نجحت الباحثة علا عبد العزيز رياض فودة فى الحصول على درجة الدكتوراه بامتياز فى دراسة فرنسية أعدتها بعنوان " البحث عن الهوية أسبابها وآلياتها عند مارى ندياى من خلال ثلاث روايات لمستقبل أفضل 1985 في العائلة 1991 رو زى كارب 2001". ومارى ندياى كاتبة وروائية فرنسية من أصل سنغالي أثبتت كفاءة وموهبة أدبية نتيجة خصوبة وسعة خيالها, أصبحت مميزة في الأدب الفرنسي المعاصر وحظيت باهتمام النقاد الفرنسيين والإفريقيين , صدر لها العديد من الكتب بين رواية ومسرحية وقصة قصيرة حيث حازت روايتها رو زى كارب على جائزة Femina لعام 2001 .. " ندياى" برعت في تقديم صورة من صور البحث عن الهوية من خلال ثلاث روايات:لمستقبل أفضل 1985 , في العائلة 1991 , و رو زى كارب2001, فهي تطرح أمام القارئ والدارس معا إشكالات عديدة تخص بالدرجة الأولى سؤال الهوية وهذا السؤال العميق باعث من الشعور بالضياع وإحساس عميق بالنبذ والإقصاء وشعور بالنقص والدونية.. هذه الأحاسيس التي تخترق شخصيتها الروائية وتهيمن على الفضاء العام للثلاث روايات ,دفعتهم في البحث عن جواب " من أكون _ أنا ؟ " بشكل ملح خصوصا في مرحلة المراهقة والبلوغ فالبحث عن الوجود أو عن الذات أصبح فكرة متسلطة تلازمهم نحو المجهول أو تمحور في دائرة المعلوم . وتنقسم الدراسة إلى تمهيدي وخمس فصول , وجاء الفصل التمهيدي بعنوان ما هي الهوية ؟و في هذا الفصل قامت الباحثة بدراسة تفصيلية لمصطلح الهوية وأبعادها من وجهة نظر بعض الفلاسفة وعلماء النفس وعلم الاجتماع ثم تطرقت بعد ذلك إلى معرفة الهوية الثقافية للكاتبة وتأثيرها في اختيار الموضوع المعالج بجانب تلخيص الثلاث روايات ,أما الفصل الأول فكان بعنوان"أزمة الهوية عند الأبطال" وفيه توضح الباحثة هوية الأبطال من حيث ( الاسم - العمر - النوع ) ثم بعد ذلك تطرق إلى هويتهم العائلية.. لكن من خلال التحليل لهذه العناصر التي تشكل جزء من تكوينهم ولذلك سوف نكتشف أن هؤلاء الأبطال يعانون من أزمة في هويتهم الشخصية وفقدانا لهويتهم العائلية . أما الفصل الثاني الذى كان بعنوان "اضطهاد الآخر" فتشير الباحثة فيه إلى تضخم صورة الهوية المضطربة للأشخاص من خلال رفض الآخر لهم سواء كان هذا الآخر ذاتا بشرية أو مجتمع أو سلطة أو مكان وكيف سقط الأبطال في متاهات البحث عن الهوية؟! . ويأتى الفصل الثالث بعنوان "اختلال هوية الأبطال " وتعرض فيه صاحبة الدراسة الأسباب التي أدت إلى اضطراب هوية الأشخاص وتهميشهم وشعورهم بوجود أزمة في هويتهم سواء كانت هذه الأسباب عائلية (إهمال وانفصال الآباء) أو أسباب اجتماعية_ سياسية ( التفرقة العنصرية بين البيض والسود .. البعد الثقافي والتصادم بين وعيين مختلفين ) أو أسباب نفسية وفسيولوجية ( نتيجة مرحلة البلوغ والوصول إلى سن رشد ) حيث تظهر في هذه المرحلة على البالغ بعض السلوكيات غير المقبولة من المجتمع وهذه الأسباب المتنوعة من المؤكد أنها كان لها تأثيرها السلبي أو الايجابي