لايزال الاعلام الغربى والأمريكى يتابع الأزمة المصرية عن كثب وباهتمامم بالغ، ومن جانبها رأت مجلة "تايم" الأمريكية، أن مصر لم تعد قلب الوطن العربي، وإنها فقدت مكانتها الريادية على كافة الأصعدة؛ بحيث بات لزامًا على واشنطن أن تدرك هذه الحقيقة، وتتحرك للتعامل مع تبعاتها وتوجيه اهتمامها لأقطار عربية أخرى، ازدادت قوة ونفوذًا خلال الأعوام الأخيرة. وقالت المجلة، إن المؤسسات الأمريكية السياسية والإعلامية تميل في أغلب الأوقات إلى النظر لمصر، من خلال عدسات ستينيات وسبعينات القرن الماضي، حينما كانت مصر نقطة ارتكاز العالم العربي وأهم دولة عربية دون نقاش، وأكبر تهديدًا لإسرائيل من وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين. وأضافت: "فقد كانت القاهرة مصدر الفكر الناصري الذي اعتبر أهم فكر سياسي في المنطقة ما بعد حقبة الاستعمار، بجانب كونها منارة ثقافية و فنية وأدبية"، مشيرة إلى أنه برغم افتقار مصر للموارد الطبيعية الغنية مقارنة بدول الخليج، لكنها كانت تنعم برأس مال بشري و فكري". وأشارت إلى أن القاهرة كانت مركزًا للتعلم في ظل احتضانها أفضل الجامعات العربية سواء الدينية أو المدنية، ولطالما كانت القوى العاملة المصرية المفضلة لدى دول الخليج النفطية. وزعمت المجلة، أن مصر لم تعد أيا من الأشياء السالف ذكرها، فلم تعد القاهرة مركز المنطقة الثقافي؛ حيث ضعف إنتاجها السينمائي والموسيقي والأدبي، وباتت عاجزة عن استقطاب المشاهد العربية، التي اتجهت مؤخرًا لمتابعة المسلسلات التركية والاستماع لأغنيات اللبنانية، ومشاهدة قنوات إخبارية قطرية على سبيل المثال. وأضافت: "كما حل الضعف بالجامعات المصرية التي ساء مستواها التعليمي على نحو يثير السخرية، كما أن الدول الخليجية اصبحت تفضل العمالة الهندية والباكستانية والفليبينية عن المصرية، هذا ناهيك عن المشهد الإعلامي المصري الذي صار أضحوكة العالم العربي"، حسب قول المجلة. وتابعت تقول: "بعد عقود طويلة من سوء الإدارة من قبل جنرالات الجيش والبيروقراطيين، انحدر الاقتصاد المصري لأسوأ مستوياته، وتقف مصر عاجزة حاليًّا في ظل شح الموارد القيمة عن التصدير للعالم أو حتى الاستيراد". ولفتت المجلة إلى إنه في الوقت الذي تزداد فيه مصر ضعفًا، يكتسب لاعبون إقليميون آخرون مزيدًا من النفوذ والطموح، من بينهم المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا، وجميهم حلفاء لواشنطن كما تقول المجلة، لذا فأهمية مصر للولايات المتحدة بوصفها (قلب العالم العربي) آخذة في الانكماش. وأوضحت: "ربما تثمن واشنطن الدعم المصري لجهودها في أزمة سوريا، لكن لا يمكن لها بعد الآن، وفي ظل وحشية الحكم العسكري وقتل المدنيين أن تقبل بالقاهرة شريكًا ذا مصداقية في تعاطيها مع الرئيس السوري بشار الأسد. واختتمت تقريرها بالقول: "يبدو أن مصر أصبحت مصدرًا محتملا للأزمات والمشاكل على الصعيدين الإقليمي والعالمي، في ظل مزيج من عدم الاستقرار والفساد وغياب الكفاءة، وهي عوامل جميعها ستسهم في خلق بيئة خصبة للتطرف والجهاد الإسلامي المسلح". ومن ناحيته كتب إيان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة «جارديان» البريطانية، تقريراً ترجمته الزميلة أن الإخوان المسلمين يخوضون معركة البقاء ضد سفك الدماء والإعلام، بعد أن كان العالم يراهم الفائز الأكبر من الربيع العربي. وقال إن البلد الذي ولدت فيه جماعة الإخوان المسلمين هو الآن البلد الذي تجاهد الجماعة فيه للحفاظ على بقائها، مشبهًا ما يحدث في الإعلام بأنه «حرب» ضد الجماعة، التي يتم اعتبارها الآن «إرهابية». وأشار إلى أن الجماعة التي بدأت ظاهرة «الإسلام السياسي» منذ 80 عامًا، تمر الآن بصراع على بقائها ضد الجيش الذي أعلن استعداده لقبول الإسلاميين السلميين ضمن العملية السياسية، ورأى أن هذا العرض يختلف مع محاولات إزاحة الإسلاميين من المشهد من خلال اعتقال قياداتهم واعتبارهم خارجين على القانون، واعتبار الجماعة «إرهابية» في وقت تصور الجماعة نفسها فيه أنها سلمية وملتزمة بالديمقراطية. وقال بلاك إن محللين مصريين وأجانب يرون أن الرسائل المختلطة تأتي بسبب الوزراء المدنيين في الحكومة الانتقالية المدعومة عسكريًا، كونهم مضغوطين من القادة الأمنيين الذين كانوا في السلطة في عهد مبارك وعادوا بعد الإطاحة بمرسي، ويقال إن هؤلاء «الديناصورات» هم الذين يخوضون سياسة التعامل مع الإسلاميين الآن.