياسي المتخصص في شئون الخليج نيل بارتريك فالشيخ الشاب يمسك منذ مدة بملفات سياسية خارجية حساسة ووالده جس النبض الداخلي والدولي حيال إمكانية وصول ابنه إلى منصب الأمير أو على الأقل ليتولى منصب رئيس الوزراء النافذ.
وكما تقول وكالة فرانس برس فإن "تميم" تسلم تدريجيا الملفات الأمنية والعسكرية والخارجية خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية.. وأشارت الوكالة إلى أن تميم قوي الشخصية تمكن من فرض نفسه ضمن الأسرة، لاسيما أنه لم يكن ولي العهد الأول ولا الخيار الأول لولاية العهد، فله أخوة ذكور أكبر منه سنا سواء من أمه أو من أم أخرى.
وحرص تميم على الترويج لنفسه على الصعيد الدولي في الفترة الأخيرة حيث أطلق مبادرات خارجية كثيرة خلال العام الجاري.. ففي يناير الماضي وجه بتخصيص نصف مليون دولار أمريكي لدفع التكاليف الدراسية للطلاب السوريين النازحين في دولة قطر.. وطالب في 20 فبراير 2013 بتقديم مساهمة مالية بقيمة 100 مليون دولار أمريكي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ووحدة تنسيق الدعم الإنساني، في إطار المعونات الإنسانية التي تقدمها قطر للشعب السوري منذ بداية الأزمة السورية مارس 2011.. كما تبرع تميم في أبريل الماضي ب 11 مليون دولار لقطاع غزة لبناء قصر العدل، أو المحكمة العليا ،بخلاف المنحة القطرية لإعادة اعمار غزة بعد العدوان الإسرائيلي، وتبلغ 407 ملايين دولار.
وخلال يونيو الماضي وقبل إسقاط "مرسي" ، وجه تميم بتقديم منحة لمصر مكونة من خمس شحنات من الغاز الطبيعي المسال تسلم للهيئة العامة المصرية للبترول بهدف التخفيف من أزمة إنتاج الطاقة للسوق المحلي المصري خلال فترة الصيف.
ولم يتردد تميم في مساعدة الحركات المتشددة فى خدمة قدمها للولايات المتحدة حيث أشارت "بي بي سي" إلى دور تميم مع حركة طالبان الأفغانية وسماحه لها بفتح مكتبها السياسي الجديد في قطر، ليكون مكانا للتفاوض واصفة هذا الأمر بأنه قصة نجاح.
وقالت في تقريرها، إن ممثلين عن حركة طالبان وصلوا سرا إلى قطر قبل نحو ثلاث سنوات لإجراء محادثات مع مسئولين غربيين، وكانوا على علم بأن الأمريكيين على وجه الخصوص تواقون للتوصل إلى اتفاق سلام يسمح لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بالخروج من أفغانستان حفاظا لماء وجهه، وترك البلد ينعم بالمزيد من السلام والاستقرار.
وأشارت "بي بي سي" إلى أن عدد ممثلي طالبان وأنشطتهم في قطر راح يتزايد بصورة تدريجية.. موضحة أن قطر يوجد بها أكثر من عشرين من عناصر طالبان رفيعي المستوى نسبيا يعيشون في رفقة عائلاتهم.. موضحة أن حكومة قطر تصر على أن استضافة قادة طالبان لرغبتها في الترويج لنفسها كوسيط رئيسي في هذا الصراع الذي طال أمده.
ويحتفظ تميم حتى الآن بعدد من الوظائف الأخرى مثل رئاسة المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية ،ورئاسة المجلس الأعلى للتعليم ،ورئاسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للاستثمار أيضا
صراعات عائلية
أما عن حياته الاجتماعية فقد تزوج تميم عام 2005 من ابنة عمه الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثان ولديه منها أربعة أبناء.. وفي عام 2009 تزوج من زوجته الثانية ابنة سفير قطر بالأردن العنود الهاجرى وأنجب منها طفلين ليصبح لدية ثلاثة أبناء ذكور وثلاث بنات.
وكانت قد ترددت أنباء بقوة عن نية الشيخ حمد بن خليفة آل ثان وزوجته الشيخة موزة للقيام بزيارة إلى المملكة الأردنية في شهر سبتمبر من العام الماضي بهدف إعلان خطبة تميم على الأميرة إيمان بنت الحسين بن طلال ابنة ملك الأردن السابق من زوجته الملكة نورا وشقيقة الملك الحالي إلا أن الأمر لم يحدث بعد.
ورغم أن "العنود" هي الزوجة الثانية إلا أنها على ما يبدو الأكثر تأثيرا على زوجها ويبدو أيضا أنها مرشحة للقيام بدور "موزة" في قطر في السنوات المقبلة ،الأمر الذي دعا المحللين للنظر إلى تسلم تميم مقاليد الحكم القطرية بشكل مختلف حيث صوروه على أنه خروج ل"موزة" من القصر الأميري وتسليمها مفاتيحه ل"لعنود".
وفي كتاب فرنسي بعنوان "قطر، أسرار الخزينة" لاثنين من أشهر الصحفيين الفرنسيين فى شئون الشرق الأوسط هما كريستيان تشيسنو وجورج مالبرونو جاء فيه أن هناك علاقة متوترة تكونت بين الشيخة موزة، والعنود الهاجرى، الزوجة الثانية لابنها تميم مع التأكيد على أن علاقة الشيخة بابنها طيبة، حتى إن كانت هى تحمل ضعفا خاصا تجاه ابنها محمد، حيث أنها "لا تطيق" العنود الهاجرى وفقا لوصف الكاتبين.. ووصف الكاتبان زوجة تميم بأنها شديدة الجاذبية، موضحين أنها التى أنجبت ل"تميم" صبيا فى أكتوبر الماضي فى غياب الشيخة موزة التى اختارت أن تكون إلى جوار ابنتها الكبرى مياسة، التى كانت تلد أيضا فى نيويورك.
والواقع أن العنود، برشاقتها وقامتها الطويلة، تحمل بالفعل شبها ما من الشيخة موزة، إلا أن تلك الأخيرة لا تحب أبدا أن يذكّرها الناس بهذا، ولا أن يقارنها أحد بزوجة ابنها.
ويرى المحللون أن أهم الصراعات التي سيواجهها تميم هي الصراعات بين أجيال عائلة آل ثان وبين أبناء أمير قطر أنفسهم حيث أن بين أبناء الأمير حمد أنفسهم من يعارضون سياسته الخارجية المغامرة فى ليبيا، والآن فى سوريا.
يذكر أن تميم من مواليد عام 1980 أي يبلغ من العمر 33 عاما ليكون بذلك أصغر الحكام العرب وأصغر من تسلم السلطة في تاريخ قطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.