أتمنى وأنت تقرأ هذا العمود أن يسبقه فى الصفحة الأولى خبر عودة صلاح الشرنوبى إلى أسرته وجمهوره.. هل من اختطفوا صلاح يعرفون قيمته الموسيقية.. لو صح ذلك فإن هذا يؤكد أننا بصدد عصابة مثقفة وليست فقط مسلحة.. الملحن والشاعر مهما كان لديهما من تفرد إبداعى فإننا ننسب فى النهاية الأغنية إلى مطربها.. «الأطلال» عند الناس تساوى أم كلثوم ولا نذكر إلا قليلا عن ملحنها رياض السنباطى وشاعرها إبراهيم ناجى.. نجح بعض الملحنين فى صناعة نجومية تحيط بهم أينما وُجدوا مثل عمار الشريعى وحلمى بكر ولكن صلاح بطبعه يبتعد عن الأضواء، رغم أنه قدم القسط الأكبر من الأغنيات الناجحة فى السنوات العشرين الأخيرة!! إنه الملحن الوحيد -طبقا لأوراق جمعية المؤلفين والملحنين- الذى يخترق تلك الكوكبة من كبار الملحنين محمد عبد الوهاب، وبليغ حمدى، وفريد الأطرش، ومحمد الموجى، ورياض السنباطى.. أصحاب الأداء العلنى الأعلى. صلاح يحتل مكانة متقدمة بين كل هؤلاء العمالقة، وهذا يعنى أن أغنياته تتردد بكثرة عبر الفضائيات.. انطلق من «بتونس بيك» لوردة، لتجده مع راغب علامة فى «مغرم يا ليل» وجورج وسوف «كلام الناس» ولطيفة «بحب فى غرامك» وذكرى «وحياتى عندك».. إنه صاحب النغمة القادرة على الانتشار، والتى يألفها الناس بمجرد ترديدها. صلاح ظل على القمة، إلا أنه فى السنوات الخمس الأخيرة اختفى، ولكنه قبل أن يحدث ذلك كان قد تورط فى الإنتاج، وبالفعل قدم لوردة مسلسل «آن الأوان» ولم يستطع المسلسل تحقيق أى قدر من النجاح لكل المشاركين فيه، وأتصوره تسبب بالإضافة إلى ذلك فى خسارة مالية ضخمة لصلاح أوقعته فى كثير من العثرات المادية وتحولت إلى مشكلات قانونية. أجريت مكالمة تليفونية مع صلاح قبل بضعة أشهر بعد أن استمعت إلى نشيد «الحلم العربى» الذى يقول مطلعه «جايز ظلام الليل يبعدنا يوم انما» ووجدت أن اسمه يتردد فى نهاية الأغنية مشاركا فى اللحن الذى تنسبه الإذاعة إلى حلمى بكر، وأنا أعرف أنهما اقتسما التلحين معا، وهى من الحالات النادرة التى نرى فيها اسمين يشاركان فى لحن واحد.. حكى لى صلاح بالتفصيل عما صنعه كل منهما، ولكنه طلب منى أن يظل الأمر فقط بيننا بعيدا عن النشر. كم تمنيت أن نذكر الحقيقة فى مثل هذه الأمور وشهودها أحياء، ولكنى التزمت برغبة صلاح.. سألته لماذا ابتعدت؟ قال إنه المناخ العام، وكان رأيه أن ألحان هذه الأيام لن يكتب لها البقاء كما أنه انتقد بضراوة اتجاه وردة إلى الغناء من تلحين تامر حسنى، ووجد أن وردة تهين تاريخها بإقدامها على ذلك.. شىء من هذا كان يتعرض له صلاح الشرنوبى كلما حقق نجاحا جماهيريا يصفون جملته الموسيقية باعتبارها مجرد «إيفيه» يخبو سريعا والبعض كان يصف أغانيه بأنها مثل أوراق «الكلينيكس» إلا أن الحادث الواقعى هو أن صلاح لا يزال يحتل المقدمة بين كبار الملحنين فى مصر. وتبدو علاقته مع وردة وهى تحمل الكثير من المتناقضات، ألحانه لها صنعت البريق لاسمه ووردة أيضا تدرك أن صلاح أعادها مرة أخرى إلى الشارع لتواصل لقاءها بالناس بإيقاع وألحان عصرية، إلا أنه طالبها بعد إصدار شريطها الأخير بالاعتزال. صلاح الشرنوبى الإسكندرانى خريج كلية الهندسة الذى تعلم الموسيقى بمجهود ذاتى بعد أن سبقه شقيقة فاروق الشرنوبى كان يعزف على آلة الكمان ثم تعلم العود.. صار فى السنوات الخمس الأخيرة يتحدث أكثر مما يلحن ولا يزال يبحث عن الجملة الموسيقية التى يرددها له الجمهور. هل الخاطفون يدركون قيمة صلاح الشرنوبى.. ربما سمعوا من البعض أنه ملحن ناجح ولكنهم بالتأكيد لا يعرفونه على وجه الدقة.. هل نشاهد فصولا جديدة.. لدىّ قناعة بأن القادم سوف يحمل مفاجأة سارة لنا جميعا.. أصبح صلاح حديث البيت المصرى والعربى.. الصفحات الأولى فى الجرائد أفردت له مساحات، وبرامج «التوك شو» اعتبرت حادث اختطافه موازيا لحادث اختطاف الدستور.. أنتظر أن أرى صلاح وقد عاد إلى بيته ليعانق مجددا عوده وتعود أنغامه لتعانق الجمهور!! نقلا عن جريدة التحرير