كشفت تحقيقات المستشار سامح أبو زيد قاضى التحقيق المنتدب من وزارة العدل، فى قضية التمويل الأجنبى للمنظمات والجمعيات الأهلية، مفاجأة من العيار الثقيل، بعدما تبين تورط نواب برلمانيين وأعضاء مجلس شعب فى الحصول على أموال من الجمعيات ودول أجنبية، بل ومن أموال المعونة الأمريكية أيضاً. وأوضحت التحقيقات أن رئيس لجنة برلمانية فى مجلس الشعب، ونائب ينتمى للائتلاف شباب الثورة، ونواب من حزب النور السلفى، تلقوا أموال من هذه المنظمات خلال الحملات الانتخابية وتخطت هذه الأموال ملايين الجنيهات، وأضافت أن هناك أيضاً عدد من المرشحين حصلوا على أموال أيضاً ولكن لم يكتب لهم النجاح فى الانتخابات. وقال مصدر برلمانى، إن تورط هذه الشخصيات وراء الهجوم على الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى عند حضورها لمناقشة الأزمة فى مجلس الشعب، وكانوا ضد القضية من الأساس، ويحاولون غلق هذا الملف بالكامل، وساهم سفر المتهمين الأمريكان فى ذلك. وأشارت مصادر قضائية، إلى أن حزب "النور" السلفى، لا يستطيع إنكار حقيقة أن عدداً من كوادر الحزب تلقوا تدريبات بواسطة المعهد الديمقراطى الأمريكى، لكنه وصفها بالتدريبات غير الرسمية، قدمها المعهد الديمقراطى الوطنى الذى يتخذ من الولاياتالمتحدة مقرا له، وهو أحد المنظمات الممولة أمريكيا لنشر الديمقراطية فى مصر، والتى تتهمها مصر بتلقى تمويل أجنبى دون الحصول على ترخيص بممارسة النشاط. وأكدت المصادر أن أحزاب الوطنى المنحل والوفد والتجمع والناصرى والغد والجبهة الديمقراطى قد تم تدريبها على أيدى المعهد الديمقراطى قبل ثورة 25 يناير وربما هذه السفريات قد أثارت وقت التدريب العديد من الخلافات التى كادت تعصف بالأحزاب المصرية، الأمر الذى كاد يؤدى إلى انشقاقات بالأحزاب، وكشف المعهد الجمهورى الدولى التابع للحزب الجمهورى فى الولاياتالمتحدة عن تلقِّيه طلبات من ناشطين وقيادات حزبية مصرية للحصول على برامج تدريب على إدارة الحملات الانتخابية ومراقبة الانتخابات، قبل برلمان 2010 وهو ما دفعه إلى إجراء برامج لهذا الغرض خارج مصر، فى دبى والمغرب وتركيا بسبب عدم السماح بأنشطته داخل البلد. وقال المعهد الجمهورى الدولى إن النشطاء طلبوا منه تقديم تدريب على عناصر الحملات الانتخابية الناجحة، وكيفية الاستعداد للانتخابات البرلمانية المصرية التى أجريت فى أكتوبر وكانت سبب فى قيام ثورة يناير. وكشفت التحقيقات أن المنظمات المتورطة كانت من أهدافها الأساسية دعم الأحزاب السياسية التى تم إنشاؤها بعد الثورة ومن بينها الأحزاب، ذات المرجعية الدينية، وأفادت تحريات جهاز الأمن الوطنى والمخابرات العامة واعتراف المتهمين أنفسهم بأنه تم عقد مئات الدورات التدريبية لممثلى الأحزاب على كيفية حشد ناخبين لصالحهم فى الانتخابات البرلمانية، خاصة فى المناطق الشعبية وجمع الأصوات وتحسين صورتهم وصورة حزبهم أمام الإعلام فى مصر والخارج، وكيفية التواصل مع وسائل إعلامية، وفى سبيل ذلك أحضرت تلك المنظمات مدربين من صربيا والولاياتالمتحدهالأمريكية والذين دخلوا إلى البلاد بتأشيرات سياحية، وأن بعض ممثلى الأحزاب تم تسفيرهم إلى صربيا وأمريكا، للحصول على تلك الدورات تدريبية. وكشفت التحقيقات وأقوال المتهمين أن 63 حزباً تلقوا هذا دعماً بعد الثورة من بينهم حزبا «الحرية والعدالة» التابع للإخوان المسلمين، و«الأصالة» السلفى. واعترف المتهمين خلال جلسات التحقيق مع المتهمين بأن دعم الأحزاب السياسية، كانت بتكليف من مسؤولى المراكز الرئيسية للمنظمات التى طلبت تكثيف العمل بعد الثورة بداية من مارس الماضى على وجه التحديد، ولذلك تم فتح فروع جديدة، كما طلبوا تكثيف الاتصال بكل الأحزاب الجديدة ومنظمات المجتمع المدنى المصرية لتدريبهم على كيفية التواصل مع المواطنين وحشد الأصوات الانتخابية. وقال المتهمون إن برامج التدريب تم إعدادها فى واشنطن وبتمويل من الحكومة الامريكية، وعندما سأل المحقق عن سبب التمويل الحكومى لتلك المنظمات، ردوا بأن أهداف التمويل ضمن «المعونة الأمريكية لمصر». وكشفت التحقيقات أن المسؤولين فى تلك المنظمات طلبوا من المدربين، الذين حضروا إلى مصر، عدم الإفصاح عن سبب حضورهم إلى مصر عند سؤالهم من أى جهة، والادعاء بأنهم جاءوا للسياحة، وعندما سأل قضاة التحقيق المتهمين عن الأموال التى عثروا عليها فى المقار، أكدوا أنها أموال خاصة بميزانية المنظمة ومخصصة للإنفاق على أعمال التدريب والانتقالات ورواتب الموظفين، رغم أن الرواتب يتم تحويلها عبر حسابات بالبنوك المصرية وعدم تقاضيهم لها نقداً. يذكر أن النيابة العامة ضبطت 600 ألف دولار فى المعهد الجمهورى و230 ألف جنيه فى «الديمقراطى الحر»، وأنه وعند مواجهة المتهمين فى التحقيقات بالتحويلات وكعوب الشيكات قالوا إنها مبالغ مالية تم تحويلها من المركز الرئيسى للإنفاق على فرع المنظمة فى مصر، وخلال التحقيقات رد المتهمون بكلمة «معرفش أو محصلش أو معنديش معلومات عن ذلك» قرابة 35 مرة.