أبدي عدد من الأقباط اعتراضهم علي العديد من مواد الدستور التي تستعد لجنة الخمسين لمناقشتها استعدادا لطرحها للنقاش خلال الفترة المقبلة ،مؤكدين أن هناك عددا من المواد المتعلقة بالحريات الدينية كانت في حاجة ماسة إلي النظر فيها من قبل لجنة "العشرة" ،باعتبار أن هذه المواد مكبلة لحرية العقيدة وتعمل علي التمييز بين أبناء الوطن الواحد. من جانبه أكد الأب رفيق جريش مدير المكتب الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية أنه علي الرغم من الجهود المبذولة من جانب الحكومة واللجان الخاصة للانتهاء من الدستور إلا أنه كان يفضل أن يتم وضع دستور جديد يكون أكثر وضوحا وشمولا وحتي لا تظل التعديلات أسيرة لدستور 2012 المعيب. وأوضح أن الدستور القادم يفتقد إلي رؤية واضحة لوضع بنود ومواد تعبر عن مستقبل مصر، لافتا الي أن عمل لجنة الخمسين سوف يكون مقيدا دائما بدستور 2012 الذي سيلقي بظلاله علي الدستور الجديد وبالتالي تصبح عملية التعديلات محاولة للترقيع أوإنعاش مؤقت للدستور المعطل. وأشار جريش الي أن مشاركة الكنيسة في لجنة تعديل الدستور أمر حتمي باعتبارها مؤسسة داخل الدولة شأنها في ذلك شأن الأزهر وباقي مؤسسات الدولة التي ستعبر عن مقترحاتها وآرائها تجاه مواد الدستور. ونصح القائمين علي التعديلات الدستورية بعدم التعجل في وضع الدستور حتي وإن شملت التعديلات جميع مواد الدستور المعطل ليخرج في النهاية دستورا يشمل كل المصريين . كما طالب جريش بضرورة تعديل المادة 47 وإعادة صياغتها من خلال حذف كلمة "الأديان السماوية" لضمان حرية الاعتقاد بشكل مطلق وعدم تقييدها بالأديان السماوية. وقال الدكتور رفعت فكري راعي الكنيسة الإنجيلية:" أتمني أن يحتوي الدستور الجديد علي مادة من ثلاث كلمات "حرية الاعتقاد مطلقة" وقد كانت هذه الكلمات موجودة بالفعل في دستور 1923 ،وكما أن هناك مواد تؤكد علي انتمائنا للامة العربية، لابد أن يكون هناك مايؤكد علي انتمائنا للقارة الأفريقية، حيث أن مصر تقع في شمال إفريقيا ولا يمكن أن ننفصل عنها أو نغفل انها جزء من هويتنا. وأوضح أن المادة 47 حددت حرية بناء دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية فقط الأمر الذي يخلق حالة من الجدل والخلاف حول تحديد العبادات السماوية أو الأرضية علي حد قوله، مشيرا إلي أن هناك ديانات كثيرة ومعتقدات لا تنتمي للأديان السماوية وبالتالي يجب علي الدستور أن يكفل لهم حرية العبادة وألا يمنعها عنهم لذلك ينبغي حذف كلمة "السماوية" من تلك المادة. وطالب فكري بضرورة الإبقاء علي المادة الثانية من الدستور علي أن يتم تحديد مباديء الشريعة الإسلامية التي تنص عليها المادة الثانية حتي لا تترك مطلقة يفسرها البعض وفقا لمذاهب وأفكار متعددة. مؤكدا علي الغاء المادة 219 باعتبارها أكثر المواد إثارة للجدل بين فئات المجتمع المصري. وأشار فكري الي أن عملية تعديل الدستور لا تمثل عائقا أمام وضع دستور جيد لمصر خلال الفترة الحالية، موضحا أن التعديل لم يحدد عدد المواد التي سوف يشملها التعديل وبالتالي يمكن أن يتم تعديل الدستور كاملا ويصبح هناك دستور جديد. وحول موقفه من مشاركة الكنيسة في لجنة الخمسين لتعديل الدستور، قال فكري : الجميع يطالب بدستور مدني لذلك كنت أفضل ألا يكون هناك تدخل من قبل المؤسسات الدينية في وضع الدستور، ولكن بما أن الأزهر وافق علي المشاركة أصبح من حق الكنيسة أيضا أن تشارك وانا أنصحها بأن تستعين بما لديها من القانونيين والمدنيين كممثلين عنها في لجنة تعديل الدستور حتي يكون لهم دور مؤثر. وتوقع فكري أن تظل مواد الهوية ونظام الانتخابات ووضع المرأة موضع خلاف بين عدد من المشاركين في لجنة الخمسين وفي مقدمتها الأحزاب الدينية متمثلة في حزب النور، لافتا الي أنه في النهاية لابد أن تكون هناك تنازلات من الجميع حتي يخرج دستور توافقي . وطالب عبد المسيح بسيط راعي كنيسة الأنبا تكلا بالإسكندرية بضرورة وضع دستور جديد يتوافق مع جميع المصريين دون تمييز أو تفرقة، محذرا من فرض أي فصيل داخل المجتمع لرؤيته علي الدستور لعدم تكرار أزمة دستور 2012. وقال: كنت أفضل أن يتم وضع دستور جديد لينتهي الخلاف حول الدستور المعطل المعيب الذي كان يعاني من عوار قانوني وصياغة ركيكة لا تليق بدستور مصر. ووصف "بسيط" الدستور السابق بأنه كان يحتوي علي مواد ملغمة مثل المادة 219 التي تكرس للطائفية وتهدد السلام الاجتماعي وتعبر عن فكر فصيل واحد داخل المجتمع وتهدف للعودة لفترة العصور الوسطي وبالتالي لابد من الغائها. وأضاف أن من المواد الأخري التي تعد مصدر خلاف وجدل الإبقاء علي نسبة ال 50% عمالا وفلاحين في مجلس الشعب والتي أصبحت لا تلائم العصر الحالي وباتت مدخلا خلفيا لرجال الأعمال الذين ينتحلون صفة العمال والفلاحين لدخول المجلس. مؤكدا علي فكرة إلغاء مجلس الشوري، قائلا: الشوري يرهق الدولة ماديا خلال الانتخابات وصرف مستحقات الأعضاء وفي النهاية يصدر آراء لاقيمة لها لأن الجهة المنوط بها إصدار التشريعات هي مجلس الشعب ". فيما وصف الدكتور ميشيل فهمي الأب الروحي لجماعة الإخوان المسيحيين ،الدستور الذي يتم تعديله الآن بالدستور الإرهابي قائلا: "ارفض أن يتم تعديل الدستور ولابد من وضع دستور جديد للبلاد بدلا من الدستور المعطل. مقترحا، تكوين لجان استماع من القانونيين الدستوريين تستمع لكل فئات الشعب، وتطرح هذه الرغبات علي اللجنة التأسيسية التي يجب ان تكون من فقهاء دستوريين فقط وتأخذ وقتا كافيا للصياغة النهائية والفيصل هو الاستفتاء. وأشار إلي أن لجنة الخمسين لا يمكن أن تمثل الشعب عامة،قائلا: "لا يمكن تمثيل الشعب ب 50 عضوا ، فالتمثيل يحتاج ل 50 الف عضو، ولذلك لابد ان يكون به ممثلون لجميع فئات الشعب المصري بداية من العامل البسيط حتي كبار المسئولين".