في تكوين هوية الأشخاص ورغبتهم الملحة في إثبات هويتهم . أما الفصل الرابع فجاء بعنوان "تصدع هوية الأبطال " وتؤكد فيه الباحثة أن الشخصيات استطاعت أن تتعرف على هويتها بطرق مختلفة ( الذاكرة -التمرد - التحول ...) وأثبتت هويتها , ولكن هوية غير مكتملة ناقصة لأنهم يفقدون جزء كبيرا من احتياجاتهم وفقا لهرم ماسلو والذى يشير إلى أن الإنسان يولد وهو محفز لتحقيق احتياجات أساسية مرورا باحتياجات الأمن والسلامة ثم احتياجات الانتماء والتقبل من المجموعة وصولا إلى احتياجات احترام الذات في قمة الهرم وفقدان هذه الاحتياجات جعل أشخاص "مارى ندياى" يفكرون في الموت , هذا الموت ليس جسديا ولكن معنويا وخياليا وهناك "تلخيص" فى هذا الفصل تدافع فيه الباحثه عن وجهة النظر القائلة بإن الهوية ليست منتج نهائي نكتسبه مرة واحدة وهى ليست كيانا جامدا بل تقول بإنها في تطور مستمر ودائم وأن الإنسان يكتسب طوال حياته خبرات وتجارب وعادات وتقاليد وقواعد وقيم تعطيه مزيدا من الثراء والعمق أما التمسك بوهم الهوية الجامدة والمنعزلة عن المجتمع تحت شعار إثبات الذات يزيد الخلافات ويعمق من سوء التفاهم مابين البشر , وهكذا فان "ندياى" تؤكد على الدور الفعال والمتبادل بين الفرد والمجتمع "القدرة على استيعاب دور التربية السليمة في تكوين الشخصية , المرونة , التسامح , وقبول الآخر " لابد أن تكون من دعائم مجتمع الغد , بجانب الدور الايجابي للفرد في قبول ذاته وأصله والتكيف مع المجتمع . وجاء الفصل الخامس والأخير بعنوان "الشهرة العالمية" وتولى فيه الباحثة أهمية لأسلوب "ندياى" في فن الكتابة عن طريق دراسة العبارات والضمائر الشخصية والأزمنة بجانب دراسة مواطن الجمال فنجدها صاحبة حضور مختلف فرضت نفسها بصوت منفردا لغة جميلة وسرد محكم وعوالم خاصة تتأرجح فوق خيط رفيع يفصل بين الواقع والرؤى وككل الكتاب الكبار بقيت "ندياى" عازفة منفردة لم تنتم إلى تيار أدبى محدد فنجد في كتاباتها الظلال المبهم والأشجار الهامسة والألوان المعبرة والأصوات الشاحنة كل هذا يجعل منها فنانة جديرة بالكتابة عن المعاناة الإنسانية المعاصرة " البحث عن الهوية" .. أما خاتمة الرسالة فتقوم من خلالها الكاتبة باستخلاص كل ما تم التوصل إليه في هذه الدراسة مبرزة النجاح الأدبى بتتويج الكاتبة بجائزة "غونكور" عن كتابها "ثلاث نساء قويات"، الذي صدر عن دار النشر "غاليمار" عام 2009 . يذكر أن الباحثة قد نالت العديد من المؤهلات العلمية أهمها ليسانس اداب فى قسم اللغة الفرنسية بكلية الاداب جامعة المنصورة عام 1999 بتقدير جيد مرتفع , كما حصلت على تمهيدى الماجستير من نفس الجامعة عام 2002 , وماجستير فى الأدب المقارن من كلية الاداب بجامعة الزقازيق عام 2007 بتقدير امتياز ودكتوراة فى الأدب الفرنسى من نفس الجامعة أيضا فى العام 2011. كما تشغل عضو هيئة استشارية فى مجلة رموز عربية بالسعودية فضلا عن عضويتها باتحاد الكتاب والمثقفين العرب بباريس.