في الثلاثين من رمضان عام 256ه توفي الإمام العلاّمة وإمام السُّنَّة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة وحافظ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن عمرٍ ناهز الاثنين وستين عامًا. وقد ولد شيخ الإسلام الإمام البخاري في شوال سنة 194ه في "بخارى"، ونشأ في بيت علم ووهبه الله I ذاكرةً قويّة تفوّق بها على أقرانه وقد ابتلاه بفقدان بصره في صباه وعندما رأت والدته في المنام إبراهيم عليه السلام فقال لها : "يا هذه، قد ردَّ الله على ابنك بصره؛ لكثرة بكائك أو كثرة دعائك". فأصبحت وقد ردَّ الله عليه بصره ببركة دعاء أمه له. وبدأ البخاري حياته العلمية من القران الكريم فأتم حفظه فى العاشرة من عمرهولما بلغ ستة عشر عامًا كان قد حفظ أحاديث ابن المبارك ووكيع حتى بلغ محفوظه آلاف الأحاديث وهو لا يزال غلامًا. والشاهد على ذلك ما رواه حاشد بن إسماعيل رحمه الله أن الإمام كان يذهب إلى المشايخ مع رفقائه وهو غلام فكان يكتفي بسماع الأحاديث دون أن يدوِّنها كما يفعل زملاؤه فكانوا يقولون له: "إنك تتردد معنا إلى المشايخ ولا تكتب ما تسمعه فما الذي تفعله؟ حتى قال لهم يوما بسبب الحاحهم بالسؤال إنكم قد أكثرتم عليَّ وألححتم فأخرجا إليَّ ما كتبتموه فأخرجوا إليه ما كان عندهم فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلوا يصحِّحون ما كتبوه من حفظه فعرفوا أنه لا يتقدمه أحد. ثم سافر البخار ا في طلب الحديث إلى بلخ ونيسابور ثم انتقل إلى مكة وجلس فيها مدة وأكمل رحلته إلى بغداد ومصر والشام حتى بلغ عدد شيوخه ما يزيد على ألفٍ وثمانمائة شيخٍ وعمل للتدريس وهو ابن سبع عشرة سنة كما وهبه الله تعالى العديد من الخصال الحميدة حتى شهد له علماء عصره بتفوقه على أقرانه حتى قال عنه رجاء الحافظ: "هو آية من آيات الله يمشي على ظهر الأرض كما ساهم البخاري رحمه الله في التأليف والكتابة، وأول كتاب يتبادر إلى الذهن هو كتابه العظيم "الجامع الصحيح" المعروف عند الناس بكتاب "صحيح البخاري"، وهو أول كتاب صُنِّف في الحديث الصحيح المجرد وفي علم التاريخ له التاريخ الكبير والأوسط والصغير وفي العقيدة ألّف رسالة أسماها خلق أفعال العباد وفي علم الرجال الضعفاء ومصنفات أخرى كثيرة بعضها في عداد المفقود. ثم توفى البخار رحمه الله فى الثلاثين من رمضان سنة 256ه حيث عاش اثنتين وستين سنة فى العلم والمنفعة ودُفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر